بعد عام من اتفاق السويد.. رواتب الموظفين تنتظر التزام المرتزقة بتوريد إيرادات النفط والغاز إلى حساب المرتبات في الحديدة
المليارات من قيمة الصادرات النفطية والغازية تتحول إلى أرصدة في حسابات كبار المرتزقة والعملاء
تجاوزت حكومة الإنقاذ الوطني عن المهلة المحددة لتجاوب تحالف العدوان وحكومة مرتزقة الرياض مع مبادرة المجلس السياسي الخاصة بمرتبات موظفي الجمهورية، عبر إعلان اللجنة الاقتصادية العليا بالعاصمة صنعاء إيداع إيرادات موانئ الحديدة في حساب المرتبات لدى فرع البنك المركزي في الحديدة، للشهر الرابع على التوالي. في تمديد غير معلن، أرجعته مصادر حكومية إلى «حرص المجلس السياسي والحكومة على معالجة أزمة المرتبات وإنهاء معاناة الملايين».
وأكدت المصادر الحكومية نفسها لـ « الثورة» أن اللجنة الاقتصادية في صنعاء، «أثبتت مجددا التزام تنفيذ اتفاق السويد بإعلانها إيداع إيرادات موانئ الحديدة لشهر نوفمبر بحساب المرتبات، وبرهنت جدية المجلس السياسي الأعلى في السعي لحل أزمة مرتبات نحو 70 % من موظفي الدولة يعيلون نحو 10 ملايين يمني»، أوقفت صرفها حكومة مرتزقة الرياض منذ إعلان الفار هادي في سبتمبر 2016م أن «نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن كفيل بحسم الحرب في 6 أشهر».مجاهرا باتخاذ المرتبات سلاح حرب.الثورة / إبراهيم يحيى
ويتزامن التزام صنعاء بتنفيذ اتفاق السويد في جانب توريد عائدات موانئ الحديدة إلى حساب بنكي خاص بمرتبات موظفي الجمهورية، مع إصرار الطرف الآخر على رفض توريد باقي مبلغ المرتبات، وإحجام الأمم المتحدة عن ممارسة الضغط لإلزامه بتنفيذ التزاماته في اتفاق السويد، وتوريد باقي مبلغ المرتبات من إيرادات النفط والغاز وجمارك المنافذ الجوية والبرية والبحرية التي يسيطر عليها، والكف عن اتخاذ مرتبات الموظفين سلاح حرب وأداة عقاب جماعي لابتزاز اليمنيين.
ويكشف تواصل الالتزام بإيداع إيرادات الرسوم الضريبية والجمركية لموانئ الحديدة ورأس عيسى والصليف بحساب مرتبات موظفي الدولة للشهر الرابع على التوالي، حقائق عدة، يسردها مراقبون يرون أنها «تدحض جميع ادعاءات واتهامات تحالف العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي وحكومة مرتزقة الرياض التي يسوقونها في سعيهم المستمر تبرير عدوانهم وحصارهم واستماتتهم في محاولات غزو محافظة الحديدة واحتلالها والسيطرة على موانئها».
تأكيد شفافية
اللجنة الاقتصادية العليا في العاصمة صنعاء، جددت تأكيد التزامها الشفافية وأعلنت حجم إيرادات موانئ الحديدة لشهر نوفمبر وإيداعها بحساب مرتبات الموظفين في «مركزي» الحديدة،» استعدادها الكامل لتنفيذ أي آليات إشرافية للأمم المتحدة بموجب اتفاق ستوكهولم في الجانب الاقتصادي، لصرف مرتبات جميع موظفي الجمهورية اليمنية وإنهاء معاناتهم التي طالت لأكثر من 3 أعوام نتيجة استحواذ الطرف الآخر على ثروات الوطن وتبديدها دون وجه حق».
وقالت اللجنة الاقتصادية العليا في بيانها، تلقت «الثورة» نسخة منه، إن «إيرادات الرسوم الجمركية والضريبية لسفن المشتقات النفطية خلال شهر نوفمبر بلغت 6,212,231,986 ريالا أودعت في الحساب الخاص بمبادرة المرتبات، ليصبح إجمالي الإيرادات المُوردة إلى حساب المرتبات في البنك المركزي اليمني بمحافظة الحديدة حتى تاريخ 30 نوفمبر 11,863,474,243 ريالا».
