تضليل الجماهير العربية .. وصناعة الوهم

اليمن يحتفي برسول الله .. والسعودية تحتفي بالمصارعة

صلاح محمد الشامي
تستضيف مملكة قرن الشيطان حلقة من السلسلة التي لا تنتهي لهزلية صراع التسلية والضحك على الجماهير؛ لإبقائها تحت سيطرة الحكام، بعيداً عن القضايا المصيرية التي تحيط بالأمة، وبعيداً عن رؤيتها أو حتى مجرد إدراكها؛ لتهتف الجماهير في ( نجد والحجاز ) بطول عمر الحاكم الذي يسليها و ؛ “طال عمرك يا ملكنا يا اللي مسلينا” .. بينما هي تمول وتنفذ أعنف حملة ضد العرب والمسلمين بقيادة أمريكا والصهيونية، الهدف منها تدمير الشعوب والقوميات ونهب ثرواتها ومحو هويتها، في محاولة منها لتضييع كل فرصة للانعتاق من التبعية لها، باعتبارها الوسيط الأول لأمريكا في المنطقة العربية.
الجماهير العربية أصبحت بلا قضية مع سيطرة صناع القضايا والصراعات الوهمية، فالرياض تستضيف حلقة من سلسلة المصارعة الحرة ( دبليو دبليو إي WWE ) الأمريكية، ليبقى المواطن في نجد والحجاز بعيداً تماماً عما ترتكبه حكومة الرياض من مجازر وعدوان وحصار بحق الشعب اليمني، إخوانهم بالدم والدين والمصير.
يأتي هذا ضمن سلسلة من إجراءات تضليلية قام بها سلمان وابنه، فبعد فتح دور السينما والمسارح، أنشأت المملكة حلبة ومسرحاً فخماً للمصارعة، مدشنة افتتاحها ببطل مصارعة سعودي، تهتف له الجماهير الغفيرة، فتذوب بذلك ثقافة العرب في ثقافة الغرب.
وبدلاً من أن يكون الالتفاف العربي حول بطل حقيقي يخلصها من التبعية العمياء للأمريكي وأهدافه الصهيونية، تكرس اليوم – وبعمق – ثقافة الالتفاف حول بطل مصارعة ، وبدلاً من أن تفخر المملكة – التي تسيطر على الحرمين الشريفين – بتبنيها لقضايا الإسلام، نجدها الآن تفخر باستضافتها للـ WWE
وفي التوقيت الذي يستعد فيه يمن الإيمان لاستقبال المولد النبوي الشريف والاحتفاء به، تتجاهله حكومة الرياض وتوجه شعب المملكة لاهتمامات لا تعبر حتى عن الهوية الإسلامية والقيم العربية الأصيلة، وتقوده لما يلهيه عن هذه المناسبة العظيمة، بينما تستمر بتبني وتنفيذ العدوان والحصار على اليمن، مرتكبة أعظم الجرائم بحقه أرضاً وإنساناً، خدمة لأمريكا وأغراضها الصهيونية، الهادفة لمحو الهوية العربية والإسلامية، ونسيان قضاياها المصيرية ليسهل عليها ابتلاعها، في الوقت الذي يكون الجمهور العربي في حالة تخدير، حتى لا يتنبّه من سكرته إلا وقد غشاه الطوفان.
وهناك تقعد الحكومة الأمريكية وحكومة الكيان الصهيوني يتفرج كل منهما – بسخرية – على الشعوب العربية، يلهو بعضها عن بعض، وفي حالة انقسام وتباين في الاهتمامات، لتتساقط تباعاً، مُتَلَهِّيَةً باهتماماتها البديلة، في المسارح ودور السينما وحلبات المصارعة، منبهرة بأبطالها الوهميين الذين يصنعون لها بطولات وهمية، أحلّتها الصهيونية محل البطولات الحقيقية والأمجاد العريقة لشعب الجزيرة العربية والشعوب العربية، التي كان من المفترض لها أن تتبنى هداية العالم، والخروج به من ربقة الاحتلال الجديد، بقيادة من ينفذ حالياً خططه لابتلاع الخارطة العالمية بما فيها ومن فيها.
الخروج من هذا الإلهاء الشيطاني العظيم لن يكون إلا بنهضة العقلاء والمثقفين والعلماء والإعلاميين والتربويين، ليقوموا بدورهم في توعية العامة من الناس الذين لا يرون إلا ما هو أمامهم، ولا يستطيعون إدراك أن هذا البهرج لن يأتي من ورائه إلا الطوفان، طوفان الاحتلال والسيطرة الأمريكية، الذي لن يرحم أحداً.
وما بعد السيطرة على العقول “والحقول”، لن يكون إلا “الحلول”، السيطرة على الأجساد (العبودية التامة)، ستجعل هذا الجمهور هو الذي يدافع عن قضاياها ومخططاتها الاستعمارية في المنطقة، وحينئذٍ لا فكاك من كل الأسوار والقيود التي تحيط  بالعرب، وقد فعلت ذلك بالفعل بالنسبة لحكام العرب والمسلمين وغيرهم من زعماء العالم، فهم من يقوم الآن بتمويل وقيادة وتبني مخططاتها غير المشروعة، وهم حلفاؤها المستعبدون، وإن ظهروا باعتبارهم زعماء دول قوية.
إن كل تحرك عسكري وموقف ذي طابع سيادي لهذه الدول لا يمكن أن يصدر إلا بتخطيط ماسوني، ودفع صهيوني، وتنسيق مسبق مع أمريكا، ولن تنتهي مخططات الإلهاء أبداً، حتى بعد الانتهاء من قضم الكعكة؛ وذلك لكي تستمر السيطرة التامة على مجمل قضايا الإنسان وطموحه واهتماماته وحتى إنسانيته.

قد يعجبك ايضا