السفير الغفاري لــ”الثورة”:



شاركت في المقاومة الشعبية في جبل عيبان.. وجار الله عمر كان في المقدمة


كان أحد الأطفال الذين شهدوا قيام الثورة اليمنية.. كما أنه أحد شهود العيان على اندلاع ثورة 26 سبتمبر عام 1962م في تلك الفترة التي عاشت فيها اليمن مرحلة من العزلة عن العالم.. شارك شباب تلك الفترة مظاهراتهم ضد النظام الملكي رغم عدم استيعابه لما يحدث.
كما أنه كان أحد الشباب الذين شاركوا في حصار السبعين.. حيث كان أحد أبناء المقاومة الشعبية في حصار السبعين في جبل عيبان مع عدد من شباب الثورة حين ذاك.. إنه الدكتور علي عبدالقوي الغفاري السفير السابق ورئيس المركز اليمني للدراسات الدبلوماسية والعلاقات الخارجية.. والذي أعطانا من وقته الكثير لإجراء هذا الحوار معه.. فإلى التفاصيل:

بداية.. من قام بثورة سبتمبر 1962م هم شباب تلك الفترة.. ما هي الأسباب التي جعلتهم يفجرون ثورة سبتمبر¿
– الشعب اليمني والأمة العربية قاطبة تحتفل بمناسبة مرور 51 عاما على ثورة سبتمبر 1962م وهنا أنتهز هذه الفرصة لأعبر من خلال صحيفة الثورة بأطيب التهاني وأجمل التبريكات إلى الشعب اليمني العظيم صاحب هذه الثورة وإلى الأمة العربية قاطبة.. ونترحم على شهداء ثورة سبتمبر الذين خرجوا في ذلك اليوم العظيم وعلى امتداد سنوات الحرب الأهلية الذين صنعوا مجدا جديدا لليمن وانتصرت الثورة والجمهورية كما هي عليه اليوم.
فيما يتعلق بشباب تلك الفترة.. كانت هناك إرهاصات قد سبقت قيام الثورة والبداية كانت بقيام الحركة الدستورية عام 1948 وما تلاها من حركات ثورية عام 1955 وعام 1961 وكان هناك قادة كبار جداٍ في الجيش اليمني الذين كانوا يعملون مع النظام الملكي السابق وكانوا في مراكز حساسة على سبيل المثال المشير عبدالله السلال أول رئيس للجمهورية كذلك اللواء المرحوم حمود الجائفي واللواء عبدالله الضبي واللواء المرحوم عبد الله جزيلان هؤلاء لم يكونوا من الشباب كانوا من قيادات الجيش اليمني الإمامي وكانوا في مناصب هامة وحساسة مع النظام الملكي السابق لكنهم آلوا على أنفسهم من خلال خبرتهم وتجاربهم ومعاناتهم ونضالهم أن يكونوا في الصف الأول مع شباب الثورة في مقدمتهم الشهيد علي عبدالمغني الذي يوصف بأنه المفكر والقائد الحقيقي لثورة الـ26 من سبتمبر مع عدد من زملائه منهم الأخ الشهيد اللواء يحي المتوكل وأخوه اللواء أحمد المتوكل والأخ اللواء حسين محمد المسوري واللواء علي أبو لحوم أول جريح للثورة و الشهيد محمد مطهر زيد والشهيد سعد الأشول والأخ صالح الأشول والأخ عبده محمد قائد الكهالي والأخ اللواء محمد محمد هاشم مرغم والأخ اللواء أحمد الرحومي والأخ اللواء عبداللطيف ضيف الله واللواء عبد الوهاب الشامي واللواء علي الشامي واللواء محمد الخاوي -من خلية تعز- و الأخ اللواء محمد عبد الخالق الفقيه واللواء حمود محمد بيدر واللواء عبدالله العزيب واللواء علي السلال واللواء أحمد قرحش وآخرون من الشباب في السلك المدني مثل المرحوم الأستاذ أحمد المروني- وهو خريج الكلية العسكرية في بغداد- والدكتور عبد العزيز المقالح والأستاذ محمد عبد الله الفسيل والأستاذ عبد الوهاب جحاف وعدد كبير من الأحرار في السلكين العسكري والمدني لا أذكر أسماءهم في هذه اللحظة ولا يفوتني الإشارة إلى دفعة الأربعينيات طالباٍ الذين أرسلهم الإمام في نهاية الأربعينيات من القرن الماضي وهم من مختلف المدن اليمنية للدراسة في لبنان ونقلوا بعدها للدراسة في مصر هؤلاء من تحمل مسؤولية قيادة البلاد بعد الثورة وربما أن البعض منهم لازال يزاول السلطة وقد توفي منهم الكثير وبالمناسبة منهم الإخوة المناضلين الثلاثي محمد أحمد الرعدي ومحسن العيني ويحي حمود جغمان ومحمد سلام رحمه الله والدكتور حسن مكي ومحمد أحمد الجنيد رئيس لجنة المناقصات وأسماء كثيرة.
