المناطق الصناعية في الأردن.. قصة نجاح


تمثل التجربة الأردنية في مجال التنمية الصناعية خاصة والتنمية الشاملة بشكل عام مثار دهشة وإعجاب كبير لكنها تمثل بالنسبة لنا سببا للشعور أكثر بالحسرة والأسف على حال التنمية في بلدنا اليمن (الذي كان سعيداٍ).
الزيارة القصيرة التي قام بها وفد من نخبة رجال الأعمال والصناعيين اليمنيين للأردن الشقيق برئاسة الأخ الأستاذ محمد عبده سعيد أنعم- رئيس الاتحاد العام للغرف الصناعية والتجارية كانت كفيلة بتعريفنا بقصة نجاح مبهرة نحن في اليمن بأمس الحاجة إلى الاستفادة من التجارب الناجحة أينما كانت.
· ومن المهم الإشارة إلى أنه في الأردن توجد مناطق تنموية ومدن صناعية ولكن الأخيرة (المدن الصناعية) يمكن أن توجد ضمن مناطق تنموية أو بدونها.
إن فكرة المناطق التنموية جاءت متأخرة عن المدن الصناعية التي وجدت منذ ثمانينيات القرن الماضي بينما تم إصدار قانون المناطق التنموية قريبا في عام 2008م) وبموجبه تم تحويل مؤسسة المدن الصناعية التي كانت مملوكة بالكامل للدولة إلى شركة مساهمة تمتلك الدولة فيها حوالي ثلثي الحصص بينما يمتلك القطاع الخاص الثلث الأخير.. وبموجب هذا القانون أيضا تعتبر المدن الصناعية مناطق تنموية بحيث تتمتع من خلالها جميع المشاريع الصناعية القائمة فيها بحوافز ومزايا إضافية ضمنها القانون الجديد المشار إليه. –

•لقد جاءت الزيارة بدعوة كريمة من شركة المدن الصناعية الأردنية وبجهد رائع ومتميز من سعادة السفير الأردني بصنعاء الأستاذ سليمان الغويري واستغرقت ثلاثة أيام (6-8 أكتوبر 2013) حافلة ومدهشة ووفق جدول زيارات ومقابلات مزدحم شمل زيارة أربع مدن صناعية أردنية بالإضافة إلى زيارة المنطقة الاستثمارية السياحية في البحر الميت غرب الأردن .
وفكرة المناطق التنموية تعتبر فكرة رائعة هدفت الحكومة الأردنية من خلالها إلى نشر عملية التنمية وفق منظور استراتيجي على مختلف أرجاء البلاد مركزة على أهمية تنمية المناطق الثانوية والمحافظات النائية وبحيث تصبح هذه المناطق جاذبة للاستثمارات والأعمال بهدف تنمية المجتمعات المحلية وخلق فرص عمل لأبنائها بدلا من توجههم وتركزهم في المدن الرئيسية بما يمثله ذلك من ضغط على الخدمات العامة فيها وتركيز غير متوازن للعملية التنموية في البلاد.
وبموجبه فإن إعلان منطقة جغرافية ما كمنطقة تنموية يمنح جميع الأعمال والمشاريع التي تقام فيها من صناعية وخدمية وزراعية.. الخ مزايا وحوافز لا تتمتع بها مثيلاتها في بقية المدن والمحافظات وغالبا ما يتم إنشاء مدينة أو عدة مدن صناعية (ومنها مدن صناعية قد تكون ملكية خاصة 100%) ضمن المنطقة الجغرافية التي يتم إعلانها منطقة تنموية .
المهم في هذه المسألة أنها لا تتم عشوائيا ولكنها تتم بعد دراسة وافية للظروف الاجتماعية والاقتصادية والجغرافية للمنطقة وبحيث عندما يتم إعلانها منطقة تنموية يكون معروفا (ومبررا) ماهية ونوعية المشاريع التي يرجى أو يتوقع إنشاؤها فيها ومعرفة مدى الفائدة التي ستعود أولا على المنطقة المعنية وسكانها وعلى الأردن واقتصاده الوطني بشكل عام.
