القرار لهم.. 

يشهد القاصي والداني لليمن بأنه حقق خلال سنوات قليلة على صعيد الممارسة الديمقراطية وترسيخ أسسها ما لم تحققه بلدان أخرى يفترض أنها أعرق وأقدم في السير على هذا المضمار.
وبمرور الوقت رسخت الديمقراطية في الفكر القيادي والسياسة العامة للدولة في التعامل مع الآخر المحلي بروح يأخذ عليها حتى المؤيدين لها طول البال..
إذ إن من يحكم بلدا◌ٍ كبلادنا له خصوصيته¡ وتنوعه¡ وعمره في الاندماج الوحدوي قصير¡ لا بد له وأن يكون طويل البال فعلا◌ٍ انطلاقا◌ٍ من أن “إرضاء الناس غاية لا تدرك”¡ ولا يريد أن يفعل عكس ذلك لأنه يقود بلدا◌ٍ بنهج اتسم بديمقراطيته وسعة أفقه..
لكن الآخر الذي هو الآن المعارضة المتمثلة باللقاء المشترك يريد بالفعل أن يقنع الآخر الذي هو الدولة بأن عليها أن تبرر غايته بأي الوسائل حتى وإن كانت غير مشروعة¡ وهو ما لن يحدث حتى وإن كانت قيادة الدولة طويلة البال¡ لكن طوله هنا ليس بهدف مساعدة المعارضة على أن تخرج عن الطريق القويم¡ بقدرما هو محاولة بل ومحاولات وعلى قاعدة احترام الرأي الآخر بإقناعهم أن المعارضة في الديمقراطيات لا تعني أن تظل تردد كلمة لا في الحق والباطل¡ بل أن تتعلم أن تعارض بالبرامج وتحتكم إلى الصندوق لتسمع كلمة الشعب في البرنامج الذي يرتضيه هاديا◌ٍ وبانيا◌ٍ للحياة خلال الدورة الانتخابية..
وبوحي من طول البال الوطني كانت الموافقة على التمديد والتوقيع على اتفاق فبراير.. الذي أصروا عليه وكان بالإمكان للحكومة وهي تمثل الحزب الفائز في الانتخابات ألاø توافق .. لكن الحكمة اقتضت ولاعتبارات عديدة أن توافق على التمديد.
وقد حددت آليات الاتفاق كل الخطوات اللاحقة وللأسف تبين في ما بعد من مواقف المشترك واللاهثين وراءه أن الأهداف المرحلية تبدو الآن للعيان محاولة للتمييع وإدخال البلاد في فراغ دستوري لأنهم فقط يتوهمون أن هناك من سيملأ الفراغ¡ أولئك الواهمون الآخرون باعة وهم أن الخارج معهم¡ ولم يدركوا أن الأهم هو الداخل الذي يريد الاحتكام إلى الصندوق الذي يقرر هو ولا غيره ماذا يريد الناس ومن يريدون..
ضرورات الأمور الآن تشير إلى أهمية ألا يداهم البلاد ضيق الوقت إذ إن موعد الاستحقاق قادم وقريب¡ ولا يمكن أن تكون هناك فرصة أخرى لأي تمديد فكيفي الأضرار التي نراها ماثلة في التمديد الأول والذي كان خطوة إضافية في مضمار لعل وعسى.. يتبين الآن أن هناك محاولة لخنق البلاد وتجربتها ما حتم على الحكومة وحزبها أن يبادروا إلى الالتزام وهي قد التزمت تنفيذ كل ما تم الاتفاق عليه والسير حثيثا◌ٍ نحو موعد الاستحقاق ومن أراد أن يشارك فأهلا◌ٍ به ومن لا يريد فالدستور كفل له الحق في ذلك.. لكن على باعة الوهم ومدمنيه أن يدركوا أن زمن عقد الصفقات ذلك الزمن الذي فرضوه وصار سلوكا◌ٍ يسيرون في طريقه قد ولى¡ ولضرورات وطنية بدا لبعض الوقت أن الحكومة كانت تساير أو تظهر هكذا¡ فقد كان هدفها أن تجر الجميع إلى مربع الفعل الديمقراطي.. لكن تبين أن المشترك له أجندته¡ التي يظن أنه سيظل من خلالها يمارس بيع الوهم في وقت انكشفت فيه اللعبة..
الآن الأمور واضحة¡ والطريق سالك¡ فمن أراد أن يأتي وحسب الاتفاق فأهلا◌ٍ¡ ومن لا يريد فذلك شأنه
لقد دارت الآلة ولن تتوقف¡ وهم يعلمون ويعرفون أن الزمن لا يمكن له أن يتوقف.. والمستقبل لمن يقدم على الفعل الوطني بروح المواطنة¡ أما من يراهن على الوهم فسيظل كذلك حبيس رهانه إلى أبد الآبدين.

قد يعجبك ايضا