اللجنة الاقتصادية، رحبت بزيارة مكتب مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى فرع البنك المركزي في الحديدة بوصفها «تأتي في إطار الدور الرقابي والإشرافي المفترض للأمم المتحدة، والذي لطالما دعونا إليه في أكثر من بيان إلى سرعة تطبيقه على أرض الواقع». لكنها جددت دعوة الأمم المتحدة إلى «الجدية في أداء واجبها وإلزام الطرف الآخر تنفيذ التزاماته وتوريد مبلغ العجز بين إجمالي كلفة الرواتب والرصيد المُجمّع في حساب المرتبات».
ويعد هذا الإعلان، الثاني على التوالي، بعد إعلان اللجنة الاقتصادية مطلع نوفمبر الماضي «إيداع إيرادات الرسوم الضريبية والجمركية لسفن المشتقات النفطية لشهري أغسطس (6,721,629,693 ريالا) وسبتمبر 2019 (8,287,878,417 ريالا) في حساب مبادرة المرتبات بفرع البنك المركزي اليمني في الحديدة بإشراف وعلم الأمم المتحدة، واستخدام وزارة المالية هذه المبالغ للمساهمة في صرف نصف راتب لموظفي الدولة بداية نوفمبر».
كما أعلنت اللجنة في البيان نفسه «إيداع إيرادات الرسوم الجمركية والضريبية لسفن المشتقات النفطية لشهر أكتوبر مبلغ (5,651,242,257 ريالاً) في حساب مبادرة المرتبات». وأكدت «لا يزال المبلغ في الحساب، ويُضاف إليه توريدات شهر نوفمبر التي سيتم الإعلان عنها في بيان نهاية الشهر استمرارا لمبدأ الشفافية وكي يظل أبناء الشعب مطلعين على آخر المستجدات». منوهة بـ «إبلاغ الأمم المتحدة بالإيرادات الموردة للحساب أولا فأول».
وفي حين دعت اللجنة الأمم المتحدة إلى «القيام بواجباتها وإلزام الطرف الآخر تنفيذ التزاماته في اتفاق السويد بتوريد مبلغ العجز بين إجمالي الرواتب والرصيد المُجمع في حساب المرتبات»؛ أكدت «جهوزيتها لتنفيذ أي آليات تشرف عليها الأمم المتحدة يتم عبرها صرف مرتبات جميع موظفي الجمهورية الذين طالت معاناتهم لأكثر من 3 أعوام، ومؤخراً تفاقمت معاناة موظفي المحافظات المُحتلة الذين نُهبت مرتباتهم وحُرموا منها منذ 4 أشهر».
إثبات جدية
يرتكز إيداع إيرادات موانئ الحديدة لحساب مرتبات موظفي الدولة على إعلان المجلس السياسي الأعلى مطلع يوليو الماضي مبادرته الخاصة بضمان دفع المرتبات بصورة مستمرة بناءً على تفاهمات السويد، التي نصت على أن «تودع جميع إيرادات موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى في البنك المركزي اليمني من خلال فرعه الموجود في الحديدة للمساهمة في دفع مرتبات موظفي الخدمة المدنية في محافظة الحديدة وجميع أنحاء اليمن».
وقد نفذ المجلس السياسي وحكومة الإنقاذ هذا البند بفتح حساب للمرتبات في فرع البنك المركزي بالحديدة، بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 49 الصادر نهاية يوليو الماضي، والقاضي بأن «تتولى وزارة المالية مخاطبة البنك المركزي اليمني بفتح حساب خاص في فرع البنك المركزي بمحافظة الحديدة، يسمى: الحساب الخاص بمبادرة المرتبات، وتورد إليه كافة إيرادات موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى – إن رفع الحصار عنه- ”.
شرط تنفيذي أخر تضمنه قرار مجلس الوزراء في العاصمة صنعاء المتخذ بإجماع أعضائه؛ بنصه على أن “يخصص هذا الحساب حصرا لصرف رواتب كافة موظفي الدولة على أن يتحمل المجتمع الدولي والطرف الآخر مسؤولية تغطية فجوة العجز، الفارق بين إجمالي استحقاق الرواتب والرصيد المجمع في الحساب”. كما نصت عليه مبادرة المجلس السياسي الأعلى، واتفاق السويد وتفاهمات ستوكهولم بشأن الجانب الاقتصادي.