ثورة سبتمبر لم تأت من فراغ كان هناك أحزاب سياسية يمنية كحزب البعث والقوميين العرب البعض من قادة الحزبين درسوا في سوريا والعراق والبعض الآخر في مصر وكان هناك الأحرار الدستوريون.. وقد سبق ثورة سبتمبر كما أشرنا حركة 48 الدستورية التي قامت في حينه ولكن لم يكتب لها النجاح غير قتل الإمام يحيى في سواد حزيز على يد القردعي والحسيني ومجموعتيهما وبعدها حركتا 55 و61 وقد فشلتا إلى أن جاءت ثورة سبتمبر لتضع نهاية للنظام الإمامي الأسري.. طبعاٍ كان هناك مشروعية للضباط الشباب للقيام بالثورة فمن حق هذا الشعب الحرية في حياة كريمة أسوةٍ ببقية الشعوب وكان علي عبد المغني على اتصال بالقيادة المصرية خصوصا مع الزعيم جمال عبدالناصر عن طريق القائم بالأعمال المصري في صنعاء محمد عبدالواحد الذي تم التنسيق بينه وبين علي عبدالمغني المعين من قبل الضباط الأحرار أن يكون المنسق بينهم وبين القائم بالأعمال المصري.. وطبعا نقلت المعلومات عن التنظيم السري للضباط الأحرار إلى الرئيس المصري جمال عبدالناصر الذي أبدى استعداده بأن تكون الجمهورية العربية المتحدة سندا وعوناٍ للثورة اليمنية.
وفي هذا المقام لا بد أن نشير إلى أن ثورة سبتمبر 1962م جاءت بعد حركة الانفصال على أول وحدة عربية قامت عام 1958م.. اليمن كانت عضوا في الوحدة المصرية السورية أي أن اليمن كانت هي الدولة العربية الثالثة مع مصر وسوريا وتم الانضمام بناء على طلب من الإمام أحمد وموافقة زعيمي مصر وسوريا على انضمام اليمن إلى الوحدة العربية.. كانت اليمن من الدعاة إلى الوحدة العربية الشاملة.. لكن اليمن خرجت مبكرا من الوحدة المصرية السورية قبل انفصال سوريا في 28 سبتمبر 1961م.
ما أريد قوله بأن شباب الثورة في اليمن الذين كانوا موجودين في تلك الأيام كانوا خريجي المعاهد العسكرية والكليات العسكرية العراقية والمصرية واليمنية وكان عددهم محدوداٍ.
