قمة كوالالمبور الإسلامية ومنظمة جدة السعودية
عبدالفتاح علي البنوس
أكثر من 20دولة إسلامية عقدت قمة في العاصمة الماليزية كوالالمبور بدعوة من الحكومة الماليزية ممثلة برئيسها مهاتير محمد وذلك بهدف مناقشة القضايا والملفات الساخنة في الساحة الإسلامية ، بغية التوصل إلى أرضية مناسبة تمهد للوصول إلى حلول جذرية لهذه القضايا والملفات التي تحولت معها العديد من الدول الإسلامية إلى ساحات للصراعات والحروب والفتن والأزمات المتعددة الأشكال والأوجه ، والتي يقف خلفها الكيان السعودي والصهيونية العالمية التي تعمل على إذكاء الفتن المذهبية والطائفية وتشويه صورة الإسلام والمسلمين وتمكين أعداء الأمة من الفتك بالإسلام والمسلمين والتسلط على رقابهم والاستيلاء على ثرواتهم والهيمنة على مقدراتهم والتحكم في كل شؤونهم.
القمة الإسلامية الماليزية حظيت بارتياح شعبي واسع في الشارع الإسلامي ، باعتبارها القمة الإسلامية الأولى التي تعقد بمعزل عن الوصاية والمشاركة السعودية ، التي ظلت هي المهيمنة على القرار الإسلامي من خلال سيطرتها المطلقة على ما يسمى بمنظمة المؤتمر الإسلامي التي تتخذ من مدينة جدة السعودية مقرا لها ، حيث تحولت هذه المنظمة إلى نسخة مماثلة لما يسمى بالجامعة العربية ، تسبح بحمد آل سعود ، وتأتمر بأمرهم ، وتتبنى توجهاتهم وتنفذ سياستهم وتشرعن لمشاريعهم التدميرية الإجرامية التي تستهدف الأمة في دينها وقيمها ومبادئها ووحدتها خدمة للصهيونية ومشاريعها الإجرامية وأفكارها الهدامة.
ظهر الارتياح على المشاركين في القمة لغياب الشر المستطير والسرطان الذي ينخر في جسد الأمتين العربية والإسلامية ، وبدت الرغبة واضحة على محياهم في توحيد الجهود الإسلامية وتكاتفها من أجل العودة إلى كتاب الله والتخندق خلف الرسالة المحمدية الزاهية البهية ، رسالة السلام والمحبة والاعتدال والوسطية ، الخالية من كافة أشكال التطرف والتزمت والتشدد والغلو ، والعمل على وضع حد للحروب والصراعات والفتن والأزمات التي تعصف ببلاد المسلمين ، وايقاف نزيف الدم المسلم ، والتفرغ لمواجهة المؤامرات والمشاريع العدائية التي يسعى الأعداء لتنفيذها بأموال وثروات المسلمين ، وبأدوات محسوبة زورا وبهتانا على الإسلام وهم من الإسلام أبعد كل البعد.
آل سعود أبدوا غضبهم تجاه ماليزيا وقمتها الإسلامية ، ومن المتوقع أن ترد على هذه الخطوة بالقيام بأعمال عدائية ضد ماليزيا والحكومة الماليزية ، من خلال دعم الحركات المعارضة والتأليب ضد النظام ، تماما كما عملت في كثير من البلدان العربية والإسلامية ، فآل سعود يظنون بأنهم من يمثل الإسلام لمجرد أنهم يشرفون على إدارة شؤون الحرمين الشريفين ، يدعون بأنهم الأوصياء على الدين ، وهم الخطر الذي يتهدد الدين ، والعدو اللدود المتربص بالإسلام والمسلمين ، يريدون أن يظل الإسلام مرتبطا بهم من خلال هيمنتهم على ما يسمى بمنظمة المؤتمر الإسلامي ، هذه المنظمة التي باتت تمثل مصدرا للخطر والضرر على الإسلام والمسلمين ، المنظمة التي تعكف جاهدة على إيجاد المبررات للشرعنة للتطبيع مع الكيان الصهيوني والاعتراف بما يسمى بدولة إسرائيل والقضاء على القضية الفلسطينية التي تمثل قضية العرب المصيرية التي لا يمكن المساس بها أو التفريط فيها تحت أي ظرف أو مبرر كان.
بالمختصر المفيد ،قمة كوالالمبور الإسلامية ضربة موجعة للكيان السعودي ولما يسمى بمنظمة المؤتمر الإسلامي ، وهي بإذن الله بداية لتحرر القرار الإسلامي من الوصاية والهيمنة السعودية ، ولفت أنظار المسلمين إلى ضرورة الاعتصام بحبل الله ، والابتعاد عن كل أسباب الخلافات والمناكفات ، والعمل على وحدة الصف الإسلامي ، ونبذ كل ما يؤدي إلى الفتن والصراعات ، والوقوف في وجه كل من يحاول ضرب الإسلام من داخله ، تحت أي يافطة أو عنوان ، وتجديد الموقف الإسلامي الثابت تجاه القضية الفلسطينية ، ورفض أي خطوات تتجه نحو التطبيع مع الكيان الإسرائيلي ، والتمسك بحق الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله وسلم.