كانت الثقافة الوطنية اليمنية ــ ومازالتـ ـ- فاعلاً رئيسياً في المجرى العام لتطور الفكر السياسي منذ بدايات الانبعاث الوطني العام وحتى الخمسينيات ، حيث شهدت بلادنا ميلاد تيارات فكرية معاصرة تطورت على أساسها الحركة الوطنية اليمنية ، ودخلت تحت تأثيرها طوراً جديداً تمثل بقيام الثورة الوطنية الشعبية ضد الاحتلال العثماني في مطلع القرن العشرين والتي أقامت أول دولة وطنية تحمل اسم اليمن ، وثورة 26 سبتمبر1962م التي أقامت أول جمهورية في شبه الجزيرة العربية ، وثورة 14 أكتوبر الشعبية 1963م ضد الاستعمار البريطاني ، وتحقيق الاستقلال الوطني في الثلاثين من نوفمبر1967م كثمرة للكفاح الشعبي المسلح الذي حرّر الجنوب اليمني المحتل من الاستعمار، وأقام ثاني جمهورية تحمل اسم اليمن ، الأمر الذي أدّى الى ظهور دولتين شطريتين اقتسمتا الهوية الوطنية اليمنية في ظروف معقدة، وصولاً الى قيام الجمهورية اليمنية في الثاني والعشرين من مايو 1990م الذي انهى التشطير وأعاد للوطن اليمني المجزّأ وجهه الشرعي الواحد ، في سياق أول عملية تاريخية معاصرة للتحول نحو الديمقراطية التعددية في اليمن.
احمد الحبيشي
لكن طريق هذه العملية الوطنية التاريخية كان معقدا بسبب التحديات والمعوقات التي مرت بها ثورة 26 سبتمبر 1962م وجمهوريتها الفتية ، حيث تمكنت المملكة السعودية الوهّابية وطابورها الخامس داخل اليمن من الانقضاض على الثورة والجمهورية وتجويف محتواها ، وتشكيل أوليغارشيات عائلية وعسكرية وكهنوتية استولت على السلطة والثروة ، ومهدت لحرب 1994م ووحدة 7 /7 التي أقصت الشريك الجنوبي في وحدة عام 1990م، ووضعت البلاد بأسرها تحت سيطرة مراكز القوى والنفوذ والفساد التي سعت الى تبرير ممارساتها الاستبدادية وفسادها البنيوي وتوجهاتها الإقصائية الطائفية تحت شعار حماية الثورة والجمهورية والوحدة والدين!!
في هذا السياق التاريخي وقعت اليمن شمالا وجنوباً تحت قبضة الأوليغارشيات العائلية الاقطاعية والعسكرية والكهنوتية التي فرّطت باستقلال وسيادة اليمن بالتنسيق مع أحزاب السفارات والنخب السياسية القديمة والمتكلسة ، وصولاً الى الاستقواء بالأجانب واستدعاء العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي على اليمن منذ مارس 2015م حتى الآن.
في ضوء ما تقدم يمكن القول ان قيام ثورة 21 سبتمبر2014م جاءت كضرورة تاريخية تستهدف انقاذ ثورتي 26 سبتمبر و14 اكتوبر والجمهورية والوحدة ، وتصحيح الأوضاع الكارثية التي نجمت عن الانحراف عن المسار التحرري الوطني ، والاستيلاء على السلطة والثروة وتجويف الثقافة الوطنية.
على تربة الدور الوظيفي للثقافة الوطنية الجديدة شهدت اليمن بدايات استيقاظ الوعي الوطني في الثلاثينيات.. وعلى خلفية البعد الثقافي للحراك السياسي في المجتمع كان الوعي الوطني ينمو ويتطور.. وحين قامت حرب النحرير الوطنية في بداية القرن العشرين ضد الاستعمار العثماني ، نجح الامام يحيى في تأكيد البعد الوطني التحرري للحرب التي خاصها شعبنا اليمني ضد الاستعمار العثماني من خلال تأكيده على الهوية الوطنية ، وإطلاق اسم اليمن على الدولة الوليدة المستقلة في شمال اليمن لأول مرة تحت مُسمّى (المملكة المتوكلية اليمنية ) ، وهو ما تكرر مرة أخرى بعد انتصار ثورة 14 اكتوبر التي أجبرت الاستعمار البريطاني على الرحيل من جنوب الوطن ، وإعلان قيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية إيذاناً باستكمال عودة الهوية الوطنية اليمنية الى كامل الأراضي اليمنية المتحررة من الاستعمار العثماني والاستعمار البريطاني.
