“مشاعر امرأة” في يوم الشهيد
أحمد يحيى الديلمي
انتهت اللعبة وتكشفت الحقيقة وسقطت الأقنعة عن وجوه النخب الفاسدة والمفسدة التي ملأت رؤوسنا على مدى عقود بشعارات زائفة ضللت العقول ومهدت للعدوان الهمجي السافر على اليمن من خلال التحالف مع الأعداء التاريخيين بدعوى الشرعية والانقلاب ، حتى هذه اللحظة لا يزالون يتحدثون عن الشرعية المزعومة ويبررون احتلال المعتدين لعدد من المحافظات متناسيين تماماً شرعية الشعب وإرادة أبنائه فلا يرون أي غضاضة في تبرير الكوارث التي طالت الشعب وكانوا سبب حدوثها ولا يترددون عن مطالبة ما يسمى بدول التحالف بضرب المدن وقتل الأبرياء لتحرير البلاد من الانقلابيين على حد زعمهم.
ما أسلفت ورد في رسالة لأُم عرفت الحقيقة واهتدت إلى الصواب بعد أن أمضت سنوات في مراتع الضلال ومناصبة العداء لقيادة الثورة ، كتبت هذه الرسالة بمناسبة إحياء أسبوع الشهيد ورجحت نشرها لأنها نابعة من القلب ودعمها العقل وتلحفت بأفياء مظلة الانتماء الصادق للوطن حيث جاء فيها :
” منذ عرفت حقيقة ما يجري للوطن وكيف أن الأعداء ومن تحالف معهم حولوا الوطن إلى مرتع للعنف وإراقة الدماء وإزهاق الأرواح البريئة كبحت جماح المشاعر الزائفة والخطايا الفادحة بفعل الأفكار السوداء التي تلقيتها بعاطفة ساذجة نتيجة انعدام النضج السياسي ، إلا أن الواقع وقوافل الشهداء فتحا آفاقي على حجم الكارثة ، وطالما أننا نُحيي أسبوع الشهيد فلقد شدني موكب وداع ثلاثة شهداء وهبوا أرواحهم رخيصة من أجل الوطن ، كان المشهد غاية في النُبل مُفعم بالمشاعر الإنسانية لكوكبة من عشاق الوطن الزاهدين في الكراسي والمكاسب رجال المهام الصعبة الموفون بالعهود ، من حافظوا على قدسية الانتماء للدين والذود عن كبرياء الوطن.. مقابل مشهد مماثل أحسست معه بالذل والمهانة والاحتقار ، فلقد أحضروا أبن شقيقتي من مأرب جثة هامدة رغم أننا سمعنا رواية مفبركة عن سبب الوفاة ، إلا أن أحداً لم يتعاطف معه فاضطر الأب إلى دفنه خُفية في جُنح الظلام كمن يواري فضيحة ويتخلص من عار ، عندها ترسبت في أعماقي حقيقة هامة عرفت من خلالها من هو الشهيد الذي يجب أن يحظى بالاحترام والإجلال والتقدير.
من تلك اللحظة تاقت نفسي إلى لقاء الفرسان من يعشقون الوطن ويذودون عن حماه بلا مصلحة ولا مكاسب مادية ولا رغبة في منصب أو جاه أو سلطان ، نفوس أبية تحمل نُبل الفرسان وصدق الإيمان وسمو الغاية وقمة الالتزام بقضايا الوطن عندها برئت من الهوى الزائف وقررت البوح بإعجابي وحبي الشديد لشباب الجيش واللجان الشعبية ، لم يكن القرار وليد الصدفة لكنه ترسب في أعماقي من أول وهلة أنطلق فيها شباب هذا الوطن لمقاومة العدوان السافر ، لكني أخفيته بين جنباتي كأي فتاة تخفي مشاعر أول حب في حياتها اعتزازاً بقيم المثالية والبراءة وصدق المشاعر وعظمة البطولات التي يسطرها أولئك الرجال العظام ، من نرى فيهم الأمل وحلم الانعتاق من ظلم العدوان وجبروت التآمر الواسع وتبعات الحصار الجائر.
من لحظة التحرر أسقطت من ذاكرتي كل الأوهام وقررت أن أصم أذني عن أمواج الدعاية الزائفة ومحاولات التشكيك في صدق المشاعر ونُبل الغاية وأمواج إشاعات الإرجاف والتهويل وفبركة الأخبار الملفقة التي تؤثر على البسطاء وتلح على أذهانهم بمخاوف وأفكار تتباكى على الثورة والنظام الجمهوري ، من ذات الوكر الذي انطلقت منه حملات التآمر على الثورة وتحت أجنحة الأعداء التاريخيين للوطن والإنسان في اليمن.
واليوم وإرهاصات النصر الحاسم تلوح أمام ناظري أقول للمخدوعين حكموا العقل والمنطق ، عودوا إلى حضن الوطن ، فوقوا من صرعة الشرعية المزعومة ، وليسأل كل منكم نفسه أي شرعية تبقت لإنسان سمح بتغيير خارطة الوطن؟!! ويتآمر على الهوية والمكاسب الوطنية؟! ويحاول الانزلاق بالوطن إلى مهاوي السياسة الماكرة!! بعد أن خرج الوطن من دائرة الاستبداد والفساد والخداع وحلقات المتاجرة بالدين.
في هذه المناسبة العظيمة أسبوع الشهيد أقول ثوبوا إلى رشدكم وأعلموا أن الشعب اليمني أكبر وأعظم من أن يُخدع ثانية أو يحسن الظن بمن ليس أهلاً للثقة ، سنظل على قدر كبير من المسئولية ندافع عن حياض الوطن بكل شجاعة وبسالة ، وسيظل الشهداء الأكرم منا جميعاً رمزاً للكبرياء والعزة والكرامة ” انتهت مشاعر المرأة النبيلة وأنا أشكرها وأقول: نسأل الله تعالى الرحمة للشهداء والشفاء للجرحى والحرية للأسرى.. والله من وراء القصد..