حسن الوريث
شغلوا العالم والدنيا بما أسموه الدوري التنشيطي لكرة القدم، وكان الجميع يتخيل أن هذا الدوري سينافس كبريات الدوريات العالمية نظراً لما سبقه من حملات تطبيل لاتحاد العيسي وشيباني وما الذي يمكن أن يحققه هذا الدوري التنشيطي لكرة القدم اليمنية من فوائد للأندية واللاعبين والرياضة اليمنية بشكل عام؟ وشعرنا أننا يمكن أن نكون بين ليلة وضحاها وبعد هذا الدوري من أقوى البلدان في كرة القدم، ما جعل الأندية الرياضية تتحمس للمشاركة في هذه البطولة الكروية التي ظن الجميع أنها ستكون المنقذ والمخرج لكرة القدم اليمنية من نومها العميق وتخلفها منقطع النظير..
وحين بدأت الخيوط تتكشف والأمور تظهر بأن هذا الدوري التنشيطي المزمع ليس إلا لعبة من ألعاب اتحاد كرة القدم رئيسه العيسي وأمينه العام شيباني وبعض المنتفعين والمطبلين هنا وهناك حيث تمخض الجبل فولد فأراً، فهذا الدوري الذي تم تصويره كعملاق ومارد كبير ما هو إلا فأر صغير سيموت خلال أسبوع وهي مدة الدوري التنشيطي حيث سيعود كل إلى بيته بعده ليستكمل نومه وتتحسر الأندية على الوقت وتلك النفقات التي أهدرتها للمشاركة وإعداد اللاعبين، بينما سيذهب العيسي وشيباني إلى الاتحاد الدولي والاتحاد الآسيوي لاستلام مخصصات الدوري وإضافتها إلى أرصدتهما المتخمة..
لقد سبق إقامة الدوري كما قلت حملة تطبيل واسعة دفعت فيها الأموال لإقناع الجميع بدءاً من وزارة الشباب والرياضة هنا وهناك مروراً بالأندية الرياضية وصولاً إلى الجمهور الرياضي بأن هذه الدوري هو المخرج لكرة القدم اليمنية من مآسيها ومشاكلها وبأنه الحل الوحيد لتطوير الرياضة اليمنية، وربما أن الكثير لم يعلم بخفايا الموضوع بينما البعض يعلم لكنه يستفيد ويمكننا من هنا أن نقول إن ما يجري هو ضمن الجزء الجديد من مسلسل العبث الذي يمارسه اتحاد كرة القدم ويرغم الوزارة وبعض مسؤوليها على تنفيذ أجنداته والانجرار وراء رغبات هذا الاتحاد الذي يتحكم فيه العيسي وشيباني ونحن نعرف من هما وعلاقتهما ليس بملفات الفساد والعبث الرياضي وغير الرياضي في بلادنا ولكن وجودهما في عاصمة دول العدوان وتأييدهما العدوان على اليمن بل إنهما جزء منه بما نعرفه عنهما وخصوصا العيسي.
أعتقد أن هذه الأمور بلا شك لا تخفى على مسؤولي الوزارة لكن البعض منهم للأسف لم يكتفوا بعمل “أذن من طين وأذن من عجين” بل إنهم بما يعملونه يدعمون هذين الشخصين ويرضخون لرغباتهما وينفذون توجيهاتهما، وهناك بعض التساؤلات بحاجة إلى إجابة من الجميع في الوزارة أو فروع الاتحادات وحتى الأندية وكل الذين انساقوا وراء رغبات العيسي وشيباني، فهل يمكن أن يكون قرار إقامة هذا الدوري التنشيطي بريئاً من ألاعيب العيسي وشيباني؟ وهل يمكن أن يكون هذا الدوري ضرورياً إلى درجة أن توافقوا على إقامته بهذا الشكل وبهذه الطريقة وفي هذا التوقيت المزعج للجميع خاصة الرياضيين الذين ربما لن يتحملوا حرارة الصيف الحارقة؟ وهل إصرار الاتحاد وبعض فروعه على إقامة الدوري بأي ثمن يؤكد الحرص على الرياضة أم الحرص على مصالحهم التي يمكن أن تنقطع من العيسي وشيباني؟ وهل فعلاً تم تهديد بعض رؤساء فروع الاتحادات بأن من سيفشل في إقناع الأندية وتنظيم الدوري سيتم تغييره؟ وهل دول العدوان بريئة من تنظيم هذا الدوري الذي تعتبره مظهراً من مظاهر وجودها في بلادنا وتغلغلها في مفاصل الرياضة اليمنية من خلال العيسي ومن يقيم من رؤساء الاتحادات عندها وينفذ أجنداتها؟ ؟ وهل.. وهل.. وهل..؟ وهل..؟ أسئلة كثيرة تتبادر إلى الأذهان حول الأمور والخفايا التي جعلت وزارة الشباب والرياضة توافق على إقامة هذا الدوري، ولابد من الإجابة عنها كي يقتنع الناس بمبرراتكم، علماً أنه لا يمكن أن تقنعونا مهما قلتم بأي مبرر يبيح لكم الانسياق وراء رغبات أحد هوامير الرياضة والسياسة والبيع والشراء في دماء اليمنيين..
أعتقد أن هذا الموضوع يجب أن لا يمر مرور الكرام بل لابد من محاسبة كل من تورط فيه ويجب إخضاع الجميع للمساءلة ابتداء من أكبر مسئول وحتى آخر مسؤول من المتورطين في إخراج هذا الجزء من مسلسل العبث، وبالتأكيد أن المسؤولية الآن تقع على المجلس السياسي الأعلى الذي يجب عليه أن يتحمل مسؤوليته ويُخضع الجميع للمحاسبة ولا يدفن رأسه في الرمال، لأن هذا الموضوع يتعلق بكرامة الشعب اليمني وخيانة لكل تلك الدماء والأرواح التي أزهقها هذا العدو، وإذا كان هذا الدوري على حساب دماء الشعب اليمني وكرامته فليذهب إلى الجحيم حتى لو أقنعونا بإننا سنحرز كأس العالم بعد هذا الدوري فلا نريده، فما بالك ونحن دائماً في المركز الأخير لم نغادره إلا فيما ندر، وهذا الدوري أو غيره لن يقدم أو يؤخر، والتساؤل الذي يفرض نفسه هنا :من هي الجهة المخولة بإيقاف مسلسل العبث بالرياضة؟ خصوصا أن الأمر وصل إلى هذا الحد الذي لا يجب السكوت عليه، ومن يسكت عليه يعتبر متواطئاً مع العيسي والجميع يعرف من هو وماذا يمثل وما يحمل من أجندات، وفي الأخير لو سلمنا جدلاً أن الدوري لصالح الرياضة، فهل يمكن أن يكون ذلك خلال أسبوع فقط مقارنة بالبطولات والمسابقات في بقية البلدان التي تستمر طوال العام ونحن في أسبوع سنفوز بكأس الأمم الآسيوية والأوروبية وكأس العالم؟ وهل يمكن أن نظل بين فأر العيسي وغباء الأندية والوزارة التي انساقت وراء سراب، وربما أشياء أخرى!!.