البنك وصندوق النقد الدوليان يؤكدان حاجة اليمن لمزيد من الإصلاحات الاقتصادية

التأكيد على ضرورة المضي في تنفيذ العملية السياسية واستمرار دعم المانحين

دعا البنك الدولي وصندوق النقد الدوليان اليمن إلى تبني المزيد من الإصلاحات لرفع معدل النمو الاقتصادي وتعزيز النجاحات المحققة في هذا الجانب ولضمان الخروج من الوضع الاقتصادي الهش والحصول على حصته من المساعدات الدولية .
وقال البنك الدولي: إن التعافي الاقتصادي في اليمن مازال ضعيفا, على الرغم من أن التقديرات تشير إلى أن الاقتصاد اليمني قد نما بحوالي 2.4 % في عام 2012م بعد انزلاقه إلى هوة الكساد في عام 2011م وانكماش إجمالي الناتج المحلي حوالي 12.7% .
وأظهرت أحدث التقارير التقييمية للاقتصاد اليمني الصادرة عن البنك الدولي أن عجز الميزانية اتسع ليصل إلى 6.2% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2012م في حين انخفض عجز الحساب الجاري إلى حوالي 1% فقط من إجمالي الناتج المحلي.
وقال البنك الدولي في أحدث تقرير له :” لقد ساعدت ثلاث منح نفطية من المملكة العربية السعودية قيمة الواحدة مليار دولار في استقرار أوضاع الاقتصاد اليمني الكلي بشكل عام.. إلا أن تحسن الآفاق الاقتصادية سيتوقف على مدى التقدم المحرز على الصعيدين السياسي والاقتصادي واستمرار دعم المانحين وتنفيذ الإصلاحات الحاسمة الأهمية”.
وتطرق البنك الدولي إلى التحديات التي تواجه اليمن في الوقت الراهن.
وقال :” اليمن هو أحد أفقر البلدان في العالم العربي وتشير التقديرات إلى أن معدلات الفقر ــ التي كانت في زيادة فعلية قبل الأزمة السياسية الأخيرة ــ قد ارتفعت من 42% من السكان في 2009م إلى 54.5% في 2012م.
وأضاف:” علاوة على ذلك تْعد معدلات النمو السكاني في اليمن من بين أعلى المعدلات في العالم ورغم ذلك فإنه من بين أكثر بلدان العالم معاناةٍ من انعدام الأمن الغذائي, فنحو 45% من السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي كما تقل الموارد المائية الشحيحة في اليمن كثيرا عن المتوسط السائد في المنطقة.”. لافتا في ذات الوقت إلى أن الأوضاع الأمنية في اليمن مازالت هشة.
وأشار إلى أنه على مدى العقود الماضية اعتمد الاقتصاد اليمن كليةٍ على عائدات النفط والتي تمثل حوالي ثلث إجمالي الناتج المحلي.. مبينا أن الزيادة السكانية تضيف من الضغوط على الموارد الطبيعية المحدودة لليمن.
وفي حين أثنى البنك الدولي على تفرد اليمن من بين دول الربيع العربي بانتهاج الحوار لمعالجة القضايا العالقة.. اعتبر وجود برنامج لتحقيق التنمية المستدامة عنصراٍ أساسياٍ للمرحلة الانتقالية.
وقال :” بعد نحو عام من الأزمات في أعقاب ثورات الربيع العربي شرع اليمن في عملية التحول السياسي بناء على اتفاق لعب فيه مجلس التعاون الخليجي دور الوسيط في نوفمبر 2011م.
وتابع :” ونتيجة لذلك بدأ حوار وطني يضم 565 عضوا من كافة فئات المجتمع المعنية في مارس 2013م ومن المتوقع أن تتمخض عنه في ختام اعماله نتائج وتوصيات وخطط عمل ستلعب دورا محوريا في صياغة دستور جديد للبلاد يعقبه إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية”.
إلى ذلك دعا مسؤولون في صندوق النقد الدولي اليمن إلى إجراء المزيد من الإصلاحات لضمان حصته من المساعدات الدولية منوهين في ذات الوقت بالخطوات الهامة التي اتخذتها الحكومة اليمنية لمعالجة عجز الموازنة والإزدواج الوظيفي.
