لن يفلح وعد كوشنير كما لم يفلح وعد بلفور
محمد عبدالمؤمن الشامي
عامان وقرن هي المدّة التي مضت على رسالة آرثر جيمس بلفور وزير الخارجية البريطاني إلى المصرفي البريطاني وأحد زعماء اليهود في بريطانيا البارون روتشيلد، الرسالة التي عرفت باسم “وعد بلفور” ذلك الوعد الذي أعطى فيه “من لا يملك لمن لا يستحق” بإقامة دولة قوميّة لليهود في الأراضي المقدسة في فلسطين، وهذه كانت النقطة الأولى لاستباحة الأراضي الفلسطينية من قبل الصّهيونية وإعلان بدء المعاناة الفلسطينية المتمثّلة بالقتل والتعذيب والتنكيل بأبناء الشعب الفلسطيني، فالصّهيونية ترتكب الجرائم كل يوم بحق أبناء الشعب الفلسطيني، جرائم لا تنتهي على مرأى ومسمع العالم والأمم المتحدة.
إنّ التاريخ اليوم يعيد نفسه مرتين, مرة على شكل وعد بلفور, ومرة على شكل وعد كوشنير صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومستشاره البارز اليهودي الديانة وما نراه الآن من العلاقات بين الصّهيونية والدول العربية في المؤتمر الذي عقد في العاصمة البحرينية المنامة يومي 25 و26 يونيو 2019م الذي يمثل الجانب الاقتصادي لصفقة القرن ووعد كوشنير للصّهيونية بمنح القدس كعاصمة يهودية للكيان الصّهيوني الذي سبق ان أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، بالاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لدولة الاحتلال “الإسرائيلي”. وعدّ الرئيس الأمريكي أن خطوة الاعتراف بالقدس عاصمة لـ إسرائيل مهمة من أجل دفع عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
لقد ظلت العلاقات السرّية لسنوات عدة بين الصّهيونية وقادة الدول العربية سراً، وتتطوّر بعيداً عن الأضواء، ولكن مؤتمر البحرين والمتمثل في صفقة القرن أظهرت العلاقات وحلقات التطبيع بين قادة الدول العربية والكيان الإسرائيلي. فما أشبه الليلة بالبارحة بين الوعدين بين وعد بلفور بإقامة دولة قوميّة لليهود في الأراضي المقدسة في فلسطين، وعد كوشنير يمنح القدس كعاصمة يهودية للكيان الصّهيوني.
لذا مهما بلغ حجم المؤامرات والمحاولات والرهانات على تصفية القضية الفلسطينية ومنطقة الشرق الأوسط، من قبل ترامب وسلمان ونتنياهو وأدواتها العربية لتطبيع و تمرير وتسويق صفقة القرن التي تدعو الفلسطينيين والعالم العرب والمسلمين الى نسيان القدس ولإبعاد دول محور المقاومة عن الاهتمام بقضيتها المركزية المتمثلة في قضية الأقصى والمقدسات والدولة الفلسطينية فلن يفلح وعد كوشنير كما لم يفلح وعد بلفور، فالقدس في قلب كل أحرار العالم.