وأمام التنصل المعهود للفار هادي وحكومة مرتزقة الرياض من التزاماتهم في جولات مشاورات السلام؛ صُنف القرار بأنه “مؤقت”، وبجانب الأمر بتنفيذ القرار من تاريخ 24 يوليو 2019، جرى تضمينه شرطا تنفيذياً آخر، نص على: ”إذا ما ثبت عدم جدية المجتمع الدولي وحكومة المرتزقة في تنفيذ هذه المبادرة خلال ثلاثة أشهر فلوزارة المالية وقف العمل بهذا القرار وإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل القرار”.
لكن ورغم عدم التزام الطرف الآخر بالشروط الثلاثة لقرار تنفيذ مبادرة المجلس السياسي بفتح حساب للمرتبات (رفع الحصار عن موانئ الحديدة، توريد المبلغ المتمم لإجمالي الرواتب، التجاوب خلال ثلاثة أشهر)، التزم المجلس السياسي وحكومة الإنقاذ بتنفيذ المبادرة، وإيداع إيرادات موانئ الحديدة في حساب المرتبات للشهر الرابع على التوالي، ما يجسد بنظر مراقبين حرصا وجدية على حل أزمة المرتبات وإنهاء معاناة الملايين».
صلف التحالف
وسبق لحكومة الفار هادي إعلان رفض مبادرة المجلس السياسي الأعلى إلى تنفيذ أحادي الجانب لتفاهمات الجانب الاقتصادي في مشاورات السويد وفتح حساب خاص في فرع البنك المركزي في محافظة الحديدة تورد إليه إيرادات موانئ المحافظة الثلاثة لصرف رواتب موظفي الدولة في جميع المحافظات ، على لسان عضو لجنة عدن الاقتصادية، ورئيس مصلحة الضرائب سابقا، أحمد غالب.
وقال عضو لجنة عدن الاقتصادية أحمد غالب في حديث لصحيفة “العربي الجديد”: إن “مقترح الحوثيين هذا، هو نفسه الذي قدموه في مشاورات عمّان الاقتصادية ورفضته الحكومة”. مضيفا: “هذه مقترحات مرفوضة وغير مقبولة، وعلى الحوثيين الانسحاب من الموانئ، وبالنسبة للإيرادات نظمها اتفاق ستوكهولم”. رغم تأكيد نص الاتفاق على ما جاء في مبادرة المجلس. مؤكدا أن: “الحكومة لن تقبل”.
غالب تابع مجددا تشرطات حكومة المستقيل هادي، التي أعاقت صرف رواتب نحو مليون موظف وموظفة منذ 3 سنوات، قائلا: إن “الحكومة لن تقبل إلا بأن تحول إيرادات الموانئ إلى حساب الحكومة في البنك المركزي عدن، وتُصرف منها مرتبات موظفي محافظة الحديدة، وفي حال وجود فائض يتم صرف مرتبات موظفي الدولة في صنعاء وبقية المناطق”. الأمر الذي يظهر نية عدم الصرف سلفا.
وهو ما توقعه المجلس السياسي بتحميل بيان إعلان مبادرته “الطرف الأخر (الفار هادي وحكومة المرتزقة) كامل المسؤولية في حال التهرب والتنصل من التفاهم الذي تم بشأن الورقة الاقتصادية خلال مشاورات السويد وتعبر عنه هذه المبادرة نصاً وروحا، وكل تبعات استمرار فرضه القيود الاقتصادية الجائرة واستخدامه للاقتصاد أداة للحرب والعدوان والتجويع والمساومة”.
وأفشلت تشرطات تحالف العدوان والفار هادي وحكومته مشاورات بشأن الملف الاقتصادي في اتفاق السويد، رعاها مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث منتصف مايو الماضي، في العاصمة الأردنية، وحالت دون الخروج باتفاق على آلية تنظيم ايرادات الدولة وتوحيد الإدارة المالية وصرف المرتبات وتحييد الاقتصاد الوطني عن الصراع وعدم اتخاذه سلاحا في الحرب.
انكشاف حقائق
لكن التزام المجلس السياسي وحكومة الإنقاذ بإيداع إيرادات موانئ الحديدة في حساب خاص بمرتبات موظفي الدولة لدى فرع البنك المركزي اليمني في الحديدة، يكشف بطلان ادعاءات تحالف العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي وحكومة مرتزقة الرياض، التي تزعم «نهب الحوثيين الإيرادات العامة» حسب وصفها، وتبين لليمنيين والمجتمع الدولي حقيقة من يستحوذ على إيرادات الدولة وينهبها فعليا.