ولئن كان ما تقدم هو حال المجال السياسي للحركة الوطنية في صنعاء وتعز وحجة والحديدة ، فقد كان الحال كذلك – أيضا – في عدن ولحج وحضرموت حيث كان المفكرون والمثقفون والكتاب والأدباء والصحافيون والفنانون يجسدون الوحدة العضوية بين الثقافة والسياسة ، ويحملون رايات الكفاح الوطني ضد الاستعمار والتجزئة ، ويرفعون شعارات الحرية والاستقلال والوحدة.
مما له دلالة عميقة أن الرعيل الأول من قادة الحركة الوطنية اليمنية المعاصرة ـ شمالاً وجنوباً ـ كانوا من المفكرين وعلماء الدين والكتاب والأدباء والصحافيين وخريجي الجامعات العربية والأجنبية ، الأمر الذي يشير بوضوح الى البعد الثقافي لمشروع التغيير.
في الاتجاه نفسه كان الرواد الأوائل لثورة 26 سبتمبر 1962م – أيضاً – من طلاب وخريجي المدارس العسكرية في صنعاء ، وخريجي الكليات الحربية في مصر والعراق ، الذين قامت على أكتافهم بعض الإصلاحات التي اضطر النظام الامامي إلى تنفيذها في الجيش ، بعد أن أقنعته حروبه مع الجيران والبريطانيين بضرورة الشروع في بناء وتحديث الجيش والنظام التعليمي.. بيد أن هؤلاء الثوار لم يوظفوا معارفهم العسكرية والعلمية التي اكتسبوها من أجل خدمة النظام الإمامي الاستبدادي ، بل وظفوها لتخليص الوطن من ظلمه وظلامه ، وايقاد مشاعل الثورة من أجل الحرية والعدالة والتقدم والتغيير في ربوعه.
ما من شك في أن مفاعيل البنية التقليدية بعد قيام ثورتي 26 سبتمبرو 14 اكتوبر المجيدتين أسهمت في انتاج قدرٍ لا يُستهان به من آليات الكبح المعيقة للتغيير ، بيد أن أقساماً لا يستهان بها من النخب الجديدة وقعت في مستنقع النزعات الذاتية والمناطقية والصراعات الدامية التي جعلت من السلطة هدفاً لها ، حيث سعت إلى البحث عن صيغ جاهزة للتنمية الشطرية المنغلقة.
استغرقت الدولتان الشطريتان زمناً ليس هيناً في إعادة انتاج مكوناتهما الموروثة عن العهود السابقة في مسار تطور العملية الثورية المعاصرة التي جاءت كنفي تاريخي ومعرفي لتلك العهود وثورة على مخلفاتهما.. وبتأثير تراكم ذلك الاستغراق المنغلق على الذات الشطرية برزت هوةٌ سحيقة بين الدولتين كأجهزة ومنظومات من جهة ، وبين المجتمع بوصفه كياناً بشرياً ينمو ويتجدد في سياق عملية ثورية تاريخية من جهة أخرى ، الأمر الذي أدى إلى عجز كل من الدولتين الشطريتين عن تلبية وتجديد تطلعات واحتياجات المجتمع اليمني.
ولئن كانت انجازات علم الاجتماع السياسي المعاصر ترى في أن قيام كيان معين لا بد وأن يخلق قوى محلية تتلاءم معه ، ويخلق تبعاً لذلك تأقلماً إيديولوجياً محدوداً بفعل قوة العادة التي تجعل الجيل الناشئ في ظل المناخ الخاص للأيديولوجيا متسماً بروح الانتساب إلى ذلك الكيان الذي نشأ فيه ومنضبطاً في توجيه سلوكه اليومي للتعامل مع منظوماته وأجهزته ، فإن تناقض الكيانين الشطريين قبل الوحدة مع اتجاه تطور العملية الثورية المعاصرة للشعب اليمني فرض عليهما السير في اتجاهين : الإيمان بضرورة الوحدة من جهة ، وتكريس التشطير بصيغ أيديولوجية من جهة أخرى.. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على مأزق وتخلـف الجهـاز المفـاهيمي للايديولوجيا الـتي استمــد منها كل كيان ــ على حدة ــ شرعية تبرير وجوده ، وافتعال العوائق لتأجيل الدمج الموضوعي للكيانين الشطريين في دولة وطنية واحدة.
الجذور الفكرية لصراع الإرادات والأوهام الشطرية
ثمة مصادر فكرية مشتركة لصراع تلك الإرادات والأوهام وهي أن الخطاب السياسي الوحدوي للدولتين الشطريتين كان ينتسب إلى الفكر القومي العربي الكلاسيكي الذي كان يربط تحقيق الوحدة العربية بعدد من الشروط ، وبضمنها وحدة أداة الثورة العربية ، وضرورة قيام قوة ثورية إقليمية تتكون من قطر عربي أو أكثر ، وتضطلع بدور مركز الاشعاع والجذب ، وتلعب دور ” القاعدة ” التي ينطلق منها (التغيير الوحدوي الريادي).
