محمد عبدالله الشرقي
ضمن التطور المستمر بشتى المجالات ، نسعى دائما إلى اتباع الموضة وكل ما هو مستحدث كي نرقى اكثر ونصبح ذوي مكانة أكبر ، فإن كان ذلك هو المغزى الجلي منها فهي بمثابة وقوع الشخص في مستنقع لفكر بائس وجهل دامس ، لأن الموضة ما هي إلا كذبة مبتذلة اخترعها الغرب لأغراض تجارية وأمور خفية ، وطبقها الشرق لأغراض ترفيهية وأمور تافهة ، لكن إذا رجعنا للإنسان وفطرته فإن مواكبة كل جديد تظل حقيقية واقعية ومع الإنسان ولدت خليقة ، فهي ابنة الفطرة وإشباع للرغبة ما دامت في أسوار محددة ومبادئ ثابتة ، ومن أراد الموضة وجب عليه أن يثقل عقله ويعي ما حوله ، لأن أخطار ذلك كثيرة بما فيه إغواء الذهن والانحراف عن طريق الأهداف الأساسية ، ويكمن خطرها أو أكثرها دماراً للذات خاصة وللإنسانية عامة فيما أطلقت عليه بالأعلى موضة الفكر …
لقد أمرنا ديننا الجميل صاحب الإنسان في المنطق والفطرة .. أن نسعى دائما إلى التطوير والتجديد بتبني كل فكر متحضر وللامة نَيِّرْ.. لكن الخطر الحقيقي يقبع في ما وراء التجديد الغربي ، والفهم الخاطئ لمعنى التجديد ، الذي هو في الأصح تقليد أعمى وتبعية صماء ، كمثل الجار الذي قلد جارة في كل شيء وحياته تختلف كل الاختلاف عن جارة .. إن الفكر الحر المولود من الداخل والمدعم بالمعرفة هو منبع الرقي والحرية وهو البصمة المتباينة في الإنسانية.. فليس من الحق أن تجعل فكرك محصلة أفكار جاهزة دون العلم بما يختبئ وراءها من مصطلحات متضاربة ..
وإنه لمن الضروري التجديد في الفكر لأنه سمة الإنسان الحضارية التي لا بد منها كي نعيد إنعاش حاضرنا ونلغي تقاليد قديمة ليست في نفعنا بعيدا عن التزمت والنمطية .. في إطار يسمح ويحافظ على فكر الإنسان العربي المسلم .. الذي لم يعد ينتج أفكارا بل يستوردها جاهزة كأمثالها من المنتجات الأخرى ..
وأخيرا .. شتان ما بين التجديد والتقليد ، فالأول ركيزة نهضة الشعوب وتقدمها ، والثاني اساس تخلف الأمة ودمارها .. فلندرك حرفيا أن الفخر بالهوية عز والعمل بالتبعية ذل ، ولنفخر بكوننا نحن ولنصنع أفكارنا بأنفسنا ، فليس كل جديد تحضراً ، وليس كل ما نراه مُلفتاً هو ذو قيمة .
Prev Post