ويرى مراقبون أن تحالف العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي وحكومة مرتزقة الرياض «مثلما عجزوا طوال خمس سنوات عن إثبات مزاعمه تهريب الأسلحة عبر ميناء الحديدة» بشهادة تقارير لجنة خبراء مجلس الأمن بشأن اليمن وتأكيدها عدم ثبوت أي مخاوف بشأن استخدام ميناء الحديدة في إدخال الأسلحة، فضلا عن بوارج تحالف العدوان المنتشرة في مياه البحرين الأحمر والعربي، والأقمار الاصطناعية المخصصة لمراقبتها.
كذلك «يكشف التزام صنعاء بإيداع إيرادات موانئ الحديدة للشهر الرابع على التوالي في حساب مرتبات الموظفين، انتفاء الصلة بين نفقات وزارة الدفاع في حكومة الانقاذ على معارك مواجهة تحالف العدوان وبين إيرادات موانئ الحديدة، ما يثبت بطلان ذريعة تحالف العدوان وحكومة مرتزقة الرياض لتبرير استهداف الحديدة والاستماتة في محاولة غزوها واحتلالها وموانئها، والتي تلخصها بزعم تمويل موانئ الحديدة المجهود الحربي».
موارد المرتبات
مستندياً، يظل الثابت، وفق الوثائق المالية للدولة، أن « 91.5% من المرتبات ونفقات الدولة في موازنات 2014 وما قبلها كانت تُغطى من إيرادات النفط والغاز و8.5% الباقية منها ظلت تُغطى من إيرادات الضرائب والجمارك والصادرات والمنح والقروض». وهو ما أكده عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي في سياق مكاشفته التحالف وحكومة المرتزقة نهاية شهر أكتوبر الماضي.
محمد الحوثي، أكد باستعراض البيانات المالية المستندية للدولة أن «العدوان ومرتزقتهم سبب أوجاع اليمنيين». وقال: «للمقارنة أيضا، فإن إيرادات النفط والغاز 2014 بلغت 7 مليارات دولار وفق تقرير البنك الدولي غير الإيرادات المحلية ومنحة الملك عبدالله (عام 2013م)، ومع ذلك خرجت حكومة الوفاق بعجز تدعي أنها لا تستطيع صرف الرواتب» في إشارة لإعلان وزير مالية حكومة الوفاق أمام البرلمان عام 2014م.
مضيفا: «البنك المركزي في صنعاء خلال إدارة اللجنة الثورية العليا صرف المرتبات (لجميع موظفي الدولة في القطاعين المدني والعسكري بجميع محافظات الجمهورية) والاحتياجات الضرورية حتى نقل عمليات البنك إلى عدن (في سبتمبر 2014م)، وبعد نقل البنك تحصل المجلس السياسي بعض الإيرادات المحلية والتي من المفترض لا تغطي إلا ما نسبته 8.5% من الرواتب وفق موازنة 2014».
في هذا، أوضح عضو المجلس السياسي محمد الحوثي، إنه «منذ نقل البنك صرف (المجلس السياسي وحكومة الإنقاذ) 14 نصف راتب نقدا بمتوسط 35 مليار ريال، بزيادة على النسبة المحلية التي كان يفترض أن تغطي هذا الجانب قبل العدوان». منوها بأن «هذا التوضيح يكشف لليمنيين وحتى لمن هم تحت الاحتلال سبب ترحيبي بأي لجنة لمراجعة عمليات البنك المركزي كوني كنت مسؤولا لفترة ما يقارب 18 شهرا».
بالمقابل، استعرض محمد الحوثي، إيرادات الطرف الآخر في المناطق والمحافظات الخاضعة لاحتلال قوات تحالف العدوان ومليشياته، وقال: «حوّل العدوان جميع الواردات التجارية من الحديدة إلى ميناء عدن، وأي منح أو قروض وإيرادات لفروع عدن أو مأرب أو في محافظات المنفذ؛ تسلم للمرتزقة فرع البنك المركزي في عدن، وأخذوا وديعة بمبلغ اثنين مليار دولار حسب تصريحهم».
