استقلال واحد لا يكفي!

عبدالملك سام
عندما تطالع الصور القديمة للجنوب في ظل الاحتلال تدرك مدى الصلف والقهر الذي تعامل به البريطانيون مع أبناء البلد التي احتلوها لمدة تتعدى القرن، لقد اعتمدوا على الوحشية المفرطة لإرهاب الناس، فقط قم بتصفح تلك الصور ليتضح لك مدى الغل والاحتقار الذي عانى منه اليمنيون في تلك المناطق.. حري بنا أن نقرأ التاريخ بتمعن لنفهم ونعي الدرس لكي لا تتكرر المأساة، لكنها للأسف تتكرر!
انفجر الغضب الشعبي في ظل أوضاع لا تطاق، وبمقارنة الماضي بالحاضر سنجد العديد من أوجه الشبه وتكرار المأساة لدرجة أنك تصاب بما يشبه البله من هؤلاء الذين لا يريدون أن يفهموا ما الذي يجرونه على أهلهم من مستقبل مظلم وكئيب..
الاحتلال هو ذاته وإن تبدلت الوجوه، لقد عانى أهل الجنوب من التقسيم إلى سلطنات “شرعية” بنظر دولة الاحتلال، وكانت تنهب الأموال الخاصة تحت مسمى ضرائب، ولم يتم إنشاء بنية تحتية إلا بما يخدم أهداف الاحتلال، تم اغتصاب النساء علنا وامتهان كرامة الرجال، وكان يتم تعليم الأطفال ليكبروا جنودا بيد المحتل ليجعلهم وقودا لحروبه التي يشنها لتوسيع امبراطورية الشر التي تمتص دماء الشعوب.. فما الذي اختلف بالله عليكم؟!
الفارق – في نظري – بين احتلال الأمس واحتلال اليوم هو أن أولئك كانوا شقرا وزرق العيون وبشرتهم الباهتة تذكرك بمرضى اللوكيميا ويتكلمون الإنجليزية بطلاقة، بينما المحتلين اليوم رعاع من الصحراء بشرتهم سوداء كقلوبهم تسبقهم كروش محشوة بالرز والدجاج ويشربون بول البعير ويتكلمون العربية بركاكة.. لكن كلا المحتلين يتشابهون بأنهم يحملون ذات المنطق وهو أن ثروات البلاد ملك لهم ولأحفادهم، وأهل البلاد عبيد لا فرق بينهم وبين البهائم!
بالماضي وفي الحاضر كان أهل الشمال هم المدد لذا كان على محتل الأمس أن يحيد دور الشمال بالاستعانة بربيبته مملكة آل سعود التي عملت على أثارة المشاكل في الحدود الشمالية لتشغل اليمنيين عن مواجهة بريطانيا، اليوم وجود حركة أنصار الله كبحت المحتلين قليلا على أمل أن يتخلصوا منها وعندها سيظهر وجههم القبيح بشكل واضح، وقد أكتفوا مؤقتا بنهب سقطرى والموانئ والنفط والغاز تاركين للفصائل المتناحرة الفتات من مناصب وهمية ووعود لم ولن تتحقق!
بالأمس أتت بريطانيا بالهنود لينكلوا باليمنيين، واليوم السعودية أتت بالسودان لذات الغرض.. الجنوب سيعاني الكثير مالم يستوعب الدرس جيدا، وقد سمعنا للأسف من يمتدح ماضي العبودية دون أن يجد من يرد عليه كلامه خوفا من السحل، لقد أهان هؤلاء المرتزقة ماض عظيم كتبه الأجداد بدمائهم.. وهاهم أيضا يهينون العقلية الجنوبية مجددا عندما مدوا أيديهم لبقايا نظام الحكم الفاسد لأسرة عفاش الذين كانوا سببا لمعاناة اليمنيين وزرعوا أكبر فتنة بين أبناء البلد الواحد كما زرعوها سابقا بين أبناء الشمال أنفسهم، وكلنا يعرف كيف نشروا المناطقية بين سكان صنعاء وسكان تعز وبين المناطق بعضها ببعض وصولا إلى دفع أبناء الجنوب لبغض أصولهم وكل ما هو يمني!
يبدو أن أهل الجنوب يحتاجون لقراءة التاريخ جيدا، مالم فإنهم سيحتاجون لأعياد جلاء كثيرة، فقط تذكروا أن عقدتكم ليست الشمال إطلاقا، عقدتكم تكمن في ذاتكم، يجب أن تستوعبوا الدروس جيدا وتعرفوا مصلحتكم ومصلحة بلدكم، أما نحن في الشمال فلا عقدة لدينا منكم وسنحتفل بعيد الجلاء قولا وفعلا لأنه عيد وطني لليمن بأكمله.. ودمتم بود.

قد يعجبك ايضا