ليمت أعداء الاستقرار بغيظهم 

كثر من وصف حظي به اتفاق الـ17 من يوليو بين المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك من قبل الصحافة العربية ووسائل الإعلام الأخرى¡ التي أجمعت على أن ذلك الاتفاق كان نابعا◌ٍ من صميم الحكمة اليمانية¡ التي تتوارثها الأجيال أبا◌ٍ عن جد. مما جعل هذه الحكمة بمثابة البوصلة التي يسترشدون بها في توجهاتهم وشؤون حياتهم¡ وجوانب علاقاتهم¡ ومعالجة خلافاتهم وتبايناتهم. إن ما أشاعه ذلك الاتفاق التاريخي من مناخات الارتياح على المستوى الداخلي قد وجد أيضا◌ٍ صداه الواسع والكبير لدى كل محبي اليمن¡ الذين وجدوا أن أهمية هذه الخطوة لا تكمن فقط في كونها قد عكست حالة التوافق الوطني¡ حول نجاعة أسلوب الحوار¡ بل ولأنها كشفت عن المعدن الأصيل الذي يتميز به أبناء الشعب اليمني¡ والذين برهنوا باحتكامهم للحوار على مدى استشعارهم لمسؤولياتهم تجاه أنفسهم ووطنهم وحاضرهم ومستقبلهم¡ وهي سمات لا تتوفر إلاø لدى الشعوب الحضارية والواعية بما ينفعها ويضرها. ومن أجمل ما قيل عن هذا الاتفاق أنه أزال الضبابية التي حاولت بعض وسائل الإعلام تكويمها في أذهان الناس عن الأوضاع في اليمن¡ خاصة بعد أن عمدت عدد من هذه الوسائل إلى تغليف أخبارها عن اليمن بطابع الإثارة والتهييج إلى درجة ظن البعض أن هذا البلد صار نسخة ثانية من افغانستان وأن مناطقه غدت شبيهة بـ”تورا بورا” وأن الوضع قد وصل إلى حالة من الانفلات والفوضى التي تصعب لملمتها وغير ذلك من الصور المشوهة والمضللة التي سعت تلك الوسائل الإعلامية بقصد أو بدون قصد¡ بجهل أو بسوء نية إلى رسمها عن اليمن مع أن الحقيقة مغايرة تماما◌ٍ لتلك الصور. وها هي تلك الضبابية التي تشكلت بفعل الخلاف بين أطراف المصفوفة الحزبية والسياسية تتبدد وتتلاشى من خلال الاتفاق الذي توصلت إليه هذه القوى¡ مدفوعة برغبة قوية وصادقة في طي صفحة الماضي وبدء مرحلة جديدة تقوم على الشراكة الوطنية والتفاهم واعتماد الحوار خيارا◌ٍ لمعالجة المشكلات وتجاوز الأزمات وأية تباينات في الرؤى والمواقف. وبهذا الانفراج السياسي فإن المطلوب اليوم هو توحيد الجبهة الداخلية في مواجهة كل من يسوؤهم استبباب الأمن والاستقرار في هذا الوطن وتفرغ أبنائه لمسيرة البناء التنموي والاقتصادي والاجتماعي¡ إذ لابد وأن تظهر علينا مثل هذه النتوءات التي تقتات من الأزمات وتراهن على الانقسامات في الوصول إلى أجندتها المشبوهة¡ كما هو شأن عناصر الإرهاب والتطرف الذين أطبق الجهل على عقولهم وحواسهم وقلوبهم فأضلوا السبيل وانحرفوا عن جادة الحق والصواب¡ واتبعوا غواية الشيطان. وهذه العناصر المتطرفة والإرهابية ومن لف لفها من دعاة الارتداد والفرقة والتمزق¡ هي من سيطرت عليها الأحقاد ونزعات الإجرام¡ حتى أضحت على عداء صارخ مع قيم الخير والمحبة والوئام¡ فهم كما أشار الأخ الرئيس لا يعلمون ماذا يريدون ولماذا يخربون ويقتلون النفس المحرمة ويسفكون دماء الأبرياء¡ ويقلقون السكينة العامة¡ ويعتدون على الحرمات. ومثل هؤلاء هم أعداء الحياة الذين لا هم لهم ولا غاية سوى التدمير والقتل وإذكاء الفتن¡ ومن يقوم بمثل هذه الأعمال التي تحرøم◌ْها العقيدة والدين الإسلامي الحنيف لا يمكن أن يكون مسلما أو على ملة الإسلام¡ كما أن من يقوم بتفجير نفسه على قارعة الطريق لمجرد إشباع غوايته وإثارة الفزع¡ وإراقة دماء من يصادفهم من المارة الآمنين يستحيل أن يكون إنسانا◌ٍ أو يحمل ذرة من خلق. وهذه النزعات التدميرية ينبغي أن تحتشد في مواجهتها كل الجهود لتخليص الوطن من شرورها ودوافعها الإجرامية¡ وهي مسؤولية دينية ووطنية¡ حتى يعلم أولئك الجهلة أن اليمن ليست أفغانستان التي دمروا كل شيء فيها وأحالوها إلى أكوام¡ تحركهم أوهامهم وأحلامهم في إقامة “الخلافة الإسلامية”. وأن اليمن أيضا◌ٍ ليست الصومال ولا غيرها من الأقطار التي استباحها هؤلاء المتطرفون والإرهابيون والمجرمون وقطاع الطرق وأهلكوا الحرث والنسل فيها. فاليمن التي حمل أبناؤها راية الدين الإسلامي إلى أصقاع المعمورة ونشروا تعاليمه السمحة التي تحض على التسامح والمحبة والوسطية والاعتدال وتنبذ العنف والغلو والتطرف لايمكن أن تسمح لمثل هؤلاء الجهلة بالعبث بمقدراتها والنيل من استقرارها وسلامتها والقيم الحضارية لأبنائها. وكما خرجت اليمن سالمة ومعافاة من أزمتها السياسية وانتصرت على دعاة الارتداد والتجزئة والفرقة فإنها ستنتصر في معركتها مع الإرهاب بقطع دابر هذه الآفة واجتثاثها من الجذور. وليمت أعداء الاستقرار والأمن والسلام بغيظهم..!!.

قد يعجبك ايضا