الدريهمي.. أما آن لهذا الجرح أن يندمل؟!!
صلاح محمد الشامي
جرحٌ يئن في جسد شُلَّ مُعظمهُ، تكالبت عليه كل أنواع الجراثيم الآدمية، تنهش فيه دون هوادة، في ظل صمت دولي وعربي تقوده الأمم المتحدة قوّادة الحروب والأزمات بينما تقود المملكة القوَّادة ضخ هذا العذاب عبر ضغطها المستمر هي والإمارات “العبرية” المتحدة أبناء بكل العصابات التي يقودها الإبن العاق لوطنه “طارق عفاش”، بما يحشده من المغرر بهم من أنباء الوطن، الذين كان واجبهم الوطني يحتم عليهم الدفاع عن الدريهمي وعن اليمن بشكل عام، لا أن يتحولوا إلى أدوات للمستعمر، وقفازات للغزاة.. ووسيلتهم لتعميق هذا الجرح وارتكاب كل هذه الجرائم في حق الدريهمي؟
مديرية الدريهمي منذ سنتين تتلقى وحدها ما يفوق التصور ويربو على التصور والتخيل من جراحات مستمرة في جسد الإنسانية، يستهدف فيها المدنيون، ويقتل الأطفال، وتستخدم في هذه الحرب القذرة كل أنواع الأسلحة المحرمة دولياً وعلى رأسها القنابل العنقودية، وترتكب فيها المجازر، بصورة بربرية ووحشية لا مثيل لها عبر تاريخ الحروب.. لم تهنأ ولو ليوم واحد عمليات استهداف المدنيين، ولم تنم عين أمّ أو أب أو صغير أو كبير جراء الانفجارات وأزيز الرصاص التي تنهمل كوابل لا يرحم.
مدينة صغيرة ليس فيها قاعدة عسكرية أو تجمع واحد لأنصار الله الذين تستغل أدوات العدوان وجودهم كذريعة لاستهداف هذا التجمع السكني المسكين الذي يئن فلا يرتفع صوت أنينه إلى السماء سوى ليتلقى المزيد من الضربات الجوية وقذائف المدفعية وعيارات مختلف الأسلحة الرشاشة.. بينما تحصد القنابل العنقودية المزيد من الأرواح غير عابئة بكل القيم الإنسانية والقوانين والأعراف الدولية التي تنص على تجريم استهداف المدنيين.
كل يوم تطالعنا نشرات الأخبار بمزيد من الجرائم الوحشية بحق الدريهمي وأبنائها، حتى بات أمراً اعتيادياً أن يكون هناك خبر أو أكثر كل يوم عن مجزرة هنا أو هناك في إطار الدريهمي وبحق أبنائها، مناشدات بلغت العشرات وصلت إلى أروقة الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية، ولم يتغير سوى أسلوب الإجرام، والتفنن في حصد دماء وأرواح المدنيين.
جهود ركيكة بذلت من خلال قوافل طبية أو غذائية منعتها قوى العدوان وأدواته أو أحرقتها وهي قاب قوسين أو أدنى من الوصول إلى مستحقيها الجرحى والمحاصرين من أبناء الدريهمي.
الكل يتفرج في صمت مطبق، والكل يشعر بفداحة المأساة، والكل لا يستطيع فعل شيء، وكأنّ المقدر محتوم لتبلغ المأساة أوجّها، وتصل الجريمة إلى منتهاها في حق الأبرياء، وكل ذلك في سبيل اقتحام هذه المنطقة، باعتبارها جبهة يجب تجاوزها لما بعدها للتقدم نحو المناطق الحرة التي لم تزل في أيدي الجيش واللجان الشعبية، وجهود عملاقة تبذل من قبل قوى العدوان وأدواتها لإدامة المعاناة.. وكل ذلك على حساب الأبرياء وهم وحدهم من يتحملون، وهم وحدهم من يعانون، وهم وحدهم من يتألمون.
هنا في -الدريهمي- سقطت الإنسانية، وتهاوت أبواق أدعياء حقوق الإنسان، وانهارت معالم الوطنية، يسقط طفل وتخمد أنفاس طفلة، وتثكل أمٌّ ويقتل أبٌ وتتناثر أشلاءُ أخ ولا يُسمع صوت لنحيب يهتز له الوجدان.
متى يصحو العالم الأصم، متى سترقى البشرية للملمة جراحها، ومتى سيستيقظ الضمير البشري، ولو بلغة رخيمة، وقرارٍ جريء يرفع عن هذه المدنية الجريحة كل هذا العذاب؟!!
كيف يمكن للمال وللوعود الزائفة بالمناصب أن تجعل الإنسان يتخلى عن إنسانيته وينسى آدميته؟!!..
وإلى متى سيستمر هذا الجرح ينزف.. أما آن لهذا الجرح أن يندمل؟!!..