محمد كده .. لم تقف معه في محنته سوى قبيلته التي أطلقت الرصاص فرحا بعودته .. وهتفت " بالروح بالدم نفديك يا يمن "
وزير في حكومة ” الشرعية المزعومة ” يروي كيف استدرجه هادي إلى الرياض وسلمه للمخابرات السعودية !
الثورة/
لم يشفع للواء محسن خصروف الذي يعمل مديرا للتوجيه المعنوي في جيش المرتزقة ، وتفانيه طوال خمس سنوات في الدفاع عن تحالف العدوان وجيش المرتزقة في مختلف الفضائيات . مؤخرا وجه اللواء محسن خصروف انتقادا للتحالف الذي تقوده السعودية عبر قناة ” اليمن من الرياض ” وقال أن التحالف لم يقدم أسلحة ثقيلة لجيش ” الشرعية المزعومة ” وبغض النظر عن أهمية ما قاله اللواء والمحلل العسكري، فقد كان ذلك مبررا لأن يتخذ الفار هادي قرارا بإيقاف خصروف وإحالته للتحقيق ، لا يُعلم بعد من هي الجهة التي ستحقق مع اللواء خصروف ، لكن المعتاد في مثل هذه الحالات هو أن تتولى ” اللجنة الخاصة ” أو الاستخبارات السعودية مهمة التحقيق مع القيادات والسياسيين اليمنيين الذين يتجرأون على انتقاد التحالف السعودي أو السياسات السعودية في اليمن . وحده الوزير في حكومة ” الشرعية المزعومة ” محمد عبدالله كده ، والذي سبق أن تولى منصب محافظ محافظة المهرة أكثر من مرة ، كشف في لقاء مع ” الموقع بوست ” كيف استدرجه هادي إلى الرياض وسلمه للمخابرات السعودية ، وكيف منع من العودة إلى اليمن . وسنتطرق هنا إلى أبرز ما كشف عنه الوزير والمحافظ السابق محمد عبدالله كده :
يقول الوزير كده أنه تلقى دعوة من ” الرئيس المنتهية ولايته ” لزيارة السعودية عبر رئيس وزراء ” الشرعية المزعومة ” معين عبدالملك .
وأضاف: بعد تنسيق إجراءات السفر التقيتُ هادي في الرياض، وشرحت له الوضع في محافظة المهرة، وما يجري فيها الآن. شرحت له حالة الاحتقان، وتفكك النسيج المجتمعي، وشق الصف الوطني، وحالة الانقسام التي تعيشها المهرة حتى على مستوى الأسرة الواحدة في البيت الواحد، وهي ظواهر لم تعشها المهرة منذ الاستقلال وحتى اليوم، وتبديد المال العام، وكذلك ما يمكن تسميته بالضحك على الذقون من الوعود بتنفيذ المشاريع الوهمية سواء تلك التي تطلقها السلطة المحلية أو التحالف العربي ” .
ويستدرك الوزير محمد كده : ” عندما بدأت الاعتصامات في المهرة ومطالبة المعتصمين للقوات السعودية بالرحيل، تواصل بي هادي ، وطلب مني التواصل مع المعتصمين، وأخبرته بأنهم ليسوا من صنع يدي ولا فكرتي، وأن ذلك حراك شعبي شامل يعترض على ممارسات موجودة، وخرج الناس يعبرون عن رأيهم ومطالبهم، ولولا هذا الحراك الشعبي كان من الممكن أن يتحول الناس في المهرة نحو العنف المسلح مثلا، ثم طلب هادي اللواء قحطان -مدير الأمن حينها- بالتواصل مع الجميع في المهرة، وتم الاتفاق على النقاط الست المعروفة، ووقع عليها جميع الأطراف.
ومرت أيام على ذلك الاتفاق ولم يتم الالتزام به من قبل الجانب السعودي، فعادت الاعتصامات من جديد وفقا للمحضر الموقع بين الجانبين والذي نص على تعليق الاعتصام لتنفيذ الاتفاق، ما لم فستعود الاعتصامات.
يضيف كده : عندما ذهبتُ للسعودية بناء على دعوة هادي ، كان هناك تقريبا وشاية عني من محافظ المهرة الحالي راجح باكريت ” المعين من هادى ” بأني من يقف خلف الحراك الشعبي المناوئ للسعودية في المهرة، وأن كل الشخصيات التي تقود الاعتصام ليست سوى واجهة فقط، وأن الأمر كله بيدي أنا، حتى وإن كنتُ غير متواجد في المهرة.
