توازن الردع الثانية: تحالف العدوان على اليمن نحو الاستسلام
شارل ابي نادر
كانت منتظرة وبقوة، ولم تكن مفاجاة ابدا، عملية “توازن الردع الثانية” التي نفذتها وحدات الجيش واللجان الشعبية اليمنية، وعبر سلاحها الجوي المسيّر، استهدفت بسرب من عشر طائرات مصفاتي بقيق وخريص شرقي السعودية، وعلى مسافة تجاوزت ألفاً وخمسماية كلم.
عملية توازن الردع الثانية هذه والتي نُفذت صباح الرابع عشر من سبتمبر الحالي في العمق السعودي، يمكن القول انها كانت لافتة ومنتظرة وضرورية ومناسبة، وذلك للأسباب التالية:
لافتة: لأنها من اكبر العمليات الجوية التي تستهدف مواقع تبعد مسافة تتجاوز ألفاً وخمسماية كلم، بسرب من عشر طائرات مسيرة، وصلت جميعها الى أهدافها رزمة واحدة، وتوزعت بشكل متواز في الأبعاد والمسافات الفاصلة، محققة قدرة تأثير صادمة من خلال الحرائق والدمار الذي خلفته في منطقة صناعية، تصنف “درجة أولى” في العالم، لناحية ضخامة المنشآت ومعدات انتاج وتصدير النفط الخام والغاز المسيل.
اللافت أيضاً بـ “عملية توازن الردع الثانية” انها جاءت بعد عملية استخبارية دقيقة ورصد مسبق وتعاون، كما انها استهدفت المنطقة الأكثر احتضانا للوحدات الغربية بما يعنيه ذلك من انتشار مفترض لأحدث منظومات الدفاع الجوي، فتجاوزتها بكل نجاح وفعالية.
منتظرة: لأنها تأتي ضمن مسار ثابت ومتواصل من العمليات النوعية، والتي كان حذر منها مرارا وتكرارا قادة الجيش واللجان الشعبية، وكانت هذه التحذيرات تصدق دائما، بالحدث لناحية حصول الاستهداف، وتصدق ايضا بالمستوى لناحية تصاعد عناصر العملية، في المدى وفي عدد الطائرات المسيرة، وفي نوعية واهمية وخصوصية المواقع المستهدفة.
كل عملية استهداف نوعية ينفذها الجيش واللجان ضد العدوان، ستكون اكبر وأخطر واكثر ايلاما وتأثيرا من التي سبقتها.
كانت منتظرة ايضاً، لان المسار الناجح الذي طبع منظومة عمل الجيش واللجان الشعبية اليمنية مؤخرا، في التصنيع وفي إدارة المعركة الاستراتيجية، كان يؤشر ان كل عملية استهداف نوعية ينفذونها ضد العدوان، ستكون اكبر وأخطر واكثر ايلاما وتأثيرا من التي سبقتها.
ضرورية: لأنه لم يعد ينفع مع العدوان اي تحذير او تنبيه، فهو ماضٍ في عدوانه واجرامه ضد اليمن وابنائه دون توقف، ولا يرتدع عن ارتكاباته بالرغم من أن حربه اصبحت فارغة دون معنى:
ـ اولا: لا معنى سياسياً لهذه الحرب حيث ذريعة اعادة الشرعية انتفت وتبخرت بعد أن ضُربت هذه الشرعية من حلفائها ومن داعميها، وحيث من جهة أخرى تفتت وتشرذم تحالف العدوان عمليا ، وانتهى دون الإعلان عن ذلك.
ـ ثانياً: لا معنى عسكرياً لها حيث اُقفِل الميدان بوجهها بالكامل، وهي الآن بالكاد تستطيع حماية أراضي المملكة الجنوبية.
ضرورية ايضا لأنها أصبحت حاجةً وملاذاً للجيش واللجان الشعبية في الدفاع ، وخرطوشتهم الأخيرة في محاولة وقف العدوان، من خلال الضغط أكبر قدر ممكن على دوله ومصالحه الاستراتيجية.
مناسبة: لأنها أصابت مقتلا من السعودية كراعية أساسية للعدوان على اليمن، فالمناطق المستهدفة في العمق السعودي شمالا، تعتبر الأكثر حيوية ونشاطا على الصعيد الصناعي وعلى صعيد قطاع النفط والغاز، وتعتبر ايضا من المناطق الأنشط لناحية الارتباط والتواصل التجاري مع الخارج، بحرا وجوا.
مناسبة ايضاً لأن منطقتي وحقلي بقيق وخريص تشكل مصدرا اساسيا من مصادر التمويل للمملكة، مما سوف يؤثر سلبا على قدرة الاخيرة في تغطية تكاليف العدوان، والتي فاقت بأضعاف وأضعاف ما كان متوقعا لها، الأمر الذي قد يشكل مدخلا لإنهاء العدوان لأسباب مالية واقتصادية .
واخيرً، ربما يكون مناسبا أن ننهي ما تطرقنا إليه حول أهمية وحساسية العملية، بما قاله متحدث القوات المسلحة اليمنية (واثقا وصادقا ومصيبا كالعادة): ” نعد النظام السعودي بأن عملياتنا القادمة ستتسع وستكون أشد إيلاما طالما استمر عدوانه وحصاره”.