(كتاب المكافأة وحسن العقبى)
■ محمد محمد عبدالله العرشي
أخي القارئ الكريم.. ما أحوجنا في هذه الأيام في اليمن والعالم العربي والإسلامي أن نرجع إلى تراثنا التاريخي والأدبي والأخلاقي الذي استلهم منه أجدادنا أحداثا وشخصيات استطاعوا من خلالها أن يكونوا الحضارة العربية والإسلامية التي أشرق نورها على العالم واستلهمتها الحضارة الأوروبية فتقدمت وتركناها فتأخرنا.
وستجد أخي القارئ الكريم في هذه القصص – التي اخترتها من هذا الكتاب – العبر والمواعظ لعلنا أن نتأسى بها وبأعلام هذه القصص المستوحاة من الواقع الاجتماعي في العصر العباسي.
مؤلف الكتاب (ابن الداية) هو أبو جعفر أحمد بن يوسف بن إبراهيم وردت له تراجم عديدة في العديد من كتب التراجم.. وقد ذكر محقق كتاب المكافأة ترجمة مطولة لمؤلف هذا الكتاب حيث ذكر أن مولده يكون ما بين سنة 235 وسنة 245هـ في مصر نشأ في كنف أبيه فأخذ عنه ولعه بالكتابة والحساب والهيئة وتوفي (ابن الداية) سنة 340هـ. ومن يريد المزيد عن ابن الداية فسيجدها في كتاب (المكافأة وحسن العقبى).
يعتبر محقق هذا الكتاب العلامة الأديب الكبير/محمود محمد شاكر ثالث ثلاثة من الأدباء الكبار في مصـر إلى جانب العقاد طه حسين. وهو من أسرة أبي علياء الحسينية في جرجا بصعيد مصر وكنيته أبو فهر. ولد في الإسكندرية في ليلة العاشر من محرم سنة 1327هـ/ 1فبراير عام 1909م وتوفي عام 1997م.
له الكثير من المؤلفات منها: (المتنبي ـ عدد خاص من المقتطف سنة 1936م القوس العذراء ـ نشرت أول مرة في مجلة الكتاب 1371 هـ/1952م) (أباطيل وأسمار) (برنامج طبقات فحول الشعراء) (نمط صعب ونمط مخيف “وهو سبع مقالات نشرت في مجلة «المجلة» سنة 1969 1970م”) (قضية الشعر الجاهلي في كتاب ابن سلام) (رسالة في الطريق إلى ثقافتنا صدر بها كتاب المتنبي في طبعته الثالثة 1407 هـ ـ 1987م).
وقد حقق المرحوم العلامة الأديب الكبير/محمود محمد شاكر العديد من المؤلفات منها: (فضل العطاء على العسر لأبي هلال العسكري) (إمتاع الأسماع بما للرسول من الأبناء والأموال والحفدة والمتاع لتقي الدين المقريزي) (المكافأة وحسن العقبى لأحمد بن يوسف بن الداية الكاتب) (تفسير الطبري – الأول والثاني – دار المعارف 1954م الثالث والرابع دار المعارف 1955م السادس والسابع والثامن دار المعارف 1956م من التاسع إلى الثاني عشر دار المعارف 1957م الثالث عشر والرابع عشر دار المعارف 1958م الخامس عشر دار المعارف 1960م السادس عشر دار المعارف 1969م). والسيرة الذاتية للمحقق كبيرة وغنية بالمعلومات ولكن المقال لا يتسع لذكرها.
وقد اخترت هذه القصص وهي على النحو التالي:
القصة الأولى: مؤلف وأعراب من القيسية
ولما استفحل أمر ابن الخليج انحاز عنه جيش مصر إلى الإسكندرية وخلا الفسطاط منهم وكنت بمدينة أهúناس (بلدة بالصعيد من عمل البهنسا) واضطربت النواحي واحتجت إلى مشاهدة الفسطاط. فتخفرت بأربعة نفر من القيسية دفعت إليهم عشرين دينارا وخرجت معهم فأحسنوا العöشرة وأجملوا الصحبة. وكنا لا نجتاز بحي ولا جماعة إلا كفونا مؤونة كلامهم وصرفوا عنا بأسهم. ولم يزل كذلك دأúبنا حتى بلغنا قصر الجيزة فأقبلت رعúلة من الأعراب(الرعلة: القطعة من الخيل قدر عشرين)– قدرتها برأيö العين خمسين فارسا – كانت من غير حيöهم فصممت نحونا برöماحها وعمöلت على نهبنا وقتúلöنا ورأيت الموت في أسنتهم. وأحسن الأربعة – الدين تخفرنا بهم – لقاءها والتضرع إليهم وناشدوهم ألا يخفروا ذöمتهم وأجملوا التأتöي (تأتى للشيء: ترفق له وأتاه من وجهه) حتى انصرفوا.
وجددنا في السير حتى انتهينا إلى حيö المخفöرين لنا فقال المخفöرون :”قد بلغت إلى من تأمنه فحط رحلك فما تستقل (تحتمل) دوابك الزيادة على هذا السير”. فنزلت وتقدمت إلى الغلمان في إطعامهم و لم أجد للطعام مساغا من فرط ما لحقني من الروع.
وعملت في المخفرين هذه الأبيات:
جزى الله خيرا معـشرا حقنوا دمي
وقد شرöعتú نحوي المثقفة السمر
دراهöمهم مبذولة لضعيفهم
وأعراضهم من دونها الغفر والستر
إذا ما أغاروا واستباحوا غنيمة
أغار عليهم في رöحالهم الشكر
وإن نزلوا قطرا من الأرض شاسعا
فما ضره ألا يكون بها قطر
فلحظني واحد منهم وأنا أكتبهم فظن أني أكتب إلى السلطان فاشتكى ما كان من الفرسان الذين لقونا بقصر الجيزة فقال: “قد سلمك الله من أولئك القوم وقد أحسنوا إلينا في حسن الإجابة لنا فلا تكتب فيهم بشيء”. فقلت: “واللهماكتبتفيهمولافيغيرهمإلىالسلطانبشيء”فقالليشيخمنالمخفرين–وقدقربمنöي–: “فماتكتب¿”قلت: “أكت