ويستطرد : جلستُ مع هادي، وأبلغته بأهمية إرسال لجنة محايدة للمهرة، ثم يطلع على التقرير الذي سترفعه، ويتخاطب مع الجانب السعودي حول المهرة بناء على ما سيتضمنه التقرير من شرح للوضع في المحافظة، ورد هادي على طلبي بأنه سيكلف مكتبه بتنسيق موعد لي مع رئيس الاستخبارات السعودية، وعليَّ أن أخبرهم بنفس الكلام الذي طرحته عليه فيما يتعلق بالوضع في المهرة.
بعد ثلاثة أيام استدعاني رئيس ” اللجنة الخاصة ” محمد عبيد القحطاني ، وفي بداية اللقاء سألني القحطاني عن الوضع في المهرة، وأخبرته بأن الأوضاع هناك لا بأس، فقاطعني القحطاني بالقول: “ليش لا بأس، وما فيش هناك لا بأس، والسبب أنت”.
وعندما سألته: لماذا أنا السبب؟ رد بالقول إني من أدير الجماعة (المعتصمين) وإنهم ليسوا سوى واجهة، وقال بأني أسب السعودية، وأسب راجح باكريت (محافظ المحافظة الحالي)، وأخرج قرص “سي دي”، وقال بأنه يحتوي على تسجيلات لي وأنا أسب السعودية والمحافظ في عدة مدن، في مدينة عدن، وفي مأرب، وفي الرياض، وفي مسقط، وفي الغيضة بالمهرة.
كان ردي عليه بأني لا أسب السعودية ولا غيرها، ولكني أنتقد، فأنا ابن البلد، وأعرف أوضاع المحافظة، وما يجري فيها، وتقدمت منذ البداية بالنصح للجميع، بما فيهم قيادة التحالف الذين وصلوا المهرة أول مرة، وأبلغتهم حينها بنصيحة مجانية بأن أهل المهرة طيبون لكنهم يحتاجون من يتعامل معهم بالطيب واللين والاحترام على الأقل.
وينتقل الوزير محمد عبدالله كده إلى مشهد آخر في مسلسل التحقيق في الرياض ، لكن دون أن يوضح كيف انتقل التحقيق من ” اللجنة الخاصة ” إلى الاستخبارات السعودية ، ربما لدواع أمنية .
يواصل كده : ” أوضحت بعض النقاط لرئيس الاستخبارات السعودية، على سبيل المثال التعامل مع القبائل وتجنيدها، وأنا أعتبر هذا الأمر فتنة، ولا تستطيع القبيلة أن تقوم بدور الدولة، وغداً القبائل ممكن أن تتقاتل مع بعضها، بسبب الحساسية بينها الناتجة عن ممارستها لأعمال أمنية هي من صميم مهمة الحكومة، واقترحتُ عليهم منذ البداية أن يكون التجنيد عبر المؤسسات الرسمية سواء الجيش أو الأمن، بحيث يمثل الجميع الدولة ويعملون باسمها.
وأضاف : ” الجانب الثاني الذي تحدثتُ به معه هو حاجة المهرة للخدمات العامة وتنمية المحافظة، وإذا كان للسعودية مصلحة من التواجد في المهرة، فنحن كأبناء المهرة لدينا مصلحة أيضا، لكن نحن نريد منهم أن يدخلوا للمحافظة من أبوابها الصحيحة والرئيسية.”.
إهمال ومنع من السفر
يواصل الوزير والمحافظ السابق للمهرة محمد عبدالله كده سرد قصته ويقول : ” بعد الحديث مع رئيس الاستخبارات السعودية، مرت ثلاثة أشهر، وشعرت خلالها بالإهمال لي، وذهبتُ للمطار بغرض السفر من السعودية، وهناك سألني الموظف فيما إذا كنتُ أعرف أني ممنوع من السفر، فرديت عليه: “لا”، ثم سألني إن كان أحد أبلغني من قبل بهذا المنع، وقلتُ له: “لا”، فقال بأن لديهم أوامر بمنعي من السفر، وطلب مني كتابة ورقة بأنه لم يتم إبلاغي من قبل بقرار منعي من السفر، والتوقيع عليها، وفعلتُ ذلك، وطلبوا مني العودة من المطار لتعذر سفري بسبب قرار المنع.” .
