ملحمة السبعين مثلت مرحلة فاصلة في تاريخ الثورة.. إمøا الجمهورية أو العودة إلى عصور الظلم والجهل

■ علينا توثيق هذه المرحلة توثيقاٍ حقيقياٍ ونأسف لظهور بعض الإصدارات التي لا تعبر إلا عن أصحابها وفيها زيف وتزلف

حوار/ خليل المعلمي

, ضرب الكثير من الأبطال أروع التضحيات وغاِمرِ طيارو الداكوتا بإنزال المساعدات إلى مطار الجراف , لابد من النظر في أوضاع المناضلين من بداية الثورة مروراٍ بملحمة السبعين وإعطائهم ما يستحقون من التقدير والتكريم

كان لأهالي صنعاء وأفراد المقاومة الشعبية الدور الكبير في تثبيت الأمن والاستقرار داخل العاصمة صنعاء تلقينا الدعم والمساندة من الأشقاء في سوريا والأصدقاء في الاتحاد السوفيتي
مثلت مرحلة السبعين يوماٍ إحدى المراحل المفصلية في تاريخ الثورة اليمنية رفع خلالها المقاومون خلالها شعار الجمهورية أو الموت بعد أن أصبحت العاصمة صنعاء محاطة بفلول الملكية والمرتزقة وبدعم من عدة دول عربية ودولية لا تريد لليمن أن يحيا حياة كريمة وقطعت جميع الطرق إلى صنعاء فكان الانتصار في ملحمة السبعين انتصاراٍ للثورة وانتصاراٍ للجمهورية وسطر الأبطال في تلك المرحلة أروع البطولات في دفاع مستميت وبثبات الوحدات العسكرية الموجودة في العاصمة ووصول الدعم الشعبي والقبلي لفتح طريق صنعاء الحديدة بدأت بشائر النصر تلوح في الأفق وكانت بداية لانتهاء حصار صنعاء وتثبيت الثورة والجمهورية ودحر فلول الملكيين إلى أبد الآبدين.
من خلال الحوار التالي مع أحد أبطال السبعين يوماٍ اللواء يحيى محمد الكحلاني قائد الشرطة العسكرية في تلك المرحلة يحدثنا عن الأوضاع التي عاشتها بلادنا خلال تلك الفترة والدور البطولي لأولئك الرجال.. مؤكداٍ ضرورة تكريمهم وتكريم أسرهم وتحسين ظروفهم المعيشية التي لا تسر عدواٍ ولا صديقاٍ.. فإلى تفاصيل الحوار:

• متى التحقت بالقوات المسلحة وفي أي موقع كنت حينما قامت ثورة 26 سبتمبر من العام 1962م¿
– حين قامت ثورة الـ26 من سبتمبر من العام 1962م كنت في الشطر الجنوبي من الوطن وعدت إلى صنعاء بعد قيام الثورة مباشرة والتحقت بالكلية الحربية مباشرة ضمن الدفعة الأولى التي تخرجت في العام 1963م ومن ثم ذهبت مع دفعتي إلى القاهرة لمواصلة الدراسة وكان تخصصي مشاة شرطة عسكرية.
• كم كان عدد خريجي الدفعة الأولى من الكلية الحربية¿
– كانت تضم الدفعة الأولى من الكلية الحربية 94 طالباٍ في صنعاء إضافة إلى 100 طالب تخرجوا معنا ضمن الدفعة الأولى كانوا يدرسون في المركز الحربي بتعز وأصبح عدد خريجي الدفعة الأولى 194 طالباٍ.
• ما هي المواقع التي شغلتها بعد تخرجك من الكلية الحربية¿
– بعد تخرجنا من الكلية الحربية سافرت إلى القاهرة والتحقت بمدرسة الشرطة العسكرية في حلمة الزيتون لمدة ستة أشهر ثم التحقت بدورة في المباحث الجنائية العسكرية لمدة ثلاثة أشهر ومن ثم التحقت بلواء الثورة وخرجنا مع اللواء في العام 1964م ووصلنا إلى صنعاء وكان قائد اللواء المرحوم حسين عنبه وتم توزيع اللواء على عدد من المناطق “كوكبان ثلا” وغيرها بحسب ما تم إقراره من قبل القيادة العامة وفي بداية العام 1965م انتقلت إلى الشرطة العسكرية بحسب تخصصي وعْينت كبير معلمي الشرطة العسكرية ومن ثم تدرجت في الأعمال ومن ثم عْينت مديراٍ للمباحث الجنائية العسكرية وانتقلت إلى تعز في نهاية العام 1965م إلى تعز لعقد دورة تدريبية لتأهيل الضباط في المركز الحربي وعدت إلى صنعاء في بداية العام 1967م وعدت إلى عملي مديراٍ للمباحث الجنائية العسكرية. وفي بداية العام 1968 أثناء حصار صنعاء عْينت قائداٍ للشرطة العسكرية.
