وهم الانفصال وأحلام التفرد بالسلطة
محمد دريب الشريف
حاولت الأطراف المؤيدة للعدوان أن تُخفي بالقدر المستطاع الأهداف الحقيقية لكل منها وتسترت طيلة الخمس السنوت المنصرمة على الغايات المتباينة التي يسعى كل فريق للوصول إليها مستعينا بآلة الدمار والخراب الأمريكية ،،، ولأن مصلحة الأخير وجود هذه الأطراف تحت مسمى الشرعية إلى جانبه أعانهم على التستر والتورية والاحتفاظ بهذه الأهداف والغايات إلى الأجل الذي يرى فيه مصلحةً وعائد فائدةٍ أكبر بالنسبة له وللمصالح التي شن عدوانه من أجلها وفي سبيل الحفاظ عليها .
وفي اليوم نفسه ذلك التحالف الذي أُنشئ على أساس عودة الشرعية واستبعاد خصومها كما يدعي يرى أنّ المصلحة تقتضي أنّ يُعبر كل فصيل عما بداخله وأنْ يعمل لمصلحته الخاصة وأن يقاتل في سبيل تحقيق هدفه الذي فرضت المصلحة الآنية استبطانه والوحدة مع طرف الأخر – تحت مسمى الشرعية – راميا خلفه كل تلك العناوين الوطنية الباراقه التي كان يدعيها طيلة خمس سنوات ومن أجلها دفع الآلاف من المخدوعين وقاصري الوعي إلى موارد الهلكة والفناء .
ليسوا وحدهم من اطلع عليهم الشعب اليمني وشعوب العالم متلبسين بجريمة الانقلاب على أهداف ادّعوا في فترةٍ سابقةٍ أنهم يعملون لتحقيقها والتي من جملتها الوحدة والشرعية وإعادة الدولة وفرض هيبتها بل نفسه التحالف الذي تتزعمه السعودية والإمارات وتقوده أمريكا انكشف مستوره وباتت دوافع حربه وأهدافه منها واضحة ومكشوفة وجريمته مشهودة يتطلع إليها العالم وقد أخذه الذهول وحالة التكهرب لشدة الخداع الذي مارسه طيلة سنوات الحرب وإلى الآن.
لا يمكن أنّ نُعمم حالة البلاهة والتبلد على كل أبناء الشعب فقد كان هنالك من أبناء الوطن من تنبه إلى خطورةِ ما يسعى إليه هذا التحالف وكانت رؤيته واضحه وبصيرته نافذة وشخّص وبشكلٍ دقيق الأهداف التي جاء من أجلها العدوان الذي تقوده أمريكا وتنفذه السعودية والإمارات واتخذ الموقف الحازم والقرار الشجاع المتمثل بالوقوف بوجه هذه الأهداف والحيلولة دون تحقيقها وانطلق إلى ميادين المواجهة بالأساليب المشروعة والممكنة ليذب عن حياض الوطن ويسقي ثراه دماً قانياً ثمناً لحريته وكرامته واستقلاله وسيادة أراضيه ولا يخفى على أحد البطولات التي سطرها وما يزال يُسطرها شباب وشابات اليمن دفاعا عن المبادئ والثوابت الوطنية والحيلولة دون تنفيذ مشاريع العبث والتجزئة والاحتلال المستدام الذي تطمح له السعودية وأصحاب القرار في واشنطن وتل أبيب.
