المنظمات .. اختراق الثقافة واستهداف الهوية

 

نجيب الرماح

يعمد المستعمر إلى إيجاد بيئة مناسبة لنشر منظماته الفاسدة ولتحقيق أهداف أخرى في آن واحد، فيوجد الحروب لتحقيق أجندته وتنفيذ مصالحه ونهب ثروات الأمة وجني الأموال الطائلة ، فيصبح الخراب والدمار والقتل والتشريد والكوارث والأزمات تعصف بالأمة، فيكون دخول المنظمات وهي ترفع شعار الإنسانية وتذرف دموع التماسيح على الأطفال والنساء، له ما يبرره فيتقبل الناس وجودها وتصبح مألوفةً لديهم لأن وسائل الإعلام المسيس تكاد تحصر هدف المنظمات في العمل الإنساني من توزيع السلّات الغذائية التي قارب تاريخها على الانتهاء وبعضها لم يعد صالحاً للاستخدام، فالهدف الظاهر لهذه المنظمات هو تخفيف المعاناة الإنسانية وإغاثة المنكوبين من جراء الحروب التي تجري، أما الحقيقة الناصعة فهي أن لهذه المنظمات أهدافاً خبيثة وخفية وغير معلنة.
المتابع لنشاط منظمات الإغاثة الإنسانية في الجمهورية تنتابه العديد من الشكوك، ويدور في ذهنه العشرات من علامات الاستفهام حول حقيقة الأدوار التي تلعبها تلك المنظمات، حيث يرى المراقب أن دور هذه المنظمات تعدى العمل الإنساني، إلى محاولة تضليل الرأي العام الوطني والعالمي، من خلال نشر معلومات مضللة حول حقيقة الأوضاع في المناطق التي تعمل فيها تلك المنظمات، هذا بالإضافة إلى قيامها بأدوار استخباراتية مشبوهة لصالح قوى دولية ومنها دول العدوان، حتى وصفها عدد من المراقبين بأنها أدوات الاستعمار الحديث.
أصبحت المنظمات الإنسانية في اليمن مثل حصان طروادة، بواسطته تتغلغل القوى الاستعمارية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية داخل المجتمع لاستهدافه من الخارج على طول الخط، واستخدام هذه المنظمات كرأس حربة.
ان التجسس والعمل الاستخباراتي لا يتوقف عند مجرد جمع المعلومات فحسب، بل يتعدى إلى بث الفرقة بين الأمة الواحدة، وبطبيعة الحال فإن مكائد المنظمات الدولية التي تتستر بستار الإغاثة والعمل الإنساني، تعمل بالتنسيق الكامل مع وكالات الإدارة الأمريكية وكل ذي عقل يعلم بهذه الحقيقة.
ان كثير من المنظمات الدولية خلقت علامة استفهام كبيرة بكيفية صرف المنح والمساعدات المقدمة للشعب اليمني، فالعديد منها تصرف على نفسها أكثر من70% من الميزانية المرصودة لكل مشروع فيما يحصل المستهدفون من المشروع على الفتات، مما يجعلها تعتاش على حساب الأزمات والكوارث وحاجات الناس.
ملايين الدولارات، يقدمونها المانحين لمساعدة المتضررين من أبناء الشعب اليمني عبر المنظمات الأجنبية، الا أنها تقوم بسرقة وتبديد تلك المنح على موظفيها ونفقاتها العبثية.
الفساد ضارب بجذوره في تلك المنظمات، ومقترن بالهيمنة والاستبداد، لقد آن الأوان لإيقاف المنظمات الاجنبية ازدواجية المعايير التي تمارسها إزاء قضايا التلاعب بأقوات الفقراء والمستفيدين من أبناء الشعب اليمني، تتجاهل عن عمد وإصرار احتياجات المستفيدين من خلال العديد من الوسائل القذرة التي تمارسها وابرزها ترك كميات المساعدات الإنسانية والاغاثية تنتهي في مخازنها، فإلى متى ستبقى المنظمات مسيسة ومصابة بالفصام، والذي يفترض منها أن تكون عوناً للشعوب المظلومة في هذا العالم الذي تملكه فعلاً الجشع وشهوة القتل والعدوان..!ورغم ذلك كله ينظر الشعب اليمني بأمل وترقب، لمستقبل أفضل، يُعيد له كرامته في كافة مناحي الحياه بالإضافة الى جعل المنظمات الإنسانية مهنية بعيدة عن التسييس والازدواجية في عملها، تخفف آلام ملايين المظلومين ، لاسيما مع وصول دول العدوان إلى أدنى درجات الانحطاط في الإنسانية.. الشعب اليوم يحتاج إلى، الا يمعان فيما خلفته تلك المنظمات من كوارث ومآس، وليبدأ التفكير في عمل شيء ما يُعيد نصاب الإنسانية إلى مجراهما الحقيقي، من خلال المطالبة بضرورة تطبيق القرارات المنظمة لأعمال المنظمات في الجمهورية اليمنية، لاسيما قرار رئيس الجمهورية رقم (201) لسنة 2019م كما يجب الالتفاف حول قيادة الوطن للمضي قدماً إلى ذرى المجد، وألا يلتفت إلى صغائر الأمور مهما كان مصدرها.

قد يعجبك ايضا