الوضع البائس
ما هي أبرز الأسباب التي فجرت ثورة سبتمبر¿
– أسباب الثورة كثيرة جدا.. فقد جاءت ثورة سبتمبر1962 متزامنة مع الثورات العربية في تلك الفترة التي قامت ضد الأنظمة الملكية والتي وصفت بأنها أنظمة رجعية كما قامت الثورات العربية من أجل الحصول على الإستقلال من الإستعمار الذي كان يحتل عدداٍ من دولنا العربية جراء إتفاقية سايكس بيكو الإستعمارية وسبب قيام الثورات العربية أساساٍ احتلال إسرائيل لفلسطين والنكبة التي حصلت أو الهزيمة للجيوش العربية التي شاركت في حرب 48 وهي أول حرب مع العدو الإسرائيلي وكما هو معلوم أن إسرائيل تمكنت من احتلال مساحة كبيرة جدا من فلسطين.. من جانب آخر عبدالناصر كان من ضمن من شارك في حرب فلسطين وجرح في الفلوجة والمعلومات المتوفرة حين ذاك أن الأسلحة التي كانت مع الجيوش العربية المشاركة في حرب الدفاع عن فلسطين كانت قديمة وغير صالحة للحرب مما أدى إلى هزيمة العرب لهذه الأسباب وغيرها قامت ثورة مصر بالدرجة الأولى.. وذكر عبد الناصر أن رفاقه الضباط الأحرار المصريين كان عددهم 80 ضابطا عندما قاموا بثورة 23 يوليو عام 1952 مؤكدا أنه إذا أراد العرب الدفاع عن فلسطين وتحريرها من إسرائيل عليهم أن يقوموا بالثورات ضد الأنظمة العربية من الداخل ولا بد من أن تنطلق الثورة من القاهرة.. فعمل عبدالناصر من عام 48 وحتى 52 على تكوين تنظيم الضباط الأحرار في تنظيم سري ممن توفرت فيهم الثقة والوطنية والعزيمة وقد انتصرت الثورة في مصر فأصبحت ثورة يوليو ثورة كل العرب في العراق والجزائر واليمن وفلسطين.
ومثل ثورة فبراير الشبابية في اليمن فقد جاءت امتداداٍ لثورة 25 يناير المصرية والثورة التونسية وثورات الربيع العربي الأخرى بما في ذلك ثورة 17 فبراير الليبية.. هكذا جاءت ثورة 26 سبتمبر امتدادا للثورة المصرية من أجل تحرير المواطن اليمني وإخراجه من وضع يسوده الظلام إلى عهد الحرية والنور.
طبعاٍ كان هناك مخطط لدى التنظيم السري للضباط الأحرار وكانوا يرغبون القيام بالحدث العظيم يوم 26 يوليو 1962م إلا أن الظروف لم تكن مهيأة و لأسباب كثيرة تم تأجيلها حتى توفي الإمام أحمد في 19 سبتمبر وبعدها مباشرة خلال أسبوع واحد بسبب الخطاب الذي وجهه الإمام الجديد البدر بأنه سيمضي على خطى والده قامت الثورة وانتصر الضباط الأحرار في أكبر عمل ثوري لكن بعدها مباشرة جاءت الحرب الأهلية التي امتدت ثمان سنوات ولم تنتصر الثورة الانتصار الحقيقي إلا بعد يوم 8 فبراير عام 1968م أي بعد انتهاء الحرب الأهلية وفك الحصار عن العاصمة صنعاء.. ومن ثم عندما تم تسوية العلاقات مع المملكة العربية السعودية عام 1970م واعتراف المملكة بالنظام الجمهوري وبعد أن تم الوئام والسلام بين الجانبين الملكي والجمهوري والمصالحة التي تمت بين اليمنيين.. وكان للثوار الأستاذ محسن العيني والشهيد يحيى المتوكل وآخرون دور كبير ووطني في لم شمل اليمنيين وبدأت الثورة مرحلة البناء في مختلف المجالات بفضل أبنائها.
وقائع
كانت للأيام الأولى لثورة سبتمبر وقعا آخر على الساحة اليمنية بين مؤيد ومعارض لهذه الثورة.. ما هي عوامل استمرار الثورة ونجاحها¿
– صحيح كان هناك معارضون للثورة وذلك بسبب الجهل التام لأهمية التغيير وحاجة الشعب للثورة ولذلك هناك قوى وقفت ضد الثورة حتى تمت المصالحة وهو ما سبق أن تناولناه دون شك أن الشعب اليمني كان مخيماٍ عليه الجهل والفقر والمرض.. لا توجد المدارس ولا المستشفيات ولا توجد طرقات ولا يوجد أي شيء.. الأخ أحمد الرحومي والأخ عبد الله جزيلان عندما نزلوا إلى الجائفي في الحديدة نزلوا بالموتورسيكل كي يبلغوه انه تم اختياره أن يكون رئيسا للجمهورية وعندما أبدى عدم استعداده تم اختيار الرئيس السلال لرئاسة الجمهورية فكان أهلاٍ للرئاسة وكان على مستوى من الصمود لم يكن هناك وسائل نقل حديثة أو طرقات وكان شارع الزبيري المزفلت الوحيد في صنعاء الذي قامت بزفلتته جمهورية الصين الشعبية إضافةٍ إلى طريق الحديدة / صنعاء.