وأضاف: «ومع رفضنا لأي قروض إلا أن الأمر قد حسم من قبلهم وأعلنوا بدء التسييل للاعتمادات، كما تمت طباعة تريليون و700 مليار ريال تقريبا (من جانب مركزي عدن)، أدت إلى ارتفاع الدولار أمام الريال ووصل إلى ٨٠٠ ريال للدولار ما ضاعف من معاناة الموظف والمواطن». مردفا: «ولأجل الموظفين تمت الموافقة على تسليم المرتبات وفق كشوفات الخدمة المدنية لسنة 2014، ورغم كل هذه الإيرادات رفضوا تسليم الرواتب».
وفقا لعضو المجلس السياسي محمد الحوثي، فإنه «خلال سنوات العدوان جميع النفط والغاز تحت تصرف الاحتلال الأمريكي السعودي الإماراتي ومرتزقتهم وبلغت الإيرادات أو ما تم فقده بسبب العدوان ١٢ تريليون ريال، ووضحه قائد الثورة في خطاب المولد النبوي». موضحا أنها كانت تكفي لدفع مرتبات موظفي الدولة في عموم الجمهورية لمدة 12 عاما، ما أكده مختصون في وزارة المالية واقتصاديون متخصصون.
محمد علي الحوثي، شدد في بيانه المنشور على حسابه في موقع «تويتر»، على أنه ينقل «بعض الأرقام لتتضح الحقيقة، وأدعو المختصين لعقد ندوات توضيحية بحكم الخبرة والتخصص ليعرف الشعب حجم المزايدة علينا وعلى المسؤولين الذين يواجهون العدوان ويصمدون في أعمالهم». متحديا الطرف الآخر بقوله: «أرحب بأي لجنة دولية مستقلة لمراجعة عمليات البنك وإعلانه بهذه الفترة، وأتحدى دول العدوان ومرتزقتهم القبول بمراجعة العمليات من بعد النقل لعدن حتى تشكيل اللجنة».
نهب الإيرادات
فعليا، تتفق تقارير المنظمات الدولية ذات العلاقة، كالبنك الدولي ومنظمة الشفافية، وغيرهما، في الإقرار بأن إيرادات المناطق والمحافظات الخاضعة لاحتلال قوات تحالف العدوان وحكومة مرتزقة الرياض «تفتقد الدورة المستندية في التوريد والإنفاق»، وتشير إلى «عبثية السياسة المالية للبنك المركزي في عدن وعشوائية إجراءاتها»، وإلى وجود «إهدار للإيرادات العامة». مطالبة بسرعة «صرف المرتبات للموظفين».
وفي هذا السياق، أكدت اللجنة الاقتصادية العليا في العاصمة صنعاء، استمرار إنتاج النفط والغاز في المناطق الخاضعة لاحتلال قوات تحالف العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي ومليشياتها. واتهمت في بيان لها أصدرته في أكتوبر الماضي، فصائل القوى الموالية لتحالف العدوان وحكومة مرتزقة الرياض وحزب تجمع الإصلاح (الإخوان) بنهب الثروة النفطية وتهريبها على طريقة تنظيم «داعش» في العراق وليبيا.
بلغة الأرقام، المستقاة من الواقع، فإن «إجمالي عائدات النفط الخام الذي تم إنتاجه من حقول محافظات حضرموت ومأرب وشبوة خلال شهر أكتوبر، بلغ ما يعادل 80 مليار ريال يمني تقريباً، حيث تم إنتاج ما يقارب 2,5 مليون برميل وبقيمة إجمالية تصل إلى 157 مليون دولار بناءً على متوسط سعر خام برنت لشهر أكتوبر». حسب بيانات اللجنة الاقتصادية في صنعاء.
البيانات الصادرة عن اللجنة الاقتصادية العليا في العاصمة صنعاء، كشفت أيضاً أن «عائدات النفط الخام من حقول محافظات حضرموت ومأرب وشبوة لشهر نوفمبر، بلغت ما يعادل (86 مليار) ريال، حيث تم إنتاج أكثر من (2,523,648) برميل نفط، وبقيمة إجمالية تصل إلى (156,466,176) دولاراً، بناءً على متوسط سعر خام برنت لشهر نوفمبر». في السوق العالمية.
