اسكت يا دكتور!

 

عبدالملك سام

في كل مجلس تجد فيه ذات المشهد، الكل يعلق ويحلل وينظر، ففي داخل كل واحد منا “دكتور” صغير يفهم في كل المجالات، ويتضخم هذا “الدكتور” ليطغى على موضوعيتنا وقدرتنا على التحليل المنطقي والنظرة السليمة للأمور وآثار ما نقول ونفعل، ولعل الأسواء من ذلك تبدأ الساعة “السليمانية” وقد تعبنا من كثرة الكلام مع بعضنا لتبدأ مباراة التغريدات والتعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي!! وأعتقد حينها أنه لا أحد يستطيع أن ينافسنا في هذا النشاط الذي قد يستمر إلى وقت متأخر من الليل..
مؤخرا كان معظم الكلام والأخذ والرد يتعلق بموضوع المفاوضات التي لم اسمع عنها خبرا إلا في مواقع التواصل الاجتماعي.. وأنا لا أعتقد أنه من حق أي أحد أن يكتب عما يجري من مفاوضات لعدة أسباب.. أولاً لأنه لا يوجد خبر مؤكد يثبت أن هناك مفاوضات او أن هناك إطارا تم الاتفاق عليه.. وثانيا لو افترضنا أن الخبر صحيح فلماذا لم يتم الإعلان عنه؟!! وثالثا إذا كان هذا صحيحا وقيادتنا لا ترى أنه من الصواب الإعلان عنه حاليا فلماذا نصر على نشر ما لا يريدون نشره؟!!
نحن نفتقد للموضوعية في ما نطرح، وحبنا للظهوربمظهر العالم ببواطن الأمور يتغلب على حرصنا على مصلحة البلد.. نحن نصر على أن نقضي الوقت في مجالسنا لنمارس التنظير على بعضنا معتقدين أن هذا يجعلنا نبدو أفضل، والحقيقة أننا أسوأ مما نعتقد، هناك رجال يضحون بدمائهم وجهودهم لكي ننعم بالعيش الكريم بينما نحن نحاول أن نزايد عليهم ولو بطريقة حمقاء تدل على الأنانية وإلا قل لي لماذا يصر البعض على أن يظهر أننا قهرنا السعودية وأنهم أتوا للمفاوضات وهم صاغرون؟! لماذا نعتقد أن هذا يمكن أن يساعد ويجعلنا نتفق معهم على شيء؟! المفترض أن نشجع أي طرف يجنح للسلم بأن نثبت له أننا أهل للاتفاق، ولا بأس أن نذكره أننا أهل للصمود أيضا مع تذكيره أن استمرار الوضع ليس في صالحنا ولا في صالحه، مواقع التواصل أصبحت تستطيع تغيير المزاج العام والدليل تأثيرها علينا، وهناك سؤال لنسأل به أنفسنا : هل ستوافق أن تجري صلحا مع شخص يزدريك ويدعي أنك جبان؟! لماذا نصر على أن نحرق جميع الجسور في حين أننا نعرف أن الاتفاق يتوقف عليه الكثير من المصلحة لبلدنا وشعبنا؟! القيادة تحاول الوصول لاتفاق ما لمصلحة الناس ونحن نسعى بكل جهد لتدمير هذه الاجواء الإيجابية.
هناك نقطة توضح مستوى عدم الشعور بالمسؤولية لدى البعض وهي عندما أعطت القيادة الضوء الأخضر لهدنة من طرف واحد وأوقفت استهداف مواقع عسكرية واقتصادية داخل المملكة، عندها انبرى البعض ليزايد على موقف القيادة ويحتج على القرار، هنا تتجلى أنانيتنا وحبنا للظهور، وهنا نعرف أننا لم نع بعد خطورة إشاعة اجواء غير مفيدة وسلبية لدى المجتمع..
الرسالة التي أود إيصالها من خلال هذا المقال هي كالتالي: دعوا القيادة تتحرك بحرية، دعوا المسؤولين عن هذا الملف يعملون براحة، وإذا كان لا بد من أن نتكلم فلنعمل على إظهار ثقتنا في القيادة وما تتمتع به من حكمة، فلنشع أجواء إيجابية تظهر بأننا على قلب رجل واحد وأننا أهل للحرب وأهل للسلم إذا ما قررت القيادة ذلك، عندها سيكون لحروفنا قيمة وقدر عند الله وبين الناس.. والله من وراء القصد.

قد يعجبك ايضا