• بالنسبة لحركة 5 نوفمبر من العام 1967م هل كان مخطط لها مسبقاٍ أم أنها جاءت نتيجة حتمية إلى ما وصلت إليه الأوضاع حينئذ¿
– من وجهة نظري الشخصية وأنا كنت في ذلك الوقت ملازم أول بأنه قد حصلت خلافات بين القيادة السياسية وكان مصدر الخلاف ما بين القوى الوطنية والمشير السلال فبعد عودة السلال ومغادرة القوات المصرية لليمن اشتد الخلاف مما اضطر القوى السياسية في تلك الفترة بالقيام بحركة 5 نوفمبر بعد مغادرة المشير السلال إلى العراق في زيارة وقد التقت القوى الوطنية مع القوى العسكرية واتفقوا على القيام بحركة 5 نوفمبر وكان دوري فيها مندوباٍ عن الشرطة العسكرية قمت باحتلال المخابرات العامة لما لها من أهمية في ضبط الأوضاع وكان مقرها في منطقة البونية بالقرب من السفارة الروسية.
• ما هي أبرز الأسباب التي أدت إلى استيلاء أعداء الثورة على مواقع كثيرة حتى أصبحوا أقرب إلى العاصمة صنعاء مع نهاية العام 1967م وأدى إلى حصارها لمدة سبعين يوماٍ¿
– عندما نعود إلى مذكرات القاضي عبدالرحمن الإرياني التي صدرت مؤخراٍ وذكر فيها أنه تم استعجال مغادرة القوات المصرية بعد اتفاقية جدة وكانت القوات اليمنية غير مستعدة بسبب قلة أعدادها وإمكانياتها سواء مدرعات أو تسليح أو طيران هذا مكن أعداء الثورة بعد مغادرة القوات المصرية من السيطرة على كل المواقع المحيطة بالعاصمة صنعاء فكانت بعض مواقع المظلات والصاعقة موجودة داخل العاصمة صنعاء ولواء النصر كان في جبل النبي شعيب وطلوع الكلية الحربية الدفعة السادسة والسابعة إلى نقم لحماية صنعاء من الجهة الشرقية ولواء النصر تمركز أيضاٍ في براش حماية لجبل نقم لأنه لو استولت القوات الملكية على براش ستسيطر على نقم وفي نفس الوقت ستدخل صنعاء إضافة إلى وجود قاسم منصر في جبل الطويل في بني حشيش التي كانت ملكية وسنحان أيضاٍ كانت ملكية وبني بهلول وبلاد الروس وطريق الحيمة ملكية وطريق بني مطر منهم الملكيون ومنهم الجمهوريون فكان اللواء العاشر موجوداٍ في عصر وهذه كانت مواقعنا الطبيعية ومجموعة كانوا في العرة في همدان دبابة أو دبابتان وكانت الصاعقة والمظلات موجودتين داخل صنعاء لحماية صنعاء وعمل الغزوات لإبعاد الملكيين أثناء سيطرتهم على النهدين وكانت المدفعية موجودة في ميدان السبعين وتمركزت كلية الشرطة في مطار صنعاء لحمايته وكانت هذه هي القوات البسيطة الموجودة.
وكان العزم والتصميم والعزيمة القوية لحماية صنعاء أدى إلى خلق شعار “الجمهورية أو الموت” وأصبح الدفاع عن صنعاء دفاعاٍ مستميتاٍ لا مجال للهروب لا مجال للتهاون وأصبح الشغل الشاغل هو كيفية الدفاع عن صنعاء لأنه لو سقطت صنعاء ستسقط الجمهورية.