وهو ما جدد تأكيده، الثلاثاء، وزير النفط والمعادن بحكومة الإنقاذ، أحمد عبدالله دراس، في اجتماع موسع برئاسة نائب رئيس مجلس الشورى عبده محمد الجندي ضم أعضاء اللجنة الرئيسة واللجنة المالية في المجلس ومدير شركة النفط عبد الإله الواحدي ونائب مدير شركة الغاز محمد أحمد القديمي، وكرس لمناقشة أوضاع قطاع النفط والمعادن والوحدات العاملة فيه، والآثار المباشرة وغير المباشرة التي طاولته جراء العدوان والحصار.
وزير النفط احمد دارس، أكد في الاجتماع أن «أبرز الآثار المباشرة وغير المباشرة للعدوان والحصار على قطاع النفط والغاز والمعادن، هو سيطرة قوى العدوان على حقول النفط واستيلاؤها على عائداته النفطية». وقال: إن «إيرادات النفط المنتجة حاليا في المناطق الخاضعة لما يسمى حكومة الشرعية كافية لصرف مرتبات جميع موظفي الدولة المدنيين والعسكريين».
وسبق للوزير دارس أن كشف عن حجم الكميات المنتجة من النفط من حقول مارب وشبوة وحضرموت، وحجم مبيعاتها. وقال: إن “إجمالي ما يتم نهبه من عائدات النفط والغاز في مأرب وحدها يتجاوز 700 مليون ريال يوميا (250 مليار ريال سنويا)”. مضيفا: “الإنتاج الحالي للنفط من حقول مارب وشبوة وحضرموت يبلغ 80 ألف برميل يوميا، يبيعها العدوان وأدواته في السوق السوداء”.
وأكد أن “إنتاج النفط المنهوب في أقل مستوياته يمكن أن يغطي راتب ونصف لجميع الموظفين من صعدة إلى سقطرى”. منوها بأن «مبيعات النفط والغاز كانت تمثل 75 % من إيرادات الدولة وبأكثر من 7 مليارات دولار سنويا”. لكن هذه المبيعات “أصبحت اليوم خارج الإيرادات”. حد تأكيده، الذي يعزز ما كشفه قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في خطابه لجماهير الشعب الملايينية في ذكرى المولد النبوي الشريف.
قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في خطابه لجماهير الشعب الملايينية في ذكرى المولد النبوي الشريف، كشف «تعرّض النفط اليمني في المحافظات الجنوبية والشرقية لعملية نهب منظّمة، سرقت خلال خمس سنوات من العدوان أكثر من 120 مليون برميل في محافظات مأرب وشبوة وحضرموت، بقيمة 12 تريليون ريال كانت كافية لصرف رواتب موظفي الدولة لمدة 12 عاماً».
سلاح حرب
ولم يعد خافيا، أن أزمة مرتبات موظفي الدولة التي توقفت منذ نقل الفار هادي البنك المركزي اليمني من العاصمة صنعاء إلى عدن، سببها «اتخاذ المرتبات سلاح حرب». ذلك ما أعلنه الفار هادي صراحة في لقاء تلفزيوني مع قناة «الجزيرة» على هامش مشاركته في اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك، قال فيه إن «تأخر قرار نقل البنك المركزي خطأ اعترف به، لأنه لو نقلناه من البداية لحسمنا الحرب في 6 أشهر».
هذا الإقرار باستخدام مرتبات الموظفين وتغطية العملة الصعبة لفاتورة استيراد السلع الغذائية الرئيسة، سلاح حرب، يعززه الإجراءات التعسفية لحكومة مرتزقة الرياض، لصرف مرتبات الموظفين، واشتراطها أن يكون الموظف نازحا لصرف راتبه، واثبات هذا النزوح بالوصول إلى عدن وتسجيل اسمه في مخيمات النازحين ثم بدء معاملات تستمر لأشهر قبل استلام الراتب، ما يجسد «تعمدا لابتزاز اليمنيين وإذلالهم».
ويقابل إقرار الفار هادي وحكومته وهذه المجاهرة باستخدام رواتب الموظفين سلاح حرب، إقرار مماثل من المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث، لدى تسلمه أعماله عقب تعيينه خلفا للمبعوث الأممي الثاني إلى اليمن إسماعيل ولد شيخ، عندما أعلن في بداية جولته الأولى للقاء الأطراف، أن الأولوية لصرف مرتبات الموظفين ووقف استخدامها سلاح حرب».