إن جميع المدن الصناعية في المملكة تتبع أساسا الشركة الأردنية للمدن الصناعية والتي تدخل كمساهم أكبر في كل مدينة على حدة مع ترك بقية الحصص لمساهمين آخرين من القطاع الخاص ولكل مدينة صناعية شركة مستقلة خاصة بها هي التي تتولى أعمال التطوير وتوفير البنى التحتية داخل المدينة بينما تتولى الدولة مهمة عمل البنية التحتية لشبكة الخدمات الأساسية ( المياه الكهرباء الصرف الصحي والاتصالات والمواصلات إلى حدود المدينة الصناعية ذاتها).
أما المدن الصناعية الأربع التي تم زيارتها فهي.
●مدينة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين الصناعية بعمان (سحاب) وهي أقدم المدن الصناعية الأردنية وأكبرها ولم تعد بها أي مساحات لمشاريع جديدة.
● مدينة الموقر الصناعية وهي قريبة من مدينة الملك عبد الله وتمثل شبه امتداد لها وتبعد عنها بحوالي 24 كم فقط.
● المدينة الصناعية ضمن منطقة الملك حسين بن طلال التنموية وتقع على بعد 60كم شرق عمان في مدينة المفرق حيث ملتقى شبكة الطرق الدولية والتي تربط الأردن بدول الجوار جميعا “تقريبا” وهي منطقة ضخمة المساحة (تعادل مساحة مدينة بيروت كاملة) وقريبة من الحدود السورية.
● مدينة الحسين الصناعية في محافظة أربد شمال الأردن , وهي أكثر قربا من الحدود السورية بحوالي عشرة كيلومترات, (وتعد من أهم المدن الصناعية المميزة والعامرة بالنشاط) وممتلئة بالمشاريع بالكامل.
والمثير للدهشة والإعجاب هنا أن هذه المناطق الأربع ليست الوحيدة ( في بلد صغير الحجم والسكان نسبيا وفقير في الموارد الطبيعية كالأردن) وإنما هناك مدينتان ثانيتان في أربد والعقبة ومدينتان قيد الإنشاء في الزرقاء ومأدبا.
كما إن جميع هذه المدن تم (أو يتم) تجهيزها عند إنشائها بشبكة طرق داخلية وشبكة كهرباء (نتكلم عن كهرباء حقيقية.. !) وشبكة إتصالات ومياه وصرف صحي (شاملا محطات تنقية ومعالجة) وتصريف مياه الأمطار كذلك ناهيك عن المساحات الخضراء والمجتمعات السكنية (بقربها أو ضمنها).
أكثر من ذلك فإنه يتم في كل مدينة صناعية توفير مكاتب ومقرات للعديد من الخدمات الأخرى المهمة مثل:
– مركز جمركي يوفر جميع المعاملات الجمركية للمستثمر سواء لوارداته أو صادراته دون الحاجة للانتقال للمنافذ الجمركية من موانئ ومطارات وغيره.
ومكاتب للتخليص الجمركي وخدمات نقل وشحن البضائع وفروع للبنوك بالإضافة إلى مكتب لوزارة الصناعة وكذا مكتب للغرفة الصناعية ومكتب للمنطقة الحرة ومكتب عمل ومحطة محروقات
ومكتب للجمعية العلمية الملكية (تربط المجتمع الصناعي بالمجتمع العلمي ومراكز البحوث والابتكار والاختراع) بالإضافة إلى مكتب للأمن وأيضا مركز للتدريب المهني لتدريب وتأهيل العمالة.
وطبعاٍ هناك مكتب في كل مدينة صناعية يتبع شركة المدن الصناعية والمناطق التنموية يقدم للمستثمرين مختلف الخدمات والمعاملات والإجراءات التي يحتاجونها دون أن يضطروا إلى الجري واللف من وزارة إلى أخرى ومن مصلحة حكومية لأخرى ومن ضمن الخدمات التي يوفرها هذا المكتب والمسمى (مكتب خدمات المستثمرين) ما يلي:- الحصول على رخص البلديات.
– الحصول على رخص مزاولة الحرف والمهن والصناعات.
– الحصول على أذون الأشغال والإنشاءات.
– الحصول على عقود التزويد بالكهرباء
– الحصول على عقود التزويد بالمياه.
– الحصول على عقول التزويد بخدمات الاتصالات.
– ناهيك عن خدمات ما بعد البيع والصيانة لكل تلك البنود.
