صحافة حرة!! 

حظيت الصحافة اليمنية وحرية الرأي والتعبير بدفعة جديدة من قبل القيادة السياسية ممثلة بفخامة الرئيس علي عبدالله صالح¡ رئيس الجمهورية لا تتوقف حدودها فقط عند تلك المزايا التي وجه بها فخامته من أجل الارتقاء بواقع حملة الأقلام والمشتغلين في هذه المهنة¡ بل أنها التي امتدت لتشمل المزيد من الرعاية للدور التنويري الذي تضطلع به صحافتنا الوطنية¡ وقد تجلى ذلك بأنصع صوره فيما عبر عنه فخامة الأخ الرئيس خلال لقائه يوم أمس رئيس وأعضاء مجلس نقابة الصحفيين¡ من تقدير للرسالة التي يؤديها أرباب الكلمة¡ معتبرا◌ٍ أن الصحافة ستظل الشريك الفاعل في تعزيز المسيرة الديمقراطية وصنع التحولات الوطنية وإثراء عملية النهوض الحضاري وترسيخ ثقافة وطنية تعزز من التلاحم والمحبة بين أبناء الوطن الواحد.
وبكل تأكيد فإن مثل هذه الدفعة الجديدة تشكل امتدادا◌ٍ لذلك الاهتمام الذي أولته قيادتنا السياسية لتطوير رسالة الصحافة وحرية الرأي والتعبير كمرتكز من مرتكزات العملية الديمقراطية والتعددية السياسية والحزبية التي كفلها دستور الجمهورية اليمنية ووفر لها الضمانات القانونية وجعلها حقا◌ٍ لكل المواطنين دون استثناء أو تضييق على أحد.
وما من شك أن هذا المناخ قد أتاح الفرصة لظهور الإصدارات الصحفية بأعداد متنامية من عام لآخر¡ لتستوعب هذه الإصدارات كافة الرؤى والمشارب الفكرية وألوان الطيف السياسي.
ومع ذلك يبقى من الواضح أن الصحافة الوطنية في اليمن ما زالت بحاجة إلى تطوير نفسها والاتجاه نحو العمل المؤسسي الذي يجعل من النشاط الصحفي مؤطرا◌ٍ بالطابع المهني الذي يحميه من كل الدخلاء والمتطفلين على هذه المهنة الذين يسيئون إليها ويشوهون سمعتها بممارساتهم التي لا تحترم شرف الكلمة وقدسية الحقيقة.
ومثل هذا الأمر لاشك وأنه أضحى يشكل هما◌ٍ يؤرق الجميع بما فيهم نقابة الصحافيين نفسها¡ باعتبار أن أهم ركيزة يتكئ عليها الإبداع الصحفي هي ركيزة الحرية الصحفية الملتزمة بالمسؤولية الاجتماعية وكذا بالمهنية الاحترافية العالية التي تجعل من الصحفي قادرا◌ٍ على ممارسة النقد البناء الذي يبني ولا يهدم¡ يقرب ولا يباعد يوحد ولا يفرق¡ يزرع بذور الوئام والتلاحم وليس الفتن والشقاق والتناحر¡ وينشر قيم الولاء الوطني وحب الوطن ويحول هذه القيم إلى ثقافة تزول فيها النعرات الضيقة والممجوجة التي عفى عليها الزمن.
ومن المناسب وصحافتنا الوطنية تكمل عقدين من تاريخ وحدتها النقابية في ظل مناخ الديمقراطية والتعددية السياسية والإعلامية التي كانت ثمرة من ثمار المنجز الوحدوي الذي التأمت فيه الأسرة اليمنية مجددا◌ٍ في الثاني والعشرين من مايو العام 1990 أن تضع نصب عينيها الأولويات التي من شأنها أن تجعل من إصداراتها منابر للحوار المسؤول والبناء لتنمية وعي المجتمع بقواعد الممارسة الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير على أسس صحيحة وسليمة لا مجال فيها للشطط والمفاهيم القاصرة.
ولكي تقوم الصحافة الوطنية بهذا الدور فإنه يتعين عليها تأصيل تلك المبادئ في تناولاتها وأطروحاتها متجاوزة تلك الشوائب التي أضعفت من مكانتها وقدرتها على أداء رسالتها بمصداقية ومسؤولية لتخسر هذه الإصدارات ثقة المجتمع بها وبمن يعملون ويكتبون فيها.
وبوسع صحافتنا الوطنية أن تخرج من هذه الحالة بإيجاد ميثاق شرف بين الصحفيين أنفسهم يحول دون تلك التجاوزات التي تنال من رسالة الصحافة ودورها في المجتمع¡ حيث وأن وجود مثل هذا الميثاق الصحفي سيجعل من المصداقية المعيار الحقيقي الذي يقاس به أداء كل صاحب قلم وصحيفة وستتلاشى تدريجيا◌ٍ العقلية الانتهازية التي تمارس الابتزاز من خلال استغلال مناخات الحرية¡ وستتعرى الممارسات السلبية وتسلط الأضواء عليها وأصحابها¡ ولن تجرؤ أي صحيفة بعد ذلك على الانحراف عن أخلاقيات المهنة ومقاصدها النبيلة.
والحق أن المرحلة توجب أن يستشعر كل العاملين في الصحافة الوطنية حقيقة أن الوطن بحاجة إلى استمالة الناس إلى صفه وليس إلى ضده¡ وأنه كلما كانت الصحافة منابر لنشر قيم الخير والوئام والمحبة والأمل والتفاؤل¡ انعكست النتائج الإيجابية بشكل مباشر على جميع أبناء هذا الوطن¡ وذلك لن يتأتى إلا بابتعاد صحافتنا عن ذلك الصخب الذي يضخم ويهول الأحداث وينقل صورة مشوهة عن البلد وأبنائه¡ لما يترتب على هذا التضخيم والتهويل من تنفير للاستثمارات وتضليل للرأي العام وإضرار بالمصلحة العامة.
ونعتقد أن كل من ينتمي إلى هذه المهنة¡ قادر على تلمس الطريق القويم¡ ووضع قدميه على بداياته والوصول إلى الغايات المنشودة.

قد يعجبك ايضا