ويضيف : ” تواصلتُ بعدها مع المسؤولين في الدولة، ومنهم ” نائب هادي ، علي محسن الأحمر” وأبلغته بقرار منعي من السفر، وقال لي بأنه هو الآخر متفاجئ من هذا القرار، وعرض عليّ استقدام أولادي إلى السعودية بدلا من السفر منها، لكني رفضت الأمر، وأخبرته بأني لن أجلس موقوفا داخل السعودية، وطلبتُ منه موقفا واضحا هو والأخ الرئيس، خاصة بعد تعذر الوصول للرئيس بسبب عدم الرد من قبل الموظفين في مكتبه، ووعدني النائب بعمل حل، ومرت عدة أيام دون فائدة، ثم وجهتُ رسائل للمعنيين في مكتب الرئيس، ولكن دون رد أيضا.
في الأخير تواصل معي الإخوة في المهرة، ورفضت تدخلهم وإقحام المحافظة وأبنائها في موضوع يخصني أنا شخصيا، ويكفي ما تعيشه المهرة من مشاكل، وانقطع التواصل معهم، فقاموا بالاحتجاجات التي تطالب بالسماح لي بالسفر، وأصدروا عدة بيانات، وبدؤوا في التحرك الميداني لقطع تحركات التحالف داخل المهرة كورقة ضغط على السعودية لرفع قيود منع السفر.
وبعد ذلك بأيام أُبلغتُ من قبل نجل هادي بأن الجانب السعودي رفع قيود منع السفر، وإذا أرغب بالسفر فلا يوجد أي مانع، ثم تواصل معي مدير مكتب هادي وطلب مني سرعة السفر إلى المهرة بسبب التصعيد الذي كان حاصلا في المهرة تضامنا معي، فسافرت ووصلت المهرة والتقيت بأبنائها، وشكرتهم على ذلك، وطالبت بتطبيع الأوضاع فيها.” .
وحول تفسيره لما جرى معه يقول الوزير كده ” : ما فهمته من هذا الأمر هو أن السعوديين لا يريدون أحدا ينتقدهم، أو ينتقد الشخص الذي عينوه محافظا للمهرة، لأنه أصلا يعمل وفق أجندتهم، وسبق لي أن قدمت لهم النصائح منذ كنت محافظاً للمهرة، لكن يبدو أنهم وصلوا لقناعة بأنهم لن يستطيعوا العمل وفق أجندتهم في ظل بقائي محافظا للمحافظة آنذاك ، وبالتالي سعوا لإقالتي، والإتيان بشخص آخر ينفذ لهم ما يريدون ” .
وحول رؤيته فيما إذا كان ما فعلته السعودية معه هو ذاته ما تفعله ربما مع مسؤولين آخرين في ” حكومة الشرعية المزعومة بما في ذلك هادي؟ ” . أجاب الوزير محمد كده :
” ربما، فهناك وزراء ممنوعون من السفر إلى عدن على سبيل المثال منذ بداية الحرب وحتى اليوم، وهناك أيضا قادة عسكريون ومدنيون جرى استدعاؤهم وإبلاغهم بأنهم ممنوعون من السفر ومغادرة السعودية، ولم يكن قرار منعي من السفر يستهدفني أنا فقط. “.
في السابع عشر من مايو الماضي، وصل وزير الدولة عضو مجلس الوزراء في حكومة هادي المزعومة محمد عبد الله كده إلى مدينة الغيضة عاصمة محافظة المهرة، وهو يشعر بالزهو والانتصار، بعد تمكنه من تجاوز القرار السعودي الذي منعه من السفر خارج المملكة العربية السعودية.
وصل الرجل إلى محافظته ليلا، وكان المئات من أبناء قبائل المهرة في انتظاره، وهم يشاطرونه مشاعر النصر، بعد سلسلة من الأعمال التصعيدية التي نظموها لإجبار السعودية على الرضوخ لمطالبهم، ورفع الحظر عن الوزير كده الذي ينتمي لواحدة من أشهر قبائل المهرة.
تجمع الكثير منهم في ساحة مفتوحة، واحتشدوا للسلام عليه. أما هو فقد نهض من وسط الصفوف، وخطب فيهم موضحا خلفيات منعه من السفر، شاكرا لهم مساندتهم له، واصفا ما فعلوه بالموقف الرجولي والأخوي والتلاحمي. وفي غمرة الاحتفال انطلقت أصوات الرصاص من البنادق كتحية قبلية عُرفية، وهتف الجميع: “بالروح بالدم نفديك يا يمن”.