إنها باختصار مدن لا يحتاج فيها المستثمر سوى أن يركز على استثماره ونجاحه ويخلصه من عناء ومهانة التحول إلى (وكيل شريعة) كما هو حال اليمن الذي كان سعيدا.
إن وجود كل هذا الكم من المدن الصناعية في بلد صغير وفقير بالموارد كالأردن لم يأت فقط كنتيجة للمزايا والحوافز المختلفة التي توفرها للمستثمرين (وهي كثيرة ومتعددة وسنتطرق لها لاحقاٍ) ولكن جاء بالأساس كنتيجة للعامل الأهم وهو توفر الرؤية الواضحة والإرادة القوية لدى النظام الأردني والحكومة الأردنية نحو إيجاد عملية تنمية حقيقية وشاملة للبلد وشعبه , تم ترجمتها بقوة وفعالية على الواقع من خلال عمل متناغم ومتناسق بين كل الوزارات والمصالح الحكومية ومسئوليها يخدم تحقيق هذه الرؤية والإرادة على الواقع وفق خطط عملية يستوعبها وتشارك فيها كل تلك الجهات عن قناعة وإيمان (تصميماٍ وتنفيذاٍ) وليس كما هو الحال عندنا أن يقال إن (لدينا خطة ولدينا استراتيجية) ثم توضع على الرفوف وفي الأدراج بعد أن يتم إعلانها في احتفاليات ومهرجانات إعلامية. وهو أمر لمسناه حقيقة من خلال عدد كبير من اللقاءات والمقابلات التي تضمنتها الزيارة مع طيف واسع من مسئولي الجهات والمصالح الحكومية والأهلية. وتوجت بلقاء رائع مع دولة رئيس الوزراء الأردني الدكتور/ عبد الله النسور تأكدت فيه تلك الانطباعات والتصورات لدى جميع أعضاء الوفد الزائر.
ومن المهم الإشارة هنا إلى أن هذه الانطباعات والتصورات الإيجابية التي خرج بها جميع أعضاء الوفد لم تأت فقط من خلال لقاءاتهم بكبار المسئولين الحكوميين ومسئولي شركة المدن الصناعية والمناطق التنموية والذين يمكن لقارئ هذا الملخص أن يقول إن عادة مثل هؤلاء المسئولين وخاصة في بلادنا العربية أن يقدموا صورا وردية للواقع (المغاير) في بلدانهم .. وإنما جاءت من خلال اللقاءات الكثيرة أيضاٍ بعدد كبير من رجال الأعمال الأردنيين (وبعض الأجانب) الذين لهم استثمارات كثيرة وكبيرة في تلك المدن والمناطق والذين كانوا مجمعين على أن بيئة (ومناخ) الاستثمار في الأردن بالفعل مشجعة ومحفزة وموفرة لجميع أساب النجاح والربح وأن السبب الرئيس خلف كل ذلك هو ما سبق وأشرنا إليه من وجود الرؤية الاستراتيجية والإرادة السياسية القوية والحازمة لدى جميع سلطات الدولة الأردنية مع فهم أكيد وقناعة راسخة بأن كل ما يتم تقديمه من الحكومة من حوافز مادية معنوية وإعفاءات جمركية وضريبية كبيرة ومتنوعة ومن إنفاق كبير على مشاريع البنية التحتية والأساسية وعلى مشاريع التعليم والتدريب والتأهيل ناهيك عن جوانب بسط هيبة الدولة وإنفاذ القانون على الكبير والصغير هو في المنظور الاستراتيجي استثمار عالي الربحية والفائدة والنفع الأكيد للوطن والشعب الأردني.
كما إن الحرص والاستيعاب لأهمية عمل كامل الوزارات والمصالح والأجهزة الحكومية بشكل متناغم ومتناسق (وليس كجزر معزولة عن بعضها) ووفق خطط عملية وواضحة وكذا إشراك القطاع الخاص والأهلي في رسمها وصياغتها وتنفيذها كان من الأمور التي لا بد وأن تلفت النظر وتثير الإعجاب لدينا (طبعاٍ إلى جانب الأسف العميق لافتقادنا نحن لها) خاصة وأن آثارها الإيجابية الكبيرة والواضحة على أرض الواقع كانت مما لا يحتاج إلى كثير من الجهد للمسها ورؤيتها متجسدة في جميع المجالات.