• كيف تصرفت القيادة السياسية في البلاد أثناء حصار السبعين¿
– كانت القيادة في البداية موجودة القاضي عبدالرحمن الإرياني ومحمد علي عثمان والنعمان والفريق حسن العمري ولم تكن هناك خطط محددة كما يروج لها البعض ولكن كان هناك دفاع مستميت عن العاصمة صنعاء من قبل الجيش وأبناء القبائل والمشايخ وأهالي صنعاء جميعهم اتفقوا على عدم السماح للملكيين بالتقدم شبراٍ واحداٍ وأنا كقائد للشرطة العسكرية والمرحوم عبدالله حسين بركات كان وزير الداخلية كانت مهمتنا هي الحفاظ على صنعاء من السقوط ولم تكن صنعاء بالحجم الموجود حالياٍ فقد كانت فقط صنعاء القديمة ومنطقة القاع فقط وكانت مهمتنا حماية صنعاء من العناصر الموالية للملكية وكانت لكل جهة من الجهات سواء على مستوى المقاومة الشعبية أو الوحدات العسكرية أو رجال القبائل الذين وقفوا في صنعاء مثل عبدالله بن حسين الأحمر ومجاهد أبو شوارب وعلي حمود جليدان والشيخ أحمد علي المطري والشيخ حمود الصبري في الحيمة وأبناء بني مطر الشرفاء الذين كانوا يدافعون عن طريق صنعاء الحديدة وكانت تحدث معارك شديدة في تلك المناطق وبفضل صمودهم انتصرت الثورة وانتصر الشعب.
•هل كان هناك تنسيق بين الوحدات العسكرية المختلفة أثناء حصار السبعين¿
– كان هناك شبكة اتصالات مرتبطة بالعمليات الحربية ومتصلة بهيئة الأركان وهناك عدد من القيادات العسكرية التي كانت مؤهلة لتولي بعض المناصب الهامة في تلك المعركة لكنها فرت من البلاد ولم يوافق أي شخص أن يتولى منصب رئاسة الأركان كان وزير الدفاع المرحوم اللواء عبدالكريم السكري تحمل مسؤولية وزارة الدفاع ولكنه كان شخص لوحده وفي العمليات الحربية كان هناك شخصين وكانت لرئاسة الأركان دور بطولي بعد تولي البطل عبدالرقيب عبدالوهاب لهذا المنصب ولولا وجود هذا الرجل في هذا الموقع ومشاركته كبطل في الميدان لسقطت صنعاء في أيدي أعداء الثورة وهو يعتبر أحد بطلين لفك حصار السبعين بعد الفريق حسن العمري الذي يعتبر بطلاٍ وكرمز سياسي وعسكري.
أما الذين هربوا من المعارك وعادوا ليتشدقوا ويقولون بأنهم قد شاركوا في ملحمة السبعين ووضعوا الخطط فنقول لهم استحوا فالجميع يعلم من هم الأبطال الذين شاركوا في تلك الفترة في الدفاع عن صنعاء خلال السبعين يوماٍ.
•حدثنا عن البطولات وعن الأبطال الحقيقيين في الدفاع عن صنعاء أيام حصار السبعين¿
– دور الفريق العمري كان كرمز سياسي وعسكري ولا أحد ينكر وجوده وتصميمه ومغامراته وكان يتفقد ويزور المواقع بشكل مستمر وكانت له مواقف شجاعة وبطولية وغير متوقعة وبالنسبة لعبدالرقيب عبدالوهاب وزملائه مثل علي مثنى جبران قائد المدفعية ومحمد صالح فرحان قائد سلاح المشاة ومحمد علي الجبري مدير الكلية الحربية وطاهر الشهاري قائد اللواء العاشر في عصر ومحمد عبدالخالق قائد سلاح المدرعات وكان هناك تنسيق ولقاءات بحسب ظروف المعارك وكلما اشتدت معركة في موقع ما يتم الدفع بقوة من الاحتياطي الموجودة وكانت الحرب سجالاٍ وبحسب الظروف الموجودة في تلك الفترة فكانت الأمور تتم بحسب ما تحصل معركة فنندفع بقوات أو يخرج عبدالرقيب عبدالوهاب رئيس الأركان شخصياٍ ومعه مجموعة من أفراد المظلات والصاعقة والشرطة العسكرية للدفاع عن موقع معين أو تخفيف الضغط على مواقع أخرى وهذه كانت الظروف ومعروفة لدى الناس الذين عايشوا تلك الفترة.
