المهرولون.. والأشرار!! 

على الرغم من أن الجميع في الوطن يعلمون حقيقة الموقف المتعنت لأحزاب اللقاء المشترك من الدعوة التي أطلقها فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية عشية العيد الوطني العشرين للجمهورية اليمنية لكافة القوى السياسية إلى حوار وطني شامل لمناقشة كافة القضايا التي تهم الوطن وأن تلك الأحزاب سعت ومنذ اللحظة الأولى إلى الالتفاف على تلك الدعوة بالشروط التعجيزية والمطالب غير الواقعية التي تتعارض مع الدستور والقانون وواجبات وحقوق المواطنة ومفاهيم العمل السياسي والتقاليد الحزبية والأسس الديمقراطية المتعارف عليها.. ومن تلك الشروط التعجيزية التي جعلت منها أحزاب المشترك مرتكزاٍ للقبول بالحوار إطلاق سراح كل المعتقلين سواء كانوا من عناصر التمرد في صعدة أو العناصر الانفصالية التخريبية في بعض المديريات أو العناصر الإرهابية من تنظيم القاعدة. الذين مارسوا أعمال القتل والتخريب والإرهاب ومن ذلك معتقلون ارتكبوا جرائم جنائية وتحت لافتة أن هؤلاء جميعاٍ معتقلون سياسيون وأصحاب رأي وقد سعت القيادة السياسية إلى التعاطي مع هذه الحالة بروح المسؤولية الوطنية حرصاٍ منها على إسقاط كل الذرائع والحجج التي يمكن أن تحول دون التئام الحوار حيث تم بالفعل إطلاق سراح كل المحتجزين على ذمة قضايا تتصل بالحق العام.
ممن لم يرتكبوا قضايا جنائية ولم تصدر بحقهم أحكام قضائية سواء كانوا من العناصر التي أشعلت الفتنة بمحافظة صعدة أو مثيري الشغب وأعمال التخريب في بعض مديريات المحافظات الجنوبية فضلاٍ عن الصحفيين المحتجزين على ذمة قضايا نشر.
إلا أنه وبدلاٍ من أن تثمن أحزاب المشترك وتعبر عن تقديرها لتلك المبادرة الوطنية للقيادة السياسية فقد قابلت ذلك برفع سقف مطالبها التعجيزية مشترطة إطلاق كل السجناء.
وتجاه هذا المطلب الغريب والمريب تم استفسار هذه الأحزاب عمن يطالبون بالإفراج عنهم من السياسيين وإلى أي أحزاب ينتمون هل للاشتراكي أم للاصلاح أم للبعث أم للناصري أم غيرها من الأحزاب¿ ليأتي الرد صادماٍ ومستفزاٍ لكل من يمتلك ذرة من عقل أو صحوة من ضمير حيث اتضح أن تلك الأحزاب لم تعد تميز بين السياسي والمجرم وبين من يمارس حقه الديمقراطي عن طريق التعبير السلمي وبين القتلة والإرهابيين والمخربين واللصوص وقطاع الطرق الذين تورطوا في استباحة دماء مواطنين أبرياء ونهب ممتلكات عامة وخاصة واقترفوا جرائم التقطع والاغتيالات وتفجير بعض المرافق العامة والخاصة وأدينوا بأعمال الإرهاب رغم علمهم باستحالة إقدام أي حكومة وطنية تحترم الدستور واستقلالية القضاء على مثل هذه الخطوة باعتبار أن مجرد التجاوب مع هذا المطلب إنما يعني شرعنة الفوضى والتخريب والإرهاب وتكريس شريعة الغاب بدلاٍ عن الأنظمة والقوانين والدستور الذي يمثل العقد الاجتماعي الناظم لحياة المجتمع وعلاقات المواطنين وحقوق وواجبات المواطنة.
وما يثير الأسى والأسف أن هذه الأحزاب قد استمرأت عادة التخفي وراء أجندات مشبوهة وشعارات فضفاضة يغلب عليها طابع الضبابية والرغبة في الكيد السياسي ليس إلا معتقدة أنها بهذه الضبابية ستتمكن من خداع الناس وتضليل عقولهم وتزييف وعيهم دون إدراك منها أن الحقيقة تظل ساطعة وجلية وواضحة ولا يمكن لها أن تتوه وسط الأكاذيب والافتراءات ودعاوى الخداع والمكر السيئ الذي “لايحيق إلا بأهله”.
ولو كانت هذه الأحزاب تملك منطقاٍ أو حجة لصارحت الناس بأسماء السياسيين الذين تطالب بالإفراج عنهم بدلاٍ من أن تطلق هذه الصفة على المجرمين القتلة والإرهابيين والمخربين واللصوص وقطاع الطرق وأن تهرب إلى دهاليز التخفي في دفاعها عن هذه العناصر المدموغة بالإجرام بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى.
ومهما أنكرت هذه الأحزاب ما صارت توصم به أكان ذلك بتماهيها مع من أشعلوا الفتنة في صعدة أو تلك العناصر الانفصالية والتخريبية أو العناصر الإرهابية من تنظيم القاعدة فإنها لا تستطيع أن تبرئ نفسها من ذلك المسلك الذي سلكته وهي تهرول إلى أحضان عناصر الشر وأدوات التخريب والإجرام والإرهاب وتقيم معها التحالفات المخفية والمكشوفة حتى وصل بها الحال إلى ربط الحوار بإخلاء سبيل الآثمين الذين ألحقوا الضرر البالغ بمصالح الوطن واقتصاده وهي تظن أنها بذلك سوف تحقق مكاسب لنفسها أو أنها سوف تلحق الأذى بالنظام مع أنها لا تلحق ذلك الأذى إلا بالوطن.
لقد اتضحت الحقائق وتكشفت فصولها للناس ولم يعد بوسع هذه الأحزاب ومن يتحكمون بمصائرها وتوجهاتها إقناع أحد بنزاهة مواقفهم فمن يستقوي على الوطن بالأشرار واللصوص والمجرمين والقتلة والإرهابيين ويستخدمهم لزعزعة الأمن والاستقرار وإقلاق السكينة العامة وإذكاء الفتن والأحقاد والبغضاء بين أبناء الوطن الواحد وإشاعة الخراب والدمار والفوضى لايمكن أن يكون سياسياٍ أو يعرف أبجديات السياسة بل أن من يرتمي في أحضان مثل هذه العناصر الإجرامية لا يمكن أن تكون له رؤية سياسية أو فكرية تدله على الحلول الوطنية الصائبة. حيث وأن ما يستنتج من هذه التصرفات لا ينم سوى عن جهالة وسذاجة وغباء منقطع النظير بل أن من يقدم على هذه الخطوات ويسعى إلى استخدام كل الوسائل غير المشروعة لعرقلة وتعطيل مسيرة البناء الوطني من الصعب أن يكون معافى في عقله وسليماٍ في تفكيره ومتزناٍ في ذهنه وحواسه كما أن من يحاول إخفاء الحقائق الساطعة بالإنكار أو تزييف الوعي والتضليل لا يمكن أن ينكر وجود تلك الحقائق التي يستطيع الناس إدراكها بسهولة عبر ما يمارس في الواقع من أفعال لا ما يتم ترديده من أقوال زائفة.
وإن من يلجأون اليوم إلى هذه الأساليب إنما ينحدرون بامتياز في مهاوي الضياع والسقوط النهائي خارج التاريخ وسيندمون حتماٍ حين لا ينفع الندم.

قد يعجبك ايضا