إفقار اليمنيين
كذلك بعثات منظمات الأمم المتحدة، تتفق تقاريرها في الإقرار بأن «وقف صرف رواتب موظفي الدولة منذ ثلاث سنوات، تسبب في توسيع دائرة الفقر لتشمل 70 % من السكان في اليمن». في سياق تأكيدها أن «ما يزيد عن 14 مليون يمني (ثلثي اليمنيين) صاروا تحت خط الفقر، ويفتقدون الحدود الدنيا للأمن الغذائي، ولا يجدون حاجتهم من الغذاء والدواء، ويحتاجون إلى مساعدات إغاثية عاجلة تعينهم على البقاء أحياء».
ساعد على تحويل هذا العدد الكبير من اليمنيين إلى فقراء معدمين، بجانب التأثير المباشر لوقف الفار هادي وحكومة مرتزقة الرياض صرف مرتبات نحو 70 % من موظفي الدولة يقطنون في المحافظات ذات الكثافة السكانية الأكبر، التي لا تخضع لسيطرتهم، استهداف تحالف العدوان مئات المنشآت التجارية والصناعية والأراضي الزراعية والمنشآت المائية، وتسبب حربه الاقتصادية المتواصلة في إعدام فرص العمل.
وتفيد بيانات وزارة المالية بشأن تبعات العدوان والحصار على القطاع الاقتصادي بأن «خسائر الاقتصاد الوطني بفعل الحصار والعدوان قدرتها آخر إحصائية للعام 2018 بين 66 مليار دولار و80 مليار دولار». فيما «معدل البطالة ارتفع من 30 % من مجمل السكان عام 2014 إلى 60 % في 2018 إلى 60 % بفعل استهداف العدوان لموظفي الدولة وغيرهم من العاملين في القطاع الخاص».
ذلك ما أكده وكيل وزارة المالية لقطاع التخطيط والمتابعة الدكتور أحمد حجر، موضحا أن «العدوان والحصار الذي يتعرض له الشعب اليمني على مدى خمسة أعوام، تسبب بأضرار كارثية للقطاع المالي والاقتصادي». ذاكراً بين أبرز هذه الأضرار أن «معدل الفقر ارتفع بفعل الحصار والعدوان الشامل على اليمن من نسبة 49 % من السكان تحت خط فقر أعلى إلى مستوى غير مقبول».
وبتفصيل أكبر، قال الدكتور حجر «الحرب الاقتصادية سبقت العدوان العسكري، وهذا ما يؤكده انخفاض الناتج المحلي للعام 2014 بنسبة 10% عن العام 2013م، وإن «الناتج المحلي الحقيقي انخفض بنسبة 47 % وفق بيانات 2018 وبالمقارنة مع 2014م». مضيفا: إن «الاقتصاد المحلي خسر من طاقته الإنتاجية ما يزيد عن 56 % وسط ارتفاع تكاليف مدخلات الإنتاج».
الدكتور أحمد حجر، أوضح أن «مؤشرات معدل التضخم ارتفعت بشكل غير مسبوق، من متوسط 10 % في 2014 (قبل العدوان) إلى 21 % في العام 2018 وهذا أكثر من الضعف بكثير». مضيفا: «إن متوسط دخل الفرد الحقيقي انخفض بحوالي 53 % أي أن دخل الفرد في 2018 لا يساوي النصف مقارنة بفترة ما قبل العدوان وذلك بفعل السطو على مرتبات موظفي الدولة من قبل المرتزقة والعدوان».
وأكد أن «الحصار يتسبب في مفاقمة عجز المجتمع عن توفير حاجته الأساسية من السلع الغذائية والخدمات في الكثير من الأحيان وبالتالي انتشار سوء التغذية والأمراض المختلفة». موضحا أن «استمرار الحصار على اليمن يهدف إلى وضع البلاد أمام معضلة اقتصادية سياسية مجتمعية ليس على الأمد القصير وإنما المتوسط والبعيد لكيلا يستطيع اليمن أن يحدث دورة إنعاش اقتصادي حقيقي».