وقال مستشار الصندوق لشؤون الشرق الأوسط وآسيا الوسطى خالد صقر لوكالة الأبناء اليمنية (سبأ) :”إن اليمن تبنى سياسات مالية جيدة منذ عام 2011م بدعم من الجهات المانحة مما أدى إلى انتعاش اقتصادي”.
وأضاف: من بين الخطوات الرئيسية التي اتخذتها اليمن كانت توحيد أسعار الديزل واتخاذ قرار بإنشاء نظام جديد لمحاربة الازدواج الوظيفي في المؤسسات العامة”.
وأستدرك قائلا :”و مع ذلك فإن اليمن يحتاج إلى تنفيذ المزيد من الإصلاحات على الأقل لحماية المكاسب التي تحققت حتى الآن”.
وأوضح صقر أن اليمن كان من أوائل الدول العربية التي حصلت على مساعدات من صندوق النقد الدولي بقيمة 94 مليون دولار عام 2012م من خلال التسهيل الائتماني السريع.
وتناول مستشار صندوق النقد الدولي التحديات التي يواجهها اليمن حاليا.. مبينا أن اليمن يعتمد إلى حد كبير على الموارد النفطية الآخذة في الانخفاض.
ولفت إلى أن انتاج اليمن من النفط الخام انخفض مؤخرا إلى حد كبير فضلا عن الاعتداءات المتكررة على منشآت النفط والغاز مما انعكس على الإيرادات النفطية التي تساهم بنحو 70% من الموازنة العامة.
وأردف قائلا:” إن اليمن مازال يواجه تحديات رئيسية أخرى تشتمل على الإنفاق غير الملائم مثل دعم أسعار المشتقات النفطية التي تؤثر مباشرة على الخدمات الاستثمارية والأساسية الشحيحة والتهرب الضريبي”.
واستطرد مستشار صندوق النقد الدولي قائلا: “إذا كنا نتحدث عن أولى مشكلتين بالتفاصيل فإننا سنجد أن 20% من إيرادات البلاد تذهب إلى أمرين وهما رواتب الموظفين (بما فيها رواتب لموظفين وهميين) ودعم المشتقات النفطية.. في حين أن دعم المشتقات النفطية في الحقيقة لا يساعد الفقراء بل الأغنياء كما أن ذلك الدعم يشجع على التهريب”.
وأضاف: “وعندما نأتي إلى إيرادات الضرائب في اليمن فهي تشكل حوالي 7% من إجمالي الناتج المحلي وهذا الرقم قليل جدا وفقا للمعايير الدولية”.
وأفاد بأنه خلال الاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي التي عقدت مؤخرا في واشنطن أكد المسؤولون في صندوق النقد الدولي أن اليمن يحتاج إلى موارد كافية لتلبية متطلبات التنمية خصوصا التي تخدم الشريحة الأفقر في البلاد .. مبينين في ذات الوقت أنه يمكن تحقيق هذه الموارد من خلال نمو اقتصادي مناسب أولا ومساعدة الجهات المانحة ثانيا.
ومضى مستشار صندوق النقد الدولي قائلا: “هذا البلد يجب أن يساعد نفسه أولا لأن مساعدات المانحين عادة تتدفق تدريجيا وفي بعض الحالات تمر عبر عملية معقدة تتضمن شروطا يفرضها بعض المانحين لتقديم المساعدات”.
وأكد في ذات الوقت أن المجتمع الدولي يعطي الأولوية لليمن ولن يتركوه لوحده في مواجهة مشاكله. . مرجعا هذا الاهتمام إلى كون المجتمع الدولي والمنظمات الدولية المانحة يدعمون العملية الانتقالية الجارية حاليا في اليمن لإدراكهم أنها تساعد على إرساء أسس للاستقرار السياسي والاقتصادي.
وكانت نائبة المدير الإداري لصندوق النقد الدولي نعمت شفيق قد أكدت حرص صندوق النقد والبنك الدولي على مواصلة العمل مع الحكومة اليمنية على مدى السنوات القادمة لتصويب وضع الاقتصادي اليمني ووضعه في الطريق الصحيح.
وقالت شفيق: “لقد تلقى اليمن مساعدات وسيواصل تلقي المساعدات لكن الوضع في البلاد يتطلب بذل المزيد من الجهود لمعالجته”.

قد يعجبك ايضا