كان من العوامل الكبيرة للثورة الوضع الذي كانت تعيشه اليمن كان اليمنيون يعيشون مرحلة ما وراء التاريخ كانوا بعيدين عن العالم بما فيهم الإمام أحمد لم يخرج سوى مرة واحدة للعلاج في إيطاليا أما أبوه الإمام يحيى فلم يغادر اليمن نهائياٍ.. هذا إمام وملك اليمن! غير أن الإمام يحيى كان محبوبا لدى بعض المفكرين العرب الذين زاروا اليمن باعتبار أن اليمن أصل العرب وأنها تاج الإسلام ويمكن العودة إلى كتاب الأديب التونسي عبد العزيز الثعالبي وغيره من العرب الذين ذكروا أن اليمن بإمكانه قيادة العالم الإسلامي وكم نتمنى تحقيق ذلك الآن.
في الماضي كان اليمن معزولاٍ تماما عن العالم كنا لا نعرف شيئا.. أنا كنت من الأطفال عندما قامت الثورة وكنت شاهدا على اندلاع الثورة في تلك الساعات الحالكة السواد التي أنور وأشرق ضياؤها فجر يوم الخميس الـ26 من سبتمبر ولكن لم نكن نعي شيئا سبق وأن شاركنا بالمظاهرات وشاركنا الشباب الذين هم أكبر منا ولكنا لم نكن نستوعب شيئا فالجهل كان مخيما إلى جانب المرض وعدم وجود مواصلات وانقطاع سبل الحياة.. لم يكن هناك سيارات في ميدان التحرير من النادر جدا حتى بعد الثورة أن تجد سيارة إلى أن وصل الإخوة المصريون.
لم تكن هناك مؤسسات
من خلال قراءتكم لتاريخ ثورة سبتمبر.. كيف تعامل الثوار مع مؤسسات النظام الملكي بعد قيام الثورة¿
– في تلك الفترة المؤسسات في النظام الملكي كانت شبه معدومة وتقريبا في تاريخ اليمن الحديث منذ تسلم الإمام يحيى قيادة البلاد عام 1904 حتى عام 1948م لم تكن موجودة مؤسسات أو وزارات بالمعنى الصحيح ربما وزارة الصحة وشيء اسمه وزارة المعارف مثل هذه المؤسسات لم تكن موجودة والثوار عندما قاموا بالثورة المدنيون منهم والعسكريون عدد كبير منهم استلموا وزارات لم تكن موجودة بالمعنى الصحيح وتكاد تكون وزارة الخارجية التي تأسست بداية الخمسينيات استلمها محمد راغب من أصل تركي حيث كان مستشار الإمام يحيى للشئون الخارجية لفترة أربعين عاما.. ومن ثم كان أول وزير خارجية لليمن هو الإمام البدر في حكومة أبيه فكان وزير الدفاع ووزير الخارجية وفي منتصف الخمسينيات تم تأسيس مكتب له في وزارة الخارجية في صنعاء من عدد محدود من الموظفين.
الحرب الأهلية
كيف تعاملت الدول العربية والأجنبية مع ثورة سبتمبر في تلك الفترة¿
– كانت أول دولة عربية تعترف بالثورة اليمنية هي مصر الاعتراف الرسمي كان يوم 3 أكتوبر وثاني دولة كان الاتحاد السوفيتي.. وكانت اعترافات الدول العربية والأجنبية على مدى ثمان سنوات تتوالى لأن الوضع لم يكن مستقرا وكان هناك تردد لدى الدول العربية.. لأن الحرب الأهلية بدأت بعد قيام الثورة مباشرة ووقفت السعودية والأردن ضد النظام الجمهوري ومن ثم كانت الدول خصوصا الدول الكبرى التي كانت لها علاقات دبلوماسية مع اليمن مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا هذه الدول لم تعترف بالنظام الجمهوري ولم تعترف به إلا بعد المصالحة بين اليمنيين عام 1970م.. لكن هناك من الدول العربية التي ساعدت الثورة في مقدمتها مصر والكويت والجزائر والعراق وسوريا وأعتقد أن اليمن سيظل يخلد موقف ومساعدات مصر على امتداد التاريخ لأنه لولا ثورة مصر ووقوف عبدالناصر ذلك الموقف العظيم والقوي ما انتصرت الثورة.. صحيح أنها انتصرت بعد حرب السبعين.. لكن في الأساس هو وجود عبدالناصر ووجود أكثر من 70 ألف جندي مصري لمساعدة الشعب اليمني لتحقيق النصر.
