غريفيث بين إنقاذ السعودية والتآمر على اليمن
عبدالفتاح علي البنوس
لم يجف حبر البيان الختامي للقمة الخليجية بعد ، والذي تضمن الرفض غير المعلن لمبادرة السلام الرئاسية التي أعلنها الرئيس مهدي المشاط ، والتي مثلت اختبارا لصبر القوى الوطنية على الغطرسة السعودية والإماراتية والإصرار على التصعيد والتأزيم ، والتعاطي بسلبية مفرطة مع مبادرة السلام الوطنية التي جاءت من باب الحرص على حقن الدماء وتحقيق السلام وايقاف العدوان ورفع الحصار ، حيث اعتبرت القوى الوطنية ما صدر عن القمة الخليجية بمثابة الإعلان عن المضي في خيار الحرب واستمرارية العدوان والحصار ، وأنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام الخروقات والاعتداءات اليومية التي ترتكبها قوى العدوان ، وأن الصبر اليمني لن يطول ، وعليهم أن يتحملوا تبعات إنهاء الهدنة الأحادية الجانب ، حتى سارع المبعوث الأممي مارتن غريفيث إلى القيام بزيارة للعاصمة صنعاء التقى خلالها بقائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي والرئيس مهدي المشاط بهدف مناقشة آخر المستجدات في الساحة المحلية وسبل معالجة الملفات والقضايا العالقة وفي مقدمتها ملف الحديدة والملف الاقتصادي والعدوان والحصار والتداعيات المترتبة عليها حيث كشفت زيارة غريفيث عن طبيعة المهمة التي جاء من أجلها والتي تصب في خدمة ومصلحة السعودية في المقام الأول ، فيبدو أن المبعوث المنعوث جاء لتخفيف حدة الحنق والغضب الرسمي والشعبي اليمني على الإعراض والتجاهل السعودي لمبادرة السلام ، بالحديث عن إمكانية تحقيق السلام ، وضرورة منح الأمم المتحدة الوقت الكافي لتقريب وجهات النظر والوصول إلى أرضية مناسبة لتنفيذ اتفاق السويد ووضع نهاية لمعاناة المواطنين جراء العدوان والحصار وقطع المرتبات ، والذهاب للإشادة بالمبادرة الوطنية الخاصة بتخصيص إيرادات موانئ الحديدة لحساب المرتبات طرف البنك المركزي في الحديدة تنفيذا لمضامين اتفاق السويد الخاص بالجانب الاقتصادي.. غريفيث يريد أن يمتص الغضب اليمني ، للحليولة دون قيام الجيش واللجان الشعبية بالرد على الخروقات والاعتداءات التي يقوم بها العدو السعودي ومرتزقته في الجبهات الحدودية والحديدة ، حيث يخشى السعودي والإماراتي من ردة فعل الجيش واللجان على جرائمهما وانتهاكاتهما السافرة ، فسارعا لإرسال غريفيث بغية اللعب على ورقة الوقت لإطالة أمد الأزمة ، في الوقت الذي يواصل العدوان ومرتزقته التحشيد والتصعيد وارتكاب المزيد من الخروقات والجرائم دون أن يكون لغريفيث أي دور في هذا الجانب ، وكأنه متخصص في تخدير القوى الوطنية فقط ؟!! يشيد بمبادرة القيادة بشأن مرتبات الموظفين ، لكنه لا يلعب أي دور لإلزام الطرف الآخر بتنفيذ ذات المبادرة لإنهاء معاناة الموظفين والشروع في صرف المرتبات إحاطاته الأممية لا تتسم بالمصداقية والشفافية ، ولو كان صادقا لأطلع مجلس الأمن على استمرار الغارات السعودية على الأراضي اليمنية ، وتحليق طيران العدوان المكثف في سماء العاصمة صنعاء بالتزامن مع زيارته إلى العاصمة صنعاء ، ولكنه يراوغ ويداهن ، وينحاز في كثير من المواقف ، ويتعمد تجاهل بعضها الآخر ، تبعا للتوجيهات والمصالح الأمريكية ، وتماشيا مع الرغبة السعودية ، التي باتت المسيِّرة له ، والمتحكمة في مضامين إحاطاته المشبعة بالصبغة السعودية .
مارتن غريفيث يغدو ويروح ، وخلاصة ما خلصت إليه زياراته المتكررة الحرص على إنقاذ السعودية والإمارات وتفادي تعرضهما للضربات الحيدرية اليمانية المسددة ، مقابل منح قوى العدوان ومرتزقتهم المزيد من الوقت لتحقيق أي تقدم أو انجاز يذكر هنا أو هناك ، ولذلك لم يعد الشارع اليمني يكترث لزياراته ولم يعد يعول على تحركاته العقيمة ، فمن يعجز عن فتح مطار صنعاء أمام الحالات المرضية الحرجة ، ويقف متفرجا على معاناة أكثر من مليون موظف قطع العدوان ومرتزقته مرتباتهم منذ أكثر من عامين ونصف ، من المستحيل أن يوقف حربا ، أو يرفع حصارا ، ما دام سعوديا أكثر من السعوديين أنفسهم !!!