تأملات في كتاب “رحلة خلف القضبان”

 

عادل راجح شلي

في البدء ابارك للدكتور أمير الدين جحاف هذا الاصدار القيِّم ، الذي يعتبر الاهم فيما نشر عن المعتقلين في الخمس السنوات الأخيرة.
وتأتي اهمية الكتاب فيما اشتمل عليه من الوصف الدقيق لما يحدث في السجون التي اقتيد اليها ، وتوثيقه لأكبر عدد من الحالات ، واسلوبه القصصي الشيق الذي يدفع القارئ الى قراءته والتعاطف مع شخوصه .
– وسيفتح كتاب “رحلة خلف القضبان” باب التوثيق لما يحدث خلف القضبان في كافة السجون والمعتقلات .
فأمير الدين لم يكسر جدار الصمت السميك فحسب ، وانما حوَّل مأساته الى درس وعبرة ، وطريقة ناجعة للتشافي من ويلات التجربة المريرة التي مر بها، وكشف للمعتقل الامانة الاخلاقية والدينية الملقاة على عاتقه تجاه نفسه ومجتمعه.
فبدلا من حمل الألم وتجرّع مرارة الحسرة والكوابيس التي تتحوَّل الى بقعة سوداء مملوءة بالحقد تتسع كل يوم لتحوِّل صاحبها الى كتلة من الحقد والانتقام.
تمكن هذا الشاب الشجاع عبر كتابه “رحلة خلف القضبان” من قهر الالم الذي يكمن خلف الصمت ، وتسليط الضوء عليه وكشفه ، والافضاء به وتعليم الناس كيف يزيلون الحجاب عن هذا الالم وكل هذه البشاعات ليتمكنوا من العبور من ظلام الزنزانة الى نور الحقيقة ، وبدلا من ان يتحول السجين المنتهكة حقوقه الى سجان دون ان يشعر وذلك من خلال حمايته للسجان والتستر على الجرائم البشعة التي يرتكبها ،
كتاب “رحلة خلف القضبان” يعلَّم كل معتقل انتهكت حقوقه وتعرض للعنف والتعذيب السبل الكفيلة بالشفاء الذاتي، وإلقاء كل هذا الكم من العذاب والالم والانتهاكات والجرائم البشعة الى المجتمع، وتحويل هذا العبء الى قضية عامة .
ومواجهة المجتمع بحقيقة ما يحدث، وهل يمكنكم القبول والتعايش مع هذه البشاعات والجرائم.
– لم يكتف أمير الدين بالإمساك بخطام الافضاء فقط ، وانما عبر للخطوة التالية للتواصل مع اهالي الاشخاص الذي وثق لهم في رحلته ، وكما كان الكتاب ثمرة رحلته في عالم الذاكرة ، قام برحلة موازية في الواقع حيث تواصل مع أسر المعتقلين ومع المعتقلين الذين تم اطلاقهم ووو واتسعت الدائرة ليوثق بالصوت والصورة لأهالي واقارب المعتقلين في سجون مارب من كل محافظات الجمهورية ، وتجاوز عددهم اضعاف من وثق لهم في كتابه “رحلة خلف القضبان”، ليتكلل هذا العمل الفريد من نوعه بعقد اول اجتماع لأسر المعتقلين في سجون مارب ، حضره الكثير من المعتقلين وتم فيه تسليط الضوء على ما يحدث في سجون مارب وعلى الشاب الشجاع امير الدين وكتابه الشافي “رحلة خلف القضبان”.
– سيتجاوز الاثر الشافي للكتاب سجون مارب الى كل السجون اليمنية ، وستتجاوز ردة الفعل اليمن الى كافة المحافل الدولية .
لهذا ينبغي على المعتقلين في كل السجون اليمنية التعلم من تجربة الطبيب الشجاع أمير الدين جحاف ، وتدوين ونشر ما يحدث خلف القضبان، لأن التدوين والنشر لمعاناة المعتقلين وما يتعرضون له من الاذى والانتهاكات هو السبيل الامثل لتنظيف المجتمع من هذه العاهات المريضة المنتهكة للقوانين والشرائع ، وكشف ومحاصرة هؤلاء المجرمين افضل من حمايتهم ، وتحويل المجتمع الى حامل لهذا الداء الخبيث.
– تجربة الافضاء التي فتح لها الباب على مصراعيه كتاب “رحلة خلف القضبان” ، والتوثيق لها في الواقع بعقد الكثير من اللقاءات ، وانشاء كيان جامع لهم ، وقيام المؤسسات والمنظمات الحقوقية بدورها في تبني برامج هادفة في هذا الاتجاه هو البداية والتمهيد لأرضية سليمة وثابته لتحقيق العدالة واحالة المجرمين للقضاء لينالوا جزاءهم الرادع.
– وتحقيق العدالة هو السبيل الامثل للحيلولة دون استمرار دورات العنف في اليمن.
– ومن هذا المقام ادعو الإعلاميين وكافة وسائل الاعلام ، لمساعدة المعتقلين على نشر تجاربهم ومعاناتهم ، فالعيب ليس في مساعدة الضحية على العبور من زنزانة الالم ، وانما العيب كل العيب هو التستر على المنتهكين والمجرمين .
– وادعو الإعلاميين والحقوقيين الى التوثيق لجرائم التعذيب التي يتعرض لها المعتقلون في السجون من مختلف الاطراف ، والبعد عن الكذب والتزييف ومساعدة المعتقلين واقاربهم على خوض التجربة لتحويل ما يحدث في المعتقلات والسجون الى قضية عامة تحظى برفض وادانة كل اليمنيين بمختلف اطيافهم وانتماءاتهم .
وكيل محافظة حجة لشؤون الإعلام.

قد يعجبك ايضا