ليس من قبيل المجاملة أو الدبلوماسية أن يتفق فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين¡ في وصفهما للعلاقات “اليمنية- الروسية” بأنها علاقات تاريخية استطاعت أن تنسج لنفسها مكانة متميزة ومتطورة في مختلف المراحل باعتبار أن ما عبرا عنه كان ينطلق من حقيقة لا يستطيع أي أحد نكرانها.
إذ أن العلاقات بين البلدين قد اكتسبت ديمومتها على مدى ثمانين عاما◌ٍ وظلت محافظة على حيويتها في كل المراحل ودون أن تتأثر أو تتغير بمتغيرات الأحداث والتطورات التي مر بها البلدان¡ لكونها تستند إلى ثوابت راسخة وتستمد تجددها من روح الصداقة بين الشعبين الصديقين اللذين حرصا على تأطير علاقاتهما بالاحترام المتبادل وجسور الثقة والتفاهم وتبادل المنافع والمصالح المشتركة.
وفي إطار هذه الخصوصية¡ تأتي زيارة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح لموسكو ومباحثاته مع القيادة الروسية مشفوعة بالرغبة المشتركة لكلا البلدين في الانتقال بهذه العلاقات إلى فضاءات أرحب من التعاون الاقتصادي والإنمائي وتحفيز الاستثمارات الروسية على الاستفادة من المزايا والتسهيلات التي يوفرها قانون الاستثمار في اليمن للمستثمرين في مختلف المجالات وخاصة في قطاعات النفط والمعادن والطاقة التي تعد قطاعات اقتصادية واعدة في اليمن.
وما ينبغي استيعابه وفهمه أن ما تهدف إليه القيادة السياسية في كل تحركاتها ومساعيها وتواصلها مع الأشقاء والأصدقاء ليس سوى خدمة المصالح العليا للوطن وتعزيز مسارات التنمية من خلال إكسابها المزيد من الروافد الجديدة لقناعتها أن ذلك لن يتأتى إلا من خلال توسيع الشراكة مع الجميع والحصول على الدعم والمساندة لخطط وبرامج البناء¡ خاصة في ظل محدودية موارد اليمن المادية واتساع احتياجاته التنموية.
ولعل هذا ما يفسر استشعار اليمن لأهمية الانفتاح على العالم ومحيطه الإقليمي والعربي على قاعدة تبادل المصالح والمنافع خاصة في ظل الإحساس العميق بأن اليمن لم يعد منعزلا◌ٍ عن عالمه¡ فهو اليوم يؤثر فيه ويتأثر به¡ بعد أن صار هذا العالم أشبه بقرية كونية واحدة.
وما من شك أن الذين يستكثرون على وطنهم نجاحاته الدبلوماسية ومثابرته في أن يتبوأ المكانة الرفيعة التي تليق بعمقه التاريخي والحضاري والتي برزت في إسهاماته الإيجابية على صعيد الارتقاء بأوضاع أمته العربية والإسلامية¡ وكذا حضوره المشرف في المحافل الدولية كاستحقاق لما يقدمه ويطرحه من رؤى عقلانية متزنة إزاء مختلف القضايا¡ ومشاركته الفاعلة في تكريس عوامل الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي¡ إنما هم الذين لا يدركون حقيقة أن اليمن قد كبر بكبر إنجازه الوحدوي العظيم الذي صنعه أبناؤه في الثاني والعشرين من مايو عام 1990م¡ وأن اليمن صار رقما◌ٍ مهما◌ٍ في المعادلة الإقليمية والدولية¡ ولم يعد بإمكان أولئك الأقزام الذين يحاولون تشويه صورته وسمعته من خلال تصرفاتهم اللامسؤولة وأعمالهم الطائشة¡ تقزيم هذا الوطن أو المساس بمكانته أو عرقلة مشروعه الوطني الوحدوي والديمقراطي والنهضوي.
ومن مصلحة هؤلاء الصغار الذين ما يزالون مشدودين إلى ثقافة الماضي وموروثاته البالية¡ أن يكبروا بكبر هذا الوطن¡ وأن يستوعبوا أن الزمن قد تغير¡ وأن عقارب الساعة لا تعود إلى الوراء¡ وأن محاولاتهم المحمومة للتشويش على هذا الوطن ليست أكثر من محاولات بائسة محكوم عليها سلفا◌ٍ بالفشل الذريع.
بل إن الأجدى لأولئك الذين يراهنون على الخارج لدعم مشاريعهم الصغيرة والوضيعة¡ أن يعلموا علم اليقين أن علاقات اليمن الخارجية بكل أشقائه وأصدقائه تحكمها قواعد صلبة وأساس متين لا يمكن له أن يتأثر بهرطقات غبية وفرقعات صوتية وفقاعات صابونية لا يكاد يخلو منها بلد غير أن بعضها ينضج ويعقل والبعض يظل على غيه ويبقى صغيرا◌ٍ إلى أن يطويه الزمن ويسقط في مزبلة التاريخ غير مأسوف عليه..
وفي التاريخ لهؤلاء عبرة لمن يعتبر وموعظة لمن يتعظ.
Prev Post
Next Post
قد يعجبك ايضا