■ زبيد بحاجة إلى تدخل سريع وعاجل ولا بد من إطلاق نداء عالمي لإنقاذها
, مبادرة المركز الإقليمي العربي للتراث يهدف إلى إخراج زبيد من عنق الزجاجة
, تطبيق القانون بحزم والبحث عن بدائل مناسبة لسكان المدينة
بدأ المركز الإقليمي العربي للتراث العالمي الذي ترأس مجلس إدارته الشيخة مي بنت حمد آل خليفة ومقره في البحرين تحركاته ومساعيه لإنقاذ مدينة زبيد التاريخية بموجب اتفاقية وقعتها بلادنا ممثلة بوزارة الثقافة مع المركز حيث زار الدكتور كمال بيطار الخبير العالي بالتراث والوفد من قبل مدينة زبيد مطلع الأسبوع الجاري والتقى عدداٍ من الجهات المختصة وذات العلاقة بالحفاظ على مدينة زبيد.
وتجول في مختلف أزقة وشوارع المدينة واطلع على معالمها والتشوهات التي لحقت بها حيث سيقوم برفع تقرير إلى المركز يتضمن حالة المدينة واحتياجاتها والمشروع الذي يمكن التدخل به.
الـ»« رافقت خبير التراث خلال لقاءاته بصنعاء وأيضاٍ زيارته إلى محافظة الحديدة ومدينة زبيد أو بعد انتهاء مهمته سجلنا معه هذا اللقاء حول زبيد ووضعها والحلول التي يقترحها لإنقاذها.
• هل زرت اليمن من قبل وما هي المعلومات التي لديك حول زبيد¿
- طبعاٍ هذه هي زيارتي الأولى لليمن وقد سمعت عن زبيد الكثير ولعل معظمها كانت حول عظمة هذه المدينة ومقوماتها التاريخية التي أهلتها بقوة لدخول قائمة التراث العالمي وكيف أن هذه المدينة وقعت في الخطر جراء ما يمارس ضدها من تشويه وعبث لمعالمها التاريخية وعند وصولي إلى اليمن وجدت شعباٍ أصيلاٍ مضيافاٍ والحقيقة أنني لم أكن أحمل تصوراٍ خاصاٍ عن اليمن بشكل عام وزبيد بشكل خاص وكل ما أعرفه هو مشهد من وسائل الإعلام التي فعلاٍ وجدتها تبالغ كثيراٍ في تعاطيها مع اليمن كذلك القراءات التي قرأتها عن زبيد والمشاكل التي تعانيها والتي أصبحت تمثل أمراٍ محزناٍ للكثير من المهتمين بالتراث حول العالم نظراٍ للمكانة العظيمة والتراث التاريخي الذي تتمتع به هذه المدينة العريقة وخشية المهتمين والمنظمة العالمية المعنية بالتراث وعلى رأسها منظمة اليونسكو الذي يعتبر مركز التراث الإقليمي العربي إحدى منظماتها المعتمدة في الشرق الأوسط أن تنتشر هذه القيمة الحضارية الإنسانية في هذه المدينة العريقة.
• كيف كانت زيارتكم للمدينة ولقاءاتكم مع المسؤولين والمختصين بالحفاظ على زبيد¿
- الزيارة كانت ناجحة بكل المقاييس والفضل في ذلك يرجع لتعاون الجهات المختصة معنا وعلى رأسها وزير الثقافة الدكتور عبدالله عوبل ومحافظ الحديدة المهندس أكرم عطية والمجلس المحلي بزبيد وهيئة الحفاظ على المدن التاريخية كلهم ساعدوا على نجاح المهمة وتحقيق الهدف المرجو منها والآن سنرجع إلى البحرين ونعكف على صياغة التقرير بسرعة وإن شاء الله سيكون هناك مشروع قريب لمدينة زبيد.