• ما هو دور الشرطة العسكرية في تلك المرحلة باعتبارك كنت قائداٍ لها¿
– كان للشرطة العسكرية في تلك المرحلة مهام كبيرة جداٍ أولاٍ حماية الخطوط الخلفية للجيش وهذا دورها في كل جيوش العالم والقيام بمهام الحماية الأمنية والتنسيق مع الوحدات أثناء تحركاتها حيث لابد من عمل حماية واستطلاع إضافة إلى حماية الأمن الداخلي خوفاٍ من تسلل بعض العناصر التخريبية أو ممن يروج للشائعات أو من يقومون بنشر المنشورات المعادية للجمهورية فكانت المباحث الجنائية العسكرية مع الشرطة العسكرية تقومان بالتنسيق مع وزارة الداخلية وكنا مسيطرين على الأوضاع وتم القبض على بعض المجاميع ملكية وموالية للملكية ووجدت معهم بعض الأشياء التي كانت تضر بالأمن العام في تلك الفترة ولكن بحمد الله وتوفيقه توفقت الشرطة العسكرية في ضبط الأمور داخل مدينة صنعاء كما كان لها مواقع عسكرية في بعض المناطق مثل الحفا وغيرها من المناطق لأن القوات المدافعة عن صنعاء كانت محدودة.
• كيف كانت مقاومة القوات المرابطة في العاصمة صنعاء¿
– أتذكر أن مقاتلين من المظلات والصاعقة والمدفعية وطلاب الكلية الحربية ولواء النصر واللواء العاشر والمدرعات كانت لهم بطولات خالدة في الدفاع عن الثورة وسيسجلها التاريخ لأنهم دافعوا عن العاصمة صنعاء دفاعاٍ مستميتاٍ ولم يكن أمامهم إلا الدفاع عن صنعاء لأن ذلك كان يعتبر دفاعاٍ عن الجمهورية وتحملوا ما لم يتحمله جيش في العالم ولمدة تجاوزت السبعين يوماٍ على الرغم من أنه كان يتم ضرب صنعاء بالمدفعية من جبال عيبان ومن عصر إلى قصر السلاح بواسطة مدفعية وصواريخ وبواسطة خبراء أجانب وكان الخوف أن يتم تدمير قصر السلاح لأنه إذا تم تدميره فستدمر صنعاء بأكملها وكان قاسم منصر يقوم بالضرب من جبل الطويل في منطقة بني حشيش وتصل القذائف إلى منطقة الحصبة بالقرب من مصنع الغزل والنسيج وإلى منطقة شعوب.
•ما هو دور المقاومة الشعبية في تلك المرحلة¿
– لقد كان للمقاومة الشعبية دور كبير في تلك الفترة وعلى رأسهم محمد صالح الكميم والأخ نعمان المسعودي والأخ علي مهدي الشنواح والأخ عمر الجاوي الذي كان له دور عظيم جداٍ وبعض الإخوان من جبهة التحرير من الجنوب الذين ساهموا في الدفاع عن صنعاء وبعض القوى القبلية التي كانت موجودة في صنعاء حملوا السلاح وقاتلوا ودافعوا عن صنعاء وعن أمنها وعن أهلها أما دور أهل صنعاء القديمة وساكنوا صنعاء فكان لهم دور كبير وأكن لهم كل تقدير واحترام لأهالي صنعاء الأبطال الذين وقفوا مع الثورة والجمهورية وقد استفادوا مما حصل في العام 1948م وأقولها بكل صراحة إنه لم تصلنا شكوى من أهالي صنعاء القديمة أو سمعنا عن أي حادث حصل من قبل أهالي صنعاء ضد الثورة وضد الجمهورية.
كما كان للمقاومة الشعبية دور ولابد من تكريمهم وذكرت أسماء وهناك أسماء أخرى وقد رفعت بأسماء الأبطال في حصار السبعين إلى مكتب القائد الأعلى للقوات المسلحة ليتم تكريمهم على مستوى الضباط وصف الضباط والجنود والمقاومة الشعبية والمشائخ أو على مستوى إعلاميين أو فنانين وهؤلاء يجب أن يتم تكريمهم وأقول بكل صراحة بأن الصمود في ملحمة السبعين تعادل قيام الثورة في 26 سبتمبر وهي تكملة لها ولولا الصمود في حصار السبعين لما صمدت الجمهورية ولتمكن أعداء الثورة من القضاء عليها ولذلك فملحمة السبعين تعتبر من أهم المراحل في تاريخ الثورة اليمنية ولابد من التوثيق الحقيقي لهذه المرحلة الفاصلة والتي أدت إلى تثبيت النظام الجمهوري ولولا جهود أولئك الأبطال والثوار الحقيقيين الذين صمدوا في حماية الثورة والجمهورية وحماية العاصمة صنعاء خاصة بعد مغادرة القوات المصرية لبلادنا لكنا عدنا إلى عهود الظلم والجهل والاستبداد والتخلف.
