الثورة / عادل محمد
أراد الله تعالى من تشريع الأوقاف أن تكون عبادة وقربة إليه غايتها تحقيق مصالح كبيرة للمسلمين من خلال وقف عقارات على الدوام على اختلاف تلك العقارات لتحقيق مصالح مستدامة فيما يعرف في الوقت الراهن بالتنمية المستدامة وشرع الله الوقف على مختلف جهات وجوانب الحياة ما لم تكن تلك الجهة والمصرف محرماً.
أمين عام رابطة علماء اليمن عبدالسلام الوجيه يسلط الأضواء هنا على أهمية الأوقاف في حياتنا المعاصرة وضرورة أن تسهم الأوقاف في عملية التنمية وذلك من خلال الدعوة لإنشاء هيئة مستقلة للأوقاف وجعل الوزارة خاصة بالتوجيه والإرشاد والحج والعمرة وإعادة النظر في الهيكل التنظيمي للوزارة .
معلوم أن الأوقاف ذات الأموال الكثيرة والممتلكات الكثيرة التي قدّر بعضهم ممتلكاتها بـ30% من الأراضي الزراعية في الجمهورية اليمنية الأوقاف للأسف الشديد تعاني من الأهمال والركود والعبث اللامتناهي في أموالها وممتلكاتها ولا نبالغ أن قلنا إن الواقع يحكي ضياع الجزء الأكبر لممتلكات الأوقاف وتآكل أصولها المادية من الأراضي والعقارات والمباني والمؤسسات وتعاني كذلك من الإشكاليات القانونية والإدارية والمؤسسية والأخلاقية لأسباب كثيرة منها عبثية الحكومات المتعاقبة لعقود من السنين التي جعلت الاعتبارات الشخصية والحزبية وتسيس الوزارة وخضوعها للولاءات الضيقة والمحاصصة في وضع يرثى له من الضياع والفساد وغياب الرؤى والاستراتيجيات والبناء التنظيمي والخطط والبرامج السليمة والمدروسة لأعمالها وأنشطتها كذلك غياب القانون واللوائح وعدم اكتمالها وازدواجيتها وتداخل الاختصاصات والكادر المتضخم وضعف الوازع الديني والأخلاقي لدى القطاع الأكبر من هذا الكادر الأمر الذي أدى إلى الكادر المتخصص وفرص التدريب والتأهيل للعاملين وانفلات ونقلت كادر الأوقاف وأموالها بسبب غياب الحصر وأهمال الوثائق والمستندات والسجلات والدفاتر المحفوظة في ديوان الوزارة ومكاتبها وفروعها في المحافظات ووثائقها في الجامع الكبير وفي غيره ووجود الكثير من سجلات الحصر والمسودات والوثائق الخاصة بالأوقاف لدى العديد من الأمناء والمتولين وأصحاب المناصب والنظار السابقين والأشخاص الذين يحتفظون بها في منازلهم وكثير منهم توفي ولا يزال ورثتهم يحتفظون بتلك الوثائق ويتصرفون بها حتى الآن.
حتى بيع الكثير منها بعد تحريرها وبعد تواطؤهم مع بعض القضاة بسبب عدم وجود الرقابة وعدم استكمال مشروع الحصر الشامل لوثائق وأراضي وممتلكات الأوقاف بطرق علمية جديدة ومتخصصة وتوقف ومشاريع الحصر وعدم ادخال المحصور الموجود من محاولات الحصر السابقة في السجلات في نظام آلي متكامل الأمر الذي شل أوضاع وبد الجزء الأكبر من أموال الأوقاف وضيع الكثير من إيراداتها لما هو موجود ومحصور واخلَ بشروط الواقفين من حيث صرف غلة العين الموقوفة في المصارف الموقوف لها حيث لا يتم مسك سجلات توضح الموقوف والعين المؤجرة وغلتها والموقوفة عليه والمصرف وفقاً لمقاصد الواقفين.
كل هذا بسبب فساد عقود من الزمن كما ذكرنا وهو الأمر الذي يوجب أن نوجه الدعوة للقيادة السياسية بضرورة العناية والاهتمام الكبير بهذا القطاع المهم وفق رؤية واضحة وتطبيق عملي للمبادئ العلمية في الإدارة والتنظيم والتنسيق ومواصلة الرقابة الصارمة ومواصلة الدور الكبير والمشكور الذي بدأه الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة في الاهتمام بهذا القطاع.
كما نؤكد على ضرورة إنشاء هيئة مستقلة للأوقاف وجعل الوزارة خاصة بالتوجيه والإرشاد والحج والعمرة وإعادة النظر في الهيكل التنظيمي للوزارة وقطاعاتها وتقسيماتها الإدارية وتعيين الأكفاء ذوي الأمانة والنزاهة والخشية والخوف من الله والقدرة والاختصاص بعيداً عن الولاءات والمحاصصة وقانون حصانة كبار مسؤولي الدولة الذي كان ولازال هو العائق الأكبر أمام مكافحة الفساد.
إن استكمال حصر وتوثيق أراضي وممتلكات الأوقاف وتفريغ بياناتها وتبويبها وحفظ وأرشفة وجمع وحماية وثائق الأوقاف وإلزام الشخصيات التي بيدها هذه الوثائق بتسليمها لجهة واحدة تحفظها وتؤرشفها وكذلك حصر ومتابعة أعيان وممتلكات الأوقاف المغتصبة وكذلك المنظورة أمام النيابات والتنسيق مع القضاء بسرعة البت في هذه القضايا وسرعة التنفيذ واستخراج أموال الأوقاف وإيجاد نظام مالي مؤسسي خاص بالأوقاف وهي صرخة نوجهها لكل مسؤول قادر على التغيير.