هدف الزيارة
• ما هو الهدف من هذه الزيارة¿
- الهدف هو الاطلاع على المدينة وتقييم الوضع فيها والعمل على اختيار مشروع حفاظي واحد يعمل المركز الإقليمي على تنفيذه كخطوة أولى لإنقاذ المدينة حيث تولي الشيخة مي بنت حمد آله خليفة اهتماماٍ كبيراٍ لزبيد وحقيقة فهي سعيدة جداٍ بهذه البعثة إلى زبيد ومتفائلة بالنتائج التي سنخرج منها ولعلنا ندرك أن اليمن يمر بظروف استثنائية منذ الفترات الماضية ولكن لابد أن الوقت قد حان الآن لإجراء بعض الأعمال وعلى خطى ثابتة تجاه أن نعيد لزبيد قليلاٍ من أهميتها التاريخية والثقافية
• التقرير الذي ستعملون على إعداده متى يتم الانتهاء من تسليمه لقيادة المركز ومتى سيتم بدء الخطوات العملية للتنفيذ¿
- المفترض أن يتم الانتهاء من التقرير وتسليمه خلال أسبوعين أو ثلاثة أسابيع بالكثير لابد أن يتم تجهيزه ويتضمن المهمة في زبيد وما هو المشروع الذي يمكن التدخل به ويكون مناسباٍ ولايزال التقرير حتى الآن سرياٍٍ للغاية وبعد الانتهاء من التقرير سيتم عرضه على الأخ مدير عام المركز الإقليمي الدكتور منير بو شتاقي والشيخة مي بنت حمد آل خليفة وزير الثقافة البحرينية ورئيسة مجلس إدارة المركز الإقليمي والتي تريد فعلاٍ أن يتم بدء الخطوات التنفيذية للمشروع بأسرع وقت ممكن وهي دقيقة جداٍ في عملها وتهتم بكل شيء وبعدها سيتم إرسال نسخة من التقرير إلى معالي وزير الثقافة اليمني الدكتور عبدالله عوبل وبعد الاتفاق على المشروع المناسب سيبدأ العمل فوراٍ بوضع الدراسات والمخططات ودراسات الجدوى حيث ستكون المرحلة الأولى مرحلة التحضير للمشروع.
مشروع رائد
• هل يمكن أن تحددوا فترة زمنية متوقعة لبدء تنفيذ المشروع¿
- التنفيذ يرتبط بعدة عوامل منها ماهية المشروع الذي سيتم إقرار تنفيذه لدينا خيارات عديدة لمشاريع مختلفة يمكن إقامتها بزبيد سيتم إطلاع الوزيرة والمدير العام بها وهم يختارون أحدها طبعاٍ لكل مشروع ظروفه الخاصة به والفترة الزمنية للتنفيذ تختلف من مشروع لآخر أيضاٍ لابد أن نؤكد على أهمية عوامل أخرى يقع على عاتق الحكومة اليمنية توفيرها لبدء التنفيذ لعل أبرزها النواحي الأمنية التي لابد أن يتم توفيرها أيضاٍ التعاون معنا وتوفير كافة التسهيلات التي تضمن نجاح المشروع والمشروع هذا سيكون محدداٍٍ في منطقة معينة ممكن يكون ترميم وممكن يكون إعادة تأهيل وممكن يكون خيارات أخرى ومن خلال الجولة التي قمنا بها على مدى ثلاثة أيام متتالية إلى زبيد لدينا خيارات عديدة سوف نطرحها كما أسلفنا على المسؤولين بالمركز الإقليمي للتراث لاختيار المشروع الأنسب وهذا المشروع أهم شرط فيه أن يعود بالمنفعة على سكان زبيد بشكل عام وليس مشروعاٍ خاصاٍ ولكن تظل الاحتمالات موجودة
• هل هذا المشروع هو الوحيد الذي سينفذه المركز الإقليمي في زبيد أم هناك مشاريع أخرى لاحقة¿
- هذا المشروع هو الأرضية أو النموذج الذي نسعى من خلاله إلى أن يحتذي به الجميع سواء داخل اليمن أو خارجه والهدف أن يكون مشروعاٍ رائداٍ يعمل على تحفيز المنظمات الدولية الأخرى إلى الإسهام وحثها على التدخل في إحياء زبيد وهذا لا يعني أن المركز لن ينفذ سوى هذا المشروع والاحتمالات كلها مطروحة وبالمناسبة يعتبر هذا المشروع الذي سينفذه المركز في زبيد أول مشروع ينفذه المركز الإقليمي أي أنه باكورة عمل المركز الإقليمي الذي أنشئ منذ خمسة أشهر في البحرين ولهذا أتطلع أن يكون هذا المشروع فعلا رائداٍٍ لأن المركز حريص على إنجاحه.
