المماطلة في تنفيذ الأحكام الشرعية

 

عبدالفتاح علي البنوس
العدل أساس الحكم ، وفي حضور العدالة والإنصاف يعم الأمن والاستقرار ، وينتشر الخير في عموم ربوع الوطن الحبيب ، والحديث عن العدالة والقضاء في اليمن يحتاج إلى مجلدات (طويلة عريضة) ، حيث لايزال العدل مفقودا ، ولا تزال العدالة غائبة ، ولا يزال غالبية من يرتادون على المحاكم ينشدون الإنصاف في انتظار الحصول عليه ، بسبب المماطلة والتسويف في إصدار الأحكام ، وخصوصا الأحكام الجنائية المثبتة بالأدلة الدامغة والقرائن الثبوتية بالاعتراف المباشر أو من خلال شهود الإثبات ، والتي مضى عليها سنوات عديدة دون أن يتم الفصل فيها ، والبعض صدرت فيها احكام باتة بالقصاص وما تزال تنتظر التنفيذ ، لأسباب غير معلومة تثير حالة من الاستياء لدى أولياء الدم الذين يضطرون لبيع ممتلكاتهم من أجل ( الشريعة) والقصاص من قتلة ذويهم ، والزائر لأروقة المحاكم بمختلف مستوياتها ودرجاتها ، سيستمع للكثير من المآسي التي تدمي القلوب ، لأسر مكلومة بفقدان فلذات أكبادها نتيجة تعرضهم للقتل عمدا وعدوانا ، باعت كل ما تملك وهي تتابع جلسات المحاكمة ، باحثة عن العدالة والإنصاف الذي طال انتظاره .
وهنا أستغرب كثيرا عن سر المماطلة والتسويف في تنفيذ الأحكام القضائية المؤيدة من المحكمة العليا ؟!! والتي تمثل نقطة سوداء في حق القضاء ، وفي حق الدولة بكل سلطاتها وهيئاتها ، وخصوصا بعد قيام ثورة الـ21من سبتمبر ، الثورة التي قامت ضد الظلم والطغيان ، وكان من أهم أهدافها تحقيق العدالة والإنصاف ، هناك مظالم كثيرة في السجون والمحاكم والنيابات ، نقول ذلك من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وانطلاقا من الحرص على تطبيق النظام والقانون وتحقيق العدالة ، ومنح الحقوق لأصحابها ، والانتصار للمظلومين المستضعفين الذي قامت الثورة من أجلهم .
من الظلم والإجحاف في حق أولياء الدم في القضايا الجنائية أن يظلوا لسنوات عديدة في انتظار تطبيق شرع الله في حق الجناة الصادرة في حقهم الأحكام النافذة ، ما من مبرر لذلك على الإطلاق ، صحيح اننا في عدوان ولكن ذلك ليس مبررا للماطلة والتسويف في تطبيق شرع الله في حق القتلة المجرمين ، بل على العكس من ذلك تماما ، فأعتقد جازما أن تطبيق الحدود والأحكام الشرعية لا يقل أهمية عن مواجهة العدوان الغاشم ، وسيكون ذلك معززا وداعما للوصول إلى تحقيق النصر المؤزر بإذن الله وتوفيقه .
بالمختصر المفيد ،القضية مهمة ولا تحتاج إلى مماطلة وتسويف ، ولا إلى دعممة وتساهل ، القضية تحتاج إلى إرادة قوية ابتداء من المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ والبرلمان والشورى ومجلس القضاء الأعلى والمحكمة العليا ووزارة العدل والنيابة العامة ، وأقترح بأن يتم تشكيل لجان مشتركة من الجهات الحكومية المذكورة أعلاه ، تقوم بزيارة السجون والإصلاحيات في مختلف المحافظات وتقف على الوضع القانوني للسجناء وتطلع عن قرب على مدى التزام المحاكم بالفصل في القضايا وتنفيذ البات منها بأحكام نهائية ، وستتضح لها الصورة ، وتتبدى المظالم ، وعلى إثر ما تصل إليه من معلومات ، ترفع تقاريرها إلى رئاسة المجلس السياسي الأعلى لإصدار توجيهات صارمة بتنفيذ الأحكام وتحقيق الإنصاف لكل صاحب مظلمة يبحث عن الإنصاف وينشد العدالة ، وصدقوني حينها ستخرج لنا خيرات الأرض وستتنزل علينا بركات السماء ، وسيكتب الله النصر لشعبنا المظلوم ، ووطننا الجريح بإذن الله وتوفيقه وتأييده . هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله وسلم.

قد يعجبك ايضا