التشدد المذهبي .. “غرق” في مستنقع التطرف..

,الظاهري: المذاهب تضعف الولاء الوطني
,خميس: التشدد المذهبي أوجد التطرف والإرهاب والفتن
,كمال: الإسلام رفض التعصب والتشدد في الدين وأعلى من شأن التسامح والقبول بالآخر
,االأهدل: التشدد مخطط غربي ينفذه مسلمون بالداخل

ارتكز المنهج القرآني في سبيل دعوته على عدم التشدد والحوار بالموعظة الحسنه وهذا ما أكده قول الرسول الكريم صلى لله عليه وسلم في النهي عن التشدد الديني: “إياكم والغلو في الدين” بمعنى احذروا التشدد في الدين وما نرى في بلادنا وسائر البلدان الأخرى من كثره الفتن وسفك الدماء وإذكاء النعرات الطائفية والاتباع الأعمى للفتاوى المغلوطة إلا دليل قاطع على التعصب المذهبي وعدم القبول بالآخر.. وفي هذا الاستطلاع التعصب المذهبي وآثاره وأسبابه ونتائجه وحكم الشريعة الإسلامية فيه..
في البداية يقول مدير عام أوقاف محافظة صنعاء للتوجيه والإرشاد صالح خميس: إن بلادنا تمر بمرحلة خطيرة ظهرت فيها الفتن وهبت معها رياح النعرات الطائفية والقبلية.. وأرجع أسباب ذلك إلى التشدد الديني والذي تولد منه التطرف والتعصب والإرهاب المصطنع والمستورد تحت حجج واهية وتفسيرات مغلوطة وتفكير قاصر ومبررات ما أنزل الله بها من سلطان والغرض من ذلك إثبات الحق –حسب زعمهم- وصولا إلى تولي السلطة في الإسلام أمام العالم.

مخاطر على السلم الاجتماعي

نائب رئيس أكاديمية الشرطة العميد الدكتور مسعد ضيف الله الظاهري يقول: إن التعصب مرض موجود في جميع المجتمعات وتتوقف درجه خطورته على مدى تأثير القادة وحجم الدائرة ونفوذ الأتباع فكلما زاد حجم المتعصبين مذهبيا زاد الخطر على الاستقرار السياسي والأمني والسلم الاجتماعي خاصة عندما يشتد الاستقطاب السياسي على أساس مذهبي والذي يتعارض مع المواطنة المتساوية والولاء الوطني.
هدف غربي
وأضاف الظاهري: إن الدول الاستعمارية استعملت سلاح التعصب المذهبي والتقسيم الطائفي لضرب الوحدة الوطنية والقومية داخل البلاد لكي يسهل عليها السيطرة على مصير وخيرات تلك البلدان ومن اللافت للنظر أن حركه التحرر الوطني التي شهدتها بلدان العالم الثالث ومنها الدول العربية تمكنت من رص الصفوف وتعزيز الولاء الوطني وقمع التعصبات المذهبية ولكن للأسف أن التعصب المذهبي عاد للظهور بقوة في مطلع القرن الواحد والعشرين في كثير من الدول في وقت تظن فيه أن المرض رحل لكن ما ساعد على ذلك هو ضعف الدولة والذي أدى إلى زيادة نفوذ أنصار التعصب المذهبي الذي تجد فيه الدول الغربية الجديدة كسياسة سندا لمشاريعها وزيادة تأثيرها بهدف توسيع نفوذها في صنع القرار السياسي والضبط الاجتماعي وفي بلادنا بعدما توارى نفوذ الدولة لصالح القبيلة والجماعات الدينية أصبح هناك صراع ذو طابع عسكري بين قوى الإسلام السياسي على تعدد مشاربها يقاس بجلاء حجم التعصب الذي أصبح أمرا يثير القلق.
غزو فكري
وفي السياق ذاته يقول دكتور الثقافة الإسلامية بجامعه صنعاء حسن الأهدل:
ما يحدث في بلادنا من حصد للأرواح وإخلال الأمن والاستقرار وتمزق الأمة تحت شعارات ومسميات دخيلة على مجتمعنا اليمني, وكذا أفكار حزبية جاءت من الغرب كالغزو الفكري والثقافي وعن طريق الجماعات المتأسلمة التي ظهرت حديثاٍ وليس لها أصول فقهية.. تهدف إلى إضعاف الإسلام وبمساندة من قبل الخارج مقابل الحصول على خيرات العرب وأنا شخصياٍ مع كل المذاهب التي اجتهد العلماء فيها سابقا من الكتاب والسنة لخدمة الإسلام والناس وليس من يدعون أنفسهم علماء للحصول على السلطة.
أما أستاذ العلوم السياسية بجامعه صنعاء علي العثربي فقد أشار إلى أن التطرف والتشدد المذهبي سببه ما يحدث من صراع وتشتت ونزاع للأمه الإسلامية والمجتمع الواحد لأنه يقوم على ثقافة الكراهية والانفراد بالرأي وعدم قبول الآخر ويعد ذلك محاربة للدين الإسلامي وهروبا منه فديننا عقيدة وفكرا يدعو إلى المحبة والتسامح والإخاء والسلام وليس للقتل والإرهاب وسفك الدماء كما تفعله بعض الجماعات الإسلامية الحديثة النزاعة إلى العنف والإرهاب.