حوافز
وإذا أردنا أن نتحدث عن المشجعات والحوافز التي تقدمها الأردن للمستثمرين (محليين وأجانب) والتي جعلت من هذا البلد الفقير في الموارد الطبيعية والواقع جغرافيا في واحدة من أكثر مناطق العالم التهاباٍ واضطراباٍ, ليصبح بلداٍ جاذباٍ للاستثمارات والمستثمرين فإن الحديث سيطول.
غير أننا سنحاول الإيجاز خاصة وقد سبق التطرق لبعض تلك الحوافز والمشجعات فيما سبق من فقرات هذا الموضوع وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن من ضمن ذلك ما يلي:
● التخطيط السليم والمدروس لمواقع المدن الصناعية والمناطق التنموية جغرافياٍ بما يتناسب والميزات النسبية الطبيعية لكل موقع ومع التوجه الواعي للدولة لتوزيع فرص التنمية والنمو على مختلف الجهات والمحافظات ناهيك عن الأخذ في الاعتبار مسألة نوعية البنى الأساسية الملائمة لمشاريع كل منطقة والمتطلبات والفرص التي توفرها أسواق البلدان المجاورة الأقرب لكل موقع.
2) توفر الأمن و الاستقرار على مستوى كامل البلد وتعزيز سيادة القانون على الجميع وإيجاد جهاز قضائي كفؤ وفعال ومبسط الإجراءات.
● تسهيل وتبسيط إجراءات إنشاء وتسجيل الشركات والمشاريع بمختلف أحجامها وأنواعها وبأقل التكاليف مع إعطاء اهتمام خاص للمشاريع والشركات الصغيرة والمتوسطة لأهميتها المحورية (المعروفة للجميع) في الدفع بعملية التنمية والنمو الاقتصادي ويشمل هذا الاهتمام الخاص تقديم مختلف أنواع الدعم المادي والمعنوي بما فيها المنح المادية المباشرة وغير المباشرة سواء من قبل الحكومة الأردنية أو السعي لتوفيرها من المانحين الدوليين وتوفير حاضنات المشاريع التي تضمن نجاح هذه الأعمال الصغيرة والمتوسطة.
والكلام هنا على مستوى المملكة بشكل عام أما إذا كانت هذه المشاريع ضمن المناطق التنموية والمدن الصناعية فإن التبسيط والتسهيل يكون أكبر وأكثر ومن خلال نافذة واحدة مع قيام الإدارة المعنية بخدمة المستثمرين فيها بتقديم كافة أشكال المساعدة اللازمة لتسهيل عملية التسجيل والإنشاء والبدء بالعمل.
● تتمتع الشركات والمشاريع الصناعية ضمن المدن الصناعية بحزمة واسعة من الإعفاءات والتخفيضات الضريبية والجمركية ويشمل ذلك:
-إعفاء كامل ودائم من ضرائب الأبنية والمسقوفات.
– إعفاء كامل من الضرائب والرسوم الجمركية على موجودات وأصول المشاريع الثابتة عند الإنشاء وعند التوسع ويشمل ذلك الإعفاء جميع المواد والمعدات والآلات والتجهيزات الداخلية في بناء وإنشاء وتجهيز وتأثيث المشاريع بما في ذلك قطع الغيار اللازمة للمشروع.
– إعفاء جمركي كامل لمستلزمات ومدخلات الإنتاج المستوردة كما تعفى تلك المشتراة من السوق المحلية من ضريبة المبيعات إن كانت ذات منشأ محلي ومن الضريبة والرسوم الجمركية إن كانت من منشأ أجنبي.
– إعفاء كامل من ضريبة الخدمات الاجتماعية ومن ضريبة توزيع أرباح الأسهم والحصص في الشركات عن دخلها المتحقق داخل المناطق التنموية والمدن الصناعية أو خارج المملكة.
– ضريبة مخفضة بواقع 5% فقط على الدخل المتأتي من النشاط الاقتصادي داخل المناطق التنموية والمدن الصناعية مع إعفاء كامل للدخل المتحقق من التصدير وإعادة التصدير (الترانزيت).
