من تابع افتتاحيات الصحف العربية وكذا التحليلات التي تناولتها العديد من الفضائيات ووسائل الإعلام الأخرى العربية والأجنبية لابد وأنه قد لمس إجماع كل السياسيين والمثقفين والمتابعين للشأن اليمني على أن الموجهات التي أعلن عنها الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية بمناسبة العيد الوطني العشرين للجمهورية اليمنية¡ قد فتحت الباب على مصراعيه أمام جميع الأحزاب والتنظيمات السياسية¡ للنهوض بمسؤولياتها الوطنية¡ جنبا◌ٍ إلى جنب مع الحزب الحاكم من أجل بناء الوطن اليمني وتعزيز دولة النظام والقانون وإشاعة المناخات الملائمة للارتقاء بالاقتصاد الوطني وجذب الاستثمارات العربية والأجنبية لتنفيذ المشاريع الاستراتيجية بهدف امتصاص البطالة وإيجاد فرص عمل جديدة أمام الشباب وتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين¡ باعتبار أن الاستقرار السياسي هو المدخل الطبيعي للاستقرار الاقتصادي.
وباستقراء كل الآراء والرؤى سواء ما صدر منها في الداخل أو عبر وسائل الإعلام العربية والدولية نخلص إلى أن دعوة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح للمصفوفة السياسية والحزبية اليمنية إلى إجراء حوار وطني شامل وكذا توجيهه بإطلاق كل المعتقلين على ذمة فتنة صعدة وأعمال التحريض والتخريب في بعض مديريات محافظات لحج والضالع وأبين¡ والإفراج عن الصحفيين المحكوم عليهم أو الذين لديهم قضايا منظورة أمام المحاكم في الحق العام¡ قد أشاع مناخا◌ٍ صحيا◌ٍ يجب البناء عليه من جميع الأطراف¡ وذلك عبر الإسراع في إغلاق الملفات الخلافية وفتح صفحة جديدة تتكئ على منطق الحوار ومقارعة الحجة بالحجة¡ والتوصل إلى المعالجات الكفيلة بتحقيق التوافق الوطني¡ الذي تكون فيه الغلبة لمصلحة اليمن وشعبه.
ونعتقد أن الموجهات التي طرحها فخامة الرئيس علي عبدالله صالح قد وضعت المكونات السياسية والحزبية اليمنية في السلطة والمعارضة أمام خيارات ثلاثة لا رابع لها.
الأول هو اعتماد الحوار أساسا◌ٍ لبناء الثقة وحلحلة ما ينتج عن ممارسة العمل السياسي من اختلافات وتباينات في وجهات النظر باعتبار أن الحوار هو الآلية الرئيسية الناظمة للعمل الديمقراطي.
والخيار الثاني هو تعميق روح الشراكة الوطنية عبر تكريس كل المواقف والتوجهات في خدمة النهوض بالوطن¡ وجعل التنافس في البرامج حافزا◌ٍ لكل طرف على تقديم الأفضل وإعلاء شأن الوطن¡ وباعثا◌ٍ على تقويم الذات¡ وتقوية جسور التلاحم الوطني لا أن يتحول ذلك التنافس إلى مصدر لإذكاء الفرقة وتغذية الخلافات والتباينات بين أطراف العمل السياسي والحزبي.
أما الخيار الثالث فهو الانحياز دوما◌ٍ لمعاني التسامح والإخاء والمحبة باستيعاب حقيقة أن الوطن هو وطن الجميع وأن من في السلطة أو في المعارضة هم في الأول والأخير أبناء وطن واحد¡ وينبغي أن يحترم كل منهم الرأي الآخر ولو كان مخالفا◌ٍ لما يعتقده صوابا◌ٍ¡ والانتصار لما يتم التوافق عليه من خلال الحوار وترك ما لا يزال موضع خلاف◌ُ لعامل الزمن¡ فما قد يبدو اليوم عاملا◌ٍ من عوامل التباين يمكن أن يصبح في الغد موضوع التقاء.
هذه الخيارات الثلاثة لاشك وأنها تؤسس للفلسفة الحقيقية التي نحتاج إليها لإدارة خلافاتنا وشؤون حياتنا وإذا ما تم إمعان النظر فيها واستيعاب دلالاتها وصدقت النوايا فسنجد أنفسنا نتحرك في إطار من الود والتفاهم بعيدا◌ٍ عن أي من دوامات الصراع والنزاع السياسي بعد أن خصنا الله سبحانه وتعالى بالوحدة¡ ووطن من أفضل الأوطان وأرض وصفها الله بالطيبة وقيادة حكيمة تتميز بصواب الرأي وسداد التصرف¡ وروح التسامح والعفو عند المقدرة مسترشدة بقول الخالق سبحانه وتعالى وهو يخاطب نبيه الكريم عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم حول كيفية التعامل مع أصحابه حين قال “فبما رحمة من الله لنت لهم¡ ولو كنت فظا◌ٍ غليظ القلب لانفضوا من حولك” صدق الله العظيم.
Prev Post
Next Post