أسواق الربصة و7 يوليو وكيلو 16 تكتظ بالباعة والمتسوقين بالرغم من دوي أصوات الأسلحة والقذائف
الحديدة .. الحياة اليومية مستمرة رغم حصار العدوان وتصعيد مرتزقته
> إرادة الشعب اليمني صنعت السلاح، وأطلقت الصواريخ، واجتازت الحدود، والتفت خلف خطوط النار، واقتحمت المعسكرات وهزمت العدوان
> باعة متجولون لـ”الثورة”: خروجنا للبيع نوع من الصمود والتحدي في وجه العدوان وتصعيده
الحديدة / أحمد كنفاني
عام وثلاثة أشهر من تصعيد العدوان السعودي الأمريكي ومرتزقته على محافظة الحديدة وقصفه المتواصل أحياءها الواقعة في مناطق التوتر وسقوط المئات من الضحايا الأبرياء الذين لا حول لهم ولا قوة بالرغم من كل الجهود الأممية المبذولة من قبل بعثتها المتواجدة حاليا في الحديدة لإيقاف إطلاق النار وتطبيق ما جاء في اتفاق استوكهولم المعلن عنه في السويد منتصف ديسمبر من العام الماضي في ظل إصرار وتعنث العدوان على عدم الالتزام بما جاء في بنودها وعدم اكثراته بالأوضاع الإنسانية التي آلت اليها ظروف وحياة معظم المواطنين القاطنين وتدهور مستوى معيشتهم، على الرغم من التنازلات المشرِّفة التي قدمها الوفد الوطني والجيش واللجان الشعبية وحرصوا من خلالها على حقن الدماء وايقاف قصف العدوان مديرياتها وسلامة مواطنيها ومراعاة أوضاع الشعب اليمني ورفع الحصار وصرف المرتبات لكافة الموظفين دون استثناء.
بدأ الليل يعطي رسائله عبر ارتفاع وتيرة خروقشات وقصف العدوان ومرتزقته الاتفاق المعلن عنه في السويد الذي مضى على سريانه أكثر من نصف عام دون أي تقدم من قبل الطرف الآخر والمعنيين بتنفيذه في حكومة الفنادق في الرياض.. ما إن بدأ الليل حتى بدا أغلب سكان المدينة يشعرون بأن العدوان وتصعيده على المديريات الواقعة في اطرافها اكتسح قراهم وحاراتهم وبيوتهم وأسواقهم، دون أن يكون لهم المقدرة على تحصين أنفسهم وتلبية احتياجاتهم من المؤن الغذائية وغيرها ..
ويشكّل العدوان والتصعيد والقصف المباغت على الأحياء دون سابق انذار صدمة أخرى، عندما يشعر الناس بأنهم يعيشون تحت وقعها بدون تجهيزات وتحضيرات ملحة، إلا أن الباعة في مدينة الحديدة يدركون هذه الظروف ويخاطرون بأنفسهم من أجل تلبية احتياجات المواطنين فيها ، ويضطر آخرون إلى الخروج والبيع لأن بيوتهم فارغة من لقمة العيش، وهو ما يتطلب المخاطرة والتضحية والاعتماد على الله غير آبهين بأي شيء ..
صحيفة” الثورة” تجولت على مدى ثلاثة أيام في مركز المدينة وأسواقها الواقعة في مناطق التماس والتوتر “الربصة والحلقة و7 يوليو والخمسين وكيلو 16 وصدام والشهداء والسلخانة” فوجدت الباعة على الأرصفة وفي المحال التجارية بالرغم من دوي قصف مدافع العدوان ومرتزقته، فما بين تارة وأخرى تسمع أصوات القصف بقوة وانخفاضه في كل وقت :
بداية قال الحاج سعيد محمد هيثم – بائع خضروات وفواكه -الذي التقينا به في بداية جولتنا في سوق الربصة: البيع والشراء في مثل هذه الأوضاع خطير، لكن واقعنا في مدينة الحديدة دائم التوتر، وإذا جلسنا في منازلنا مرتهنين للظروف لن نستطيع إطعام أولادنا وسد احتياجاتنا واحتياجات الناس.. وأشار الحاج سعيد إلى ان خروجه إلى السوق ليس من أجل الربح في مثل الأوضاع الحالية، ولكنه من أجل ألا نعطي عدونا ما يريد، ولن يشل حركتنا رغم اعتداءاته وخروقاته المتواصلة مؤكدا أن تواجد الباعة في الأسواق يعد نوعاً من أنواع الصمود والتحدي.. وأردف بالقول: “لن يستطيع أن يفرض علينا العدو ومرتزقته شروطه ولكن على قيادتنا الثورية والسياسية في هذه المرحلة أن يتطلعا إلى ما يجري لنا، فنحن نعيش مهددين في كل ساعة، عليهم تسليحنا للدفاع عن وطننا وعرضنا لن نرضخ للعدو ولن نقف مكتوفي الأيدي سنضحي بالغالي والنفيس وبكل ما نملك حتى تحقيق النصر ودحر الغزاة عن ارضنا ووطننا لعن الله اذناب خدام الصهاينة والأمريكان مملكة قرن الشيطان ومن كان على شاكلتهم.. وأكد هيثم أن اليمن مصنع الرجال والعزة والكرامة والحضارة والشموخ والإباء ومقبرة الغزاة.. ودعا أحرار العالم العربي والاسلامي ممن تبقت لديهم نخوة إلى أخذ موقف صارم من العدوان السعودي الأمريكي على اليمن، مع ضرورة تدخل المجتمع الدولي لردع العدوان وإلزامهم بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في السويد.
