يمكننا أن نعرّف التنمر الإلكتروني على أنه أحد الأفعال العدائية المقصود بها إلحاق الضرر بالآخر من خلال شبكات التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر ومواقع الإنترنت وتطبيقاته بشكل عام، مثل غرف الدردشة وماسنجر وانستجرام وواتساب.
يقوم الفاعل هنا بالإساءة لضحيته عن طريق نصوص مسيئة مكتوبة أو صور وفيديوهات، وتكمن خطورة التنمّر الإلكتروني في كونه أحد أشكال التنمّر سريعة الانتشار التي تصل بضغطة زر واحد لملايين البشر في نفس اللحظة، هذا بالإضافة إلى أن الفاعل هنا قد يكون غير معروف مجرد حساب مجهول الهوية على أحد مواقع التواصل الاجتماعي. ومن أشكال التنمّر الإلكتروني:
الانتقاد
«نحن دائمًا على صواب» وفقًا لهذا الاعتقاد الذي يصدقه ويعتنقه الكم الأعظم من بني آدم، نعطي أنفسنا حق انتقاد الآخر، وهو الأمر الأكثر شيوعًا بشكل عام على مختلف الأصعدة، وبالرغم من ذلك لا نستطيع أن نقول أن الانتقاد يدخل بكل أشكاله ضمن أنواع التنمّر الإلكتروني، فقط الانتقاد باستخدام عبارات جارحة ومهينة بشكل متطرف بهدف إلحاق الضرر بالمنتَقد هو ما يدخل ضمن أنواع التنمر الإلكتروني الأكثر إنتشارًا.
المضايقة
لا نستطيع أن ننكر أن العالم يعج بشخصيات غير سوية لا تجد راحتها أو سعادتها إلا في إيذاء الآخرين ومضايقتهم، تدخل تلك المضايقة ضمن أنواع التنمر الإلكتروني، حيث يستخدم المتنمر هنا مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات الإنترنت لكتابة رسائل وتعليقات مهينة وجارحة بقصد مضايقة الأخرين.
الإقصاء
أحد أنواع التنمّر التي تسبب أذى نفسياً كبيراً للمتَنمّر عليه، ويتم ذلك عن طريق تعمّد إبعاد الشخص المقصود في غرف الدردشة والحلقات المغلقة بغرض إلحاق الضرر به.
انتحال الهوية
انتحال الهوية هو أخطر أنواع التنمّر الإلكتروني على الإطلاق لما قد يسببه من مشاكل لا حد لها، ويتم انتحال الهوية عن طريق اختراق الحسابات الشخصية لمواقع التواصل الاجتماعي بغرض إرسال أمور مغلوطة ومحرجة لصاحب الحسابات الفعلي.
تشويه السمعة
يعد تشويه السمعة أيضًا من أنواع التنمر الالكتروني الخطرة، ويكون عن طريق نشر الشائعات المسيئة أو إرسال صور ومعلومات غير صحيحة بهدف السخرية أو الانتقام.
يمكننا أن نقول هنا أن الغيرة وفرض النفوذ أو السيطرة هما أهم أسباب التنمّر الأكثر شهرة وانتشارًا بشكل عام، إلا أننا لا نستطيع أن نهمل أن الفراغ والإحساس بالنقص وعدم القدرة على تحقيق أي إنجاز تعد من أسباب التنمر الالكتروني أيضًا.
كما سبق وذكرنا من قبل، أن التنمر الالكتروني يعد من أقسى وأخطر أنواع التنمّر، كونه أحد أشكال التنّمر واسعة الانتشار دون رادع قوي أو وسائل حماية فعالة، لذا سنجد أن الشعور بالخوف والقلق بشكل دائم هو أكثر الآثار المصاحبة لضحايا التنمّر الإلكتروني، وعليك ألا تدع كلمة قلق تخدعك هنا فالأمر قد يصل إلى حد الانتحار في بعض الحالات.
ليس القلق والخوف هو الأثر الوحيد الذي يتركه التنمّر الإلكتروني على الأفراد، فبالإضافة لذلك يدفعنا التنمّر بشكل عام إلى الرغبة في الانتقام التي تخلق بيئة عدوانية وشخصيات غير سوية نفقد معها المعنى الحقيقي للحياة والهدف منها.
أما آخر آثار التنمّر الإلكتروني السلبية التي لابد وأنك عرفتها الآن دون إشارة أو توضيح هي الوحدة التي يفرضها التنمّر على المعرّضين للتنمّر الإلكتروني، فعادةً ما يكون الهرب هو الحل الوحيد أمام المعرضيّن للتنمّر الإلكتروني ويكون الهرب هنا عن طريق إغلاق الحسابات الشخصية لكافة مواقع التواصل لتجنب الإساءة الواقعة، مما يضعنا في عزلة إجبارية عن العالم قد تصل بنا لحالة من الاكتئاب الشديد.
تعد أول خطوات القضاء على التنمر الالكتروني هي عدم تنازل المعرّض للتنمّر عن حقوقه أو السكوت عن الإهانة الموجه له من قِبل المتنمّر، فالهروب أو الخوف من تهديد المتنمّر سيدفعه للقيام بالمزيد من تلك التصرفات المزعجة.
انطلاقا من النقطة الأولى لا بد وأن يقوم المعرّض للتنمّر بحفظ وتصوير الممارسات التي قام بها المتنمر ضده وإرسالها إلى مراكز الأمن التي ستفرض على المتنمّر العقوبة المناسبة والإجراءات اللازمة لمنع تكرار الأمر مرةً أخرى، وعلى ذلك لابد وأن يتم نشر الطريقة الفعالة التي يمكن من خلالها أن يقوم المعرّضين للتنمّر بمقاضاة القائم بفعل التنمّر.
لا تخجل من طلب الدعم والمساندة من الأشخاص المقرّبين منك، والبحث معًا عن الحلول المناسبة لمشكلة التنمّر.
وبالطبع قبل أي شيء لابد وأن نقوم في البداية بحفظ المعلومات الشخصية الخاصة بنا أو الصور وعدم مشاركتها إلا مع الأشخاص الموثوق بهم تمامًا.
أخيرًا على الجميع عدم ترويج الشائعات والمساهمة في تضخيم وقائع التنمّر ويتم ذلك عن طريق تجاهل الشائعات المغرضة المقصود بها الإساءة دون وجه حق لأحد الأشخاص، كما لابد وأن نقضي على النمطية ونتعلم كيف نقبل الآخر مهما كان مختلفًا عنا، مما سيعمل في نهاية الأمر على القضاء على مشكلة التنمر الالكتروني تمامًا.