ايمان الحنظلي
نساء اليمن ينقلن للعالم صورة مشرفة عن الصمود الاسطوري بامتلاكهن مشاريع خاصة ومنتجة رغم الحصار الجائر.
تتجه الأسر اليمنية إلى ميادين العمل والانتاج بفعل التوجه السياسي الجاد والمشجع على تهيئة الظروف لخلق بيئة اقتصادية قوية, تمكن اليمن من الاعتماد الذاتي على قدراته الصناعية والإنتاجية, وإفشال ورقة الحصار الشامل التي يستميت بها العدو لينال من صمود الشعب, وينهب ثروات وخيرات الجمهورية اليمنية, ما دفع نساء اليمن الحرائر إلى كسر شوكة العدوان الغاشم في الالتحاق بدورات التدريب التأهيلية، وتكثر المراكز التخصصية التي تستوعب كل طاقات المجتمع التي بلغت بفضل الله تعالى, وفضل قائد الثورة مرحلة عالية من الوعي الديني والمعرفي لدى الأفراد ومسؤوليهم في كافة مفاصل الدولة.
“الثورة” أجرت الاستطلاع التالي.. فإليكم الحصيلة:
مديرة مركز خيرات لتدريب وتنمية الأسر المنتجة سلمى عبدالله الأشموري توكد على أهمية المرحلة التي تمر بها اليمن في ظل عدوان ظالم يستهدف بصورة مباشرة الانسان، وتركيزه على المرأة اليمنية التي تمثل أساس المجتمع، مستخدما سلاح هدم البنية الاقتصادية ومقومات الحياة في اليمن بصورة عامة، يرافقه حصار خانق براً وجواً وبحراً، لينال من صمود الشعب اليمني الذي نفض غبار الذل والهيمنة، منطلقاً من رحم المعاناة إلى سماء الابداع والاعتماد على الذات.. مضيفة إن مركز خيرات يقوم بتنمية مهارات النساء في التصنيع الغذائي والمنزلي ونشر ثقافة الاكتفاء الذاتي للمساهمة في إكساب الأسر الفقيرة مهارات الصناعات الحرفية، وتنمية النساء ذاتيا ما يقلل نسبة الامية لدى النساء في القراءة والكتابة ويساهم في بناء الاقتصاد الوطني من منطلقات عملية وعلمية، وعلى هذا الاساس قام بتخريج ما يقارب 2000 متدربة في مختلف مجالات التنمية الذاتية والتمكين الاقتصادي.
وعددت الأشموري الانشطة التي ينفذها المركز في التصنيع المنزلي، الغذائي، المنظفات، إعادة التدوير المنزلي، تصنيع البخور والعطور، النقش والكوافير، الاشغال اليدوية، الخياطة بكل مستوياتها، صناعة الاكسسوارات وحياكة أحزمة الجنابي، تدريس القرآن الكريم وعلومه ،حاسوب ولغات، توعية صحية وتربوية، اسعافات أولية، وبناء قدرات ومهارات شخصية.
وقالت: الاقبال على الالتحاق بالمركز من قبل المتدربات كبير وفي تزايد مستمر, وأيضا المتطوعات والمدربات اللائي يبدين رغبتهن واستعدادهن للتطوع في مجالات معينة في المركز ما جعلهم يوسعون من الانشطة ويقومون بفتح مجالات متعددة لتلتحق بها أعداد كبيرة من النساء والفتيات, كما تضيف إنهم في أحيان كثيرة في المركز يقومون بمساعدة المتدربات لاكتشاف ميولهن وما يناسب قدراتهن الذاتية, ويقدمون النصح لهن وفق ذلك بالدورات التي يمكن الاستفادة منها ويكتفين ذاتياً في المنزل عبر أنشطة ناجحة ذات مردود سريع مثل المعجنات والتصنيع الغذائي والخياطة, كما يقومون بتدريب المدربات اللائي سيدربن بدورهن الكثير من الأسر.
