إبراهيم طلحة
المخاطرة الأكبر في حياة المفكر هي أن يتخذ سوسيولوجيا خاصة به أثناء نقده الأوضاع، وينتهزها فرصة لممارسة القمع ضد مخالفيه.. انحياز المفكر إلى ذاته داخل الفكرة هو جزء ناتئ من التطرف الإيديولوجي، كما أنه يعبَّر عن فقدان المفكر للقدرة على التكيف مع ردود الأفعال المتوقعة..
أن يواجه المفكر المفاهيم السوسيولوجية بمفهومه السوسيولوجي، ويتشبث بعقيدته المحتشدة في تراث الوعي المتجذر بداخله، فذلك تدنيس لقدسية الثقافة الفكرية، وانحياز مسبق لطبيعة إيكولوجية فيه..
البعد الافتراضي في النظريات الفكرية أسرع من الحاكمية السوسيولوجية التي يعمد بعض المفكرين إلى تبنيها لتحقيق نتائج يريدونها.
لا يحق للمفكر ـ مهما كان الأمر ـ أن يبالغ في اختيار مفاهيم السلوكيات الاجتماعية القبيحة في نظره؛ إذ من حق الجميع أن يعالجوا الأفكار وفق اعتبارات آرائهم.. المشكلة أن مفكرينا يتداعون إلى هدم المنظومة الجمعية، وينسون هدم جدران البنى الديكتاتورية في قرائح عقولهم، التي قد تخطئ وتصيب.
في وسع مفكرينا أن يعالجوا المسائل والقضايا بشيء من التواضع، بإمكان أحدهم أن يقول: أنا أرى، وأنا أعتقد، وأنا أظن، وأنا أزعم.. لا أن يتكلم بوصفه”النبي لا كذب»!!..
مادامت الفكرة (كيف نتعامل مع الفكرة؟)، فعلى المفكر أن ينأى بنفسه عن نفسه، ويعقد ما أمكن من مصالحات المحبة مع الرؤى الأخرى المتباينة؛ فالفكرة هي المحبة على فكرة!