٥ أعوام من العدوان
أحمد يحيى الديلمي
ها هي الأيام تمضي وتنصرم وتعلن اقتراب انقضاء العام الخامس من العدوان البربري الهمجي السافر الذي شنته ما يسمى بقوات التحالف العربي بزعامة النظام السعودي ، فما الذي حدث خلال هذه الأعوام الخمسة ؟!
لا شك أن مصاريع الذاكرة تنفتح في مثل هذه الحالة لتستحضر الكثير من المآسي والكوارث التي أحدثها هذا العدوان الناتج عن أفكار سوداء ورغبات مجنونة عطلت لغة العقل والمنطق وأغلقت نوافذ التفكير السليم ، وجعلت أمراء مغرورين يمارسون لعبة الموت وكأنهم في نوادي العهر السياسي ويجترحون ما يعتبرونها بطولات وكأنهم في حلبات الرقص ومخادع المومسات ، إنها مأساة بالفعل تجعلنا نستعيد شريط الأحداث من أول غارة شنها العدوان تحت شعار إعادة الشرعية ، ثم توالت الشعارات بفعل خيانة وعمالة المدعو هادي وأزلامه الذين منحوا شرعية زائفة للحرب الظالمة وأعطوا العدو التاريخي لليمن الفرصة لأن يخرج الاحقاد الدفينة تجاه اليمن واليمنيين كما هي متراكمة ومتوغلة في داخل صدور أمراء الزيف .
فما هي النتيجة؟!
الحقيقة أننا بتنا نرثي لحال تلك المجموعة التي تدعي الشرعية وأفرادها يرتشفون البقاء الخجول في ثنايا الزمن داخل كؤوس مترعة بدماء الأبرياء وأشلاء الأطفال وصرخات النساء ، وبعد خمس سنوات لا شك أنهم باتوا يشعرون بالندم خاصة أنهم تحولوا إلى شهود زور والبعض يجبرون على الصمت والقبول بالأمر الواقع ، ويجملون البقاء الخجول بين الحين والآخر بتصريحات تبارك العدوان وتحرض العدو على المزيد من استباحة الدماء وإزهاق الأرواح البريئة ، إضافة إلى تدمير مقومات الحياة وكأنهم أعداء فعليون لهذا الوطن ، إنها مزالق خطيرة .
وها هو العام الخامس قد انقضى والمسلسل مستمر ليؤكد الرغبة الأكيدة في إهلاك الحرث والنسل وتدمير كل مقومات الحياة تحت مسميات ومبررات لا وجود لها إلا في أذهان هادي وشلته.
أليست معضلة كبيرة تكشف عن محنة العقل البشري وكيف أن الإنسان يصل إلى مرحلة العجز عن فهم معاني الخيانة بحيث لم يقتصر الأمر على سوء الفهم وعدم المعرفة لكنه تعدى ذلك أكثر ليجعل هؤلاء النفر يتباهون بخيانة الوطن ويعتبرون ما يجري بطولات خارقة ، كيف لا يحدث هذا وقد أوغلوا في الخيانة وباعوا الكرامة واستساغوا الهوان وأصبحوا اليوم يتسكعون في أزقة وشوارع ثلاث مدن ، أصعب شيء على الإنسان أن يجد نفسه في سجن بلا أسوار ، سجن تسبب هو في دخوله فأنى له الخروج منه إلا إذا عاد إلى رشده وأعلن التوبة ، هذا بالنسبة لمن لم تتلوث أيديهم بالدماء ، أما من أوغلوا في دماء أبناء شعبهم فأنى لهم التوبة ، ولن يقبلهم الشعب اليمني إطلاقاً بعد أن صنعوا ما صنعوا .
بالمقابل ها هي النوايا الحقيقية للسعودية والإمارات تتكشف وملامح العدوان تظهر للعيان وتعري الخطط الإجرامية التي وضعها النظام السعودي منذ زمن مبكر، كما جاء في البرنامج الوثائقي الذي بثته قناة الجزيرة وكشف عن مخطط السعودية تجاه محافظة المهرة وكذلك الأخبار التي تتواتر عن الأهداف الحقيقية لدولة الإمارات تجاه جزيرة سقطرى ، كل هذا يجعلنا نقول لكل من يدَّعي الشرعية ومن يتبجح في قنوات التلفزيون بأنه يدافع عن اليمن، هذه حقيقة الداعمين لكم ، فأين أنتم من مساعي أركان هذا العدوان الخبيثة؟! وكيف سيكون موقفكم أمام الله وأمام الشعب بعد أن دخلت آليات العدو الصهيوني في القصف العشوائي لبعض المواقع بشكل مباشر ولا تزال تقدم الخبرات لدول العدوان؟! ألم يكن الفعل شاذاً وغير سوي يؤكد أنكم خرجتم من نطاق الآدمية إلى نطاق الحيوانية وبعتم الوطن بتراب المال ، لقد اتضحت المآرب والنوايا الخبيثة للرياض وأبو ظبي في الاحتلال والسيطرة على أجزاء من اليمن ونهب ثرواته ، وأنتم تتحدثون عن شرعية لا وجود لها إلا في رؤوسكم ، وعلينا أن نقف أمام الحقيقة والصدق وننظر بإكبار عظيم إلى قوة بأس وشجاعة واستبسال المقاتلين اليمنيين من أبطال الجيش واللجان الشعبية الذين استحضروا فلسفة البقاء المفعمة بالتحدي والصمود واجترحوا ملاحم بطولية اسطورية لا تزال تؤرق الأعداء وهم يستحضرون الكرامة والعزة من شقوق الأزمنة الغابرة ويؤكدون للعالم أن قرار الشعب اليمني سيظل بيده وحده ولا يستطيع أحد أن يُملي عليه إرادته أو يؤثر على وجوده ، هذه هي حقيقة ما يجري باختصار، أما أولئك الخونة الذين استساغوا الهوان فنقول لهم: هنتم وبقي الوطن ، بعد أن بعتموه وتآمرتم عليه ، ولم يعد لكم أي مكان في أرضه المقدسة لأن بشاعة وقبح وجوهكم وملامحكم المتوحشة الموغلة في الحقد والكراهية هي التي أحدثت كل ما جرى من دمار وخراب في الوطن ، ولن يسامحكم التاريخ ولا أبناء اليمن .. النصر والعزة والكرامة لليمن والهوان والخذلان لأعدائه .. والله من وراء القصد ..