على مدار العام لا تنزل على أراضيهم الأمطار.. يعتمدون على السيول التي تأتي من أعالي المحافظات القريبة منها.. محافظة لحج التي يعتمد غالبية السكان فيها على الزراعة يظلون طوال العام بانتظار السيول التي تأتي من وديان محافظتي »إب وتعز« إلى جانب المديريات الجبلية المحيطة بمديرية »الحوطة« عاصمة المحافظة.
هذه المديرية إلى جانب مديرية تبن يشكلان أهمية كبيرة للمزارعين على اعتبار أن أراضيها كلها زراعية.. والقليل منها أراضُ بور وسكينة.
قبل الوصول إلى لحج لابد المرور من العند ويليه مباشرة العشش.. المكان المشهور ببيع الحلوى.. ابتداء من ذلك المكان تتجمع السيول ويعرف مكان التجمع ذاك »الوادي الكبير« ويتفرع منها واديان الأول يذهب إلى شرق »الحوطة« والثاني إلى غربها.
فيما سبق من السنوات رحممت قنوات الري بدعم من منظمات عاملة في المجال الزراعي وشكلت جمعيات خاصة بمستخدمي المياه.. تعنى هذه الجمعيات في الأساس بتوزيع مياه السيول على كل أراضي المزارعين في الواديين وهذا ماكان يتم حتى العام 2004م.
في زيارتي الأخيرة لهذه المحافظة بدأ الناس متبرمين من وضع تلك الجمعيات ومكتب الزراعة في المحافظة والمجالس المحلية التي لم تعد تهتم بالتوزيع العادل للسيول بين المزارعين.. الصور التي التقطتها توضح كيف سيتأثر البعض على مياه السيول ويحرم منه البعض الآخر.
في شهر سبتمبر من كل عام يمتلئ الوادي الكبير بمياه السيول غير أن هلع البعض يجعل غالبية المزارعين بعيداٍ عما كان يعرف بالتوزيع العادل وتدخل أراضيهم في دائرة الأراضي »البور« والجهات التي تعنى بعدالة التوزيع هي من تسعى إلى سقي أراضي القائمين عليها ولا يهم إذا ما حصل المزارعون على حصصهم من المياه أم لا.
في الحسيني تجد الاشجار الواقفة مجردة من الأوراق الخضراء.. أشجار يابسة تحرم من مياه السيول على مدار العام.
وكان الحسيني حدائق غناء وكثيراٍ ما كتب عنه الشعراء وتغنوا بجماله.. ولاسيما القمندان الذي جلب معظم الأشجار التي زرعت فيه من الهند ولا تزال أطلال استراحته موجودة حتى الآن.
في المكان ذاته رأيت كيف امتلأت بعض الأراضي بالسيول التي تدفقت البارحة إلى الوادي الكبير يقول وضاح أحد أبناء مدينة الحوطة: من يمتلك القوة والوساطة سقى أرضه والمساكين لهم الله.
وأشار بإصبعه إلى أرضُ ممتلئة بأشجار »المانجو« قائلاٍ: »أنظر إلى هناك.. هذا المزارع يسقي أرضه على مدار الأشهر التي تتدفق فيها السيول إلى الوادي«.
في العام 2003م كنت في لحج وكنت أخرج في عصر كل يوم إلى الوادي غرب مدينة الحوطة وأشاهد مياه السيول التي كانت تمتلئ بها الأراضي الزراعية ولاتجف منها إلا بعد أيام وتكفي السيول للزراعة حتى وقت الحصاد.
وحين تمتلئ الأراضي بالمياه يذهب الباقي إلى البحر.. تغيرت الصورة بعد العام 2004م بعد أن تشبث الناس بالطمع وغابت الجهات الرسمية عن الرقابة قلت المنتجات الزراعية في تلك الأراضي وعكس هذا وضعاٍ مزرياٍ على الحالة الاقتصادية للكثير من الناس.
ببساطة يعيش الناس في حالة من الظلم حتى على مستوى السيول وهذا أبسط مثال للكثير من الممارسات الخاطئة التي تنتج على الدوام وضعاٍ متوتراٍ في البلاد عامة.