رئيس جمعية حرفيي البناء التقليدي لـ”الثورة”: البناءونّ التقليديون هم حجر الزاوية في جهود الحفاظ على تراث صنعاء القديمة وطرازها المعماري الفريد

 

لا يمكن حماية المدينة التاريخية إلا بتكاتف كل الجهود وتوفير الإمكانيات اللازمة لهيئة الحفاظ على المدن التاريخية
نعمل على تأهيل “البنائين ” وتطوير مهاراتهم ويجب عدم إهمال “الاسطى” التقليدي أو التعامل معه باستخفاف

لقاء/ حمدي دوبلة
تظل قضية الحفاظ على التراث الانساني الحي الذي تتفرد به صنعاء القديمة دونا عن غيرها من مدن العالم من ابرز القضايا التي تشغل بال القيادة السياسية ممثلة في المجلس السياسي الاعلى وحكومة الانقاذ الوطني وما فتئت تتخذ الاجراءات تلو الاخرى لحمايتها من اية مخالفات معمارية او تشوهات تؤثر على مكانتها كإحدى اهم المدن التاريخية المدرجة في قائمة التراث الانساني العالمي التابع لمنظمة اليونسكو.
ويعد البنائون التقليديون او ما يطلق عليهم في المجتمع الصنعاني “الاساطية” احد ابرز المكونات في هذه الجهود الرسمية والمجتمعية وحاليا بات العشرات من هؤلاء الحرفيين ذوي الانامل الابداعية منضوين في اطار جمعية حرفيي البناء التقليدي بصنعاء القديمة التي يرأسها الاسطى /احمد سعد نواس وهو احد ابناء المدينة التاريخية وقد توارث هذه المهنة كما يقول من آبائه واجداده والذين كان لهم الفضل في تشييد ابرز المعالم المعمارية في هذه المدينة الاثرية التي يصفها المهتمون بالتراث الانساني حول العالم بالمتحف الحي والنابض بالحياة.
“الثورة” التقت رئيس جمعية حرفيي البناء التقليدي بصنعاء القديمة وناقشت معه عدداً من القضايا والهموم ذات الصلة بجهود المجتمع المحلي في حماية ارث وتراث صنعاء القديمة ..فإلى التفاصيل:-