تضافر الجهود
• كيف رأيتم الوضع في مدينة زبيد التاريخية وهل يمكن إنقاذ زبيد أم أن الوقت قد فات¿
- وضع زبيد فعلا صعب للغاية ولكن ليس بالمستحيل حيث يمكن تلافي هذا الوضع والأمل لا يزال قائما لإنقاذ المدينة من التدهور العمراني الذي يوجد فيها بس هذا يستدعي تضافر كافة الجهود سواء مجتمعاٍ محلياٍ أو حكومية محلية وطبعا للخطوة الأولى والعاجلة هي إيقاف التخريب والتعدي على الساحات العامة أو ما تسمى الفراغات البيضاء وأيضا وقف جميع أنواع المخالفات المعمارية في المدينة وهذا يستدعي تطبيق القانون بحزم وتعاون المجتمع المحلي فقد أزعجني كثيرا التشويه الحاصل في البنايات وأيضا الاعتداء على الساحات والشوارع العامة واستخدام مواد بناء غير ملائمة أو غير منسجمة مع البيئة العمرانية للمدينة فالمواد المستخدمة مثل البلك والإسمنت أو البلك الأحمر لا تتناسب أيضا مع المتطلبات المناخية للسكان بالعكس هي غير منسجمة مع المناطق التي تتمتع بأجواء حارة خلافا للأبنية التقليدية التي تتماشى مع المناخ الحار في المدينة وتوفر للسكان حياة أفضل فضلا عن أن الأنماط المعمارية الحديثة تختلف تماما عن الأنماط التقليدية أيضا من التشوهات الملاحظة البلكونات وتتجاوز حدود المباني باتجاه الشوارع والفراغات والبروز فهناك نماذج من المخالفات يمكن إصلاحها بطريقة استطبابية يمكن معالجتها وهناك مخالفات لا يمكن معالجتها للأسف إلا بالهدم وهي مخالفات كارثية بالنسبة للمدينة وإن كانت هذه المخالفات محدودة ولكنها موجودة..
• هل القيمة التاريخية للمدينة لا زالت حاضرة وبقوة أم أنها أصبحت الحلقة الأضعف¿
- القيمة التاريخية لا زالت موجودة وهي استثنائية وخاصة إذا أضفنا لها لها القيمة الثقافية التعليمية التي كانت عليها المدينة ولا زالت كما لاحظنا أثناء الزيارة فالأربطة لا زالت تقوم بدورها التعليمية وفيها طلاب من أفريقيا وجنوب آسيا وهذا يدل على أن زبيد لا زالت منارة للفقه الإسلامي والعلم..
نسيج عمراني مترابط
• هل هناك معالم أو مواقع في زبيد أثارت دهشتك¿
- بكل تأكيد فالنسيج العمراني بشكل عام وترابطه مع بعضه يمثل ثراء عظيماٍ للمدينة وهناك قيمة استثنائية تطل في البيوت والقصور والمنازل الخاصة بالمواطنين أياٍ كانت حالتهم الاجتماعية أو مستواهم الاقتصادي الكل يمتلك كنوزاٍ تاريخية عظيمة وهذا هو الذي يشكل غنى بالنسبة لزبيد.
