المولد.. وبشاعة الفكر التآمري
أحمد يحيى الديلمي
شعرت بحزن بالغ واعتصر الألم قلبي عندما شاهدت في إحدى القنوات المأجورة أشخاص يفترض أنهم من أبناء اليمن ، ويدعون أنهم من علماء الدين يبشرون بكوارث ماحقة تنتظر اليمن ، يولولون في مندبه كُلها يأس وشماته واستهانة بقدرات شباب الوطن من مجاهدي الجيش واللجان الشعبية ، ويبشرون بانهيار كل مقومات الحياة في اليمن إن لم ينصاع أبنائه حسب زعمهم لإرادة الأشقاء في السعودية ، واعتبار هذا الانصياع هو المؤشر الوحيد لضمان عودة الحياة المستقرة لليمن ، ودعوا من أسموهم بالحوثيين إلى التسليم بهذه الحقيقة وتقديم أي تنازلات تُطلب منهم كحوافز هامة تُكسبهم رضا الجيران وتسهم في تدارك الآثار النفسية التي خلفتها الحرب ، ومن تلك التنازلات الخضوع لابتزاز العصابات الإرهابية والجماعات المتفلتة بإعطائها حجماً أكبر من حجمها الحقيقي واهتماماً لا تستحقه باعتبارها خطوات وقائية تسكن الأوجاع وتُعيد ترميم الواقع، ويختم العبقري الملهم رؤيته قائلاً ( أنصح الحوثي أن لا يترك هذه الفرصة التي سيتمكن بها من استعادة ثقة الأشقاء في السعودية وعليه أن يقطع صلاته بإيران ليثبت حسن النية ويقطع الطريق على المؤامرات التي تستهدف اليمن ) أوردت كلام الرجل كما جاء على لسانه وليس لي أي تعليق وعلى القارئ أن يدرك بنفسه مدى الهوة التي سقط إليها الرجل خاصة من كانوا يعتبرونه عبقري زمانه.
على نفس المنوال وبذات الفجاجة والصلف تحدث الضيف الآخر عن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف ، أستهل الحديث بعبارات التحطيم المعنوي للنفوس والتحريض على قيادة المسيرة وحكومة الإنقاذ الوطني حيث سعى إلى إثارة النعرات العنصرية والطائفية وحاول شق الصف الوطني الصامد المدافع عن حياض الوطن والكرامة والأعراض من خلال السعي إلى زعزعة الثقة بين القيادة والقاعدة، ولم يتوقف الأمر عند اعتبار الاحتفال بمولد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم بدعة وضلالة ، لكنه قال بالفم المليان أنها خرافة ابتدعها الحوثي لإخفاء الأزمات والمشاكل التي تُحيط به ، الكلام تجاوز كل حد وكل معقول عندما قال ( إن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف يستفز مشاعر الأشقاء في دول الجوار “يقصد بذلك السعودية” مؤكداً أن جماعته ترفض هذه المظاهر الجنونية الغير منطقية لأنها تخالف سنة الرسول ونهج الصحابة من بعده ولم يتردد عن القول بأن مثل هذه المظاهر ستعرض مصالح اليمن والإسلام للخطر إلى جانب كونها متاجرة بمصالح اليمنيين واستخفاف بعقولهم ، مشيراً إلى أنه كان يمكن توظيف الانفاق الكبير الذي قال أنه تجاوز 9مليار ريال في تخفيف معاناة اليمنيين وصرف المرتبات) كما قال نفس الشخص أنه كان يمكن استخدام ملايين الأمتار من الأقمشة لستر الأجسام العارية إلى غير ذلك من التراهات التي اعتبرتها حالة جنونية غير مقبولة عبرت عن انسحاق نفسي وتفشي عفن الخيانة والعمالة ووصولها إلى العظم فكشفت بحق عن بشاعة الفكر التآمري لدى هؤلاء الناس ، لأنه لم يسلم منهم حتى رسول الرحمة المهداة من الخالق سبحانه وتعالى محمد صلى الله عليه وآله وسلم .
وهنا لا يسعنا إلا أن نعتذر من الرسول الأعظم ونقول عذراً يا رسول الله إن كانوا هؤلاء من اتباعك وأنهم مسلمون فعلاً ، أما نحن فسنظل نعلن الولاء لك ونؤمن بك في كل لحظة ، ومنك نستمد الصمود والتحدي لأنك مُنذ حلقت في نفوسنا بأجنحة الإيمان والعمل وأعليت فينا راية الحق والعدل وعلمتنا صفات القوة والتواضع وألهيبة والاعتزاز بالنفس ونحن نسير على نهجك ونسير على دربك، لن نعبأ بأمثال هؤلاء الحمقى الذين سقطوا في دروب الخيانة واستسلموا لنزغات الشيطان ، بل سنُعلي راية الاحتفال في كل عام ونتباهى بيوم مولدك العظيم ما حيينا ، وصلى الله وسلم على خير خلقه محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين .. والله من وراء القصد ..