مشروع الحاضنة
وتشير سلمى الأشموري عن مشروع الحاضنة بقولها: هو مشغل انتاجي يحتضن الأسر المتخرجة من المركز بعد أن يتلقين تدريباً مكثفاً بالمركز لمدة ثلاثة أشهر, وبعد التقييم يتم الاختيار لتطوير مهاراتهن في الخياطة وفي هذه الحالة يكون هناك تطوير وانتاج في ذات الوقت, وفي الحاضنة تستمر المتدربة ستة أشهر تكتسب الخبرة وتطور من عملها وتقوم بالإنتاج, خلال هذه المدة تكون المتدربة قد جمعت لها مبلغا من المال يساعدها في إنشاء أو فتح مشروع خاص بها, ولن ينتهي دور المركز عند هذا الحد فعند الطلبيات الكثيرة من الحاضنة سواء من المدارس, المستشفيات, المعامل, أو السوق بشكل عام والحاضنة لا تستطيع أن تغطي الطلب, سنستعين بتلك المتخرجات لتلبية جزء من تلكم الطلبيات للاستفادة منهن وإفادتهن.
تطوير المهارات
وعن تقييمها لإنتاج الأسر اليمنية اشارت إلى انه لا يزال يحتاج إلى التطوير المستمر وهو ما يستدعي منهم كمركز السعي إلى تطوير أداء ومهارات وعمل الأسر المنتجة لمنافسة المنتج الخارجي.
وهو ما تتمنى أن يتم فتح معامل جماعية في مختلف المجالات لاستيعاب المتخرجات من المركز، لتوحيد العمل والجهود وتوفير الامكانيات والتركيز على الجودة والعلامة التجارية، بعد أن يتم إلحاقهن في دورات تخصصية في التسويق وفي كيفية ضبط الجودة الخ.
وتضيف: هناك خطط لعمل مشاريع انتاجية لتمكين المركز من الاعتماد الذاتي تقوم على هدفين، الأول تشغيل الأسر المنتجة في المعامل، والثاني توظيف جزء من العائد لمتطوعات المركز.
كما تطمح إلى أن يكون للمركز فروع في كل مكان نتيجة الحاجة المجتمعية والأسر الراغبة في الالتحاق بالدورات المهنية والحرفية وتأتي إلى المركز من كل مكان.
في بني مطر تجربة
وأطلعتنا مديرة مركز خيرات عن تنفيذ المركز أنشطة تدريبية خارج أمانة العاصمة والقيام بأول تجربة في مديرية بني مطر، بقريتي “الحرف” و”جوهر” وافتتاح مركزين بعد أن تمت دراسة احتياجات المجتمع، وعمل خطة لتنفيذ ذينك المشروعين وفقا لاحتياج المنطقة هناك.
وحاليا تقول: لدينا العديد من الطلبات من مناطق كثيرة في اليمن كبني حشيش في محافظة صنعاء، ومن صعدة وغيرها من المحافظات والمناطق اليمنية.
وتوجه رسالة للنساء اليمنيات قائلة: فتح المراكز ليس بالأمر الصعب فمؤسسة بنيان لديها رؤية واسعة لمساعدة الناس في المجتمع والنهوض به اقتصاديا, لذا على كل النساء في المجتمع اليمني التحرك والبحث والحث على التدرب في مختلف المجالات, واكتشاف مهاراتهن, وسيجدن الدعم والمساندة لفتح المراكز والمعامل الانتاجية بجهود المجتمع المتفاعل, البلد محتاج لنا في هذا الوقت الذي يتعرض فيه لأطماع المستعمرين, وتدمير بناه التحتية والحياتية, وحصار مطبق على منافذنا البرية والبحرية والجوية, العدوان يفرض علينا أن نستنفر كل قوانا الداخلية والإبداعية والصمودية لمواجهته بالعلم والعمل, وتحمل مسؤولياتنا تجاه ديننا ومجتمعنا ووطننا.
