الرياضة والأمل الذي ضاع

 

حسن الوريث

في أحد البرامج بقناة الهوية كان عدد من لاعبي منتخب الأمل منتخب الأمل للناشئين لكرة القدم الذي وصل إلى نهائيات كأس العالم عام 2003م يشكون بمرارة وحرقة من أوضاعهم البائسة والتي وصلت إلى حد لا يطاق.
تابعت البرنامج الذي يحكي فصلاً من فصول الرياضة اليمنية ومآسيها التي لا تنتهي فهذا الفريق الذي أسمي بمنتخب الأمل في ذلك الوقت تاه في وسط الزحام وضاع أفراده في زحمة وعود المسؤولين بمستقبل باهر وآمن لهم ولغيرهم من الرياضيين والمبدعين وكان الأمل يحدوهم في أن يجد المبدع اليمني حقه من الإنصاف على اعتبار أن هذا المنتخب سموه بمنتخب الأمل لكنهم لم يعملوا بمقتضى هذه التسمية التي خدعوا بها الجميع وفي مقدمتهم الرياضيون أنفسهم الذين قدموا في ذلك الوقت مستوى فنياً بديعاً نافسوا به منتخبات عريقة على المستويين الإقليمي والدولي.
تحدث الجميع عن وعود بمنحهم أراضي ومرتبات ووظائف وتحسين أوضاع وبرامج لتطوير الرياضة وتشجيع المبدعين والاهتمام بهم ورعايتهم لكن كل ذلك تبخر ووجد هؤلاء وغيرهم أنفسهم في الشارع يبحثون عن سكن ووظيفة ولقمة عيش كريمة فيما كان أولئك المسؤولين يعيشون في القصور والفلل ويمتلكون السيارات الحديثة وفي بحبوحة من العيش مستفيدين من إنجازات هؤلاء الرياضيين المساكين فكما يقال في المثل الشعبي “جمل يعصر وجمل يأكل العصارة” فالرياضي يعصر ويعرق ويجتهد ويقدم كل ما لديه والمسئول يأتي لكل شيء جاهز وباسم أنه من يرعي المبدعين.
طبعا هذه المأساة لمنتخب الأمل وتلك المآسي لكل الرياضيين اليمنيين والمبدعين تؤكد أن نجوم الرياضة في اليمن حظهم أن قياداتهم الرياضية من طينة أخرى لا يفهمون ولا يعقلون ولا يعرفون واجباتهم الملقاة على عواتقهم لخدمة الشباب والرياضيين بل أن جلهم جاء إلى موقع المسؤولية من أجل الحصول على أكبر قدر من المكاسب والمغانم والأموال فقط وآخر ما يفكرون فيه هو كيف يخدمون الرياضيين والشباب وينهضون بالرياضة.
هل تصدقوا أن نجوم البلدان التي قابلها منتخب الأمل الآن يتمتعون بكل مزايا الأبطال وحصلوا على التكريم المناسب وكذا كل الفرص ليكونوا مدربين أو إداريين ليقودوا مسيرة اللعبة في بلدانهم ويصنعوا نجوما جدداً وهكذا لأنهم في بلدان تحترم المبدعين وتهتم بهم، بينما لاعبونا الآن يتمنون أنهم لم يكونوا في يوم من الأيام نجوماً أو لم يمارسوا الرياضة لأنهم لم يحصدوا سوى الخيبة ولا شيء غيرها.
مما لاشك فيه أن اليمن تمتلك مخزونا بشريا كبيرا في مختلف المجالات ومنها الرياضة التي تحظى بنصيب وافر من الموهوبين والمبدعين لكن كل تلك المواهب لم تجد من يهتم بها ويرعاها بالشكل الصحيح والحقيقي ولا يقتصر الأمر على الإهمال فقط لكنه يتعدى ذلك إلى محاربة كل أصحاب المواهب والإبداعات بل والإقصاء والتهميش إلى درجة ربما لا يمكن تخيلها وما قصة منتخب الأمل الذي ضاع إلا فصل واحد من فصول مآسي الرياضة اليمنية نتيجة قصر فهم وعدم وجود رؤية حقيقية للرياضة وأهميتها ودورها في حياة الشعوب، حيث صارت مورداً من أهم الموارد للكثير من البلدان التي تعتمد في دخلها القومي على الرياضة واستفادت كثيراً مادياً ومعنوياً وصار اسمها يتردد على كل لسان بسبب اهتمامها بالرياضة والرياضيين وشجعت المواهب والمبدعين وقدمت لهم الرعاية حتى أصبحوا نجوماً عالميين يشار إليهم بالبنان، وبالمقابل فإنهم أفادوا بلدانهم في كل شيء وتحولت الرياضة في هذه البلدان إلى استثمارات تدر المليارات لترفع من الدخل القومي لها على العكس منا الذين نهمل مبدعينا ونضيعهم وليس منتخب الأمل إلا نموذجاً بسيطاً لإهمالنا ليس لمبدعينا ولكن لبلدنا..

قد يعجبك ايضا