* اولا نريد اعطاء القارئ نبذة عن جمعية حرفيي البناء التقليدي كيف تأسست وأبرز اهدافها؟
– فكرة تأسيس الجمعية لم تأت من فراغ وانما من الشعور بمبدأ المسؤولية الوطنية للحفاظ على مدينة صنعاء القديمة من المخالفات والتشوهات كذلك جمع شمل جميع العمارين داخل المدينة وجميع الحرفيين من نجارين وحدادين ونقاشين في كيان واحد تتوحد فيه الجهود وتتبادل فيه الخيرات وعلى وجه الخصوص “الاساطية” القدامى الذين لا يزالون موجودين باعتبار اعمالهم الفريدة وخبرتهم الطويلة في مجال البناء أو النجارة أو الحدادة او النقش والزخرفة بمثابة المدرسة التي يستفيد ويتعلم منها ابناء الجيل الجديد من المعماريين التقليديين وبما يجعل تراث وخصوصية الطراز الصنعاني حيا ومتجددا عبر العصور كما تهدف الجمعية الى النهوض بالمستوى المهني والمعيشي لجميع الحرفيين واعطائهم المكانة التي يستحقونها.
ولكون العمار هو الذي اوجد التراث المعماري الفريد فالعمار ايضا هو الذي سيعمل في عملية احياء هذا التراث والحفاظ عليه لذلك تم تأسيس الجمعية وتفاعل معها كل الحرفيين التقليديين ولكي يكون للعمار كلمة يؤخذ بها ومثلما كان للعمارين القدامى الذين اوجدوا هذا الفن المعماري المتميز وابدعوا فيه ووضعوا بصماتهم المعمارية التي تتحدث عنها كل دول العالم نسعى نحن العمارون أيضا إلى ان نمضي على نفس النهج والفن المعماري الذي اختطه السابقون ونثبت اننا قادرون إلى ان نبدع ونتفنن وان نضيف صورة معمارية فريدة ،فتم تأسيس الجمعية بتفاعل كل الحرفيين التقليديين، وكان ابرز الداعمين لتأسيسها هو الاستاذ مطهر تقي والمهندس نبيل منصر والاستاذة امة الرزاق جحاف والاستاذ عادل معوضة ،وابرز الداعمين للتعاون مع الجمعية والذين رحبوا بالجمعية الاستاذ محمد فارس ضيف الله رئيس الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية سابقا والمهندس عقيل النصاري والمهندس مجاهد طامش والاستاذ فارس العديل وكذلك رئيس الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية حاليا الاستاذ خالد الابراهيمي والذي بدوره اعطى اهمية كبيرة للتعاون مع الجمعية.
* ما دور العمار في عملية الحفاظ على الطابع الصنعاني ؟
– العمار هو العامل الرئيسي لعملية الحفاظ على الطابع المعماري المميز فالعمار هو الذي سيعمل وينفذ اعماله حسب الطابع وهو من سيساعد في انهاء المخالفات بانضباطه وهو الذي سيقنع مالك العقار بأنه لا يمكن تنفيذ العمل له إلا حسب النمط الصنعاني القديم والعمار هو الذي سيطبق عمله حسب المواصفات المرفوعة له من الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية والعمار هو الذي سيضيف فنا معماريا فريدا الى جانب الفن المعماري الفريد الذي اورثه لنا العمارون القدامى فلا يمكن ومن المستحيل ان تنجح عملية الحفاظ على الطابع المعماري والحد من المخالفات إلا بالعمار.
* ماهي الاجراءات والاهداف التي تسعى اليها الجمعية لتأهيل وتطوير العمارين؟
– يكون ذلك بالآتي:
– ضم العمارين القدامى للجمعية على ان يقوم هؤلاء العمارون بإعطاء محاضرات تعليمية وتعرفية وتطبيقية على الواقع.
– عقد دورات تدريبية مع الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية لجميع الحرفيين من خلال قيام المهندسين الفنيين بإعطاء محاضرات عن الطابع الصنعاني وهذا ما تم تنفيذه على الواقع بمساندة مدير المركز المعماري المهندس مجاهد طامش.
– العمل على تكريم المبدعين والملتزمين وتشجيع المعماريين بأن يحذوا حذوهم .
– اعطاء العمار مكانته التي يستحقها في المجتمع .
– العمل على جمع العمار والمهندس الفني المبدع، معنى الجمع ما بين التقنية والفنية والعمل معا وهذا ما سيحقق انجازا كبيرا في عملية الحفاظ والعمل حسب الطابع الصنعاني .
* هل هناك تعاون بين الجمعية واي جهات اخرى من جهات الاختصاص المعنية بالتراث الصنعاني كوزارة الثقافة او الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية او غيرها؟
