لغة السرد عند محفوظ

صدر حديثاً عن دار أزمنة بعمّان كتاب للناقد د.محمد عبيد الله بعنوان “الرواية العربية واللغة – تأملات في لغة السرد عند نجيب محفوظ”.
ويرى المؤلف في مقدمة كتابه أن الرواية العربية أصبحت مرتبطة باسم محفوظ رغم وجود عدد كبير من الروائيين العرب المتميزين، ويضيف أن القارئ أو الباحث غالباً ما يستبطن تجربة محفوظ كمعيار وبوصلة تحدّد وجهة الرواية العربية.
ويذهب المؤلف إلى أن درس نجيب محفوظ هو الدرس الأبلغ في مسيرة الرواية العربية حتى اليوم. ويوضح أن القمّة التي بلغتها أعماله لم تتجاوزها أو تقترب منها الأعمال المعاصرة له أو اللاحقة لتجربته، وهو في ذلك يمثل تحدّياً محفّزاً للرواية العربية الجديدة وهي تتطلّع إلى وجوه بليغة تعبّر عن انفتاح الكنز الروائي والسردي، ذلك الكنز الذي أغدق محفوظ عليه من جواهره، فأغناه وضاعف من قيمته.
ويمثل هذا الكتاب محاورة مع بعض إنتاج نجيب محفوظ الروائي، وبعض قصصه القصيرة التي تكشف عن بلاغة تجربته السردية العريضة.
ويتكون الكتاب من ثلاث مساهمات، تلقي الأولى أضواء عامة كاشفة على الخريطة الشاملة لمحفوظ، وتحاول أن ترى بعض المعالم الكبرى في تجربته، وتحاول الثانية أن تتأمل ذلك الشجار الطويل بين محفوظ ولغة السرد، والذي تمخّض عن تلك اللغة المطواعة التي تقع في “العامي الفصيح” أو “اللغة الوسطى” أو “الثالثة” تعبيراً عن توسّطها بين العامية والفصحى. ويؤكد عبد الله أن هذه اللغة فصحى في نسيجها وتراكيبها، وأن الاستعارة العامية فيها تكاد تقتصر على المفردات، لكن هذه الاستعارة لا تغيّر من حقيقة الفصاحة شيئاً، لأن المعوّل عليه هو التراكيب التي تجري على سنن العربية ونظامها.
ويركز الكتاب على المسألة اللغوية في روايات محفوظ من ناحيتي النظرية والتطبيق، فيُبرز اهتمام بعض المنظّرين والنقّاد بموقع اللغة في الرواية، مع الاهتمام بآراء ميخائيل باختين بوجه خاص، لأنه أكثر المنظّرين اهتماماً بأسلوبية الرواية ولغتها. ويقدم المؤلف تحليلاً تطبيقياً لرواية “قشتمر” من منظور التعدد الصوتي، وكيفية انعكاسه على لغة الرواية وأسلوبها.
وفي الفصل الثالث يقدّم المؤلف مساهمة ثالثة، تختبر المسألة اللغوية في رواية قصيرة لمحفوظ هي “حكاية بلا بداية ولا نهاية”، برزت فيها وجوه متنوعة من التعدد اللغوي ومن الطرق الفنية الضرورية لتنويع اللغة والتلاعب بها لإنتاج عمل روائي ممتع مقروء.

قد يعجبك ايضا