● يعامل المستثمر الأجنبي داخل المناطق التنموية والمدن الصناعية معاملة المستثمر الأردني تقريبا ويحق له تملك أو استئجار الأراضي والمباني كما يحق له تملك كامل المشروع وتحول عوائد استثماراته للخارج إضافة إلى حماية الملكية وحرية تحويل حصص الملكية دون قيود تذكر.
● ومن المهم الإشارة في هذا السياق إلى قيام الحكومة الأردنية بتوفير حافز آخر مهم للغاية لجذب الاستثمارات الصناعية بالذات إلى الأردن ويتمثل هذا الحافز بإبرام الأردن عدد واسع من الاتفاقيات التجارية مع عدد من الدول والمنظمات والاتحادات الجمركية الدولية التي تشتمل على أسواق ضخمة وفرص تصديرية كبيرة للغاية.
هذه الاتفاقيات توفر للبضائع الأردنية المصدرة لأسواق تلك الدول والاتحادات (ومنها أمريكا وكندا والاتحاد الأوروبي وتركيا ناهيك عن دول منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى) إعفاءات جمركية كبيرة أو كاملة ومعاملة تفضيلية وميسرة بخصوص قواعد المنشأ بحيث أصبح المستثمر في الأردن يجد أسواقاٍ ضخمة تستوعب تصدير منتجاته وهذا الأمر (بالإضافة إلى ما يتمتع به من إعفاء للدخل الناتج عن التصدير من الضريبة وكذا بقية الحوافز الأخرى التي سبق أن ذكرناها) يمثل عاملا في غاية الأهمية لأي استثمار إنتاجي أو صناعي خاصة مع صغر حجم السوق الأردني نسبياٍ.
· أما “شيخ” الحوافز والذي نعيد التذكير به فهو وفرة الكوادر البشرية المؤهلة والمدربة.. وهذا يعتبر الاستثمار الأكبر الذي قام به الأردن على مدى العقود الماضية ونتج عنه أن أصبح هذا البلد أحد أفضل بلدان المنطقة في حجم ونوعية وانتشار التعليم وجودته..ومن الواضح أن هذا الاهتمام المتميز الذي توليه الدولة الأردنية لمسألة التعليم والتأهيل ليس مسألة وقتية وإنما نظرة ورؤية استراتيجية راسخة أصبح كل أردني يحس بها ويجني ثمارها الكبيرة ولسنا هنا بحاجة للتذكير كيف هو مستوى الطب في الأردن على سبيل المثال وكيف أصبحت السياحة العلاجية تمثل مورداٍ ضخماٍ للاقتصاد الأردني ونفس الحال في قطاع التعليم الجامعي وفي قطاع تكنولوجيا المعلومات وغيرها.
· بقي أن نشير في هذا الموضوع إلى بعض التفاهمات والمقترحات لتطوير العلاقة الاقتصادية المشتركة بين البلدين التي نتجت عن هذه الزيارة ومن أهمها:
1- الاتفاق على إعادة تشكيل و”تفعيل” مجلس رجال الأعمال اليمني/ الأردني وتوسيع عضويته وعلى أن يقوم كل من الاتحاد العام للغرف التجارية الصناعية في اليمن وكل من غرفة تجارة الأردن وغرفة صناعة الأردن بإنجاز هذه المهمة في القريب العاجل بالتنسيق والتعاون مع الجهات المعنية الأخرى في كلا البلدين.
● أهمية الاستفادة من التجربة الأردنية المتميزة في مجال إنشاء وتنظيم وإدارة المدن الصناعية ولهذا الغرض تم التفاهم على قيام جمعية الصناعيين اليمنيين بالتعاون مع الاتحاد العام للغرف بالتنسيق لدعوة وفد من شركة المدن الصناعية الأردنية وهيئة المناطق التنموية لزيارة اليمن وترتيب إقامة ندوة/ ندوات له يعرض فيها تجربته ويلتقي فيها أيضا بالجهات الرسمية اليمنية المعنية بالصناعة خصوصا والتنمية بشكل عام ليقدم لها شرحا وافيا للتجربة الأردنية في هذا المجال.
● الاتفاق على إقامة المعارض التجارية المتبادلة بين البلدين بحيث يعرض كل واحد منهما منتجاته في البلد الآخر وبحيث تكون هذه المعارض مفتوحة أيضا للبيع المباشر للجمهور.
