شرعية الفراغ بين الزمان والمكان !
عبد العزيز البغدادي
حين تصل الصفاقة إلى هذا المستوى من الوضوح الذي كشفته ورشة المنامة تصبح لغة الإيماء إلى أدوات شرعنة الفساد والإرهاب ضرباً من ضروب الاستهتار بكرامة الإنسان !.
صار الحديث المستجرعما يسمى بالشرعية المنومة أو المعلبة أجزاءً في الرياض وأبو ظبي ودبي وإسطنبول والقاهرة وعمان وفي المنامة أيضاً التي صارت تشبه كل العواصم العبرية بعد أن حيك الخزي العربي في ورشتها وفق هندسة نتانياهو، والنتن أنواع !؛
شرعية الفراغ هذه لمن يعقل بنيت على مدى عقود من التفريط في السيادة على مستوى اليمن والوطن العربي ممن يفترض أن يسهر على حمايتها وحكام اليمن رهنوا أنفسهم لمرتَهنين لأمريكا والصهيونية أي أن الدول العربية توزعت بين موظفة وأخرى موظفة لدى الموظف !.
ففي اليمن نرى بعض المخبوئين في عقول الموظفين لدى بعض المتلاعبين بالعقول أو العجول من بناة مؤسسة شرعنة الفراغ أو الدولة الفاشلة على مدى العقود الأربعة الماضية يتباكون عبر قنواتهم المجبولة على الكذب على ضياع الدولة واستيلاء الميليشيات حسب زعمهم على مؤسساتها كما يرددون وهم من باعوا سيادتها لمن قام باحتجازهم في تلك الفنادق متجاهلين حقيقة أن فساد بطونهم وعقولهم هي المؤسسة الوحيدة التي بنيت على مدى تلك العقود.
وعمر هذه المؤسسة عمر اللجنة الخاصة التي نتج عن نشاطها بناء دولة الفشل الذريع ليفرش البساط الأحمر للتدخل السريع والبطيء وهو تدخل يمتد جذوره الى بداية إيجاد الكيان السعودي بتخطيط ودعم الاستعمار البريطاني وهو تدخل له وجوه وأساليب متعددة مباشرة وغير مباشرة من التدخل في تعيين الوزراء إلى التدخل في منع التنقيب عن الثروات النفطية وغيرها في المناطق الحدودية سواءً من خلال إحداث الفوضى عن طريق بعض المرتزقة من المشايخ وغيرهم أو من خلال الرشاوى لشركات التنقيب وقد بلغ هذا التدخل أعلى درجات الوقاحة من خلال الدور المخابراتي القذر في اغتيال الشهيد إبراهيم الحمدي ليصل إلى درجة تعيين شخصيات كرتونية في رئاسة الدولة وفي كافة مفاصلها حيث أصبحت هذه الدولة اليمنية منزوعة السيادة في ظل وجود تلك الشخصيات المعروفة غير المؤهلة سوى لبناء مؤسسة الفساد ولذلك تم اختيارها بعناية !.
لقد أدرك الكيان السعودي بأن هذا الطريق هو طريق هدم الدول وفشلها وضياع المجتمعات وتمزيقها، بعد أن زرع لديه اعتقاداً بأنه الطريق الذي يحافظ على كيانه المصطنع ولم يقم بهذه الوظيفة نتيجة ذكاء أو بعد نظر يخدم المملكة وازدهارها بل على العكس تماماً إذ المنطق السليم يقول : بأن كلما يضعف اليمن أو يعيق نموه وحركته يعيق ويضعف السعودية بحكم الجوار فالمثل اليمني القديم يقول : (ما امسى في جارك أصبح في دارك) وهو مثل يجسد المفهوم الإسلامي بما يحمله من حث على واجب حسن الجوار كقيمة إنسانية تحقق المصلحة وترسخ القيم ولا يمكن لدول المنطقة عموماً أن تحافظ على أمنها وأن تردع من يحاول التدخل في شؤونها وهي على هذا المستوى من الضعف والاستلاب وهدر لما يحث عليه الدين من المحافظة على حسن الجوار.
كم هو مهين ليس للسعودية فقط بل ولكل عربي أن يأتي رئيس أمريكي ليبتزها ويصفها بالبقرة الحلوب وبأنها غير مؤهلة للبقاء بدون الحماية الأمريكية أسبوعا، هذه تصريحات معلنة لا مجال لإنكارها، ولكن ما الذي يُنتظر من دولة أسميت باسم أسرة؟!.
وهل يعقل أن يقبل جار له عقل طبيعي بأن يعتدي على جاره ويحاصره مستقويا عليه بالولايات المتحدة وحوالي ثمانية عشرة دولة تم شراء ذمم رؤسائها بالإضافة إلى الأمم المتحدة كمنظمة درجت على أن تكون ألعوبة بيد الدول العظمى، ليتم من خلال ذلك محاولة شرعنة عدوان ليس لوقاحته مثال في التأريخ فأي إسلام وأي عروبة هذه بل وأي مستوى من التفكير يحمله هؤلاء ؟.
لقد اتسع عدد من يعرف أن الدور الأمريكي في توجيه وتسيير هذا العدوان والحصار الذي مضى عليه أربعة أعوام ونصف العام تقريباً على مستوى المنطقة والعالم، إنها صفحة على درجة من السواد لا يمكن محوها أو معالجة ولو بعض آثارها دون الإسراع في وقف العدوان والحصار والاعتذار وتحمل التبعات القانونية والشرعية تمهيداً لفتح صفحة جديدة من الإخاء وحسن الجوار وهذه خطوة لا يقدم عليها إلاّ من يملك قدراً من الضمير ولا يوجد من يمكنه أو يحق له التساهل والتهاون في حقوق ضحايا هذا العدوان الوقح ومن يفعل سيكون ملعوناً وتصرفه منعدماً لصدوره ممن لا يملكه.
مؤسسة شرعية الفراغ التي بناها النظام السعودي على مدى عقود صارت غنيمة بيده وهو غنيمة لدى الإدارة الأمريكية؛ غنيمة مخطط لها منذ وضع رموز الفساد على رأس السلطة ومفاصلها ليهدموا بدايات بناء المؤسسات باستهداف خيرة أبناء اليمن بالاغتيال وتبعاً لذلك صارت مزعوم الشرعية اليمنية الغنيمة المختطفة في مفهوم البعض وظيفة باسم بعض المحتجزين في فنادق الرياض وأبو ظبي ولا بأس من تنقلهم محروسين إلى بعض الدول صاحبة الولاية الموالية للمشروع الصهيوأمريكي البريطاني!.
شرعية الفراغ إذاً ليس لها مكان في الشرع ولا في القانون ولا في التاريخ ولا في الجغرافيا مكانها مكب النفايات حين يصحو الشعب!.
للوطن قلب ينبض
وللحلم رب يحميه
للريح عنوان متنقل عبر كل الأمكنة
وللحقيقة لغة واحدة لا تعرف الحدود
والله هو الاسم الأعظم للعدل
يكتسح كل الأسماء
فلا تأمنوا مكر خير الماكرين