اخوةُ الامس أعداء اليوم ،، الذين تقدموا جحافل الاحتلال وقادوا عملياته العسكرية ضد بلدهم وشعبهم تحت مسمى عودة الشرعية وترسيخ الدولة لمْ يعد هذا ما يهمهم وهو الذي نجزم بأنه لمْ يهمهم يوماً ولمْ يخطُر على بال أحدهم إنما أرادوا منه ما أراد الخوارج من شعار – لا حكم إلا لله – بدليل تباين المواقف والشروع في صراع جديد وفتح جبهات للحرب الغاية من ورائها فرض كل فريق نفسه على أساس الايدلوجيا والخلفيات التي أنطلق منها والمشاريع الضيقة التي يتبناها على نحو مستقل كان قد تواطأ عن الإفصاح عنها في فترة من الفترات لغاية لا يدركها إلا أصحاب الفخامة والسمو من أمراء وملوك والذين يرون الآن أنه لا مانع من الإعلان عنها بل والقتال في سبيلها طالما وكل فريق لديه من السلاح والعتاد ما يكفي لخوظ معركةٍ أطول تمنحهم الوقت الكافي لتنفيذ مخططاتهم وأجندتهم السياسية والاقتصادية لمرحلة من مراحل عدوان جديد قد هندسوا تفاصيلها وأخرجوا سيناريوهاتها بالشراكة مع أم الإرهاب وراعيته أمريكا.
ولا شك أنّ أحداث الجنوب تُزيح الستار عن مخططات وأجندات جديدة للراعي الامريكي والأدوات الخليجية قد تخلق مرحلة جديدة من مراحل الصراع وتهيئ الساحة الجنوبية لمعركة طويلة الأمد تكون تفاصيلها أشد إيلاماً على طرفي الصراع وأكثر عبثاً وخراباً ولربما تشهد الأيام القادمة دخول مصارعين جدد إلى الحلبة وتحت مسميات وعناوين كثيرة ولمشاريع خاصة،،والقدر المتيقن أنها قد بدأت ، وعوامل استمرارها موجودة ، وكذلك الإمكانات والمتطلبات اللازمة متوفرة ، وفي متناول الجميع ، كل حسب طلبه ومواصفاته،، إلا أن أكثر ما يمكن أنْ يُساعد دول الاحتلال والعدوان على إطالة أمد الصراع بين شركاء – الشرعية المزعومة – وزجهم في معركة تأتي على آخرهم؛ هو بيع الوهم لكل فريقٍ على حدة وحسب ما يتطلع إليه ويحلم به، فذاك يوهموه بالانفصال وأنهم يعملون على تحقيق رغبته والآخر يغروه بالسلطة والانفراد بها وأنهم يعملون على سحق خصومه وإخراجهم من الحياة السياسية،،وبين هذا وذاك وطن ينزف وشعب أُثقل بأوزار حروب دامية واقتصاد منهار ومساحات تتوزعها ميليشيات القتل والسحل وترويع الآمنين وإخراجهم من بيوتهم ومصادرة ممتلكاتهم كل ذلك تسبب فيه حمق السياسة وقصور النظر والتخلي عن المبادئ والثوابت الوطنية والارتهان للخارج ومنحه الحق في تقرير مصير شعب ووطن لم يكن يوماً ليرضى عنه أو يطمئن مع وجوده حراً مستقلاً مصاناً ذا كرامة وسياده ينعم أبناؤه بالرخاء والأمن والأمان.
وستظل قوى التحالف تبيع وهم الانفصال لميليشيات الانتقالي وسراب التفرد بالسلطة لحزب الإصلاح وشركائه طالما وأجنداتها على سلم أولويات هذه البيادق ولن تخذُل أياً منهم وستزيدهم مالاً وسلاحاً وتزودهم بالاستراتيجيات وتوفر لهم الجو المُلائم للفتك والسحل وطحن بعضهم البعض وستُوسع دائرة الصراع بينهم وتُشعل ما تبقى في ‘ قرطلتها ‘ من أعواد الثقاب على كومة أقشاش أطماعهم وأمانيهم لتصل نيران الاحتراب إلى المدى الذي ليس بالإمكان احتواءها والسيطرة عليها خصوصاً وأنّ الجنوب ما تزال بعض شركات النفط فيه تعمل ويشكل رافداً اقتصاديا ولو بالنسبة وأيضا الموانئ التي يشكل وجودها كابوساً مزعجاً لعلوج الإمارات والسعودية وودوا لو يحصل انفجار كوني جديد يعيد تشكيل خارطة كوكبنا الأرضي لا يكون من نصيب اليمن على إثره مضيق باب المندب وميناء عدن وسواحل المهرة وحضرموت ومياه خليج عدن مرة اخرى.