حنكة سياسية
كدبلوماسي وسياسي.. كيف كانت الدبلوماسية اليمنية في السنوات الأولى لثورة سبتمبر.. وهل استطاعت عرض القضية اليمنية على الدول العربية والأجنبية لكسب تأييدهم للثورة اليمنية¿
– في بداية الثورة لم تكن الدبلوماسية اليمنية في السنوات الأولى للثورة كما هي الدبلوماسية اليمنية اليوم أو قبل عشر سنوات أو عشرين سنة.. إنما قامت بأداء دورها واليمن في تلك الفترة كان بحاجة إلى الجميع وظلينا منذ سبتمبر حتى نهاية ديسمبر1962 كثير من الدول لم تعترف باليمن كما أن اليمن لم تتمكن من الانضمام إلى الأمم المتحدة ولكن الأخ محسن العيني في نهاية اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة تمكن بحنكته السياسية من أن تفوز الجمهورية العربية اليمنية بمقعدها في الجمعية العامة للأمم المتحدة كان ذلك في آخر يوم من انعقاد الجمعية العامة في ديسمبر عام 1962م وبعد اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بالنظام الجمهوري.. طبعا محسن العيني كان أول وزير خارجية للجمهورية العربية اليمنية سمع بقرار تعيينه من اللواء عبد الكريم قاسم في العراق لكنه خلال فترة قصيرة عين مندوبا دائما لليمن في الأمم المتحدة وقام بعمله خير قيام وتولى وزارة الخارجية بعده الدكتور عبدالرحمن البيضاني إضافة إلى عمله كنائب لرئيس الجمهورية.
دون شك كان هناك تضامن من الدول العربية مع اليمن وكان هناك نشاط دبلوماسي يمني لكنه كان نشاطا محدودا إنما النشاط قوي اشتد مع الزمن خصوصا أيام الحرب الأهلية التي استمرت ثمان سنوات بين الجانب الملكي والجمهوري.
ما هي آثار حصار السبعين على قيام الجمهورية وتثبيتها كنظام للدولة اليمنية¿
– حصار السبعين كان فارقا بين الهزيمة والنصر بين النظام الجمهوري والنظام الملكي.. في الأخير جميعهم يمنيون الذين كانوا مع النظام الملكي وصلوا وحاصروا صنعاء من كافة الجهات حيث وصلوا إلى جبل النهدين وعيبان وعصر وأرحب كانت صنعاء محاصرة تماماٍ ولعبت المقاومة الشعبية وأنا كنت أحد أبناء المقاومة الشعبية حيث كنت في جبل عيبان مع عدد من شباب الثورة وأذكر الأخ الشهيد جار الله عمر كان في المقدمة ورفاقه من خريجي كلية الشرطة والكلية الحربية أيضا الأستاذ يحيى الشامي عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني وآخرون اللواء نعمان المسعودي كان ملازم أول حين ذاك والشهيد ملازم أول عبده قاسم الحبيشي.. وطبعاٍ ضباط سبتمبر كانوا في مقدمة المدافعين عن صنعاء وأهل صنعاء الشرفاء كان لهم دور كبير جدا في الدفاع عن صنعاء.