واستطردت الأخت أم هاني اليتيم التي وجدناها في مخبز القباطي، حيث أدلت بشهادتها عن العدوان المتواصل على الدريهمي والربصة والحلقة بكيلو 4 بقولها: خرجت من أجل شراء الخبز والخضروات، ومضطرة إلى ذلك لأنه لا يوجد في البيت سواي، وزوجي مريض ويتعالج منذ سنوات.. وأشارت الى أن خروجها مضطرة لا يعني انها خائفة من ازيز الطائرات وأصوات المدافع والقصف والتدمير فالرب واحد والعمر واحد.. وأضافت: لكننا لم نكن نعلم في حي الشهداء بالحديدة أن عدوانا وتصعيدا سيقع عليها ، وإلا كنا تجهزنا له ، وجدنا أنفسنا فجأة وسط القذائف والرصاص ، والحمد لله وجدت السوق عامرا، والصيدليات مفتوحة، هذا هو شعبنا الذي لا يستسلم بسهولة، بل يقاوم حتى من أجل تقديم الخدمات، وتسهيل الحياة.
وأضاف محمد ابراهيم المحنى الذي يمتلك بسطة لبيع الأعلاف ومنتجات الألبان المحلية في سوق كيلو 16: أسهر طوال الليل أمام بسطتي ولا أغادر المكان لأنني مضطر إلى ذلك، فالبيع يكون أفضل ليلا، ورغم التوتر الموجود فإنني أتوكل على الله، ولن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا.. وأشار إلى شعوره بالخوف لحظة استهداف المنطقة أكثر من مرة، وأضاف المحنى: ما أريد قوله إننا في الحديدة ونتيجة لظروفنا الصعبة للغاية نضطر إلى العمل رغم المخاطر الكثيرة، لأنه لا سبيل لدينا سوى ذلك، وما نطلبه من قياداتنا فتح باب الجهاد وأن يراعوا الظروف القاسية التي نعاني منها، فالشباب فقدوا الأمل في المستقبل نتيجة العدوان والحصار.
وأوضح علي فتيني هبة صاحب متجر لبيع المواد الغذائية في 7 يوليو- أنه نجا بأعجوبة قبل شهر من الاصابة بقذيفة اطلقها مرتزقة العدوان على الحي الذي يسكنه وهو عائد الى منزله ولفت الى انه كل يوم بحال، ننام على اصوات قصف مدافع العدوان ومرتزقته ونستيقظ عليها أيضا.. وأكد هبة أن الناس يريدون أن يعيشوا ويمارسوا حياتهم بشكل طبيعي، ولا يجدي نفعا أن نعلق أعمالنا من أجل العدوان وما يقوم به من خروقات متواصلة.. مشيرا إلى أن التوكل على الله وحده وما يقع فهو مقدر..لافتا الى أهمية أن يشعر بنا العالم ويكفيه ما يمارسه من صمت ازاء جرائم العدوان وما يرتكب من مجازر بحقنا وحق شعبنا ووطننا وأمتنا ويحول دون أن تعيش بسلام واطمئنان وتربية اولادنا لمستقبل أفضل..
بدوره قال فوزي صديق خالد – بائع ملابس في سوق السلخانة: ليعلم العدو وأقطاب حكومة الفنادق في الرياض أن اليمنيين لن يتخلوا عن بلادهم ولا عن شبر واحد، وسيدافعون عنها بكل ما يمتلكون وسيضحون بكل ما لديهم ولن يقبلوا بالضعف، ولن يستسلموا لمحاولات القهر، وأن مساعي العدوان للاستيلاء على الحديدة ستفشل لا محالة.