وقد تم تحوير المفاهيم المكتسبة من الخطاب القومي العربي الكلاسيكي القديم ، بعد إكسابها صياغات أيديولوجية جديدة، وبعد تنميطها في نطاق محلي قطري بل وشطري ، الأمر الذي أدى إلى حدوث تعديل في مضمون الخطاب السياسي الوحدوي بعد ظهور الدولتين الشطريتين في اليمن أواخر الستينيات.. وكانت نتيجة ذلك التحوير وصول عملية الإستقطابات الأيديولوجية الصارمة إلى مأزقها ، وتفاقم تناقضات الخطاب السياسي الوحدوي للدولتين الشطريتين ، وتكريس التشطير على المستوى الوطني ، وهو المأزق نفسه الذي وصل إليه الخطاب القومي الكلاسيكي.
وهنا يتطلب الأمر نقد الوعي الأيديولوجي الذي ساد في حقبة التشطير ، وكرّس طائفة من المفاهيم التي خلطت بين عملية التوحيد الوطني كضرورة في سياق مشروع التغيير وبين فرضيات الانتقال بهذه العملية إلى الوجهة الاشتراكية أو الوجهة الرأسمالية أو تحويلها إلى ” قاعدة ” لاستعادة دولة الخلافة الاسلامية وفق تصورات نظرية مبسطة لا تمتلك مرجعاً معرفياً لها سواء في التجربة الاسلامية التاريخية أو الواقع اليمني أو السياق العالمي.
تميزت السنوات الأولى للوضع الناشئ والقائم على أساس دولتين شطريتين في اليمن أواخر الستينيات ، بحرص كل منهما على تجميع آليات الأمن الذاتي والتبعية الخارجية ، وما رافق ذلك من ميول لتكوين وعي سياسي تبريري يكرس التشطير من جهة ، ويرفع خطاباً وحدوياً ضده من جهة أخرى ، ولم تخل تلك الفترة من الصدامات والحروب المباشرة وغير المباشرة على مستوى الشطرين ، بالإضافة إلى الصدامات الداخلية داخل كل شطر في مجرى الصراع على السلطة، وعندما استقرت الأوضاع للدولتين الشطريتين ، اتجه كل منهما لإنجاز مهمات التنمية الاقتصادية والإجتماعية محكوماً بدور وظيفي للدولة ذي تقاليد ضاربة الجذور في أعماق التاريخ ، على النحو الذي أكسب الدولة الشطرية سمات رعوية شرقية.
بوسع التحليل الموضوعي لمسار التنمية في كل من الشطرين تسليط الضوء على تناقضات التنمية الشطرية وبالتالي تناقضات الخطاب السياسي الوحدوي في حقبة التشطير ، والتي يعود مرجعها إلى ذلك الكم من الأعمال النظرية المشوّهة التي تظاهرت بتصوير تلك التناقضات وكأنها انعكاس لاتجاهين متوازيين ومتعاكسين على صعيد مفاهيم التطور الاقتصادي والاجتماعي والثقافة الوطنية.
وكان طبيعياً أن يترتب على كل ذلك بروز ظاهرة التخندق خلف متاريس تلك المفاهيم السطحية عند بحث إشكاليات ومصاعب تحقيق الوحدة اليمنية آنذاك، وذلك من خلال تبرير التشطير آيديولوجياً ، دون أن يكون الوعي الايديولوجي السائد في الشطرين قد استقر على مفاهيم معرفية ناضجة ، ناهيك عن كون المرجعية الخارجية لذلك الوعي ــ بصرف النظر عن تناقض مفاهيمه بين شطر وآخر ــ لم تكن قد وصلت الى استنتاجات وتعميمات حاسمة ، على نحو ما حدث في النصف الثاني من الثمانينيات حين بدأ الجهاز المفاهيمي لكل من علم الاجتماع وعلم الاقتصاد السياسي يتأزم ويتحلل بسبب تصادمه مع الميول الموضوعية لتطور التاريخ العالمي ، سواء على مستوى الفكر الاشتراكي أو الفكر الليبرالي المعاصرين.
والثابت أن الدولتين الشطريتين اتجهتا نحو التنمية لتخفيف ضغط التجزئة على أمنهما الذاتي ، ساعدتهما في ذلك حاجة موضوعية هي جزء من وظائفهما في إطار مفاعيل مشروع التغيير الذي دشنته الثورة اليمنية المعاصرة ، بصرف النظر عن نوع الإرادة السياسية والتصورات الأيديولوجية التي حاولت كل من الدولتين الشطريتن توجيه التنمية على ضوئها.