حصار صنعاء استمر سبعين يوما.. وكانت القوات المسلحة والأمن والمقاومة الشعبية ورجال القبائل جميعهم كانوا جنودا من أجل إنجاح الثورة وترسيخ النظام الجمهوري وحصلت حرب كانت شرسة جدا وكانت مدافع الملكيين تضرب إلى داخل شوارع صنعاء وهزت صنعاء هزا عنيفا واستشهد الكثير من أبناء المقاومة الشعبية كما استشهد الكثير من أبناء القوات المسلحة والأمن ورجال القبائل وأدوا دورهم العظيم في ترسيخ النظام الجمهوري وفي يوم الثامن من فبراير عام 1968م تم فك الحصار عن صنعاء وتمكنت الحملة التي كان يقودها العواضي والمرحوم الشيخ أحمد علي المطري والأخ عبداللطيف ضيف الله وعدد من الضباط الأحرار تمكنوا من فك الحصار عن صنعاء.. وفي هذا اليوم تم الإعلان عن ترسيخ النظام الجمهوري تماما بعدها بدأت مرحلة المصالحة مع الملكيين ومع المملكة العربية السعودية وعادت قيادات الصفوف الملكية للمشاركة في الحكم ووفقا لاتفاقية السلام والمصالحة.. وفي عام 1970م اعترفت المملكة العربية السعودية بالجمهورية العربية اليمنية وتم تبادل التمثيل السياسي بين صنعاء والرياض.. وعلى إثر اعتراف السعودية بالجمهورية توالت الاعترافات الدولية الأخرى مثل بريطانيا وفرنسا وبدأت اليمن تنسج علاقاتها الدبلوماسية مع مختلف الدول وحيث تقتضي المصلحة والحاجة.
الأم
هل كانت ثورة سبتمبر عاملاٍ رئيسياٍ لانطلاق ثورة 14 أكتوبر ونجاحها وخروج المستعمر البريطاني من الأراضي اليمنية¿
– ثورة سبتمبر 1962م هي الأم الشرعي لثورة 14 أكتوبر المجيدة.. ولا ننسى في هذا المجال أن الشعب اليمني شعب واحد على مر التاريخ وإذا كان قد حصل تقسيم فهذا بسبب الاتفاقية التي وقعت بين بريطانيا وتركيا عام 1914م أي قبل بدء الحرب العالمية الأولى بأربعة أشهر أو أقل من ذلك ومن يطالب اليوم بانفصال الشمال عن الجنوب أو الجنوب عن الشمال هذا من سابع المستحيلات لأن اليمن عبر التاريخ يمن واحد من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب ومن أقصى الشرق إلى أقصى الغرب.. الثورة اليمنية هي ثورة واحدة وإذا كانت ثورة سبتمبر فجرها أبناء الشمال لكن من دافع عنها هم أبناء الجنوب ووقت اندلاع ثورة سبتمبر كان هناك قادة جنوبيون موجودون في صنعاء وفي كل المواقع التي توجد فيها معارك ومنهم لبوزة ومجموعته الذين فجروا ثورة 14 أكتوبر التي هي امتداد طبيعي للثورة الأم ثورة سبتمبر هذا هو التاريخ كانت أيضا تعز منطلقا للجميع وكانت إب منطلقا للقائد أحمد الكبسي الذي كان يمدهم بالسلاح والعتاد.. لبوزة عندما رفض التوجيهات البريطانية خاض معركة شرسة جدا مع الجنود البريطانيين ومن ردفان تم الإعلان عن ثورة 14 أكتوبر في يوم استشهاد لبوزة الذي كان أحد المدافعين عن صنعاء.. ومنذ قيام ثورة سبتمبر شارك الإخوة في الجنوب في الدفاع عنها وبعدها ثورة سبتمبر هي التي مدت ثورة أكتوبر بكافة أنواع الأسلحة إضافة إلى الدور المصري وشارك الشمال مشاركة فاعلة في إنجاح ثورة 14 أكتوبر والدليل على ذلك أن قحطان الشعبي أول رئيس لليمن الجنوبي على امتداد السنوات الأولى لثورة سبتمبر كان وزيرا لشئون الجنوب كان بمثابة وزير الدولة لشئون الوحدة كما أن قادة جبهة التحرير في جنوب الوطن غادروا عدن بعد الاستقلال وتسلم الجبهة القومية قيادة البلاد وتسلموا مناصب قيادية حكومية في صنعاء منهم الأخوان عبد الله الأصنج ومحمد سالم باسندوة اللذان تسلما مناصب وزارية مختلفة منذ نهاية ستينيات القرن الماضي وهاهو الأخ باسندوة على رأس حكومة الوفاق الوطني.

