إسماعيل المحاقري
صيف ساخن في السعودية ولهيب نيران الطائرات اليمنية المسيرة يتصاعد في المطارات الحيوية من جيزان إلى نجران وليس أخيراً في عسير إذ حطت طائرات قاصف الهجومية في واحدة من أهم القواعد الجوية لانطلاق العمليات العدائية لقتل الشعب اليمني وتدمير مقدراته.
ولأنها تبعد حوالي 100 كيلو متر عن أقرب نقطة من الحدود اليمنية وفي ظل حسرة النظام السعودي على فشل أحدث منظوماته الدفاعية في الحد من قدرات سلاح الجو وقبلها الصواريخ الباليستية كان من السهولة بمكان تسيير عدة طائرات من طراز قاصف تو كي لضرب مخازن الأسلحة والرادارات المتطورة والحديثة إضافة إلى غرف التحكم والسيطرة في قاعدة خميس مشيط الجوية وذلك بعد ساعات من عملية مماثلة نجحت في ضرب محطات ومرابض الطائرات المسيرة المعادية بتقنياتها الصينية والأمريكية في مطار جيزان الإقليمي.
ولقاعدة خميس مشيط أهمية كبيرة كونها تحتوي على ترسانة عسكرية ضخمة تمكنها من ممارسة الطلعات الجوية في وقت قصير ودون الحاجة إلى إسناد أو إمداد من أي منطقة عسكرية أخرى، كما تحتوي على عدد كبير من الطائرات المقاتلة إف-15 ، بالإضافة إلى طائرات رافال الفرنسية وتورنيدو، عدا عن مخازن الأسلحة والعتاد وغرف القيادة والسيطرة.
بهذه العملية، يبدو فعلا أن ما بعد عملية استهداف مضختي النفط السعوديتين في الدوادمي وعفيف بمنطقة الرياض بسبع طائرات ليس كما قبلها وهي حقيقة يعيشها النظام السعودي واقعا ويكابدها كل يوم إذ أن الهجوم على قاعدة الملك خالد الجوية في عسير هو السادس من نوعه خلال الأسابيع القليلة الماضية، ثلاث هجمات من الستّ تركزت على مخازن العتاد والأسلحة ومرابض الطائرات وبطارية باتريوت في مطار نجران الإقليمي.
وبتوالي عمليات الطيران المسير وتصاعد زخم طائرات الدرون لم يعد النظام السعودي يتوجس قلقا وخوفا من قادم الأيام وما تخفيه من مفاجآت لن تنتهي أو تتوقف بل أمسى يشتكي في كثير من الأحيان للغرب قبل العرب قساوة الرد وواقع الإخفاق وتأثيراته على إغلاق مطاراته أو شلها عن الحركة وعلى أمنه الداخلي واقتصاده المأزوم.
هذا هو واقع النظام السعودي المتخبط في اليمن.. فموازين القوى لم تعد كما كانت، وثمة تطورات ميدانية ووسائل حرب دفاعية وهجومية رادعة فرضت معادلة جديدة.. المقاتل اليمني فيها هو من يحدد هدفه القادم زمانا ومكانا وبالسلاح المناسب وفي جعبته الكثير من الوسائل والخيارات ضمن بنك أهداف يضم ثلاثمائة قاعدة ومنشأة حيوية سعودية وإماراتية.
هذا التحول الاستراتيجي بدأ يفقد ثقة المستثمرين الأجانب في قدرة النظام السعودي على حماية الاستثمارات في مختلف القطاعات والمجالات وجعل العلاقة بين المواطن في السعودية وحكومته تتسم بكثير من التشكك نظرا لاستمرارية الرياض في اتباع نفس أساليبها المبتذلة في انكار هذه الضربات والتقليل من مفاعيلها قبل ان تعترف وتهول منها تحت ضغط الابتزاز الأمريكي مستحضرة عناوين وشعارات بات الحديث عنها مثارا للسخرية والتندر.
ومنها على سبيل المثال تكرار سردية إيران وانتهاكاتها وفق التوصيف السعودي التي لم تعد تعني المملكة وحدها بل الولايات المتحدة والمجتمع الدولي معا وهذا ما عبر عنه ناطق العدوان تركي المالكي في مؤتمره الصحفي الأخير في معرض تبرير إخفاقات بلاده في اليمن.
وأمام اتساع دائرة النيران في العمق السعودي ثمة تساؤل يفرض نفسه لدى كثير من المتابعبين والمراقبين مفاده إذا كان تحالف العدوان على اليمن بما يملك من إمكانات عجز عن انتزاع انجاز يعتد به في الوقت الذي كان لا يزال فيه الجيش واللجان الشعبية في حالة الدفاع وبإمكانات بسيطة ومتواضعة فما الذي يمكن ان يحققه اليوم وقد وصلت القدرات اليمنية الى ما هي عليه اليوم من قوة واقتدار جعلت من العام الرابع للصمود عاما باليستيا بامتياز وها هي في طريق إثبات أن العام الخامس سيكون عاما لحرب الطائرات المسيرة?!