وثمن العديد ممن التقينا بهم في تلك الأسواق من بائعي البسطات والمتجولين بعرباتهم حرص قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين والمجلس السياسي برئاسة مهدي المشاط والجيش واللجان الشعبية على تجنيب الحديدة ويلات الخراب والدمار وحقن الدماء والحفاظ على سلامة أمن وحياة المواطنين فيها وذلك من خلال تقديمهم التنازلات وتنفيذ ما جاء في اتفاق استوكهولم احادي الجانب.
وعبَّر مُلاك معظم المتاجر في أسواق الربصة والسلخانة والخمسين وصدام في الحديدة عن اعتزازهم بالعامل الأهم في هذه الحرب، إذ فاجأ الجيش واللجان الشعبية العدو بأنهم كانوا على أعلى درجات الجاهزية والاستعداد ، وصنعوا بأيديهم ما عجزوا عن إدخاله، وقاتلوه ببسالة منقطعة النظير، وشجاعة عز أن تكون لدى غيرهم، وأنهم كانوا يخرجون له من جوف الأرض فجأة، بهيئات مخيفة، وأسلحة قاتلة، ووجوه صلبة، وعيون واثقة، وخطى ثابتة، وكأنهم أشباح تنشق عنهم الأرض تباعا، ثم تعود فتبتلعهم من جديد، ولكن بعد أن ينفذوا بدقة تامة، ويقين بالنجاح، ما خرجوا من أجله.
واختتمت الحديث معنا عدد من النساء وجدناهن يبتعن بعض الأصناف الغذائية في سوق الشهداء بقولهن: ما خفي على العدو السعودي الامريكي وغيره أن الجيش اليمني واللجان الشعبية في عموم المحافظات بكل أشكاله وأطيافه وبشعبه الصابر العظيم، ما كان سلاحا فقط، ولا عتادا فتاكا بل كان قبل هذا كله إرادة من حديد، وتصميما لا يلين، وعزما جديدا لا يعرف المستحيل، ويقينا بالنصر واثقا لا يتزعزع، وثباتا على الأهداف لا يهتز ولا يتردد، وصبرا عجيبا يصنع المعجزات.. إنها إرادة الشعب الذي صنع السلاح، وأطلق الصواريخ، واجتاز الحدود، والتف خلف خطوط النار، واقتحم المعسكرات، وتسلل إلى الثكنات، واشتبك مع القواعد والحراسات، وقاتل العدو من نقطة الصفر، ونال من هيبة العدو ومرتزقته، وفضح الأنظمة والسادة، وكشف زيف الممالك، وبيَّن غدر الرؤساء والملوك.. إنه شعبٌ قادرٌ دوماً على أن يكون الأقوى بإرادته قبل سلاحه، وبيقينه قبل عتاده، وبصدقه وإخلاصه قبل صواريخه ومعداته ، فلا يفرح العدو وهو الكاذب، ولا ينتشي وهو الخاسر، ولا ينفش ريشه وهو المنتوف ريشه، والمهزوم جيشه، والراحلة حكومته، والمحاكمة قيادته، ذلك أن الشعب اليمني أقسم أن ينتصر، وسينتصر دوماً بإذن الله، وسيرون منه ما لا يتوقعون، وأكثر مما يظنون..
من المحرر:
ما لفت وشد انتباهي وإعجابي حقيقة أنه وبالرغم من أزيز وتحليق الطائرات وقصف المدافع والرشاشات وسماع أصواتها بكثافة في سماء معظم مناطق مديريات مركز المحافظة ” الحالي والحوك والميناء” والتوتر الحاصل في بعض مناطقها هو أن عامة المواطنين يمارسون حياتهم اليومية وفضلوا عدم البقاء في منازلهم وخرجوا لشراء احتياجاتهم اليومية من المأكل والمشرب دون خوف أو قلق، وهم بذلك يوصلون رسالة للعدوان ومرتزقته مفادها: لن تنالوا شيئا أيها الغزاة المرتزقة الحثالة يا من بعتم الأرض والعرض، عودوا من حيث أتيتم فالحديدة وأبناؤها ابعد عليكم من عين الشمس ولن تنالوا منها مهما فعلتم وامتلكتم من عتاد وعدة ولن تحققوا شيئاً سوى جر اذيال الخيبة والانكسار والذل والهوان.