صحيح
هناك من يقول أن أهداف ثورة سبتمبر لم تتحقق.. بدليل قيام ثورة أخرى هي ثورة الشباب¿
– هذا صحيح.. كان يمكن للأهداف الستة أن تسموا وتحقق إنجازات تفوق الخيال.. صحيح أننا لسنا دولة نفطية كأي دولة خليجية.. لكن لدينا من الخير الكثير.. وأقولها بكل أمانة أن اليمن تسلمت مساعدات منذ قيام الثورة على امتداد 51 عاما أكثر من أي دولة سمعت عنها في العالم.. ولو أن الجهات المسئولة والوزراء المختصين والقيادات العليا التي تسلمت السلطة بمختلف المراحل كانت عند مستوى الظن بهذا الشعب كنا قد عمرنا بالمساعدات الكثير وكانت المصانع موجودة لكن بكل أسف لم نستفد من هذه المساعدات في شيء.. البلد لا زال يعاني حتى اليوم جراء الكسب غير المشروع واستيلاء من تسلموا زمام الأمور على خيرات هذا الشعب والفوارق الطبقية الموجودة والمعاشة أكبر شاهد للأوضاع التي لازالت ورغم مرور نصف قرن على الجمهورية فإن أي مريض لازم يسافر إلى الخارج للعلاج.. البضاعات الأجنبية تجتاح الشوارع اليمنية ماذا حققنا في المجال الصحي وماذا حققنا في المجال التجاري وماذا حققنا في المجال التعليمي¿ لازلنا نرسل الآلاف من الطلبة سنوياٍ للدراسة في الخارج البطالة بالآلاف قي شمال الوطن وجنوبه الفقر والعوز منتشر وقلة هم الذين يملكون ثروات الشعب من خلال إمتلاكهم مساحات واسعة من الأراضي والشركات النفطية والغازية والسمكية وقوافل السيارات والفلل والعمارات التي لا تحصى ولا تعد.
الشعب
هل تقصد أن ثورة اليوم هي ثورة الأمس¿
– لا.. ثورة سبتمبر كانت ضد النظام الملكي المهتري والضعيف من أجل إخراج الشعب من عزلته و ثورة فبراير الشبابية تعد امتداداٍ لثورة سبتمبر لأن أهداف ثورة سبتمبر الستة لم تتحقق بالشكل المطلوب وأصحاب المصلحة الحقيقية في الثورة وهم عامة الشعب المحرومون من ثروة الشعب ومنجزات الثورة التي امتلكتها وتحكمت بها فئة محدودة هي التي تهيمن اليوم على قدرات هذا الشعب والدليل على ذلك أن ثورة فبراير حتى اليوم لم تحقق هي الأخرى أهدافها وثورة الشباب هي امتداد لثورات الربيع العربي التي قامت ضد الهيمنة والفساد والتوريث والاستيلاء على ثروة البلاد والعباد والتحكم بها والقوى الوطنية الموجودة اليوم بكافة مكوناتها السياسية عليهم أن يستوعبوا الدرس بحيث نحافظ على إمكانياتنا وعلى مواردنا وما هو متوفر لدينا.. إذا أردنا لشعبنا أن يخرج من الأوضاع التي يعيشها لا بد من القضاء على الفساد المستشري في قطاعات كثيرة.. إذا قضينا على الفساد وعلى المناطقية وعلى الفئوية وعلى الأسرية فاليمن بخير.. ثورة الشباب قامت ضد هذه الأسباب.. صحيح أن هناك منجزات خلال الفترة الماضية لكننا كنا نريد منجزات أكثر وكنا نريد أن تكون هناك مشاركة سياسية فاعلة وأن تكون هناك مشاركة من جميع أبناء الشعب.. لدينا من الكفاءات منذ قيام الثورة ومنذ افتتاح جامعة صنعاء 1970م وخريجو الدول العربية والأجنبية لدينا الكثير من العلماء لكن لم تتح لهم الفرصة في أن يؤدوا أعمالهم ورسائلهم وفي الوقت نفسه بما يؤدي إلى مشاركة شعبية مشاركة إنسانية تخدم الإنسان.
