الإخوان والثورة !!؟
أحمد يحيى الديلمي
في منتصف السبعينات من القرن الماضي قدم إلى صنعاء ثلاثة اشخاص موفدين من قيادة حركة الإخوان المسلمين في مصر ومن تلك اللحظة تغيرت تماماً مفردات خطاب الجماعة الموجودة في الداخل اليمني ، كنا نسمع من بعض الأفراد الذين عادوا من مصر وشكلوا النواة الأولى لإنشاء فرع الحركة في صنعاء خطاب متوازن متسم بالهدوء إضافة إلى محاولة استغلال طيبة وصدق علماء المذاهب التاريخية الموجودة بقصد استدراجهم لاتخاذ مواقف تحرض على السلطات بحجة الانحراف عن أصول الدين ، ورغم أن المواجهة تواصلت وانتهت بإنشاء ما سُمي بالهيئة العلمية ، إلا أن حضور المحسوبين على الإخوان ظل محصوراً وتأثيرهم محدوداً لأنهم انضموا إلى الجمعية بشكل فردي مما حتم على قيادة الحركة أن ترسل ثلاثة متعمقين في الفكر السياسي بأبعاده التأمرية المختلفة ولديهم دراية بأشكال التبشير والاستقطاب ، وهذا ما قام به كل من ياسين عبدالعزيز ، عبدالستار الشميري ، عبدالعزيز المخلافي ، من تلك اللحظة تغير الخطاب وخرجت النوايا المبيتة من قعر الصدور مع بقاء المعطيات الجديدة في نطاق ضيق جداً خوفاً من رد فعل القوى السياسية الأخرى ذات الحضور الفاعل في أوساط المثقفين وطلاب المدارس خاصة أحزاب اليسار والبعث والناصريين ، مما أضطر الثلاثة إلى إخفاء العداء لأتباع المذاهب الأخرى واتباع مبدأ التُقية في التعامل مع الآخرين لضمان صمتهم ، إلا أن سهام العداء المطلق وجهت ضد الثورة والنظام الجمهوري ، فلقد وصفوه بالاستعماري الدخيل والمس الشيطاني الموجه إلى صدر الإسلام ، هذه المعلومة كانت الزاد الوحيد للتبشير ومعها خرجت النوايا الخبيثة للعلن بما في ذلك الرفض المطلق للقوى السياسية وأتباع المذاهب الأخرى .
من يقرأ المعلومات التي أسلفت ويقارنها مع حالة التباكي وذرف دموع التماسيح على الثورة والجمهورية في قنوات الدفع المسبق الممولة من المعتدين وبالذات قناة سهيل الناطقة باسم الحركة لاشك أنه سيصاب بالغثيان ويكتشف حقيقة هذا المكون وطريقته في التعاطي مع القضايا الأساسية ، لأنه وكما عهدناه جاهز لتغيير الخطاب وفقاً لمقتضيات الحاجة وبما يخدم المصلحة الذاتية ، لذلك نجده اليوم يناصر الجمهورية والثورة ويبث كل أشكال الأحقاد والكراهية والضغائن ويصر على شيطنة الواقع بنزعات عنصرية مقيتة ، وهذا هو نهج الحركة الحقيقي لكنها أخفته من باب التكتيك المرحلي ، مع أنها مارست أعمالا غير سوية ممعنه في الوحشية ، لو لم يكن إلا أنها ثبتت الجماعات الإرهابية التي نفذت أبشع الجرائم ضد كل فئات الشعب مقابل تبني خطاب مقبول تلهى بعواطف الناس واستطاع التأثير على البسطاء والمخدوعين في السنوات التي أعقبت حرب 1994م وبعد الخلاف مع الرئيس السابق ، واليوم حينما يستهدف هذا التيار رموز الثورة أمثال المرحوم الشهيد اللواء محمد يحيى المتوكل واللواء يحيى محمد الشامي وبطل الثورة الشهيد محمد مطهر زيد وآخرين ، فإن هذه الحركة تؤكد أنها لا تزال على نفس المسعى الخبيث تناصب العداء للثورة والجمهورية وتترقب اللحظة التي تعلن فيها أهدافها الحقيقية ، فلقد أجمعت كل الدلائل على هشاشة المنطق وتدني الخطاب ، بالمقابل أفصحت عن حقائق هامة ومنها أن الإصلاح هو الذي أشعل حرب 1994م وهو الذي حرض على حروب صعدة الستة ودفع النظام إلى خوضها بنزعة اعتقادية ممنهجة وهو الذي تغاضى عن التفجيرات التي طالت المساجد وأودت بحياة الكثير من العلماء والمصلين الذين لا ذنب لهم إلا أنهم يقفون بين يدي الخالق سبحانه وتعالى .
أوردت الحقائق السابقة من قبيل التذكير لتتضح لشعبنا اليمني أساليب هذا التيار وأحلامه الانتهازية بما هي عليه من الوحشية والرغبة الجامحة للانغماس في الخطيئة مهما بلغ الثمن مقابل المصلحة الذاتية وإن كانت متدنية .
نسأل الله لإخواننا الهداية والعودة إلى الصواب .. والله من وراء القصد ..