● وعد الإخوة الأردنيون بتزويدنا في القريب العاجل بنسخ من جميع القوانين واللوائح التي تنظم مسألة إنشاء وإدارة التعامل مع المناطق التنموية والمدن الصناعية للاستفادة منها يمنيا.
وختاما لا يفوتنا أن نجدد الشكر والتقدير لكل من إدارة شركة المدن الصناعية الأردنية على هذه الدعوة الكريمة وعلى كرم الضيافة وحسن الاستقبال للوفد اليمني وكذا شكر سعادة سفير الأردن الشقيق بصنعاء الأستاذ سليمان الغويري الذي كان في الواقع صاحب فكرة هذه الزيارة وعمل على الترتيب لها وبذل جهدا فائقا في تحققها بل وقام بمرافقة الوفد طوال مدة الزيارة متحملا الكثير من المشاق والجهد فله منا كل الشكر والتقدير.
على الهامش : رسالة للخطوط الجوية الملكية الأردنية :
محبط جدا بل ومثير للغضب والاستياء أن تصل إلى مطار الوصول وتكتشف أن حقائبك وأمتعتك لم تصل معك في نفس الرحلة , وما يثير غضبك واستيائك أكثر أن تعلم أن هذا يحصل بشكل متكرر مع هذه الخطوط التي وصلت عليها.
كان هذا هو ما حصل معي ومع مسافران كثيران غيري عندما وصلنا مطار صنعاء بعد منتصف ليل يوم 8 أكتوبر 2013على متن رحلة الخطوط الملكية الأردنية رقم 672 القادمة من مطار الملكة علياء بعمان.
ما الذي يمكن أن يعوض عن صدمة وإحباط أهلك (والأطفال منهم خصوصا) عندما تصل إليهم فارغ اليدين خاصة وأن كثير منا كان قد وعدهم ببعض الهدايا أو ملابس العيد , إذ كنا يومها على أبواب عيد الأضحى المبارك , ورغم أن توقيت وصولنا كان في وقت متأخر من الليل إلا أن الأطفال كانوا لا زالوا ساهرين ومترقبين وصولنا إليهم محملين بالهدايا وملابس العيد.
المؤسف أكثر أن كثيراٍ من المسافرين الواصلين على هذه الرحلة كانوا من المغتربين اليمنيين في الولايات المتحدة الأمريكية القادمين منها لليمن ترانزيت عبر عمان , وهؤلاء منهم الذين لم تصل حقائبهم كانوا في وضع يرثى له بكل تأكيد فكثير منهم ترافقهم عوائلهم وهم في الغالب من منطقة يافع ومن مناطق محافظتي إب والبيضاء وكان أقارب لهم قد جاءوا بسياراتهم من تلك المناطق لاستقبالهم وتوصيلهم إلى قراهم ومدنهم مباشرة , ومع هذا الوضع المستجد كان لا بد وأن يتحملوا جميعا عناء ومشقة وتكلفة البقاء في صنعاء ليوم أو يومين آخرين بانتظار وصول حقائبهم وأمتعتهم , ونحن نعرف ماذا يعني ذلك لمغترب قضى سنوات في غربته وكيف هي لهفته ولهفة أهله وأحبائهم في الوطن للقاء بعد طول غياب , كما نعرف مدى أهمية ما تحتويه تلك الحقائب الضائعة لهم جميعاٍ.
كل من يزور الأردن وبغض النظر عن طبيعة تلك الزيارة, يخرج بالكثير من الانطباعات الجميلة والرائعة عن هذا البلد العزيز, ولكن أن تختتم زيارته كما اختتمت زيارتنا, فهو أمر يمكن أن يذهب بكل تلك الانطباعات أدراج الرياح وتتحمل الخطوط الملكية الأردنية مسئوليته بكل تأكيد.
ختاما كلمة شكر مستحقة لأحد العاملين في مطار صنعاء الدولي وهو الأخ العزيز عبدالكريم مفضل والذي تعاون معنا كثيراٍ نحن أصحاب الحقائب الضائعة وبذل كثيراٍ من الجهد لتخفيف مشاعر الغضب والإستياء التي استبدت ببعضنا في تلك الليلة المشؤومة.
¶ رئيس تحرير مجلة الصناعة مدير عام جمعية الصناعيين اليمنيين..

قد يعجبك ايضا