إيقاف المخالفات والاعتداءات
• برأيك هل توجد أعذار أو مبررات لما حدث للمدينة من عبث وتشويه¿
- أنا لست بصدد التكلم عن الصعوبات الاجتماعية والاقتصادية أو تبرير ما فعله الأهالي بمدينتهم فلا بد أن نعتبر ما حصل قد حصل وعلينا أن نفكر أنه إذا ما استمر هذا النهج وبهذه الطريقة في البناء والمخالفات والاعتداءات فإن زبيد حتما ستسقط قيمتها التاريخية وباعتقادي فإن اليونسكو ستخرج زبيد من لائحة التراث العالمي إذا استمر الحال بهذا النهج وبهذه الوتيرة ولكن يمكننا تلافي كل ذلك صحيح هناك صعوبات كثيرة ولكن ليس من المستحيل إنقاذ زبيد في الوضع الحالي لكن إذا انتظرنا أكثر فإن الوضع سيصبح مستحيلا وزبيد بحاجة إلى تدخل سريع وعاجل ولهذا سنعمل سريعا في المركز الإقليمي على اتخاذ التقرير واختيار مشروع رائد ووضع الدراسات والمخططات له والبدء بتنفيذه بصورة عاجلة وسريعة.
• لا أخفيك بأن الناس في زبيد وكذلك كثير من المهتمين وبالأخص أبناء زبيد يعتقدون أن المركز الإقليمي للتراث قد تبنى زبيد وإنقاذها بشكل كامل هل هذا صحيح¿
– ليس بهذا المعنى فالمركز الإقليمي يسعى إلى عمل مبادرة البداية بمشروع رائد يعد خطوة تتبعها خطوات لاحقة يتبناها المركز ويروج لها لدى المنظمات العالمية المهتمة بالتراث والمبادرة بهدف إخراج زبيد من عنق الزجاجة وربما أن المفهوم قد اختلط على البعض بأن المركز الإقليمي سينقذ زبيد هو سيسعى لإنقاذ زبيد عبر تنفيذ هذا المشروع وربما مشاريع أخرى لاحقة والتواصل مع المنظمات الدولية والإسهام في إنقاذ المدينة وقد يتبنى المركز أو يوجه نداء عاجلا.
رسائل موجهة
• في نهاية الحديث ما هي الرسائل التي توجهها لكل من الدولة وأهالي زبيد وأيضا المنظمات الدولية المعنية بالتراث¿
- رسالتي للحكومة اليمنية هي أن عليها أولا تطبيق قانون الحفاظ على المدن التاريخية وهذا التطبيق يتم بحزم ودون تهاون وبذات الوقت لا بد أن يتم اتخاذ مجموعة من الإجراءات أو المحفزات التي تمنح للمواطنين البدائل المناسبة ليس فقط تطبيق القانون أو المنع ولكن لا بد أن يتم مراعاة احتياجات الناس والقيام بإعداد دراسات وخطط لبدائل متعددة يتم وضعها أمام أهالي زبيد.
أما رسالتي للمواطنين في زبيد فالمفروض عليهم أن يخافوا على مدينتهم ويحبونها وهذا ما لاحظته فعلا فقد علق أحد المواطنين أثناء تجولنا في المدينة لا هل يوجد أحد لا يحب أمه وزبيد هي أم لكل فرد ينتمي إليها”.
أما رسالتي للمنظمات الدولية المعنية بالتراث فإن عليها أن تمارس دورها في زبيد التي تعتبر مدينة تراث إنساني لا تهم المواطن في زبيد فحسب أو الدولة اليمنية بل العالم بأسره وبالتالي يقع على عاتق هذه المنظمات مسؤولية تجاه هذا المدينة وعليها الإسهام في إنقاذها قد تكون هناك صعوبات تواجه هذه المنظمات من التدخل في زبيد منها كما يعرف الجميع صعوبات أمنية يعانيها اليمن ولكن هذا لا يعفيها أبدا من المسؤولية ولعل مبادرة المركز الإقليمي ستفتح الطريق أمام هذه المنظمات وستحفزها أكثر على القيام بمسؤولياتها إزاء المدينة.
تصوير/ فؤاد الحرازي