عُقدة الرياضة اليمنية .. حِجَابا السلطة والمال

 

حسن الوريث

ما سبب تخلف الرياضة اليمنية؟ ولماذا نحن في أسفل القائمة رغم امتلاكنا مقومات النجاح في المجال الرياضي؟ وأين يكمن الخلل في رياضتنا؟ هل في المسؤولين عن الرياضة أم في الرياضيين أنفسهم؟ وما سبب الأوضاع الصعبة والسيئة التي تعيشها الأندية الرياضية والاختلالات الفنية والإدارية والمالية والضعف في بنيتها التحتية والمنشآت؟.. هذه الأسئلة وغيرها كانت محور نقاش جمعني بعدد من الزملاء الرياضيين والإعلاميين.
الحديث ركز في بعض فقراته على أوضاع الناديين الكبيرين الأهلي والوحدة من صنعاء، على اعتبار أنهما من أكبر الأندية اليمنية ويفترض أن تكون الأوضاع فيهما أفضل من غيرهما، ورغم محاولة كل منهما تلميع واجهته والظهور بالمظهر الجميل لكن الإجماع على أن كل ذلك ليس حقيقياً، فسوء الإدارة هو الواقع الفعلي لهما وعندما تغوص أكثر في واقع كل من هذين الناديين والكثير من الأندية الرياضية في بلادنا ستجد العجب العجاب من الأمور التي ربما لا تجدها في أي مكان آخر في العالم حتى في البلدان المتخلفة رياضيا مثلنا، وبإمكان أي شخص التأكد منها خلال زيارة ميدانية لأي ناد والتعرف عن قرب على سير العمل والأداء في الأندية، فعندما تبدأ زيارتك من مقراتها الدكاكينية والتي لا يمت أكثرها للمنشآت الرياضية بأي صلة تعرف أنها مجرد دكاكين فقط لا غير ولا تمت لما يمكن أن نسميه أندية رياضية بأي صلة، وحين تغوص أكثر في الأمور الإدارية التي تدار بعيداً عن أصول الإدارة الفنية والمهنية وبطريقة “ما بدا بدينا عليه” ستجد أننا ما زلنا وسنظل بعيدين جداً.
وبما أننا اخترنا لحديثنا ونقاشنا ناديي الأهلي والوحدة، فإن ما توصلنا إليه مؤلم بالنسبة لناديين عريقين وكبيرين، فأحد الأندية يدار من قبل شخص واحد والبقية “كومبارس” يكتفون بتعميد ما يقوله وما يريده وكأن كلامه غير قابل للتأويل أو للنقاش بل للتنفيذ بأي شكل من الأشكال حتى لو كان فيه من الأخطاء أكثر من وزنه، والنادي الآخر يدار من قبل شخص واحد لكنه غير مرئي وغير ظاهر في الصورة لاعتبارات قانونية وأمنية وأشياء أخرى وكل الذين يعملون في النادي مجرد موظفين لا يجرأون على اتخاذ أي قرار أو المضي في أي عمل دون أن يكون ذلك الشخص الخفي قد وافق عليه، أما بقية الأندية الرياضية فوضعها يصعب حتى على الكافر – كما يقال – وهذا هو الوضع المزري في أنديتنا التي تدار بهذه الطريقة وهذه العقليات العقيمة.
وخلال حديثنا توصلنا إلى نتيجة مفادها: أن وضع الأندية الرياضية يحتاج إلى إعادة نظر، حيث أن تطور الرياضة ينطلق من إصلاح أوضاعها، وإصلاح الأوضاع في الأندية ينطلق من ضرورة وجود رؤية واستراتيجية حقيقية للرياضة اليمنية التي تحكمها لوائح قديمة عفا عليها الزمن ولم تعد صالحة للعمل بها والأكيد أنها لم تكن أيضا صالحة للتطبيق حتى سابقا لأنه تم تفصيلها على مقاسات معينة، وبالتالي فقد كانت وما زالت معدومة الأثر بل إن أثرها سلبي جدا جدا وتسببت في تدهور أحوال الرياضة والشباب والإبقاء على الكثير من مسؤولي الاتحادات والأندية في مناصبهم سنوات طويلة يتحكمون في مصير الشباب والرياضيين رغم عدم كفاءتهم وقدرتهم من نواح كثيرة، باستثناء قدرتهم على العبث بأموال الرياضة والرياضيين وعدم قدرة الأجهزة المعنية على محاسبتهم، وفي مقدمتها وزارة الشباب والرياضة التي تشرعن لهم كل شيء حتى سحب ملفات فسادهم من النيابة العامة بسبب قصور بل عجز المنظومة التشريعية والقانونية الرياضية.
خلاصة:
وخلص نقاشنا إلى أن الرياضة في بلادنا تحتاج إلى العمل في مسارات متوازية تبدأ من إيجاد بنية تشريعية وقانونية أهمها قانون الرياضة واللوائح المنظمة لعمل الوزارة واللجنة الاولمبية والاتحادات والأندية الرياضية والعلاقة بينها وبين كافة الجهات المعنية الحكومية والخاصة فيما يتضمن المسار الثاني إيجاد بنية تحتية رياضية، ويتمثل المسار الثالث في تدريب وتأهيل الكوادر الرياضية، ولكن أيضاَ وقبل ذلك كله نحتاج إلى رؤية واضحة ومسؤولين جيدين واضحين وليس مسؤولين يتخفون ويديرون العمل من وراء حجابي السلطة والمال.

قد يعجبك ايضا