ولا حتى ريال واحد !
عبدالملك سام
لا أعرف سبباً واحداً يجعل من الصعب علينا أن نقنع البعض بأهمية المقاطعة الاقتصادية!! هل المشكلة هي عدم الفهم؟ أم هو التبلد الذي أصاب الكثيرين منا؟ هل هو الشعور بعدم الانتماء؟ أم ربما عدم الاكتراث؟! لماذا الموضوع صعب لهذه الدرجة؟!
كلنا نعرف من عدو أمتنا.. ومهما كان مذهبك فجميعنا نحمل اسم الإسلام، لذلك فنحن في رأس قائمة الاستهداف من قبل أعدائنا باعتبارنا أمة محمد، والأعداء لا يخفون عداوتهم لنا سواء في أفلامهم أو في كتبهم أو في مدارسهم.. يسخرون منا ويلعنونا في كل منبر ليلاً ونهاراً، يفترون علينا الكذب كي يخيفوا الآخرين منا حتى وصل الأمر لدرجة أن الأجنبي يتفاجأ عندما يزور بلدا عربيا ويرى أناساً عاديين يعيشون ككل البشر! تخيلوا مدى التضليل الذي يمارس ضدنا من قبل هؤلاء الشياطين الذين يملكون الشركات والإعلام وجماعات الضغط …..إلخ
أنت كفرد تخيل أن عائلتك دخلت في نزاع مع عائلة أخرى في الحي قتل فيه أفراد منكم، ولنفترض أن هذه العائلة تمتلك متجرا في ذات الحي.. السؤال هنا، هل من الممكن أن تشتري شيئا ولو كان ثمنه ريالاً واحداً من هذا المتجر؟! أعتقد أنك مستعد للذهاب إلى متجر بعيد لتشتري ما تحتاج إليه لأنك تعرف أن هؤلاء بما يكسبونه سوف يشترون السلاح والولاءات لكي يقضوا على أسرتك، وأنت هنا تعرف ثمن الريال الواحد ،لكنك تتصرف هنا بوعي لمعرفتك بأهمية المعركة.. طبعا هذا مثل فقط بافتراض أن هذه العائلة ظالمة وشريرة ولا يوجد من يردعها ولا تريد أي حل وتسعى لتدمير أهلك واستعبادكم جميعا حتى آخر فرد..
عدونا الحقيقي أكثر شرا من العائلة في مثالنا السابق لدرجة أن القرآن الكريم أورد مئات الآيات ليحذرنا منهم ومن شرهم، وقد وصلت بهم الدناءة والبغضاء لدرجة لا يمكن لنا أن نجد أحدا يكرهنا ويسعى لإفنائنا كما يفعلون!! كم آيات تحدثت عن أنهم يحسدوننا حتى على قطرات المطر، وأنهم يسعون لإفسادنا ومحاربتنا ويعملون بجد لقتلنا وقتل أطفالنا واستحياء نسائنا، حتى أنك تجد في ثقافتهم أننا خلقنا لغاية واحدة هي أن نكون عبيدا لديهم وفي خدمتهم فقط! منتهى البغض والكراهية والشذوذ.. فهل يمكن لأي عاقل أن يأكل أو يلبس من أيدي هؤلاء؟!
جل بفكرك في أي مصيبة او مشكلة أنت واقع فيها، ستجد أن لهم يدا في الأمر سواء بطريقة مباشرة او غير مباشرة.. هم سبب بؤسنا وعذابنا وظروفنا، وأهم أداة يستخدمونها لنبقى على هذا الحال هو الاقتصاد.. رشفة كوكا كولا تتحول إلى رشفات ثم إلى نهر يصب في جيوبهم المليارات، قطع شكولاتة أصبحت أغلى من ثمن الفاكهة التي نزرعها حتى مل المزارع وترك الأرض تبور، حفاظات وصابون ومعجون وبطارية …..إلخ، بالإضافة لماكينة إعلامية تملأ رؤوسنا بكل هذا الكلام الفارغ الذي أصبح جزءاً من شخصيتنا الاستهلاكية.. هم يزدادون غنى وتسلطا، ونحن نزداد فقرا وبؤسا ومرضاً!!
لا تقل إن المصانع عندنا ،فأنت تعلم أنها هنا لأنك فقير وتكلفتك رخيصة وقوانين حرية التجارة وضعت بما يضمن مصالحهم، وهذه المصانع لا تشتري المواد الخام من بلدك بل تأتي تلك المواد من خلف البحار لتثري تجارتهم، ومثلا هناك احصائيات تؤكد أن اليهود أصبحوا يمتلكون ما يقارب 19% من الاقتصاد الصيني والنسبة في ازدياد، وأن اليهود يمتلكون مصانع في دول عدة أيضا، ويكفي أن تعرف مثلا أن 29 شخصاً فقط يمتلكون نصف ثروة العالم! وأن أسرة واحدة تمتلك البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وثلثي احتياطات الذهب والماس ومعظم مصانع السلاح والدواء في العالم وغيرها!!
هل وصلوا لهذا بين ليلة وضحاها؟! بالطبع لا.. ريال يتبعه ريال خلال عشرات السنين صارت جبلا من الثروة، وكل هذا بأيدي أشخاص يحملون لنا أكثر مما نتخيل من الشر!! والعربي الطيب هو العربي الميت كما يقولون! طبعا هم لا يحملون ذرة خير نحو أحد، ولكن شاء الله أن نكون نحن الأمة الأقدر على القضاء عليهم لسبب لا يعلمه إلا هو.. أما هم فإن جزءاً كبيراً مما في جعبتهم يعود سبب حصولهم عليه لغنى بلادنا العربية بالثروات! ولولا الانظمة الحاكمة الفاسدة التي زرعوها في بلادنا لكان الوضع مختلفا تماما، فبدون ثرواتنا لا يمكن أن يشتغل مصنع واحد دون أذن منا!
أترككم لضمائركم، أما أنا فأتعهد بأني لن أعطيهم فلسا واحدا، وسأبحث عما يبيعوه لي وسأضيفه إلى قائمتي الخاصة بالبضائع المقاطعة، لن أعطيهم فلسا ولو مت جوعا وبردا، فهذا أسهل لي من مشاهدة صورة واحدة لجنود صهاينة وهم يسفكون دم مسلم واحد، فلعل هذه الرصاصة أنا من دفعت ثمنها! وكما أمر الله المسلمين بأن يقاطعوا ولو كلمة واحدة فقط هي “راعنا” لأن اليهود يستخدمونها، فأنا سألتزم بمقاطعة كل ما يأتينا من جهتهم، ولو كانت بريال واحد! وما بيني وبينهم إلا ما أمر الله به، وهو من أدين بربوبيته وألتزم بتوجيهاته.. وصدقوني لن ينقصني شيء، فأرضنا غنية بكل ما نحتاجه، فقط لنبدأ من هذه اللحظة ،لننضم للملايين الذين سبقونا وتأثيرهم في تصاعد يوماً بعد آخر..