كان البحث عن رؤى وأنماط متباينة للتنمية بهدف تبرير التشطير وتأسيسه على وجهتين متمايزتين لكل من الدولتين الشطريتين ، يبدو في بادئ الأمر وكأنه امر سهل ، بيد أنه كان ينطوي على تعسف لمبادئ علم الاقتصاد السياسي للتنمية في البلدان المتخلفة، وقد تم ذلك التعسف بوضوح عن طريق الاستعانة بنظريات جاهزة ــ لم تكتمل بعد ــ عن التنمية والتطور الانتقالي في ما كان يُسمّى (العالم الثالث).
بالنسبة للشطر الشمالي من اليمن انحصر التوجـه نحو التنـميـة في أوائـل السبعينيات ــ وبدوافع سياسية بحتة ــ في أُطر آليات السوق وتسخير جزء من وظائف الدولة لإعادة إنتاج البنى التقليدية لما قبل الدولة ، الى جانب تنمية القطاع الخاص وتقديم مختلف أشكال الدعم والحماية له.. وفيما بعد تبلورت الحاجة إلى تنويع أشكال الملكية وأنماط الاقتصاد ، وتوجيه التدخل الحكومي لضبط أسعار المواد الأولية ودعم أسعار المواد الغذائية وإطلاق ميكانزمات التعاون الأهلي.
كان كل ذلك يتم انطلاقاً من فرضيات ترى بأن التنمية ممكنة إذا توافر لها قدر معين من الطاقة الاستثمارية والعمـالة والإدارة والمشاركة في شؤون الإدارة المحلية ، مع تجاهل تام لأهمية تقويم حجم السوق الداخلية ، ومعايير الفواعل السياسية والاقتصادية الخارجية في منطقة تشكو من تبعية طرفية مطلقة ، بالإضافة إلى إغفال معايير توافر الموارد الطبيعية للاقتصاد الوطني والموارد الذاتية لتكوينه الرأسمالي.. وجميع هذه العوامل قادت التنمية في الدولة الشطرية بشمال الوطن إلى مأزق رأسمالية الدولة بشكل حاد، ووصلت ذروتها بعد تراجع تحويلات المغتربين على إثر انخفاض اسعار النفط في منتصف الثمانينيات.
أما على صعيد الشطر الجنوبي فقد سارت التنمية انطلاقاً من منظور ساذج للصراع الطبقي ، جرى بموجبه استبعاد قوى سياسية واجتماعية انطلاقاً من الأوهام التي تؤكد على ضرورة ” التقليص التدريجي للعوامل المولدة للعلاقات الرأسمالية على طريق تصفيتها نهائياً “.
ولا يحتاج المرء إلى جهد كي يكتشف ان مرجعية ذلك المنظور الاقتصادي الساذج تعود إلى الأوهام الأيديولوجية القائلة بـ ” حتمية انتقال المجتمعات المتخلفة إلى الاشتراكية مباشرة بواسطة الدعم الخارجي للبروليتاريا الظافرة ، ودون الحاجة للمرور بمرحلة الرأسمالية ” !!.
والحال إن المشاريع القديمة التي نقصدها كانت قد وصلت إلى سدة الحكم في بعض البلدان العربية إن لم نقل معظمها بوسائل الاستقواء بالقوى الأجنبية أو الانقلابات العسكرية ثم خسرت في نهاية المطاف وهجها وبريقها ، الأمر الذي أفسح الطريق أمام تغوُّل التهديد الصهيوني وولادة ضرورة مقاومته بمختلف السبل الممكنة.
يبقى القول إن الآثار السلبية لتلك التجارب الخاسرة لم تنحصر ــ فقط ــ في نطاق إضعاف حيوية المجتمع العربي وتهميش قواه الحية ، بل امتدت لتصيب بدائها العضال مختلف النخب الحاكمة في تلك البلدان التي نكبت بتجارب شمولية فاشلة ، وعجزت عن تقديم نموذج قابل للاستمرار والتجديد ، وانتهت إلى إفلاس سياسي وفكري وثقافي تكونت على تربته الهشة أزمات وانهيارات مدوية وتحالفات خارجية خطيرة ، مقابل بروز مخاطر وتحديات عديدة وفي مقدمتها العدوان السعودي على اليمن.. وهي تحديات لا يمكن مواجهتها بدون امتلاك مشروع جديد للتغيير يقوم بالدرجة الأولى على قاعدة تحرير السياسة من سلطة الأيدولوجيا ، والتحرر من ثقافة الاستبداد والإلغاء ، وإعادة الاعتبار لقيم الحرية التي ترفض التبعية والوصاية الأجنبية على القرار الوطني المستقل والدفاع عن السيادة والاستقلال ، وجميعها تحديات تأتي في صدارة المهام الوطنية التاريخية لثورة 21 سبتمبر المجيدة التي تقاوم العدوان السعودي الاماراتي الأمريكي على اليمن وتدافع عن السيادة والاستقلال منذ ما يقارب خمس سنوات.