• كيف تنظرون في الوقت الحالي إلى تلك التضحيات والمشاركات في إنهاء الحصار وتثبيت النظام الجمهوري¿
– أتمنى أن يأتي اليوم الذي يتم فيه تكريم أولئك الأبطال الذين قدموا أرواحهم وأنفسهم رخيصة من أجل بقاء الثورة والجمهورية ومن أجل نقل الشعب اليمني من الظلام والظلم إلى عهد الحرية والعلم ولكن هناك تقصير حاصل من السلطات التي تلاحقت فلم يتم التوثيق الحقيقي لهذه المرحلة ولم يتم التكريم الحقيقي لهم وانقلبت الموازين بعد ذلك وأصبح من هربوا أثناء الحصار ومن ثم عادوا فيما بعد هم الأبطال وتولوا المناصب ولهم اعتمادات vwمالية كبيرة بينما الذين صمدوا أصبحوا لا قيمة لهم ولهذا فلابد للنظر لأوضاع المناضلين من بداية الثورة اليمنية مروراٍ بملحمة السبعين وفيما بعد فنحن نجد أن مرتباتهم لا تكفيهم للاحتياجات الضرورية وهذه معروفة لدى الحكومة ولدى القيادات العليا في الدولة وهناك حالات لو تم البحث عنها ورصدها سنجد أن الكثير منهم يعيشون العيش الكفاف وهم قد وهبوا حياتهم وأنفسهم في تلك الفترة من أجل ما وصلنا إليه هذه الأيام فأين التقدير وأين الوفاء والاحترام.
وسيشهد التاريخ ما حصل لقائد النصر في فك حصار السبعين عبدالرقيب عبدالوهاب حينما عاد المتآمرون من الخارج ليعوزوا إلى الفريق العمري بأن هذا الرجل البطل يتآمر عليه بعد عودته من عدن وأنه يريد الانقلاب على النظام القائم آنذاك ودبروا له مؤامرة أدت إلى قتله وسحله في شوارع صنعاء فهل يعقل بأن هذا البطل الذي دافع عن الثورة والجمهورية وقاتل وبذل نفسه رخيصة في سبيل ذلك أن يتآمر على النظام القائم وكذلك البطل عبدالرقيب الحربي الذي عاش بقية حياته في قريته في شغف من العيش وهو من أبطال ملحمة السبعين وأن حمود ناجي قائد المظلات الذي بذل حياته في معارك الدفاع عن الثورة منذ اندلاعها مروراٍ بملحمة السبعين وحتى استقرت الجمهورية فمات الرجل ولم يجد من يذكره أو يقدره.
وكم من الثوار والأبطال دخلوا السجون بعد حوادث أغسطس في 1968م أما الذين هربوا من المواقف الصعبة والمعارك هم من تولوا المناصب وأصبحوا أثرياء بينما الذين دافعوا عن صنعاء أخرجوهم إلى الشوارع وإلى السجون وأغلبهم في هذه الأيام يعيش حالة بائسة وحالة لا يعلم بها إلا الله.
* كيف كان يتم التواصل ما بين القوات المرابطة في صنعاء وما بين القيادات السياسية التي كانت خارج العاصمة صنعاء¿
كان التواصل بسيط في البداية وكانت القيادة السياسية في صنعاء قد رأت أن لا تكون جميع القيادات في صنعاء فأقرت سفر القاضي الإرياني إلى الحديدة..
وبالنسبة للقيادة العسكرية المرابطة في صنعاء كان هناك شبكة اتصالات بينها وبين قادة الوحدات المختلفة وكان التواصل موجوداٍ وكان يتم رفع البلاغات إلى القيادات العليا منها رئيس الأركان عبدالرقيب عبدالوهاب ونائب رئيس العمليات محمد الحنبصي ونائب رئيس الأركان علي محمد هاشم وعبدالرقيب الحربي نائب رئيس الأركان وفي العمليات الحربية وكان التواصل موجوداٍ ودائماٍ والبلاغات كانت تأتي عن الموقف بشكل متتابع وأي حدث يحصل يتم إبلاغ القيادة وهي تتخذ القرار.
