الأسعار نار.. والرقابة غائبة!!
عبدالرحمن الزبيب
جنون الأسعار تتفاعل باستمرار وتتقفز بلا وعي ولا ضبط ولا خوف من الله.
البعض يحمل التجار والشركات التجارية مسؤولية ارتفاع الأسعار، وهذه معلومة خاطئة جداً، التاجر هو أول الملتزمين بضوابط السوق الوطنية، إذا وجد جدية من الدولة ومساواة في التعامل مع الجميع بلا تمييز ولا استثناء، فليس من مصلحة التجار مضاعفة الأسعار لان هذا يتسبب في تعاظم النقمة والانتقام لدى المجتمع ضدهم وأيضاً جنون الأسعار يخفض حجم مبيعاتهم ويعرضها للانتهاء والتلف بسبب عدم الاقبال على شرائها بسبب غلاء أسعارها.
المسؤول عن ضبط جنون الأسعار في السوق الوطنية هي مؤسسات الدولة وفي مقدمتها وزارة الصناعة والتجارة ومكاتبها.
من غير المعقول أن يتم توريد سلعة بسعر دولارين ويتم دفع ضريبة جمركية على أن سعرها دولار واحد ثم تباع في السوق الوطنية بأكثر من عشرة دولارات هذه لم تعد تجارة وخارجة حتى عن الشطارة (التجارة شطارة).
وزارة الصناعة هي المختصة بضبط الأسعار وردع ومساءلة المتلاعبين بالأسعار وفقا للصلاحيات الممنوحة لها ووفقا للمنظومة القانونية العامة وقانون حماية المستهلك بشكل خاص ولكن؟
يلاحظ غياب كامل لوزارة الصناعة والتجارة ومكاتبها عن ميدان عملها وهي السوق الوطنية ولا نعرف أين هم؟ ولماذا لا يقومون بممارسة مهامهم في ضبط الأسعار؟ وكيف؟ ومتى؟ وووو؟
نرجو من وزير الصناعة والتجارة الإجابة على هذه التساؤلات التي هي ليست تساؤلاتي فقط بل تساؤلات عامة الناس؟ أين تتخفى وزارة الصناعة والتجارة ومكاتبها المحشورة في كل محافظة وكل مديرية في وطني؟ وهل هناك ما يخيفها ويمنعها من الظهور والنزول للسوق الوطنية؟ وهل هناك من يعرقل عملها؟
المواطنون يريدون أن يعرفوا كل ذلك في تقرير رسمي منشور يوضح بالتفصيل من يعرقل عملها، هل يعود ذلك الى فشلها أو فسادها أو يعود الى نقص الخبرة لدى كوادرها أم؟ أم؟ أم؟
الشعب يريد إجابة شافية وواضحة وشفافة بلا خوف ولا مواربة.
والأخطر من هذا كله أن وزارة الصناعة والتجارة رفضت حتى التجاوب مع الجهود الشعبية والمجتمعية لمساعدتها في ضبط التلاعب بالأسعار، حيث قام مجموعة من الشباب بتشكيل لجان مجتمعية طوعية لمساعدة وزارة الصناعة في التنفيذ الحقيقي لحملة حماية المستهلك في السوق الوطنية ولكن؟
وزارة الصناعة والتجارة رفضت تلك الجهود المجتمعية ولا نعرف ما هو مبررها فلا هي قامت بدورها ولا هي تجاوبت مع طلبات العون والمساعدة لتقوم بدورها، عجيبة العجائب وغريبة الغرائب ما يحصل في وطني.
بدأ البعض يشكك في إشاعات أن هذا الصمت والغياب المريب ناتج عن تواطؤ لإفساح المجال للعابثين للعبث في السوق الوطنية وتكديس الأموال الطائلة المنزوعة من بطون الجوعى ودماء المرضى وأفواه العطشى.
وزارة الصناعة والتجارة ومكاتبها بالمحافظات والمديريات بين خيارين لا ثالث لهما إما أن تقوم بعملها وضبط جنون الأسعار وفقا للصلاحيات القانونية المخولة لها أو تقدم استقالتها وتفسح المجال لآخرين قادرين على ذلك وقبل تقديم استقالتهم، يا حبذا لو نشروا الغسيل كاملاً ليقوم الفريق الجديد بالشروع في المعالجة وعدم الدخول في دوامة البحث عن الأسباب في تعطيل عمل الوزارة التي عرفها السابقون وخبروها وعايشوها فقط عجزوا عن معالجتها بسرعة بلا تباطؤ.
لم تكتمل فرحة الناس بإطلاق وزارة الصناعة حملة وطنية لحماية المستهلك وبرعاية رسمية من أعلى مستويات الدولة ولكن !!.