– صراحة لم نلق اي تعاون للأسف إلا من الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية وكان هذا بعقد محضر اتفاق والذي ساهم بشكل كبير جدا في عملية الحفاظ والحد من المخالفات لقناعاتهم بأن العمار هو الاساس والمسؤول الاول لعملية الحفاظ ،اما عن وزارة الثقافة فلم نلمس اي شيء وكان العمار ليس له اي اهمية على الاطلاق وهو الامر الذي انعكس سلبا على جهود حماية المدينة التاريخية.
* ماهي الانشطة التي نفذتها الجمعية منذ نشأتها قبل نحو عامين؟
– اقمنا عدة دورات تدريبية بالتنسيق مع الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية حسب محضر التفاهم المبرم بين الهيئة والجمعية وكذلك محاضرات يلقيها العمارون القدامى والآن نحن بصدد عقد عدة دورات مع اصحاب محارق الياجور وغيرهم ممن تندرج اعمالهم ضمن اعمال البناء لمدينة صنعاء القديمة ،فالشكر الجزيل للأخ رئيس الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية الاستاذ خالد الابراهيمي والمهندس المتابع والمهتم والقائم على هذه الدورات الاستاذ مجاهد طامش مدير المركز المعماري وكذلك مدير عام مكتب صنعاء للتفتيش الاستاذ فارس العديل .
كما أطالب جميع الجهات المختصة بعدم التدخل في اختصاصات الهيئة حول مدينة صنعاء القديمة لأن هذا ايضا سبب من اسباب زيادة المخالفات واتمنى هنا من الجميع اعطاء الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية كافة صلاحياتها الممنوحة لها حسب القانون كونها الجهة الوحيدة القائمة على مدينة صنعاء القديمة وان كان هناك من قصور فبسبب نقص الامكانيات لديها ما يتوجب على الجميع دعم الهيئة في جميع المجالات حتى يتسنى لها أداء مسؤولياتها بالشكل المطلوب.
* صدر مؤخرا قرار يقضي بإيقاف تراخيص البناء داخل المدينة ومنع اي اعمال فيها وذلك للحد من المخالفات ..هل فعلا سيساعد هذا القرار في الحد من المخالفات من وجهة نظركم كمعماريين؟
– بصراحة اعتقد انه ليس اول مرة يصدر مثل هذا القرار فالقرارات السابقة والحملات الكبيرة التي نزلت للحد من المخالفات لم تحقق اياً من اهدافها إلا اقل القليل ونرى ان هذا القرار لن ينجح اطلاقا في الحد من المخالفات بل سيدفع الاهالي الى المخالفات والبناء في الظلام وبعيدا عن الجمعية وعن اعين ورقابة الجهات المختصة وبالتالي لن يكون هناك الالتزام المطلوب بالطابع الصنعاني لمدينة صنعاء القديمة والذي نؤكد أنه لن يتحقق إلا بالتعاون مع العمار والاعتراف بأهمية العمار الكبيرة .
وان هذا القرار سيزيد من المخالفات وكذلك إتعاد الناس عن الرجوع للهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية كذلك هذا القرار نتج عنه تعطيل اعداد كبيرة عن العمل من العمارين واصبحوا لا يجدون قوت يومهم ولا قوت عوائلهم كما انعكس هذا القرار سلبا على العمارين الملتزمين والمستعدين للعمل حسب الطابع والمستعدين للتعاون مع الهيئة العامة للمدن التاريخية كذلك هذا القرار جلب الاحباط للعمارين وحد من قدرتهم على اظهار مهاراتهم الفنية .
ومن الطبيعي ان يلجأ الكثير من المعماريين التقليديين الى ترك العمل في المدينة مما سيضطر المواطن الى جلب عمارين من “الحراج” الامر الذي سيؤدي الى ارتفاع المخالفات والتشوهات في المدينة.
ولهذا اناشد من خلال هذه الصحيفة مدير مكتب رئاسة الجمهورية الاستاذ احمد حامد والاستاذ وزير الثقافة عبدالله الكبسي واقول لهما اتمنى من سيادتكما اعادة النظر في هذا القرار وكونا على ثقة اننا سنعمل جاهدين معكما جنبا الى جنب في عملية الحفاظ على المدينة ونكون كلنا يدا واحدة المسؤول مع المهندس الفني مع العمار وكل حرفي وكل مواطن محب لمدينته ووطنه.
هل هناك من كلمة اخيرة تود توجيهها والى من؟
– اتمنى من كل المهتمين والغيورين على مدينة صنعاء القديمه إلقاء نظرة ايجابية الى ذلك العمار واعطاءه الاهمية التي يستحقها وعدم التعامل معه باستخفاف أو النظر اليه بدونية لأن العمار هو الذي ابدع وهو الذي أوجد هذا النمط المعماري الاصيل وهو الذي سيلتزم بالطابع ويعمل به وهو الذي يعرف المداخل والمخارج في اعمال البناء وهو الذي يعرف متى وكيف تتم التهيئة للمخالفة بنظره وبخبرته الكبيرة في هذا المجال..كما احب ان اشكر صحيفة الثورة والقائمين عليها على جهودهم الاعلامية المتواصلة واهتمامهم الدائم بالحفاظ على تراث صنعاء القديمة وطرازها المعماري الفريد.

قد يعجبك ايضا