اليمن وجبهة المقاومة
د .هشام محمد الجنيد
لم تكن استراتيجية تحرير المنطقة من هيمنة الأمريكي وتطهيرها من نظام الاحتلال الإسرائيلي ومن بني إسرائيل وليدة اغتيال القائد الكبير سليماني فحسب، بل هي استراتيجية مرسومة منذ نجاح الثورة الإسلامية في إيران 1979م ونجاح الثورة السبتمبرية العظمى في اليمن 2014م وعلى أساس الجهاد في سبيل الله للحفاظ على الدين ونصرته ولاستقلال القرار السياسي ولتحرير القدس وفلسطين المحتلة، ولأمن واستقرار المنطقة ومياهها – البحر المتوسط والأحمر والعربي وباب المندب وخليج عدن والخليج الفارسي – ولوحدة الشعوب الإسلامية وتوجهها نحو البناء الشامل ولنصرة المستضعفين وغيرها وفي إطار أهداف وخطوات ومراحل المشروع الإسلامي المنظمة بما يحقق مبادئ وتعليمات القرآن الكربم.
غير أن تجرؤ العدوان الأمريكي السافر باغتيال القائد الكبير سليماني عجل محور المقاومة الإسلامية برسم الرد الاستراتيجي لطرد الوجود العسكري الأمريكي والأجنبي من العراق ومن المنطقة، فدم الفريق سليماني لا يساويه رأس ترامب وأمثاله، فالمكانة الجهادية والقتالية الدفاعية لولي الله الشهيد سليماني كانت استثنائية، حيث أحبط وأفشل المخططات الشيطانية في سوريا والعراق ولبنان وفلسطين وفي المنطقة، وناضل مجاهدا في سبيل إعلاء كلمة لا إله إلا الله، في سبيل عزة الأمة الإسلامية ونصرة المستضعفين من الهيمنة والنفوذ الأمريكي والإسرائيلي، والبطولات الجهادية الميدانية في المنطقة تشهد له بإلحاق الهزائم بالتنظيمات الإجرامية التكفيرية والمسلحة وتحت راية أعلام الهدى الأخيار.
أراد العدوان الأمريكي باغتيال القائد سليماني أن ينهي المقاومة ويعزز هيمنته ويحكم قبضته على العراق لعدة أهداف منها: الجيو سياسية، فأهمية الموقع الجغرافي للعراق أنه يقع بين الجمهورية الإسلامية وفلسطين المحتلة، ولاستغلال ونهب ثروات العراق، ولتجنيد عناصر داعش الإرهابية ونظائرها ضد مشروع البناء بتوجيهها في مسار الفتنة والاغتيالات والحروب والدمار فيما بينها وضد الأحرار والأبرياء والرموز الدينية الوطنية، ولتجنيدها وتوجيهها ضد الجمهورية الإسلامية من العراق ومن غيرها بدعوى محاربة المد الشيعي وغيرها من الأهداف، وجميعها تصب في مصلحة أمن وبقاء إسرائيل وتصب في تعميق الإسلام السياسي (الوهابي) لإطفاء الإسلام المحمدي.
ولم يدرك ترامب عواقب هذه العملية الإجرامية، إذ تفاجأ واصطدم برد موجع وجاد من أئمة وقادة محور المقاومة الإسلامية، تفاجأ بمصادقة البرلمان العراقي بطرد الوجود العسكري الأمريكي والأجنبي وبالتالي إنهاء الإتفاقيتين مع نظام الاحتلال الأمريكي، تفاجأ بموجة شعبية إسلامية غاضبة في دول المقاومة الإسلامية جسدت وحدة الصف الإسلامي ووحدة الموقف والهدف الذي لا يشفي غليلها إلا بطرد الوجود الأمريكي من المنطقة كون الشهيد القائد هو شهيد المقاومة الإسلامية، تفاجأ بموجة شعبية عالمية معظمها من داخل الولايات المتحدة الأمريكية.