كما يقال، تمخض الجبل فولد فأراً، فلم تشكل لجان ميدانية للنزول الى جميع منافذ البيع في الجمهورية، في المدينة والريف للتحقق من الالتزام بالأسعار ولم تضبط الاسعار وفقاً لما هو متعارف عليه في العالم بتحديد الأسعار الحقيقية للسلع في منبع انتاجها سواء مستوردة من الخارج أو منتجة من الداخل وتحديد تكاليف الإنتاج مع هامش ربح لا يتجاوز 1 % من اجمالي التكلفة وليس ربح أضعافاً مضاعفة من سعر السلعة.
قامت وزارة الصناعة فقط بطلب أسعار السلع والخدمات من التجار والشركات التجارية وقامت فقط بوضع توقيع معالي وزير الصناعة عليها وختمها بختم الوزارة دون التحقق من صحة تلك الأرقام والأسعار بموجب تقارير حقيقية توضح الاسعار الحقيقية للسلع والخدمات، ومن مصادر مستقلة ومحايدة دون تدخل أي طرف من أطراف العمليات التجارية، كما يلاحظ أن القائمة السعرية التي تم تعميمها لم تضم جميع السلع والخدمات فقط 10% من السلع والخدمات التي صدر تعميم الأسعار بها والبقية حذفت من كشف التعميم أو لم تدخل أساساً من مشتقات نفطية وأسعار المواصلات العامة والباصات داخل المدن وما بينها ولحوم وأسماك وخضروات ومواد غذائية ومواد كهربائية وسيارات وقطع غيار إلخ، حتى سعر الخبز لم يدخل ضمن القائمة السعرية المعممة ربما الخبز أصبح غير هام وغير ضروري؟؟!!
كل هذه السلع والخدمات لم تدخل في القائمة السعرية المعممة وكان يفترض أن تشمل كل شيء لضبط أي انفلات فيها وجنون أسعار يتلاعب فيها؟؟!
ذهبت الى السوق لشراء ملابس لأطفالي لاحظت جنوناً لا معقولاً وانفلاتاً بجنون للأسعار، استمعت لأنين المواطنين لبكاء البعض غير القادر على شراء قطعة ملابس لطفلته التي تتمسك بإحدى قطع الملابس ووالدها عاجز عن دفع ثمنها المجنون تبكي وهو يصرخ والجميع صامت ووزارة الصناعة نائمة وأصبح جنون الأسعار في كل مجال يشكل معاناة ووجعاً يؤلم قلوبنا ويخنق أرواحنا.
مريض يتوجع بألم وروشتة العلاج بين يديه والأسعار المجنونة تقيد كلتا يديه فلا هو يستطيع شراءها وايقاف وجع المرض ولا هو مقتنع بموت بطيء يكابد وجع مرض ينهش في جسده المنهك بشراهة وجنون.
المعالجة المقترحة:
بإمكان وزارة الصناعة ضبط انفلات السوق الوطنية بخطوة بسيطة جداً وبالامكان الاستفادة من تجربة وزارة الصحة – التي نتمنى أن تتحقق ويتم تطبيقها في الواقع لا أن تستمر في بطون القرارات في أدراج المكاتب – حيث اصدرت وزارة الصحة قراراً لضبط وتحديد أسعار الأدوية والمستلزمات الطبية بموجب البيان الجمركي للسلعة أثناء دخولها الوطن كخطوة أولى توقف اشتعال الأسعار كون معظم السلع مستوردة من الخارج 90 % منها وبقية السلع والخدمات الوطنية يتم ضبطها بتحديد التكلفة الحقيقية لها وهامش ربح بسيط.
وبالإمكان تعميم هذه التجربة وتطبيقها على جميع السلع والخدمات في السوق الوطنية وضبط من يخرج عن هذه المنظومة واتخاذ الاجراءات القانونية ضده بلا تمييز ولا استثناء وان يتم تقييم هذه الخطوة بعد تطبيقها والاستعداد لخطوات جديدة وعميقة تتمثل في التحري والتحقق من الأسعار الحقيقية للسلع والخدمات في منبع انتاجها وتكاليفها وهامش ربح بسيط لها وضبط أي تلاعب يتجاوزها والاستمرار في ضبط الاسعار في السوق الوطنية بمعايير وشروط مهنية بعيداً عن أي استثناء أو تمييز أو مزاجية ليقتنع الجميع بها ويطبقها باستمرار.
وفي الأخير :
نناشد وزارة الصناعة والتجارة بأن تقوم بتفعيل دورها ودور جميع مكاتبها في ضبط جنون الأسعار في السوق الوطنية باجراءات شاملة ومستمرة بلا تمييز ولا استثناء بمهنية لا مزاجية وتفسح المجال لتعاون الناس والمجتمع معها لتوقف جحيم الأسعار التي تذبح المواطن ووزارة الصناعة تتواطأ بصمتها؟؟!