• هل كان هناك مساندة من قبل الدول الشقيقة أو الصديقة¿
– في الأيام الأولى لم يكن هناك أي مساعدة أو مساندة من قبل أي دولة شقيقة أو صديقة ولكن فيما بعد وصلتنا مساعدات بسيطة من مصر ومساعدات من الاتحاد السوفيتي وشارك طيارون من الاتحاد السوفيتي ومن سوريا في القتال معنا وقصفوا بعض المواقع التابعة للقوى المعادية وكنا بحاجة إلى هذا الدعم والمساندة لأن القوى الرجعية تكالبت على صنعاء بدعم من السعودية والأردن وبريطانيا وبعض المرتزقة.
وفي تلك الفترة كان وضع اليمن حرجاٍ خاصة في ظل الظروف التي عاشها الوطن العربي بعد نكسة 1967م وكانت الصحف العربية ومنها المصرية كانت تتحدث أن صنعاء آيلة للسقوط في أي لحظة ولكن بفضل التضحيات وصمود أفراد القوات المسلحة ومن خلفهم المواطنون تحقق النصر.
وأريد أن أشيد بالدور الذي قام به جوهر السعدي وهو طيار طائرة الداكوتا اليمنية وكذلك الطيار علي النعامي وكانوا يأتون بالمساعدات من الحديدة ورغم الحصار كانوا ينزلون في مطار الجراف موقع “حديقة الحمدي” حالياٍ ويمدوا العاصمة بالمساعدات التي كانت تأتي من الحديدة.
• ماذا يعني الانتصار في ملحمة السبعين في تثبيت الثورة والجمهورية¿
– كانت هذه مرحلة فاصلة إما أن تظل الجمهورية أو تعود الملكية بعصورها المظلمة والمتخلفة.. فقامت القوى السياسية الموالية للجمهورية بجمع القوى القبلية من مختلف مناطق اليمن وكان التجمع في مدينتي إب وتعز وتحركوا إلى الحديدة وكان على رأسهم أحمد عبدربه العواضي ومجموعة من مشايخ إب ومجموعة من مشايخ قيفة وعلى رأسهم أحمد ناصر الذهب وآل الجبري ومجاميع من مراد على رأسهم الشيخ علي ناصر طريق والتقوا على طريق الحديدة مع أحمد علي المطري والشيخ حمود الصبري ومجاميع كبيرة تجمعوا وفتحوا طريق صنعاء الحديدة وكانت هذه هي بداية النصر.. إضافة إلى أن قواتنا المسلحة صعدت إلى عيبان وتمركزت في المواقع بقيادة عبدالرقيب عبدالوهاب وحمود ناجي واللواء العاشر ومجموعة كبيرة من القوات المسلحة.
ففي الوقت الذي سيطرت القوى الوطنية والقبلية المساندة للثورة على طريق صنعاء الحديدة والاستيلاء على مواقع في جبل عيبان فقد خف الضغط على صنعاء بينما لازالت طريق صنعاء- تعز مقطوعة لأن العديد من المناطق الواقعة على الطريق لازالت موالية للقوى المعادية مثل سنحان وبني بهلول وبلاد الروس وآنس ولكن بفضل الله وصلت المساعدات عن طريق الحديدة.
ونحن في الشرطة العسكرية جاءت لنا الأوامر بالتحرك والتمركز في منطقة جبل النبي شعيب لتأمين الطريق وفي نفس الوقت تدفقت المساعدات والذخائر وأصبح الطريق آمن.
• هل انتهى حصار صنعاء بعد فتح طريق صنعاء- الحديدة¿
– بعد فترة بسيطة من تدفق المساعدات عبر طريق صنعاء- الحديدة تم فتح طريق صنعاء –تعز بعد مناوشات بسيطة مع الموالين للقوى المعادية خاصة بعد أن خف الدعم المالي لهم.. حيث اضطرت القبائل لفتح الطريق وكان الحصار قد استمر من ديسمبر 1967م وحتى 12 فبراير 1968م وبدأت الأوضاع تستقر وتم تثبيت النظام الجمهوري.