تجويع ممنهج
يضاف إلى ذلك، وفقاً للوكيل المساعد في البنك المركزي سامي السياغي أن «دول العدوان والحصار استهدفت تحويلات المغتربين اليمنيين بشتى السبل كونها الرافد الأول للنقد الأجنبي في ظل سيطرة المرتزقة على عائدات النفط والغاز، وفرضت رسوما جديدة وجائرة على المغتربين اليمنيين للحد من التحويلات الخارجية لليمن، كما فرضت قيودا عديدة على اليمن حدت من تعاملات البنك المركزي بالدولار مع البنوك الخارجية».
وأضاف السياغي في حديث صحافي إن «الحصار المفروض على اليمن والطباعة غير القانونية وغير الاقتصادية من المرتزقة لأكثر من تريليون وسبعمائة مليار ريال، أبرز أسباب ارتفاع أسعار الصرف وتدهور العملة الوطنية». منوها بأن «البنك المركزي فرع عدن حاصر البنوك التجارية بذريعة عدم تطبيقها معايير الامتثال ففاقم معاناة البنوك في تغطية اعتمادات استيراد السلع الأساسية».
كذلك البنك الدولي أصدر تقريرا بشأن الوضع الاقتصادي في اليمن، أظهر أن «الحرب (عدوان التحالف السعودي) دمرت اقتصاد اليمن وألحقت الضرر بسلسلة الإنتاج والأسواق في القطاعات الحقيقية”. كاشفا عن أن “الخسائر المرتبطة بالأضرار والتوقف الذي طال قطاعات الصناعة والزراعة والثروة الحيوانية ومصائد الأسماك تقدر بنهاية عام 2015م بمبلغ 18 مليار دولار”.
وأكد تقرير البنك الدولي أن «التقديرات تشير إلى أن 35 % من الشركات في قطاع الخدمات، و29 % من شركات في قطاع الصناعة و 20 % من الشركات التجارية قد توقفت” جراء الحرب» واستهداف تحالف العدوان المنشآت الخدمية والصناعية والتجارية بالقصف وحظر 400 سلعة وقيود الحصار واستهداف طيران التحالف الناقلات والأسواق والمخازن التجارية.
التقرير الدولي نوه أيضا بأن «الواردات انكمشت منذ عام 2014 بنحو 50 %». وأشار إلى فساد حكومة مرتزقة الرياض في جانب طبع العملة من دون غطاء وعائدات النفط والغاز ووقف صرف مرتبات 70 % من موظفي الدولة. وقال: «منذ سبتمبر 2016 لم تعد الواردات عبر القنوات الرسمية أو تحظى بدعم البنك المركزي اليمني، لإنعدام الترتيبات المؤسسية المناسبة والمخاوف المؤسسية جراء نقل البنك إلى عدن”.
تواطؤ دولي
وكانت مؤسسات الأمم المتحدة ذات العلاقة ممثلة بصندوق النقد والبنك الدولي، قد اشترطت قبل الموافقة على نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن، أن تتسلم الحكومة التابعة لتحالف العدوان مسؤولية الملف الاقتصادي في البلاد، على أساس أن تلتزم بصرف مرتبات موظفي جهاز الدولة كافة، ودفع فاتورة استيراد السلع الغذائية الأساسية والنفقات اللازمة لتشغيل مرافق القطاعات الخدمية.
لكن الفار هادي الذي التزم بذلك علنا في خطاب موثف أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك؛ تنصل كالعادة عن التزاماته تجاه الشعب، غير آبه بالمآلات الكارثية إنسانيا واقتصاديا ومجتمعيا لقطع مرتبات موظفي الدولة، ويصر على اتخاذها سلاح حرب وأداة ابتزاز وعقاب جماعي رغم أن «حكومته (مرتزقة الرياض) تستحوذ على 80% من موارد الدولة» بحسب تقرير صادر عن لجنة خبراء مجلس الأمن في يوليو 2017.
ويبقى الثابت وفق قانونيين أن «وقف صرف مرتبات مليون موظف من أصل مليون و350 ألف موظف في جهاز الدولة، جريمة حرب أخرى، كاملة الأركان وفق القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي الجنائي اللذين ينصان صراحة على تصنيف كل ما يهدد حياة المدنيين أو يعرضها للخطر، جريمة حرب». وأن «لا شرعية لهذا العقاب الجماعي الذي يمارسه تحالف العدوان والفار هادي وحكومة المرتزقة مع سبق الإصرار، كما لا يمكن أن يكون من يمارسه شرعيا بأي حال من الأحوال!!».