ولأنّ أطراف الخيانة احتاجت من الوقت ما مقداره خمس سنوات لتعرف ويتكشف لها أنه لا ضمانات على استمرارها في درب الخيانة وخدمة دول العدوان متوحدة ومترابطة وفي سياق المصلحة المشتركة.
يا ترى كمْ ستحتاج من الوقت لتعرف أنّ الصراع في حد ذاته هدف ومشروع واستراتيجية لهذه الدول بغض النظر عن أطرافه ؟؟!! وأنّه لا فرق بين ما إذا كانت هذه الأطراف هي الإصلاحي مع الإشتراكي أو الناصري مع السلفي أو جميعهم مع الانتقالي أو المذكورين مع أنصار الله أو هادي مع محسن أو محسن مع هادي والمطلوب والمتوخى والمهم بالنسبة لهم هو كونه يمنياً ويقاتل في أرض يمنية ولصالح مشاريهم العدوانية.
وكم سيحتاج الإصلاحي من الوقت ليعرف أنّ الإمارات لا يمكن أنّ تمنحه يوماً حق الحكم والسلطة ولو في كوكب آخر أو على رأس شوكة؟
وكم سيحتاج دُعاة الانفصال من الوقت ليتضح لهم أنّ ما يحلمون به مجرد وهم وسراب خادع و لن يتحقق ولن تعطيهم السعودية وقطر الحق في ذلك نكاية في الإمارات وإن أعطوهم الحق في ذلك فلن يعطيهم الشعب ولن يسمح لهم بتجزئة الوطن وتشطيره نزولا عند رغبة دول العدوان ؟؟
وكم سيحتاج هادي من الوقت ليتيقن حق اليقين أنّه لمْ يعُد رئيساً لليمن وليس له القرار عليه وأنه غير معترف به وليست له قابلية حتى عند الفصائل والمكونات التي تتصارع بين يديه والتي ظن يوماً أنها تقاتل من أجل عودته إلى صنعاء ؟ وكم سيحتاج من الوقت ليعرف أنه دمية ولا أحد يعبه ولا يبالي بشرعيته وأنّ الحرب لمْ تُشن على الشعب من أجلها ولا في سبيلها وسبيل إعادته إلى سدة الحكم ؟؟
شيءٌ محزن ومفجع وكارثي ومراحل من الغباء والحمق والتبلد وصلت إليها هذه الأحزاب والمكونات لم يسبق وأن حصلت لامة في تاريخ الإنسانية ولا نعلم أي عاهات ومسوخ أبتلي بها شعبنا أي لعنة استحق بها أن يدب مثل هذا الجُذام في جسمه ويتسلقوا في فترة من الفترات ليصبحوا قادة أحزاب ورواد حركات ورؤساء وامراء جيش وعسكر ليجد فيهم المحتل ضالته وينفذ من خلالهم إلى شعبٍ عُرف بحكمته وسداد رأيه وبشكيمته وأنفته وتعاليه وشجاعة أبنائه على مدى التاريخ واحتَقَب كل من غزاه الذُل والهوان وتجرع من المر علقمه ومن الموت الزؤام.
وأمام هذه المعمعة والتضارب والمرحلة التي تُشكّل أخطر المراحل بالنسبة للشعب اليمني لابد من التسلح بسلاح الوعي والبصيرة وأن يتوجه أبناء شعبنا إلى الالتفاف حول المشروع الوطني الجامع الذي يقوده المجلس السياسي الأعلى ويتزعمه قائد الثورة لأنّه المشروع الذي نقطع ونجزم ونؤمن أنّ فيه خلاص الوطن من هذه المحنة وخروجه من هذه الحرب الظالمة ظافراً منتصراً ومقتدراً لبناء حاضره ومستقبل أبنائه،،
هذا هو الخيار الأمثل والذي ليس أمام اليمنيين سواه إن ارادوا تخليص بلدهم من براثن الاحتلال وجذام العمالة والارتزاق ودعاة الانفصال وبناء الدولة المدنية الحديثة التي يتطلع إليها كل الأحرار والشرفاء من أبناء هذا الشعب العظيم المعطاء.