• ماذا عن توثيق ملحمة السبعين وأين الدور الحكومي لإبراز تلك البطولات للتاريخ وللشعب¿
– عقد مركز الدراسات والبحوث ندوة حول ملحمة السبعين واستدعي إليها عدد من الشخصيات التي شاركت في الدفاع عن صنعاء وشخصيات لم تشارك وتم توثيقها في كتاب ولكن للأمانة وللتاريخ لم يتم إنصاف الكثير من الأبطال ولم يتم الحديث عن بطولات البعض وكانت هناك مجازفة لدى البعض بينما البعض حولوا مشاركتهم لهم ولمجاميعهم ولقبائلهم وكأن ليس للآخرين أي دور.. ولهذا لابد من التوثيق والحديث بأمانة ولابد من أن نستغل من زالوا على قيد الحياة ممن شاركوا في صنع تلك الأحداث وممن عاصروها لأن الكثير ممن شاركوا في الدفاع عن صنعاء قد انتقلوا إلى رحمة الله تعالى.
كما كان يتم عقد ندوات في التوجيه المعنوي في الفترات السابقة ويطلبون من المشاركين فيها التحدث عن حصار السبعين ولكن بمحاضرات معدة مسبقاٍ وبتوجيه آخر والإشادة بالقيادة السياسية السابقة وأن لها الدور في فك الحصار وغير ذلك من الأشياء وهذا ليس له وجود على أرض الواقع وما بني على باطل فهو باطل وما كتب على باطل فهو باطل.
• هناك إصدارات حديثة لبعض الشخصيات عن الثورة اليمنية وعن حصار السبعين ما تقييمكم لمثل هذه الأحداث¿
– لقد اطلعت مؤخراٍ عن مذكرات القاضي عبدالرحمن الارياني بأجزائه الكاملة وكان التوثيق جيداٍ وحصيفاٍ في جميع المراحل التي تحدث عنها وبالحقائق التي حصلت وبحسب معايشته لها.
أما بعض الكتب التي صدرت لبعض الشخصيات –لا أريد أن اسميها- وفيها ادعاءات للبطولات والتنظيم والإعداد والتخطيط كل هذا ليس له وجه من الصحة.. وجميع من عاصروا تلك الأحداث يستنكرون مثل هذه الكتابات وهذه الادعاءات.
على الرغم من أن هذه الشخصيات كانت خارج اليمن في تلك الفترة ولم تعد إلا بعد فك حصار السبعين وتسببت في مشاكل عديدة.
• هل تم تكريم أبطال السبعين وتقدير هم وإعطاؤهم حقهم من التقدير والاحترام لما قدموه من بطولات آنذاك¿
– من معرفتي الشخصية وبحكم معرفتي بالشخصيات والأبطال الذين شاركوا في ملحمة السبعين يوماٍ وكنت قائداٍ حينها فلم يتم تكريم أي شخص ما عدا الفريق العمري تم تكريمه بعد عودته من القاهرة وكذلك تم تكريم المناضل الشهيد عبدالرقيب عبدالوهاب أما غيرهم فلم يتم تكريم أي من الأبطال سواءٍ من الضباط أو صف الضباط أو الجنود أو القوى القبلية أو مقاومة شعبية أو إعلاميين أو فنانين وأذكر أنه تم تكريم جورج حبش بوسام السبعين.. فهل كان مشاركاٍ في الدفاع عن صنعاء ونحن لا نعرف..¿¿!! فبأي منطق يتم منحه وسام السبعين¿ وإلى وقتنا الحاضر لم يتم تكريمهم.
• هل هناك مبادرة لجمع هؤلاء الأبطال ومن تبقى منهم لإنشاء كيان يضمهم من أجل المطالبة بحقوقهم والالتفات إليهم وإلى أسرهم¿
– حاولنا بقدر الإمكان ولكن بسبب الظروف المعيشية التي يعيشونها لم نتمكن من ذلك خاصة بعد شعورهم بالإحباط من خلال المعاملات هذه الأيام فهل سيأتي يوم من الأيام أن تنظر القيادة السياسية الحالية لأوضاع هؤلاء الناس ولأسرهم وأعدادهم قليلة لكن أدوارهم كبيرة ولهم الفضل بعد الله سبحانه وتعالى في الحفاظ على الجمهورية والثورة.
يتبع الحلقة الثانية…

قد يعجبك ايضا