صناعة محلية
في الواقع العملي تجربة وثمار تتحدث عنها المدربة رقية محسن المحاقري قائلة: أدرب مئات النساء في قسمي المعجنات والتصنيع الغذائي وكيفية صنع العصائر المركزة كعصير الكركديه والزبيب والمانجو والبرتقال وغيرها، والمربيات مثل مربى الجزر والتفاح، ومنتجات مشتقة من الطماطم، مثل صلصة الطماطم والشطة والكاتشب، وكذلك مكعبات مرقة الدجاج والجبن والطحينية، وغيرها من المنتجات الطبيعية الخالية من المواد الحافظة، ما يتيح للمتدربات ايجاد مشاريع صغيرة مدرة للدخل بهدف الاكتفاء الذاتي، وبما يعود على الفرد والمجتمع بالفائدة.
وتضيف المحاقري قائلة: نقوم بتدريب النساء بمختلف مستوياتهن العلمية أو من غير المتعلمات، ونستهدف جميع الأعمار من كبار السن أو الشابات، لنجد تفاعلاً بأهمية اكتساب المهن والحرف والتمكين الاقتصادي، نتيجة ارتفاع مستوى الوعي لدى المجتمع، وبما يمكن الكثير من خريجات المركز افتتاح مشاريع صغيرة تعود عليهن بالفائدة في ظل قطع العدوان للرواتب.
سلاح المرأة الاقتصادي
ولكون المرأة عرضة لتغييرات في حياتها كالمطلقات والأرامل، اللائي يجدن صعوبة في ايجاد مصدر مدر للدخل، أو يجدن أنفسهن في حالة ضعف، تلفت المدربة المحاقري إلى أنه من المهم أن تكتسب المرأة مهناً ومهارات عالية في هذا الظرف الذي يمر به بلدنا الحبيب لتساعد أسرتها بشكل خاص والمجتمع بشكل عام.
وتقول: وجدت أغلب المتدربات يطلبن المزيد من المعرفة، بما فيهن النساء من كبار السن، لمست سعادتهن وحبهن للتعلم، رغم مشقة حضورهن لبعد المسافة وكبر سنهن، فمنهن من قامت بفتح مشروع خاص، ومنهن من اكتفين ذاتيا داخل منازلهن.
وهنا تقول نائبة مسؤولة التدريب في المركز فاطمة محمد المؤيد: عند تلك اللحظات التي نجد فيها تخرج 2000 متدربة، نجني ثمار الجهود المبذولة، هذه الآلاف ستنطلق في المجتمع لتنميته وبنائه، تحركن من منطلق الشعور بالمسؤولية، كخلية النحل يعملن دون كلل أو ملل، ولم يقتصر عملهن على التعلم فقط بل حاولت كل متدربة أن تخرج من المركز ولديها الطموح في اقامة مشروع خاص بها.
واختتمت المؤيد حديثها قائلة: انها لا تكتفي المتدربة بما حصلت عليه من اكتساب للمهنة أو العمل، بل ان عليها الرقي إلى مستوى أعلى، لتساهم في تقدم الوطن وتفيده بكل ما لديها من خبرات.
الاكتفاء الذاتي
من جانبها استعرضت المتدربة رقية هاشم الشريف تجربتها العملية في المركز قائلة: تدربت على صناعة الصابون والمنظفات، مثل سائل الصحون كلوريكس، ديتول، شامبو، غسيل جسم ويدين، ملمع الزجاج، وغيرها من المنظفات، وهدفي بعد أن اتممت دوراتي التدريبية في مركز خيرات أن أبدأ بمشروعي الخاص، وأوفر فرص عمل للأسر المستضعفة، في ظل هذا الوضع الذي نواجه فيه عدواناً غاشماً وحصارأً ظالماً، يفرض علينا ديننا وواجبنا الوطني التحرك والسعي نحو الاكتفاء الذاتي، وان نصنع من التحديات فرصاً للإبداع والتنمية.