من جهته يقول المرشد الديني عبد الكريم عاطف:
إن ما يحصل اليوم من تمزق للمسلمين والإسلام وقتل فيما بينهم يعود سببه إلى الجهل والمؤامرات الخارجية, التي ينفذها المتشددون والتابعون للمذاهب بفتاوى من مرجعياتهم فيقوم كل مذهب بتكفير الاآخر وعدم القبول بالمذاهب الأخرى.. مشدداٍ على ضرورة توحد المسلمين ورفع راية الإسلام عالية أمام أعدائه والبعد عن كل ما يؤدي إلى الشتات والفرقة.
دور المساجد
وفي السياق ذاته دعا مدير إدارة مكتب التوجيه والإرشاد بمكتب أوقاف محافظة صنعاء إبراهيم البركاني كافة الخطباء والمرشدين إلى أن يتحملوا الأمانة الملقاة على عاتقهم وهي الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة وأن يستشعروا أنهم ينوبون عن الله ورسوله في أقوالهم الذي جعل الدعوة خالصه له وأن لا يسخروا الدعوة الإسلامية للمصالح الشخصية أو المذهبية لأن الناس ينظرون إليهم أنهم المبلغون عن الله والقائمون بشرعه لقول رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم (بلغوا عني ولو أية) وقوله (العلماء ورثة الأنبياء) والإرث يكمن في الدعوة الإسلامية يكمن في ما ورثه العلماء من الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.
وقال: المطلوب أن يدعو الخطباء والمرشدون إلى الله في المساجد على أكمل وجه لقوله تعالى (إن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا).. مشدداٍ على ضرورة أن تكون دعوتهم للتسامح والمحبة والوئام وتوفير سبل الحياة للناس من منظور الشرع والوجهة الصحيحة للدين كي لا يكونوا دعاة للعصبية والمذهبية والطائفية التي أصابت الأمة بالانشقاق وزرعت فيما بينهم الأحقاد وغرست ثقافة الكراهية بدلاٍ عن التسامح و الإخاء.
أسباب التشدد
وأرجع مدير أوقاف صنعاء أسباب التشدد الديني إلى ضعف الثقافة الدينية لدى المجتمعات وغياب ثقافة الحوار التي حلت مكانها ثقافة الاتباع الأعمى والأصم لأقوال وأفعال أشخاص ومرجعيات دينية وهي في الأصل دنيوية وكذا نشر ثقافة الكراهية بالإضافة إلى ضعف الجانب الأمني وتفشي ظاهرة الظلم وظهور طبقات الترف وضعف السلطة وكلها أسباب أدت إلى بروز ظاهر التشدد…..
نظام الشريعة
ويعود صالح خميس مجدداٍ ليقول: إن نظام الشريعة الإسلامية بعمومه وتفاصيله ومحكمه ومتشابهه وأوامره ونواهيه وحلاله وحرامه يرفض التشدد في الدين ولذلك سمى الله أمتنا بأمة الوسط لقوله (وكذلك جعلناكم أمة وسطا) وقوله (لا تغلوا في دينكم) أي لا تتجاوزا الحد بالمبالغة والتشدد وقول الرسول الكريم (إياكم والغلو في الدين).

التفكر في الشعائر
فيما لفت عضو بعثه الأزهر باليمن الشيخ مصطفى كمال إلى أن الإسلام رفض التعصب المذهبي لقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم “إن الدين يسر” وأمر الناس أن يبشروا ولا ينفروا وأن ييسروا ولا يعسروا.. مضيفاٍ أن الاسلام جاء لوحدة المجتمع فيجب أن ننظر إليه على أنه كتلة لا تتجزأ.. داعياٍ إلى ترك العصبية والتفكر في الصلاة والشعائر الدينية وفريضة الحج لأننا لو تفكرنا في ذلك لوجدنا دليلا كافيا على أن الوحدة هي أساس الأمه الإسلامية وأن العصبية المذهبية تعمل على تمزيق الإسلام وتجزئته وهذا مخالف لقوله الكريم “إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون” وقوله في التعصب “هلك (المتبقعون) فقيل ما المتبقعون يا رسول الله¿ فقال الذين يتشددون في غير مواضعه.

قد يعجبك ايضا