الأزمة التي عاشتها اليمن بسبب ثورة فبراير السلمية من انقطاع الماء والكهرباء والغاز والهاتف وقطع الطرقات أدت إلى شل سْبل الحياةوتكريس الأسرية والمناطقية في هذه الدولة.. لذلك جاءت ثورة فبراير من أجل تحقيق أهداف السادس والعشرين من سبتمبر 62 ومن أجل تحقيق أهداف ثورة 14 أكتوبر 63 وفي الوقت نفسه العمل بالخطوات الأولى التي من أجلها قامت وحدة الوطن في 22 من مايو عام 90م والمؤسف أن الشارع يقول أن ثورة فبراير سرقت ولم تحقق المبادئ والأهداف التي قامت لأجلها وفي مقدمتها بناء الدولة اليمنية الحديثة والحفاظ على وحدة البلاد ونشر الأمن والاستقرار في ربوعه ولازال الأمل معلقا على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني في إخراج اليمن إلى بر الأمان.
العدل
ما هي تطلعاتكم لمستقبل اليمن في ظل مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل¿
– سبق وأن أرسلت للأخ رئيس الجمهورية باسم المركز اليمني للدراسات الدبلوماسية والعلاقات الدولية رسالة وناشدناه بتنفيذ النقاط العشرين ثم الـ11 نقطة لتهيئة الحوار وأنا مع الضمانات للإخوة في الجنوب ولكن أنا مع وحدة اليمن واستقراره أنا مع تنفيذ أهداف ثورة الشباب السلمية أنا مع بناء دولة اليمن الحديثة القائمة على العدل والمساواة نريد أن نسمع أنه لا فساد بعد اليوم نريد ثورة جديدة ضد الفساد وثورة جديدة من أجل العدالة والمساواة تسود أبناء الشعب اليمني من أقصاه إلى أقصاه نريد مصالحة وطنية تعزز وحدة وأمن اليمن واستقراره اليمن غني بموارده وثرواته وشبابه وعلمائه.. الوحدة اليمنية عملت من اليمن شيئاٍ كبيراٍ كبر حجم اليمن بفضل الوحدة اليمنية في الشطر الجنوبي خلال سنوات الوحدة حصلت ثورة عمرانية كبيرة وجه عدن أصبح مشرقاٍ إشراقه ترابه الذهبي وكذا بقية المحافظات حيث تم إنجاز العديد من المشاريع التنموية وذلك تم بفضل الوحدة وعدن لازالت في حاجة للكثير والأمل أن يعمل ويسعى الجميع إلى تحقيق أهداف ثورة فبراير في قيام دولة المؤسسات وتحقيق الأهداف لا تأتي إلا بنشر العدل والمساواة ولا تمييز بين شخص وآخر وقبيلة على أخرى ولابد من إعادة البيوت والممتلكات المنهوبة لأهلها في جنوب الوطن وخاصة منازل القيادات السابقة ولابد من حل القضية الجنوبية الحل العادل بما يضمن الحفاظ على الوحدة اليمنية التي هي أساس الوحدة العربية الشاملة ولابد كذلك من حل قضية صعدة وبناء ما دمرته الحروب الستة وتوزيع الثروة التوزيع العادل ولن يتم ذلك إلا و مخرجات الحوار الوطني المبني أساساٍ على بناء دولة يمنية اتحادية ثروتها وحدودها أرضاٍ وسماءٍ ملك اليمنيين جميعاٍ في ظل دولة النظام والقانون وأنه لا ضمانات لأحد إلا من خلال الشعب والشعب وحده هو الضامن والخوف أن نتغنى بمخرجات الحوار ويحصل العكس من لجنة 8+8 ويذكر الجميع أن المبادرة الخليجية نصت على الحفاظ على وحدة اليمن فكيف نسمع من يدعو للانفصال وتقسيم البلاد إلى إقليمين وبهذه المناسبة فالدعوة للجميع بأن نكون على مستوى الأمانة والمسؤولية بحيث يتم تغليب المصلحة العليا للشعب اليمني على كافة المصالح الأخرى.. وأتمنى أن يأتي العام القادم واليمن يسرع الخطى في القضاء على كافة رواسب الماضي بكل أشكاله ولن يبلغ اليمن مجده إلا بوحدته وبناء دولة النظام والقانون الخالية من الفساد.

قد يعجبك ايضا