إن استهتار الأشرار بقادة الأمة الأحرار لن يمر مرور الكرام، وضرب القوة الصاروخية للحرس الثوري الإيراني قاعدتي عين الأسد وحرير في العراق الأمريكيتين ما هي إلا مجرد صفعة كسرت الغطرسة الأمريكية – كما كسرت سابقا بإسقاط الطائرة المسيَّرة – ليفضح على إثرها حجم القوة الأمريكية الهزيلة.. لن تمر عملية اغتيال القائد الحر سليماني والقائد الشجاع ابو مهدي المهندس ورفاقهما مرور الكرام، بل نتج عنها معادلة ونهضة جديدة في المنطقة تبلورت برسم استراتيجية موحدة لحلفاء إيران بتعزيز عزيمة وصمود وبسالة محاور جبهة المقاومة الإسلامية لطرد الوجود الأمريكي من المنطقة تحقيقا للقصاص العادل، وبإذن الله سنرى نتائجها بانتصار اليمن وجبهة المقاومة الإسلامية.
والاستمرار في إعداد – ما استطعنا – من القدرات العسكرية الشاملة البحرية والجوية والبرية وتطويرها والتدريبات والدورات العسكرية والثقافية والدعاء والتسبيح والاستغفار والتوكل على الله والثقة بالله هو السلاح الحقيقي الذي يمنحه الله سبحانه وتعالى لعباده المجاهدين المخلصين في سبيل إعلاء كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة، وهو السلاح الذي يعطي لعباده المقاتلين في سبيل الله الأمل والتأييد بتحقيق النصر وبإلحاق الهزيمة والخزي بالأعداء الكفار من أهل الكتاب العدوان الأمريكي الإسرائيلي وإخوانهم المرتزقة المنافقين. قال الله سبحانه تعالى في سورة آل عمران (قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ) الآية (12). فكلمة (كفروا) جاءت بلفظ عام، فهي تشمل الكفار في معركة بدر وغيرها من المعارك التي انتصر فيها المسلمون بقيادة قائد الدولة الإسلامية رسول الله محمد صلوات الله عليه وآله وسلم، وتشمل انتصار المؤمنين على الكفار حتى قيام الساعة.
يشمل التأييد الإلهي نصرة المؤمنين المجاهدين المقتديين بمنهجية رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم، يشمل نصرة المجاهدين في سبيل الله المواليين والمناصرين لأولي الأمر أولياء الله بنصرة القوم المجاهدين الملتزمين بمبادئ وتعاليم القرآن الكريم الذين أحبهم الله ويحبونه على أعداء الله نظام الشيطان الأكبر ونظائره، يشمل نصرة المجاهدين الأشداء على الكفار العدوان السعودي الإسرائيلي، يشمل بإذن الله التأييد الإلهي بنصر جنود محور المقاومة الإسلامية المجاهدين في سبيل الله الملتزمين بتوجيهات الله سبحانه وتعالى وأولي الأمر الصادقين الأحرار.
إن ظلم وجبروت وإجرام واستهتار العدوان الأمريكي الإسرائيلي وأذنابهم المنافقين قد وصل إلى ذروته، وعندما تصل تحركات الأنظمة العدوانية إلى ذروتها – وأهمها أساليب التضليل الديني ضد القرآن الإسلامي واغتيال الأحرار في المنطقة والعالم وسلب ثرواته – فإنها تعني وفق قوانين التاريخ ووفق التأييد الإلهي لجنوده الأحرار بداية نهاية الأشرار، وقد بدأ أفول نهاية الهيمنة الأمريكية منذ عام على الأقل على إثر إحباط وإفشال جبهة المقاومة الإسلامية مخططاتها الإجرامية العسكرية والأمنية في سوريا ولبنان والعراق واليمن.
والرد الاستراتيجي لطرد العدوان الأمريكي من المنطقة وإنهاء نظام بني إسرائيل سينفذ وفق الأساليب والخطوات والمراحل – التي ربما تصل إلى عامين أو تزيد تكملة لفترة القرن الشيطاني في تقديري – التي ترسمها قيادة الثورة في اليمن وجبهة المقاومة الإسلامية وعلى الاستمرار بقاعدة الصبر الاستراتيجي وفي سياق المشروع الإسلامي.