توفي عائلها نتيجة اعتداء اشقائه عليه لمطالبته بإرثه: أسرة علي جراد تنشد العدالة بعد 20 عاماً من اليتم والتشرد
الثورة / عبدالواحد البحري
مأساة إنسانية وكارثة حقيقية، عاشتها أسرة علي حزام يحيى جراد في قرية بني عواض بمديرية كحلان الشرف بمحافظة حجة.. حالة تشرد قسري امتدت لـ20 عاما عاشها محمد واخوانه وأخواته السبعة جراء استحواذ أعمامهم على نصيب والدهم من الورث بعد الاعتداء عليه حد الوفاة وطردهم من منزل جدهم ..
حين توفي والدهم عام 1997م كان عمر محمد حينها 12 عاما ووردة 20 عاما وأصغرهم وحيد عاماً واحداً ونصر الذي كان ما يزال في بطن والدته وخرج الى الدنيا ليلتحق بإخوانه السبعة وعاش اليتم والحرمان متنقلا معهم بين دور الايتام في كل من صنعاء وتعز.
المأساة يسردها لنا الأخ الاكبر (الوصي) محمد علي ( 32 عاما) وعند سماعنا لم نتمالك انفسنا من هول الفاجعة وقسوة الأشقاء وأطماع الدنيا.
يقوم محمد: لقد تعرض والدي للضرب من أشقائه حين طالب بحقه بفض الشراكة معهم فقرروا أن يسكتوه بطريقتهم وجاءوا إلى منزله لتأديبه حسب قولهم.
ويضيف محمد بأسى لا يخفيه: يومها جرى العراك بالأيادي والعصي بين الأربعة الاشقاء، ثلاثة على واحد في منزل المغدور به والدي وأمام أطفاله أنا ومجاهد وضيف الله ووحيد واخواتي الثلاث وردة وحسينة ونباتة ،كان عمري يومها 12 عاما فسجل المشهد في ذاكرتي ومازلت اتذكر تلك الليلة واسترجع احداثها كل لحظة وكل ساعة لأنها كانت سبباً رئيسياً في وفاة والدي.
يتوقف محمد عن الحديث برهة ليستأنف قائلا: أسعف والدي الى مستشفى المحابشة بتوجيه من شيخ القرية بعد ان سمع استغاثة النساء والأطفال ووصل الخبر إليه فكلف عمي ناصر أحد المعتدين عليه بإسعافه وهو مضرج بالدماء ونقل الى مستشفى المحابشة كإسعاف اولي ورجع الى المنزل وحالته سيئة جدا وحين ساءت حالته نقله عمي الى مستشفى الثورة بصنعاء حيث فارق الحياة بعد ساعات من وصوله الى المستشفى.
يمسح الشاب محمد علي حزام جراد عينيه المليئتين بالدموع ليواصل حديثه: جرى دفن والدي في صنعاء ولم يعد جثمانه إلى القرية لإغلاق ملف القضية بتواطؤ من المشائخ والمتنفذين الفاسدين وتشردت الأسرة بعد وفاة والدي ،انتقلنا نحن جميعا ..أنا واخواني الى منزل شقيقتي الكبرى وردة في منطقة كحلان وبعد ذلك بدأ مشوار التشرد لأفراد الأسرة التي لم يجتمع شملها الى اليوم .
أين كانت الوجهة لكم ؟.. سألته ،وأجاب بمرات جلية : توجهنا الى دور رعاية الايتام في العاصمة صنعاء وأخي مجاهد ذهب الى دار الايتام في تعز وضيف الله انتقل الى محافظة حضرموت.
لم تقف المأساة عند هذا الحد بعد وفاة والدهم وتورط اعمامهم في تشريد أبناء شقيقهم بعد وفاته متأثرا بالضرب الذي تعرض له منهم.. تضاعفت المأساة نتيجة الاطماع أيضا ..يقول :عمد أعمامي الثلاثة إلى إقصاء الايتام من الورث رغم الاقعاد من جدي الذي حاول اقعاد القصار “أنا واخواني” تكفيرا للذنب الذي ارتكبه أولاده الذين فضلوا الخناق مع أخوهم والتخلص منه وورقة الاقعاد لدي ،لكن الأطماع أعمت عيون أعمامي ولم يكتفوا بما حل بأبناء أخيهم وأسرته التي تشردت ولم يجتمع شملها حتى اليوم.
ويتساءل محمد وأشقاؤه وشقيقاته عن العدالة التي “ميَّعها عتاولة الفساد أيام النظام السابق مع اذيال النظام ورموزه الفاسدون الذين كان لهم دور بارز في تمييع قضية مقتل ودفن والدهم في ظروف غامضة والسماح للمفسدين بتغيير ألوانهم وانتماءاتهم السياسية والفكرية”.
لسان حال أسرة جراد اليوم يقول “لابد للظلم ان ينجلي ولابد لشمس العدالة ان تظهر لتحرق الطغاة والمستكبرين ممن تجبروا وتكبروا وعاثوا في الأرض فساداً وكانوا يحتمون بالوجاهات والمشائخ الفاسدين”.. ويأمل افراد اسرة جراد أن تأخذ العدالة مجراها ويتحقق حلمهم في انصافهم والاقتصاص لهم ممن سلبهم حقوقهم الشرعية.
ويؤكد أبناء علي حزام جراد أن ” الجميع يعرفون بمظلوميتهم إلا ان الطغاة والجبابرة يملكون المال الذي أفسد كل شيء في الحياة”. ويعبرون عن “أملهم في حكومة الإنقاذ التي ردت الاعتبار لكثير من المظلومين والمقهورين الذين استقوى الطغاة عليهم في الماضي”.
فهل ستحل مشكلة هذه الأسرة التي عانى أطفالها طيلة حياتهم ويعود اعمامهم الى رشدهم ويكتفوا بتشريد ابناء أخيهم وحرمانهم من والدهم ويدخلونهم ضمن الورثة على الأقل ،علما أن فقدان المعيل الأب يعتبر من أقسى التجارب الأليمة التي يمر بها الطفل في بداية حياته وفي الأغلب يتغلب معظم الأطفال على اليتم والحرمان ويستكملون مسيرة حياتهم من دون آثار نفسية مستديمة، لكن هناك البعض من الأطفال الذين تمثل لهم هذه الحوادث مشاكل نفسية عنيفة تحول دون استكمال حياتهم بشكل طبيعي..